بعد التحية، أنا مشكلتي كبيرة مش لاقي لها حل؛ بمعنى إني المفروض أتجوّز وباحلم بكده زي أي بنت عاقلة، بس أنا عندي شروط للجواز، وهي مهمة عندي جداً جداً جداً، ومش قادرة أتنازل عنها رغم إن سني قرب من العنوسة مع الأسف، وأنا عارفة كده، الشروط هي إنه لازم وحتماً ولا بد يكون واثق من نفسه، وعاقل ومتزن وهادئ، وعارف هو عاوز إيه من الدنيا، ومع الأسف إن كل اللي اتقدّموا لي من أيام ما كنت صغيرة مش واثقين من نفسهم، وأقصد بالثقة حسن التصرّف وطريقة الكلام الهادي المتزن. ودلوقتي متقدّم ليّ عريس، الأهل كلهم موافقين باعتباره آخر فرصة والحق هو مش بطال، بس مرووش ورغاي جداً وكتير الهزار ومش واثق من نفسه، وعرفت ده لأني قعدت معاه أكتر من مرة عشان أتأكد، بس مع الأسف أنا متأكدة وكمان ده رأي الأهل فيه إنه مهزوز الشخصية شوية ده رأيهم، وشايفين إنه مش عيب يترفض عشانه وإنتِ خلاص في آخر محطة للجواز وإنه طيب، هو طيب فعلا جداً، بس أنا مش باحترم الراجل اللي مش واثق من نفسه حتى لو كان شيخ، المهم إني أحس بأمان وياه ويعرف يحتويني والعريس ده مش عارف يعمل كده بل العكس منقاد لشخصيتي وبميت رأي، غير إنه مرووش على الآخر وعمال يتنقل من موضوع لموضوع، هو مناسب من باقي الأوجه كشكل وسن، بس أنا حزينة جداً؛ لأني ضيعت كل عمري أستنى الإنسان اللي باتمناه ودلوقتي لازم أقبل العريس ده؛ لأن أمي ممكن تموت لو رفضته من كتر حزنها وكمان لأنها مريضة جداً. اللي عاوزة أعرفه ويا رب تجاوبوني في أسرع وقت، إزاي ممكن أغيّر شخصيته؛ لأن الحل الوحيد اللي أنا شايفاه إني لازم أغيّره طالما مش قادرة أرفض أبداً؛ لأن الكل ضدي يبقى إزاي أعمل منه شخصية متزنة يفكر قبل ما يتكلّم، وما يرغيش كتير جداً ويهزر على الفاضي والمليان ويثق في نفسه، وآسفة على الإطالة وجزاكم الله كل خير أنا في انتظار ردكم وشكراً. sad girl
عزيزتي: التفكير في مشكلتك لا يكون بتلك النظرة الضيّقة قصيرة المدى, وأعني بذلك الخوف من حسرة والدتك لو رفضتِ الشاب المتقدّم لكِ, وإنما عليكِ النظر أبعد من ذلك وتخيّل حياتِك معه -بكل سلبياته- والتي تفيد كل المؤشرات أنها ستكون حياة زوجية فاشلة بكل المقاييس, مما يعني مزيداً من الحسرة لوالدتك، بالإضافة لشعورها بالذنت لإجبارك على قبول تلك الزيجة. أنا معكِ في أنكِ لو رفضت هذا الشاب الآن فستقوم الدنيا ضدك وستحزن والدتك جدًا, ولكن المثل يقول: "وجع ساعة ولا كل ساعة", فلتحزن الآن, فمهما كان حزنها فهو أهون من توابع قبولك الزواج من شاب لا ترتضين صفاته ولا تشعرين بالأمان معه, ولا أقصد أن أسيء إليه إطلاقًا, فهو كما تقولين طيّب, ولكن متى كانت الطيبة مقياسًا لقدرة المرء على القيام بمهام الزوج ورب الأسرة؟ ربما هي صفة أساسية, ولكنها ليست الصفة الوحيدة المطلوبة في الزوج, فهي لا شيء بدون قوة الشخصية والاتزان ورجاحة العقل, والشاب المتقدّم لكِ -على حد قولك- شاب "خفيف" لم ينضج اجتماعيًا بعد. ثم إن ممارسة والدتك الضغط عليكِ بأمومتها وكونها "صاحبة مرض" أمراً غير مقبول, ونوعاً من الابتزاز العاطفي المؤذي. صحيح أنه يتم بحسن نية, وباعتقادها أنها تعرف مصلحتك أكثر منكِ, ولكن أمران يجب على المرء أن يُحكم فيهما رأيه وحده ويقتصر دور الآخرين على المشورة فقط: التخصص الدراسي والعملي, والزواج, فهما "شأنكِ الخاص" ويجب أن يكون مفتاح قرارهما بيدكِ أنتِ فقط, مع عدم تجاهل آراء أصحاب الخبرات والتجارب وأهل الثقة. ثم إن قبولك الزواج من شاب لا ترتضينه خوفًا من العوامل المعنوية كالخوف من العنوسة وضغط الأهل, هو زواج أشبه بزواج المُكره الذي رفضه الشرع, فالإكراه يمكن أن يكون معنويًا كما هو ماديًا, وبغض النظر عن المترتب شرعًا على ذلك, فللشريعة متخصصيها, فزواج كهذا سيفتقد الكثير من عناصر نجاحه كاحترامك زوجك, ورضاكِ به ربًا لبيتك, وقدرتك على تقبل آرائه والتفاهم معه, وإحساسك بالأمان والثقة في قراراته, وكلها عناصر هامة بدونها الزواج عبارة عن صفر كبير في شهادة الحياة! إذن فما تقلقين من حدوثه لو رفضتِ هذا الشاب أقل مما يجب عليكِ توقعه لو وافقتِ عليه, فعلى هذا الأساس فكري, ودعي عنكِ مخاوف العنوسة المنتشرة في مجتمعنا, فالزواج لا سن له, فهو مسألة نصيب وهو مما يقدر الله تعالى في رزق كل منا, سواء من ناحية شريك الحياة أو من ناحية توقيت الحدوث, والخيرة دائمًا فيما اختاره الله تعالى. عزيزتي, اثبتي على رفضك هذا الشاب, مهما حدث, ولو قامت الدنيا ولم تقعد! ولا تبالي بأحد ولا تخضعي لضغوط, فما يتحدث الجميع عنه هو "حياتك أنتِ" وأنتِ وحدك من ستجنين ثمار أي قرار تتخذينه سواء بإرادتك الحرة أو تحت الضغط, فتدبري أمرك بقوة وفكري بالنظرة البعيدة للأمور. هداكِ الله ووفقكِ... تحياتي،،،،