قال المستشار عدلي منصور -رئيس الجمهورية المؤقت- إن أكتوبر يمثل حدثا عظيما بالنسبة للشعب المصري، لأن الشعب كله توحد وكذلك العرب كلهم توحّدوا عام 1973، وساعدوا مصر من أجل أن تثبت أن إرادتها لن تنكسر وأن الأرض سترجع. وأضاف الرئيس منصور -في حوار مع صحيفة الشرق الأوسط نُشر اليوم (الأحد)- أن كاثرين آشتون -الممثل الأعلى للشئون الخارجية والأمنية بالاتحاد الأوروبي- أثنت خلال لقائها معه منذ أيام على الجهد الذي تقوم به لجنة الخمسين، مؤكدة دعم الاتحاد الأوروربي لخارطة المستقبل، مشيرة إلى أنها تولي اهتماما كبيرا بتلقي مصر الدعم الاقتصادي المناسب في هذه المرحلة. وعن خارطة المستقبل، أوضح أنه في خلال شهر كحد أقصى، ستنتهي لجنة الخمسين من عملها، وسيتم طرح الدستور للاستفتاء عليه، وعلى الفور سيتم الإعلان عن بدء الانتخابات البرلمانية التي ستستغرق ما بين شهرين أو شهرين ونصف الشهر، وبعد الانتخابات البرلمانية بشهرين أو ثلاثة يتم البدء في الانتخابات الرئاسية. وتابع: "القرار السياسي المصري مستقل تماما، وهو يضع في اعتباره المصالح المصرية أولا وأخيرا، والوضع الاقتصادي في مصر صعب، نتيجة لتراكمات عديدة، منها: سوء إدارة من قبل الحكومات السابقة، ومنها أيضا بعض المشكلات الهيكلية التي نعيها تماما وندرك أهمية معالجتها في الوقت المناسب، مع مراعاة الجوانب الاجتماعية، ولكن المشكلة الرئيسية للاقتصاد المصري تتمثل في الحاجة إلى الوصول إلى استقرار أمني، يمهّد لإعادة إطلاق النشاط الاقتصادي". وعن جماعة الإخوان، قال رئيس الجمهورية المؤقت إن الجماعة سعت منذ 30 يونيو إلى الاستقواء بالخارج، وإن هذا النهج قوبل برفض كامل على المستويين الشعبي والرسمي، مشيرا إلى أن من أهم أسباب سقوط النظام السابق تعمّده إقصاء قطاع عريض من المجتمع، واعتماده على ما أطلق عليه "الأهل والعشيرة"، مستطردا: "ولهذا حرصت عند تشرّفي برئاسة الجمهورية على أن تمد السلطات الحالية يدها لكلّ الأطراف السياسية في المجتمع، ما دامت أيديها غير ملوثة بالدماء والتزمت بنبذ العنف". لافتا النظر إلى أنه تشاور مع كل الأطراف عند اختيار رئيس الوزراء والتشكيل الحكومي، وبعث برسائل إلى مختلف الأحزاب والتيارات السياسية للتقدم بمرشحيها في لجنة الخمسين، إلا أن "الإخوان آثروا عدم المشاركة في بناء مصر المستقبل، وفضّلوا عوضا عن ذلك الاستمرار في الاعتصامات المسلحة، والتهديد بحرق البلاد، وبذل المساعي الحثيثة لمعاداة العالم الخارجي لبلدهم"، على حد تعبيره. أما عن محاكمة رموز النظام السابق، أكد الرئيس المؤقت أن رئيس النظام السابق يحاكم لاتهامه بارتكاب جرائم معينة، ومحال لجهات التحقيق بجرائم، والنظام الأسبق له جرائم أخرى، أما أركان النظام السابق ففي مرحلة التحقيق وقريبا ستتم إحالتهم إلى المحاكمة. وتقديري في هذا الصدد أن الجماعة بدأت في مراجعة حساباتها، وتبين ذلك جليا من خلال الاعتذارات الصادرة عن بعض قياداتها للشعب المصري عن سوء إدارة البلاد، إلا أن تلك الاعتذارات لا تزال غير كافية، ليست تلك وجهة نظري، وإنما هي وجهة نظر الشعب المصري. كذلك من الأهمية بمكان أن تقترن تلك الاعتذارات بتغيير في الممارسات على الأرض.. فليس معقولا أن يستمر العنف الممارس من قبلهم والتحريض على الجيش والشرطة، ثم يدّعون أنهم تقدموا باعتذار. على الجماعة أن تدرك وتصرح بشكل واضح أنها جزء من الوطن، وليس العكس. إن مصر تسير بخطى واثقة في طريق تنفيذ خارطة المستقبل السياسية.. ونحن نعمل بكل ما أوتينا من جهد في اتجاه بناء دولة مؤسسات، ووضع الأسس السليمة للدولة الديمقراطية الحرة المستقبلية في مصر، لكننا في الوقت الذي نحرص فيه على إشراك كل الأطياف الوطنية في المسار السياسي، فإننا نحرص أيضا على تجنب إهدار المزيد من الوقت. مصر لن تنتظر أحدا لكي تنهض، ومن يريد مشاركتنا البناء فهو مرحب به، ما دام التزم بالقواعد الديمقراطية ونبذ العنف. أما من يتلكأ في ذلك، ويتوهم أن العالم الخارجي أو نهج العنف سيعزز من موقفه.. فذلك خياره وحده، والقانون كفيل بالتعامل معه. أما حيال الحديث عن ضغوط تتعرض لها الرئاسة المصرية، فلعلكم تابعتم بعضا من هذه الضغوط والتهديدات التي لم تجد لدينا أي صدى، وجرى تجاهلها تماما. ولقد أدركت تلك القوى أن مساعيها للضغط على مصر لن تغير في الأمر شيئا سوى الانتقاص من صورتها وشعبيتها في مصر.