أخبار مصر: أول صور للضحايا المصريين بعد مقتلهم بالمكسيك، حقيقة وفاة جورج قرداحي بقصف إسرائيلي، قفزة بسعر الفول وعودة جنون السكر    "زلازل سماوية" تحدث في جميع أنحاء العالم تحير العلماء    8 شهداء فلسطينيين في قصف للاحتلال الإسرائيلي على مخيم النصيرات    حالة الطرق اليوم، اعرف الحركة المرورية بشوارع ومحاور القاهرة والجيزة    أسعار اللحوم والدواجن بسوق العبور اليوم 5 أكتوبر    الجيش السوداني يغير معادلة الحرب.. وترحيب شعبي بتقدم القوات في الخرطوم    بفعل الهجمات الإسرائيلية.. الصحة العالمية: لبنان يواجه أزمة    «مبقاش ليك دور».. هجوم ناري من لاعب الزمالك السابق على شيكابالا    تشكيل مانشستر سيتي المتوقع أمام فولهام    45 دقيقة متوسط تأخيرات القطارات على خط «طنطا - دمياط».. السبت 5 أكتوبر    حالة الطقس في مصر ليوم السبت 5 أكتوبر 2024: تحذيرات من الأرصاد الجوية    حقيقة وفاة الإعلامي اللبناني جورج قرداحي نتيجة الغارات الإسرائيلية    إشراقة شمس يوم جديد بكفر الشيخ.. اللهم عافنا واعف عنا وأحسن خاتمتنا.. فيديو    مباراة الزمالك وبيراميدز بكأس السوبر المصري.. الموعد والقنوات الناقلة    ابنتي تنتظر اتصاله يوميا، عارضة أزياء تطارد نيمار بقضية "إثبات أبوة"    بعد عودة تطبيق إنستا باي للعمل.. خبير مصرفي يكشف سبب التحديثات الجديدة    ميدو: أكبر غلطة عملها الأهلي هي دي.. والجمهور حقه يقلق (فيديو)    تشكيل الهلال ضد الأهلي في الدوري السعودي    28.4 مليار جنيه قيمة أرصدة التمويل العقارى للشركات بنهاية يوليو    إطلاق مشروع رأس الحكمة.. بوادر الخير    حريق فى عمارة سكنية بدمياط والحماية المدنية تكثف جهودها للسيطرة    اليوم.. محاكمة إمام عاشور في الاعتداء على فرد أمن بالشيخ زايد    تعرف على مواعيد قطارات الصعيد على خطوط السكة الحديد    ضبط المتهم بالاستعراض بسيارة في مدينة 15 مايو    سلوفينيا تقدم مساعدات عينية لأكثر من 40 ألف شخص في لبنان    "إسلام وسيف وميشيل" أفضل 3 مواهب فى الأسبوع الخامس من كاستنج.. فيديو    برج القوس.. حظك اليوم السبت 5 أكتوبر: اكتشف نفسك    أوركسترا القاهرة السيمفونى يقدم أولى حفلات "الموسيقى الغنائية" اليوم بالأوبرا    بلومبيرغ: البنتاجون سينفق 1.2 مليار دولار على الأسلحة بعد هجمات إيران والحوثيين    مصدر يكشف أزمة جديدة قد تواجه الزمالك لهذه الأسباب    رئيس شعبة الدواجن: مشكلة ارتفاع أسعار البيض ترجع إلى المغالاة في هامش الربح    ترامب يطالب اسرائيل بالقضاء على المواقع النووية الإيرانية    سهر الصايغ "للفجر": بحب المغامرة وأحس إني مش هقدر أعمل الدور...نفسي أقدم دور عن ذوي الاحتياجات الخاصة    عاجل - حقيقة تحديث « فيسبوك» الجديد.. هل يمكن فعلًا معرفة من زار بروفايلك؟    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 5-10-2024 في محافظة البحيرة    حرب أكتوبر.. أحد أبطال القوات الجوية: هاجمنا إسرائيل ب 225 طائرة    صحة المنوفية: تنظم 8365 ندوة على مستوى المحافظة لعدد 69043 مستفيد    الكشف ب 300 جنيه، القبض على طبيبة تدير عيادة جلدية داخل صيدلية في سوهاج    أعراض الالتهاب الرئوي لدى الأطفال والبالغين وأسبابه    الكويت.. السلطات تعتقل أحد أفراد الأسرة الحاكمة    ندى أمين: هدفنا في قمة المستقبل تسليط الضوء على دور الشباب    تفاصيل مرض أحمد زكي خلال تجسيده للأدوار.. عانى منه طوال حياته    عمرو أديب عن مشاهد نزوح اللبنانيين: الأزمة في لبنان لن تنتهي سريعا    عمرو أديب عن حفل تخرج الكليات الحربية: القوات المسلحة المصرية قوة لا يستهان بها    تناولتا مياة ملوثة.. الاشتباه في حالتي تسمم بأطفيح    بعد تعطله.. رسالة هامة من انستاباي لعملائه وموعد عودة التطبيق للعمل    لمدة 12 ساعة.. قطع المياه عن عدد من المناطق بالقاهرة اليوم    الحوار الوطني| يقتحم الملف الشائك بحيادية.. و«النقدي» ينهي أوجاع منظومة «الدعم»    رئيس جامعة الأزهر: الحروف المقطعة في القرآن تحمل أسرار إلهية محجوبة    «مش كل من هب ودب يطلع يتكلم عن الأهلي».. إبراهيم سعيد يشن هجومًا ناريًا على القندوسي    معتز البطاوي: الأهلي لم يحول قندوسي للتحقيق.. ولا نمانع في حضوره جلسة الاستماع    البابا تواضروس الثاني يستقبل مسؤولة مؤسسة "light for Orphans"    «ممكن تحصلك كارثة».. حسام موافى يحذر من الجري للحاق بالصلاة (فيديو)    عظة الأنبا مكاريوس حول «أخطر وأعظم 5 عبارات في مسيرتنا»    رشا راغب: غير المصريين أيضًا استفادوا من خدمات الأكاديمية الوطنية للتدريب    بمشاركة 1000 طبيب.. اختتام فعاليات المؤتمر الدولي لجراحة الأوعية الدموية    أذكار يوم الجمعة.. كلمات مستحبة احرص على ترديدها في هذا اليوم    «وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِندِ اللَّهِ».. موضوع خطبة الجمعة اليوم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



داعش .. لماذا توقفت عن مشاهد هوليود ؟!
نشر في صوت البلد يوم 17 - 06 - 2016

لماذا توقفت داعش عن تصوير جرائمها ضد من يقع من ضحايا في يدها؟ هذا السؤال يطرح نفسه الآن، لكن قبل هذا السؤال تداول مراقبون لسلوك داعش أن نفس المهارات في التصوير والإخراج وربما نفس المصورين وحتى بعض الممثلين في مشاهد ذبح ضحايا داعش تتكرر في العراق وسوريا وحتى في ليببا، فهل ينتقل نفس القائمين على عمليات التصوير الهوليودي لداعش بين مناطق الذبح؟ أم هل تتم عمليات التصوير في "استديو هوليودي واحد"؟! فحتى الآن لا يعرف أحد لماذا توقفت هذه المشاهد الهوليودية ؟!
(1)
كشف أكثر من فيديو نشره تنظيم داعش الإرهابي لمشاهد ذبح الضحايا الكثير من الملاحظات والتساؤلات.. بداية من التشابه في شكل ومضمون كل فيديو وكأنه استكمال لمسلسل طويل الحلقات. ومن الملاحظات التي أثارت انتباه المتابعين لمسلسل القتل بإخراج هوليودي ارتداء الإرهابيين ساعات رولكس الفخمة، وعمل ماكياج لوجوههم وتكحيل عيونهم، بالإضافة إلى حملهم "خناجر" من ماركة كولومبيا الأمريكية الصنع باهظة الثمن..ويتحدثون الإنجليزية بطلاقة، دون تعثر أو تلعثم. أما أبطال الفيديوهات من جناة وضحايا.. فالجناة أشخاص طوال القامة رياضيو الأجسام؛ ليبثوا الرعب في نفوس من يشاهدهم.
(2)
تنظيم "داعش" الإرهابي يستخدم الحرب النفسية بمهارة واحترافية، لا يمكن أن تتوفر للهواة أو تنظيم بدائي. واستخدم وسائل التواصل الاجتماعي بفاعلية وتركيز مؤثر تمكنه أن يسيطر على بعض العقول، فالتنظيم لا ينزعج أو يعلن عندما يدحر في معركة ولا يكترث عندما يفقد أحد قادته. أو يدمر معقل من معاقله.
هذه التوجه أشبه ما يكون بالتوجه المؤسساتي أو الحكومي؛ حيث يوحي لك أنه أكبر من الهزيمة. يستخدم الشائعات المعدة سلفا التي تؤثر في الخصم اعتمادا على أسلوب مركزي في تصدير المعلومة التي يريد بثها وتوصيلها، ويسيطر على قنوات إعلامه، ولا يعتمد على التعددية الإعلامية له؛ فعندما تتعدد الوسائل الإعلامية الدعائية فإنها قد تفلت من السيطرة المركزية؛ ومن هنا تبدو كل الوسائل والأساليب المستخدمة مدروسة إلى حد كبير، مستغلة تكنولوجيا الاتصالات من حيث التصوير والأماكن والترجمة حتى الإخراج الفيلمي.. علينا أن نتأمل بعناية ما قاله ألان رودييه، مدير المركز الفرنسي لبحوث الاستخبارات: "وصلت الدعاية التي ينتهجها تنظيم داعش إلى مستوى عال من الحرفية، لذلك بات لزاما أن يتم استثمار الإمكانات في حرب من هذا النوع.. إن هدف داعش من وراء نشر فيديوهات إعدام الرهائن هو بث شعور بالرعب لدى الناس، لإخضاعهم وفرض سطوته عليهم"، معتبرا أن "تدمير الاستراتيجية الدعائية للتنظيم المتطرف قد تصبح أكثر إلحاحا ونجاعة من قنابل التحالف الدولي".
هذه الدعاية التي يعتمدها التنظيم تخوله نشر الرعب، وتساعده في جذب المزيد من المقاتلين إلى صفوفه. وإذا كانت الحرب النفسية في مفهومها الكلاسيكي، كما أوردها الكاتب الأمريكي بول لينبارجر في كتابه الشهير "الحرب النفسية": "هي استخدام الدعاية ضد عدو ما مع مساعدة عسكرية أو اقتصادية أو سياسية لاستكمال هذه الدعاية، واستخدام المخطط للتخاطب الذي يهدف إلى التأثير في عقول أو مشاعر فئة معينة من الناس، كما أنها تطبق أجزاء من علم النفس لتدعيم جهود العمليات السياسية أو الاقتصادية أو العسكرية".
ومع تطور التكنولوجيا أصبحت الحرب النفسية تستهدف المدنيين والعسكريين، أيضا من خلال وسائل التواصل والتخاطب الحديثة، للوصول إلى الجماهير المستهدفة لإقناعهم بقبول أفكار ومعتقدات معينة أو لاستعراض قوة ربما تكون أكبر من حجمها الواقعي، لتقضي على إرادة المواجهة وتدفعه إلى الخوف والاستسلام والتشويش وبث الفرقة والجدل والانقسام بين أبناء المجتمع الواحد، وإضعاف الجبهة الداخلية والنيل من المعنويات وتوليد شعور بعد الثفة في النفس.
استراتيجية داعش في المناطق التي سيطر عليها في سوريا أو العراق تعتمد على الدعاية وبث الرعب النفسي لفرض هيمنته وسطوته، فضلا عن سرقته للأموال ووضع يده على الممتلكات العامة والخاصة، واستقطاب الخونة والمرتزقة من ضعاف النفوس بالمال، وميدانيا لا يعتمد التنظيم على خطط عسكرية تعكس ما يروج له، فقد فشل في المحافظة على مناطق سيطر عليها من نينوى إلى عين العرب مرورا بسنجار ومطار دير الزور العسكري، ومناطق كثيرة في طريقها للسقوط، كل هذا أظهر هشاشة تركيبته العسكرية وفوضوية قتاله مما يفقده سريعاً السيطرة على الكثير من المناطق التي استولى عليها.
الكاتب الأمريكي ديفيد إغناشيوس، كتب مقالا في "واشنطن بوست" بعنوان "استراتيجية داعش المرعبة"، قال فيه "إن التنظيم لا يمكنه أن يفرض أي سيطرة على أي بلدة أو منطقة لا في سوريا ولا في العراق، حيث أكدت التجربة أنه لا يتقن غير القتل للقتل، وليس لديه أي بيئة تحتضنه أي برنامج أو مشروع غير الفوضى والضياع والإجرام".
(3)
نفس فكرة الحرب النفسية التي يتبناها تنظيم داعش تستخدمها الولايات المتحدة وبعض الدول الأوروبية لبث الرعب في النفوس بالتهويل والتخويف. وفي إطار ذلك قال الرئيس الأمريكي باراك أوباما "إن الولايات المتحدة ستعمل على صد تنظيم داعش وتقويض قدراته خلال أشهر قبل هزيمته".
وأضاف في مقابلة مع "إن بي سي نيوز": "إن تنظيم داعش يمثل تهديدا بسبب طموحاته بالتوسع في العراق وسوريا. والمجتمع الدولي يدرك أننا إزاء تهديد تتعين مجابهته". وأضاف قائلا: "سنضعفهم وسنقلص مساحة الأراضي التي يسيطرون عليها. وفي نهاية المطاف سننتصر عليهم" معتبرا أن الأمر سيحتاج موارد تفوق ما تخصصه واشنطن حاليا لهذه المنطقة.. إذا تمكن هؤلاء المسلحون الإسلاميون المتطرفون من "السيطرة على أجزاء مهمة من الأراضي وتجميع موارد وأسلحة وجذب المزيد من المقاتلين الأجانب" فإنه يمكن أن يصبح لاحقا تهديدا حقيقيا لواشنطن".
أما رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون، فيقوم بحملة ترويج وتخويف من داعش، وكان مما قاله: إن داعش ستتمدد قريبا إلى لبنان والأردن وإن لديها القدرة على ذلك.
أيضا قال الرئيس الفرنسي هولاند عن داعش، بأنه ليس تنظيما اعتياديا، بل إنه كيان يمتلك كافة مقومات الدولة، ولديه الأموال والثروات التي تمكنه من الاكتفاء الذاتي كما لديه القاعدة الشعبية والبيئة الحاضنة التي تمكنه من النمو وإيجاد المقاتلين باستمرار.
من الخطأ أن نعتقد أن الولايات المتحدة وحلفاءها من الأوروبيين يريدون إنهاء وجود داعش، ولو كان هذا الاعتقاد صحيحا لانتهجوا استراتيجية واضحة للحرب عليه، لكن حقيقة الأمر هم من يعملون على تغذية وحوش تسمى داعش حتى ترعب الشعوب العربية، ويتم استنزاف الموارد المالية والبشرية والحيلولة دون الاستقرار السياسي أو الاقتصادي للمنطقة.
لماذا لم تمنع القوى العظمى وقف الأنشطة الإعلامية للتنظيم على شبكة الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي، وإصدار قرارات دولية مؤثرة بإلزام دول العالم بتجفيف منابع تمويل ومساعدة التنظيم، واعتبار الدول التي تستمر في دعمه بأي شكل من الأشكال راعية للإرهاب تفرض عليها عقوبات دولية بمقتضى البند السابع لميثاق الأمم المتحدة؟.
ولماذا لا تمنع دول مثل الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا وروسيا وبلجيكا وهولندا والدنمارك وتركيا، وغيرها مواطنيها من الانخراط في صفوف داعش؟.
لماذا توقفت داعش عن تصوير جرائمها ضد من يقع من ضحايا في يدها؟ هذا السؤال يطرح نفسه الآن، لكن قبل هذا السؤال تداول مراقبون لسلوك داعش أن نفس المهارات في التصوير والإخراج وربما نفس المصورين وحتى بعض الممثلين في مشاهد ذبح ضحايا داعش تتكرر في العراق وسوريا وحتى في ليببا، فهل ينتقل نفس القائمين على عمليات التصوير الهوليودي لداعش بين مناطق الذبح؟ أم هل تتم عمليات التصوير في "استديو هوليودي واحد"؟! فحتى الآن لا يعرف أحد لماذا توقفت هذه المشاهد الهوليودية ؟!
(1)
كشف أكثر من فيديو نشره تنظيم داعش الإرهابي لمشاهد ذبح الضحايا الكثير من الملاحظات والتساؤلات.. بداية من التشابه في شكل ومضمون كل فيديو وكأنه استكمال لمسلسل طويل الحلقات. ومن الملاحظات التي أثارت انتباه المتابعين لمسلسل القتل بإخراج هوليودي ارتداء الإرهابيين ساعات رولكس الفخمة، وعمل ماكياج لوجوههم وتكحيل عيونهم، بالإضافة إلى حملهم "خناجر" من ماركة كولومبيا الأمريكية الصنع باهظة الثمن..ويتحدثون الإنجليزية بطلاقة، دون تعثر أو تلعثم. أما أبطال الفيديوهات من جناة وضحايا.. فالجناة أشخاص طوال القامة رياضيو الأجسام؛ ليبثوا الرعب في نفوس من يشاهدهم.
(2)
تنظيم "داعش" الإرهابي يستخدم الحرب النفسية بمهارة واحترافية، لا يمكن أن تتوفر للهواة أو تنظيم بدائي. واستخدم وسائل التواصل الاجتماعي بفاعلية وتركيز مؤثر تمكنه أن يسيطر على بعض العقول، فالتنظيم لا ينزعج أو يعلن عندما يدحر في معركة ولا يكترث عندما يفقد أحد قادته. أو يدمر معقل من معاقله.
هذه التوجه أشبه ما يكون بالتوجه المؤسساتي أو الحكومي؛ حيث يوحي لك أنه أكبر من الهزيمة. يستخدم الشائعات المعدة سلفا التي تؤثر في الخصم اعتمادا على أسلوب مركزي في تصدير المعلومة التي يريد بثها وتوصيلها، ويسيطر على قنوات إعلامه، ولا يعتمد على التعددية الإعلامية له؛ فعندما تتعدد الوسائل الإعلامية الدعائية فإنها قد تفلت من السيطرة المركزية؛ ومن هنا تبدو كل الوسائل والأساليب المستخدمة مدروسة إلى حد كبير، مستغلة تكنولوجيا الاتصالات من حيث التصوير والأماكن والترجمة حتى الإخراج الفيلمي.. علينا أن نتأمل بعناية ما قاله ألان رودييه، مدير المركز الفرنسي لبحوث الاستخبارات: "وصلت الدعاية التي ينتهجها تنظيم داعش إلى مستوى عال من الحرفية، لذلك بات لزاما أن يتم استثمار الإمكانات في حرب من هذا النوع.. إن هدف داعش من وراء نشر فيديوهات إعدام الرهائن هو بث شعور بالرعب لدى الناس، لإخضاعهم وفرض سطوته عليهم"، معتبرا أن "تدمير الاستراتيجية الدعائية للتنظيم المتطرف قد تصبح أكثر إلحاحا ونجاعة من قنابل التحالف الدولي".
هذه الدعاية التي يعتمدها التنظيم تخوله نشر الرعب، وتساعده في جذب المزيد من المقاتلين إلى صفوفه. وإذا كانت الحرب النفسية في مفهومها الكلاسيكي، كما أوردها الكاتب الأمريكي بول لينبارجر في كتابه الشهير "الحرب النفسية": "هي استخدام الدعاية ضد عدو ما مع مساعدة عسكرية أو اقتصادية أو سياسية لاستكمال هذه الدعاية، واستخدام المخطط للتخاطب الذي يهدف إلى التأثير في عقول أو مشاعر فئة معينة من الناس، كما أنها تطبق أجزاء من علم النفس لتدعيم جهود العمليات السياسية أو الاقتصادية أو العسكرية".
ومع تطور التكنولوجيا أصبحت الحرب النفسية تستهدف المدنيين والعسكريين، أيضا من خلال وسائل التواصل والتخاطب الحديثة، للوصول إلى الجماهير المستهدفة لإقناعهم بقبول أفكار ومعتقدات معينة أو لاستعراض قوة ربما تكون أكبر من حجمها الواقعي، لتقضي على إرادة المواجهة وتدفعه إلى الخوف والاستسلام والتشويش وبث الفرقة والجدل والانقسام بين أبناء المجتمع الواحد، وإضعاف الجبهة الداخلية والنيل من المعنويات وتوليد شعور بعد الثفة في النفس.
استراتيجية داعش في المناطق التي سيطر عليها في سوريا أو العراق تعتمد على الدعاية وبث الرعب النفسي لفرض هيمنته وسطوته، فضلا عن سرقته للأموال ووضع يده على الممتلكات العامة والخاصة، واستقطاب الخونة والمرتزقة من ضعاف النفوس بالمال، وميدانيا لا يعتمد التنظيم على خطط عسكرية تعكس ما يروج له، فقد فشل في المحافظة على مناطق سيطر عليها من نينوى إلى عين العرب مرورا بسنجار ومطار دير الزور العسكري، ومناطق كثيرة في طريقها للسقوط، كل هذا أظهر هشاشة تركيبته العسكرية وفوضوية قتاله مما يفقده سريعاً السيطرة على الكثير من المناطق التي استولى عليها.
الكاتب الأمريكي ديفيد إغناشيوس، كتب مقالا في "واشنطن بوست" بعنوان "استراتيجية داعش المرعبة"، قال فيه "إن التنظيم لا يمكنه أن يفرض أي سيطرة على أي بلدة أو منطقة لا في سوريا ولا في العراق، حيث أكدت التجربة أنه لا يتقن غير القتل للقتل، وليس لديه أي بيئة تحتضنه أي برنامج أو مشروع غير الفوضى والضياع والإجرام".
(3)
نفس فكرة الحرب النفسية التي يتبناها تنظيم داعش تستخدمها الولايات المتحدة وبعض الدول الأوروبية لبث الرعب في النفوس بالتهويل والتخويف. وفي إطار ذلك قال الرئيس الأمريكي باراك أوباما "إن الولايات المتحدة ستعمل على صد تنظيم داعش وتقويض قدراته خلال أشهر قبل هزيمته".
وأضاف في مقابلة مع "إن بي سي نيوز": "إن تنظيم داعش يمثل تهديدا بسبب طموحاته بالتوسع في العراق وسوريا. والمجتمع الدولي يدرك أننا إزاء تهديد تتعين مجابهته". وأضاف قائلا: "سنضعفهم وسنقلص مساحة الأراضي التي يسيطرون عليها. وفي نهاية المطاف سننتصر عليهم" معتبرا أن الأمر سيحتاج موارد تفوق ما تخصصه واشنطن حاليا لهذه المنطقة.. إذا تمكن هؤلاء المسلحون الإسلاميون المتطرفون من "السيطرة على أجزاء مهمة من الأراضي وتجميع موارد وأسلحة وجذب المزيد من المقاتلين الأجانب" فإنه يمكن أن يصبح لاحقا تهديدا حقيقيا لواشنطن".
أما رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون، فيقوم بحملة ترويج وتخويف من داعش، وكان مما قاله: إن داعش ستتمدد قريبا إلى لبنان والأردن وإن لديها القدرة على ذلك.
أيضا قال الرئيس الفرنسي هولاند عن داعش، بأنه ليس تنظيما اعتياديا، بل إنه كيان يمتلك كافة مقومات الدولة، ولديه الأموال والثروات التي تمكنه من الاكتفاء الذاتي كما لديه القاعدة الشعبية والبيئة الحاضنة التي تمكنه من النمو وإيجاد المقاتلين باستمرار.
من الخطأ أن نعتقد أن الولايات المتحدة وحلفاءها من الأوروبيين يريدون إنهاء وجود داعش، ولو كان هذا الاعتقاد صحيحا لانتهجوا استراتيجية واضحة للحرب عليه، لكن حقيقة الأمر هم من يعملون على تغذية وحوش تسمى داعش حتى ترعب الشعوب العربية، ويتم استنزاف الموارد المالية والبشرية والحيلولة دون الاستقرار السياسي أو الاقتصادي للمنطقة.
لماذا لم تمنع القوى العظمى وقف الأنشطة الإعلامية للتنظيم على شبكة الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي، وإصدار قرارات دولية مؤثرة بإلزام دول العالم بتجفيف منابع تمويل ومساعدة التنظيم، واعتبار الدول التي تستمر في دعمه بأي شكل من الأشكال راعية للإرهاب تفرض عليها عقوبات دولية بمقتضى البند السابع لميثاق الأمم المتحدة؟.
ولماذا لا تمنع دول مثل الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا وروسيا وبلجيكا وهولندا والدنمارك وتركيا، وغيرها مواطنيها من الانخراط في صفوف داعش؟.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.