مفصول من التيجانية، الأجهزة الأمنية تكشف مفاجآت مثيرة في اتهام سيدة لصلاح التيجاني بالتحرش    قبل بدء الدراسة.. العودة لنظام كراسة الحصة والواجب في نظام التعليم الجديد    بعد القبض عليه.. تفاصيل القصة الكاملة لصلاح التيجاني المتهم بالتحرش    ارتفاع جنوني.. تعرف على سعر طن الأسمدة بالسوق السوداء    لافروف: روسيا قادرة على الدفاع عن مصالحها عسكريا    مصرع وإصابة 3 أشخاص في انقلاب سيارة بسوهاج    مفصول من الطريقة التيجانية.. تفاصيل جديد بشأن القبض على صلاح التيجاني    الداخلية: فيديو حمل مواطنين عصى بقنا قديم    أحمد فتحي: أنا سبب شعبية هشام ماجد (فيديو)    الطريقة العلاوية الشاذلية تحتفل بالمولد النبوي الشريف في شمال سيناء.. فيديو    رانيا فريد شوقي عن بطالة بعض الفنانين وجلوسهم دون عمل: «ربنا العالم بحالهم»    مؤشرات الأسهم الأمريكية تغلق على صعود    وزير الاقتصاد الألماني يدعو إلى عقد قمة للسيارات    عيار 21 يرتفع الآن لأعلى سعر.. أسعار الذهب والسبائك اليوم بالصاغة بعد الزيادة الكبيرة    عاجل - قبل بدء الدراسة بساعات.. أبرز ملامح العام الدراسي الجديد 2025 وقرارات وزارة التعليم    مواعيد قطارات الصعيد 2024.. تفاصيل محدثة لخطوط السكة الحديد "القاهرة - أسوان"    هجمات روسية بالمسيرات تستهدف محطات الطاقة الفرعية بأنحاء متفرقة في أوكرانيا    ترامب: ينبغي أن تهزم كمالا هاريس لأن فوزها سيضر بإسرائيل    حلمي طولان يكشف كواليس فشل تدريب الإسماعيلي    أفضل أدعية الفجر يوم الجمعة.. فضل الدعاء وعبارات مُستجابة    عبد الباسط حمودة: أبويا كان مداح وكنت باخد ربع جنيه في الفرح (فيديو)    صلاح سليمان: المرحلة الحالية مرحلة تكاتف للتركيز على مباراة السوبر الأفريقي    48 ساعة قاسية.. الأرصاد تحذر من حالة الطقس اليوم الجمعة (ذروة ارتفاع درجات الحرارة)    عاجل.. موعد توقيع ميكالي عقود تدريب منتخب مصر للشباب    وزير الأوقاف ينشد في حب الرسول خلال احتفال "الأشراف" بالمولد النبوي    أسعار الخضروات اليوم الجمعة 20-9-2024 في قنا    ليس كأس مصر فقط.. قرار محتمل من الأهلي بالاعتذار عن بطولة أخرى    مصطفى عسل يتأهل لنصف نهائي بطولة باريس المفتوحة للإسكواش 2024    القبض على سائق «توك توك» دهس طالبًا بكورنيش المعصرة    "الآن أدرك سبب معاناة النادي".. حلمي طولان يكشف كواليس مفاوضاته مع الإسماعيلي    ملف مصراوي.. جائزة جديدة لصلاح.. عودة فتوح.. تطورات حالة المولد    توقعات الفلك وحظك اليوم.. برج الحوت الجمعة 20 سبتمبر    تعرف على قرعة سيدات اليد فى بطولة أفريقيا    شهيد ومصابون في قصف إسرائيلي على بيت لاهيا    اليوم.. الأوقاف تفتتح 26 مسجداً بالمحافظات    بايدن: الحل الدبلوماسي للتصعيد بين إسرائيل وحزب الله "ممكن"    عاجل| إسرائيل تواصل الضربات لتفكيك البنية التحتية والقدرات العسكرية ل حزب الله    الصومال:ضبط أسلحة وذخائر في عملية أمنية في مقديشو    بعد فيديو خالد تاج الدين.. عمرو مصطفى: مسامح الكل وهبدأ صفحة جديدة    عبد الباسط حمودة عن بداياته: «عبد المطلب» اشترالي هدوم.. و«عدوية» جرّأني على الغناء    «ابنك متقبل إنك ترقصي؟» ..دينا ترد بإجابة مفاجئة على معجبيها (فيديو)    سعر الدولار أمام الجنيه والعملات العربية والأجنبية اليوم الجمعة 20 سبتمبر 2024    رسميًا.. إعادة تشكيل مجلسي إدارة بنكي الأهلي ومصر لمدة 3 سنوات    رسميًا.. فتح تقليل الاغتراب 2024 لطلاب المرحلة الثالثة والدبلومات الفنية (رابط مفعل الآن)    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الجمعة 20-9-2024    رمزي لينر ب"كاستنج": الفنان القادر على الارتجال هيعرف يطلع أساسيات الاسكريبت    بارنييه ينتهي من تشكيل الحكومة الفرنسية الجديدة    محافظ القليوبية: لا يوجد طريق واحد يربط المحافظة داخليا    النيابة تصرح بدفن جثة ربة منزل سقطت من الطابق السابع في شبرا الخيمة    رئيس مهرجان الغردقة يكشف تطورات حالة الموسيقار أحمد الجبالى الصحية    نقيب الأشراف: قراءة سيرة النبي وتطبيقها عمليا أصبح ضرورة في ظل ما نعيشه    حكاية بسكوت الحمص والدوم والأبحاث الجديدة لمواجهة أمراض الأطفال.. فيديو    وكيل صحة قنا يوجه بتوفير كل أوجه الدعم لمرضى الغسيل الكلوي في المستشفى العام    رئيس جامعة القناة يتفقد تجهيزات الكلية المصرية الصينية للعام الدراسي الجديد (صور)    البلشي: إطلاق موقع إلكتروني للمؤتمر العام السادس لنقابة الصحفيين    مدبولي: الدولة شهدت انفراجة ليست بالقليلة في نوعيات كثيرة من الأدوية    التغذية السليمة: أساس الصحة والعافية    فحص 794 مريضًا ضمن قافلة "بداية" بحي الكرامة بالعريش    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



" ليل العالم " بين عنف الواقع وفوضى الحكاية
نشر في صوت البلد يوم 02 - 03 - 2016

"فوضاك أم فوضى الحكاية؟ أم فوضى الرقة؟ وفوضى الرقة أم فوضى سوريا أم فوضى العالم كله"
يمكن القول إنه وبصدور رواية «ليل العالم» (كتاب دبي:141/يناير/كانون الثاني2016)، يكون الناقد والروائي السوري نبيل سليمان حريصا على الاستمرارية في مواكبة المسار الروائي من جهة، ومن جهة ثانية توسيع المنجز الذي أقدم على إبداعه وتخيله. على أن تجربة «ليل العالم»، تمثل الجزء الرابع من منجز كرس لرصد تحولات «الربيع الأسود» الذي طال سوريا، بدون أن يفضي لأفق مفتوح على تغيير أفضل. من ثم فمنذ الروايات: «حجر السرائر» (2010)، «مدائن الأرجوان» (2013)، «جداريات الشام» (2014) و»ليل العالم» (2016)، فإن المعنى الذي يعمل على صوغه وإنتاجه واحد، لولا أن تلقيه يجدر تحققه في سياق التنويع.
فالروائي نبيل سليمان يرصد تحولات الواقع السوري من بدايات حلم التغيير، إلى هذه الرواية موضوعنا. من ثم فوعي التلقي الروائي لهذا النص بالذات، قد يتحقق بشكل مفرد أو في سياق التكامل والانسجام، ولذلك، فما نروم تأكيده كخطوة أولى، تثبيت المداخل الممكنة لقراءة «ليل العالم» في محاولة لتشكيل لرؤية جامعة عن الرباعية ككل، مادامت تعكس أول تجربة واكبت الحلم بتغيير سياسي له ظروفه وسياقاته العربية والغربية بدون اكتماله.
المدخل الأول
إن أول ما يثير عند تلقي الرواية، التحديد الأجناسي الذي أطر فيه الروائي نبيل سليمان منجزه، فإذا كان التحديد ثبت في: «رواية»، وهو بمثابة ميثاق يجدر تلقي النص في ضوئه، علما بأن الروائي لا يكتب سوى في حقلين: النقد الأدبي والرواية، فإن التأمل للصورة التي شكل النص على هيئتها يجعلنا نقف على تداخلات وتقاطعات تتمثل في التالي:
1 صورة كتاب: إن توزيع بنية الرواية إلى: «كالمقدمات»، «كالمتون»، «كالخواتيم»، يؤهل المنجز لأن لا يمثل رواية وحسب، وإنما هو كتاب مفتوح على دقة التأريخ لمرحلة سياسية من الحلم بربيع عربي امتد ليشمل الواقع السوري. إذن نحن أمام رواية، وكتاب على السواء.
2 صورة سيرة ذاتية: إن الوقوف على المعنى المنتج في الرواية، يولد التساؤل لدى القارئ المتتبع لمسار نبيل سليمان الروائي، عما إذا كان أكثر من عنصر ضمن الرواية، يفضي حال تجميعه ولملمته إلى كون المنجز يعد في مظهر من مظاهره سيرة ذاتية. فالحديث عن شخصية عبدالسلام العجيلي مثلا، وغيرها ياسين الحاج صالح ومن هو أقرب، وعن منيب المدرس والمديرلاحقا، يقود إلى تداخل الروائي/السيري، ولئن كنا نؤثر الذهاب في القول بأننا بصدد تخييل ذاتي.
3 صورة النص المفتوح: إن ما يعضد الصورة السابقة، انفتاح الرواية على جنسين أدبيين:
أ كتابة اليوميات.
ب كتابة الرسائل.
والأصل أن الكتابتين، حسب فيليب لوجون، تعكسان أثر الكتابة الشخصية والذاتية. ومن ثم فصفاء النوع غير متوافر في هذا المنجز. فالثابت جنس الرواية، والمتغير التنويع على جنس الرواية بما يمثل الأقرب إلى الجنس ذاته.
المدخل الثاني
إن ما يترتب عن المدخل الأول، الاعتبار الذي يرى إلى رواية «ليل العالم»، من منطلق كونها صورة عن تجربة تتأسس على مظهر تجريبي لافت ودال. فالتوزيع الذي خضع له جسم الرواية يتمثل في فصول شكلت من عناوين الثابت فيها مكون الزمن، إلى الوحدة الحكائية الرابطة بين شخصيتي «منيب» و»هفاف». هذه الوحدة تبدو في الظاهر قصة حب، لولا أنها في العمق سياسية توثق اللحظة التي تمر منها «سوريا» في حلمها بربيع عربي بديل. ف»هفاف» إحالة إلى سوريا في دقة الخاصات التي تتفرد بها، والحلم تجذير بدائل تساير التحولات الديمقراطية والاجتماعية والفكرية ككل، إلا أن «خنق» الحلم واغتياله، يبين عن مستقبل غامض شبه مجهول، وفق المنقول عن الأغنية:
"..هذا هو العرس الذي لا ينتهي في ليلة لا تنتهي، في…"
فالسؤال الذي تردد على امتداد بنية الرواية» لماذا خنقو هفاف؟» (الصفحات: 21/ 23/ 31/ 33….)، يكشف كون توسيع دائرة الحكي والسرد، ينبثق من تكرار السؤال السابق.. والأصل أن قصدية التكرار، إسهام في إحكام وتمتين بنية النص الروائي.
إن المنزع التجريبي في»ليل العالم» يجد مرجعيته في الواقع بما يحبل به من صراعات وتناقضات على كافة المستويات. هذه المرجعية، تثبيت للايقين الذي غدا يستحيل معه بناء عالم روائي يلم شتات الواقع، ومن ثم، بدت حكاية «ليل العالم» حكاية زئبقية من الصعب تحويل مفرداتها إلى بناء جمالي مفتوح على التلقي. ولكأن واقع «الواقع»، بات أكثر تقدما من/عن واقع الكتابة الروائية. وهي الصورة المناقضة والمعاكسة للتصور الذي حرص على ترديد: إن الرواية العربية متقدمة عن واقعها.
المدخل الثالث
يتضح من السابق أن رسم صورة عن «ليل العالم»، يتحقق وفق رؤية ثقافية فكرية. هذه الرؤية يجسده «منيب حسين الخلف» تأسيسا من تاريخه الشخصي، وبحكم كون المنجز الروائي أقرب لأن يشكل سيرة ذاتية. والقول بالتاريخ الشخصي، معناه ملامسة العلاقات المشكلة ضمن فضاء أوسع «سوريا»، ومكان هو بالضبط «الرقة»، ثم انطلاقا من العلاقات وبقية الشخصيات، إلى الحد الذي يمكن معه القول بأنها «تمرئيات» لشخصية “منيب”
إن المثقف في رواية «ليل العالم»، وتحديدا «منيب حسين الخلف»، يكشف من مقروءاته، آرائه ومواقفه بأنه النموذج الشمولي لما كان عليه واقع المثقف العربي. واللافت أن الشمولية المتحدث عنها تتمثل من خلال المعنى الثقافي في الآداب ككل، الفن، السياسة والدين. ومن ثم، فإنه في سياق التحولات المعاقة يمثل النموذج غير المرغوب فيه.
"إذا خبطوا عليك فلا تفتح قبل أن تنتقل إلى قناة دينية."
"آنئذ كان منيب يرفل في سنته الثالثة في سجن صيدنايا بعد سنة تقريبا بين سجني الأمن السياسي والأمن العسكري في الرقة، جزاء على ما اقترف من نشاط في ربيع دمشق، ليس فقط في الرقة، بل في حلب أيضا، وفي دمشق."
"تعال معنا.."
وبذلك فإن مفارقة المثقف في «ليل العالم»،كونه سواء في ظل النظام البعثي، أو الحلم بربيع عربي تسمه تلوينات مختلفة، سيظل يعاني من المطاردة، ومن إخفاق حلم التغيير المرتجى.
المدخل الرابع:
يحق القول بخصوص المدخل الرابع، إن التعدد الذي يسم الصيغة الروائية في «ليل العالم»، يجلو صورة عن فسيفساء التركيبة الاجتماعية التي تطبع الواقع السوري. فإذا كان ما قبل الربيع العربي يجسد مظاهر التعايش على المستوى الديني الهوياتي، فإن حلول «الربيع الأسود» (بلغة الرواية)، يستهدف مظاهر التعايش والتسامح، في محاولة لترسيخ نزوعات التفرقة والاقتتال، وبالاعتماد على التأويلات والفتاوى الفقهية الظلامية لمحاربة أي توجه مغاير للقناعات الإسلاموية. ومن ثم يتحقق الإجهاز على الحريات الفردية والقناعات الشخصية، والحقوق الإنسانية المكتسبة، حيث تطبق «مبادئ» التحريم والتحليل إلى المنع.
"..يا إخوتي. نحن إخوة. كلنا إخوة. لا فرق بين سوري وسوري"
"..مصافحة المسلم للمسيحي حرام، مثل مصافحته لليهودي للكافر".
«..وبناء على ما تقدم فإن الدولة الإسلامية في العراق والشام أصدرت قرارا بمنع بيع أقراص الغناء وآلات الموسيقا وتشغيل الأغاني في السيارات والحافلات والمحلات الأماكن..».
إن المداخل الأربعة السابقة هي في العمق:
1 مفاتيح مقترحة لقراءة وتأويل رواية " ليل العالم".
2 تمهيد هدفه الأساس ربط الرواية الأخيرة، بالمتحققات الروائية السابقة.
3 تشكيل رؤية عن ربيع عربي معاق، تأسيسا من الصورة الروائية المشكلة عن الواقع السوري.
....
كاتب مغربي
"فوضاك أم فوضى الحكاية؟ أم فوضى الرقة؟ وفوضى الرقة أم فوضى سوريا أم فوضى العالم كله"
يمكن القول إنه وبصدور رواية «ليل العالم» (كتاب دبي:141/يناير/كانون الثاني2016)، يكون الناقد والروائي السوري نبيل سليمان حريصا على الاستمرارية في مواكبة المسار الروائي من جهة، ومن جهة ثانية توسيع المنجز الذي أقدم على إبداعه وتخيله. على أن تجربة «ليل العالم»، تمثل الجزء الرابع من منجز كرس لرصد تحولات «الربيع الأسود» الذي طال سوريا، بدون أن يفضي لأفق مفتوح على تغيير أفضل. من ثم فمنذ الروايات: «حجر السرائر» (2010)، «مدائن الأرجوان» (2013)، «جداريات الشام» (2014) و»ليل العالم» (2016)، فإن المعنى الذي يعمل على صوغه وإنتاجه واحد، لولا أن تلقيه يجدر تحققه في سياق التنويع.
فالروائي نبيل سليمان يرصد تحولات الواقع السوري من بدايات حلم التغيير، إلى هذه الرواية موضوعنا. من ثم فوعي التلقي الروائي لهذا النص بالذات، قد يتحقق بشكل مفرد أو في سياق التكامل والانسجام، ولذلك، فما نروم تأكيده كخطوة أولى، تثبيت المداخل الممكنة لقراءة «ليل العالم» في محاولة لتشكيل لرؤية جامعة عن الرباعية ككل، مادامت تعكس أول تجربة واكبت الحلم بتغيير سياسي له ظروفه وسياقاته العربية والغربية بدون اكتماله.
المدخل الأول
إن أول ما يثير عند تلقي الرواية، التحديد الأجناسي الذي أطر فيه الروائي نبيل سليمان منجزه، فإذا كان التحديد ثبت في: «رواية»، وهو بمثابة ميثاق يجدر تلقي النص في ضوئه، علما بأن الروائي لا يكتب سوى في حقلين: النقد الأدبي والرواية، فإن التأمل للصورة التي شكل النص على هيئتها يجعلنا نقف على تداخلات وتقاطعات تتمثل في التالي:
1 صورة كتاب: إن توزيع بنية الرواية إلى: «كالمقدمات»، «كالمتون»، «كالخواتيم»، يؤهل المنجز لأن لا يمثل رواية وحسب، وإنما هو كتاب مفتوح على دقة التأريخ لمرحلة سياسية من الحلم بربيع عربي امتد ليشمل الواقع السوري. إذن نحن أمام رواية، وكتاب على السواء.
2 صورة سيرة ذاتية: إن الوقوف على المعنى المنتج في الرواية، يولد التساؤل لدى القارئ المتتبع لمسار نبيل سليمان الروائي، عما إذا كان أكثر من عنصر ضمن الرواية، يفضي حال تجميعه ولملمته إلى كون المنجز يعد في مظهر من مظاهره سيرة ذاتية. فالحديث عن شخصية عبدالسلام العجيلي مثلا، وغيرها ياسين الحاج صالح ومن هو أقرب، وعن منيب المدرس والمديرلاحقا، يقود إلى تداخل الروائي/السيري، ولئن كنا نؤثر الذهاب في القول بأننا بصدد تخييل ذاتي.
3 صورة النص المفتوح: إن ما يعضد الصورة السابقة، انفتاح الرواية على جنسين أدبيين:
أ كتابة اليوميات.
ب كتابة الرسائل.
والأصل أن الكتابتين، حسب فيليب لوجون، تعكسان أثر الكتابة الشخصية والذاتية. ومن ثم فصفاء النوع غير متوافر في هذا المنجز. فالثابت جنس الرواية، والمتغير التنويع على جنس الرواية بما يمثل الأقرب إلى الجنس ذاته.
المدخل الثاني
إن ما يترتب عن المدخل الأول، الاعتبار الذي يرى إلى رواية «ليل العالم»، من منطلق كونها صورة عن تجربة تتأسس على مظهر تجريبي لافت ودال. فالتوزيع الذي خضع له جسم الرواية يتمثل في فصول شكلت من عناوين الثابت فيها مكون الزمن، إلى الوحدة الحكائية الرابطة بين شخصيتي «منيب» و»هفاف». هذه الوحدة تبدو في الظاهر قصة حب، لولا أنها في العمق سياسية توثق اللحظة التي تمر منها «سوريا» في حلمها بربيع عربي بديل. ف»هفاف» إحالة إلى سوريا في دقة الخاصات التي تتفرد بها، والحلم تجذير بدائل تساير التحولات الديمقراطية والاجتماعية والفكرية ككل، إلا أن «خنق» الحلم واغتياله، يبين عن مستقبل غامض شبه مجهول، وفق المنقول عن الأغنية:
"..هذا هو العرس الذي لا ينتهي في ليلة لا تنتهي، في…"
فالسؤال الذي تردد على امتداد بنية الرواية» لماذا خنقو هفاف؟» (الصفحات: 21/ 23/ 31/ 33….)، يكشف كون توسيع دائرة الحكي والسرد، ينبثق من تكرار السؤال السابق.. والأصل أن قصدية التكرار، إسهام في إحكام وتمتين بنية النص الروائي.
إن المنزع التجريبي في»ليل العالم» يجد مرجعيته في الواقع بما يحبل به من صراعات وتناقضات على كافة المستويات. هذه المرجعية، تثبيت للايقين الذي غدا يستحيل معه بناء عالم روائي يلم شتات الواقع، ومن ثم، بدت حكاية «ليل العالم» حكاية زئبقية من الصعب تحويل مفرداتها إلى بناء جمالي مفتوح على التلقي. ولكأن واقع «الواقع»، بات أكثر تقدما من/عن واقع الكتابة الروائية. وهي الصورة المناقضة والمعاكسة للتصور الذي حرص على ترديد: إن الرواية العربية متقدمة عن واقعها.
المدخل الثالث
يتضح من السابق أن رسم صورة عن «ليل العالم»، يتحقق وفق رؤية ثقافية فكرية. هذه الرؤية يجسده «منيب حسين الخلف» تأسيسا من تاريخه الشخصي، وبحكم كون المنجز الروائي أقرب لأن يشكل سيرة ذاتية. والقول بالتاريخ الشخصي، معناه ملامسة العلاقات المشكلة ضمن فضاء أوسع «سوريا»، ومكان هو بالضبط «الرقة»، ثم انطلاقا من العلاقات وبقية الشخصيات، إلى الحد الذي يمكن معه القول بأنها «تمرئيات» لشخصية “منيب”
إن المثقف في رواية «ليل العالم»، وتحديدا «منيب حسين الخلف»، يكشف من مقروءاته، آرائه ومواقفه بأنه النموذج الشمولي لما كان عليه واقع المثقف العربي. واللافت أن الشمولية المتحدث عنها تتمثل من خلال المعنى الثقافي في الآداب ككل، الفن، السياسة والدين. ومن ثم، فإنه في سياق التحولات المعاقة يمثل النموذج غير المرغوب فيه.
"إذا خبطوا عليك فلا تفتح قبل أن تنتقل إلى قناة دينية."
"آنئذ كان منيب يرفل في سنته الثالثة في سجن صيدنايا بعد سنة تقريبا بين سجني الأمن السياسي والأمن العسكري في الرقة، جزاء على ما اقترف من نشاط في ربيع دمشق، ليس فقط في الرقة، بل في حلب أيضا، وفي دمشق."
"تعال معنا.."
وبذلك فإن مفارقة المثقف في «ليل العالم»،كونه سواء في ظل النظام البعثي، أو الحلم بربيع عربي تسمه تلوينات مختلفة، سيظل يعاني من المطاردة، ومن إخفاق حلم التغيير المرتجى.
المدخل الرابع:
يحق القول بخصوص المدخل الرابع، إن التعدد الذي يسم الصيغة الروائية في «ليل العالم»، يجلو صورة عن فسيفساء التركيبة الاجتماعية التي تطبع الواقع السوري. فإذا كان ما قبل الربيع العربي يجسد مظاهر التعايش على المستوى الديني الهوياتي، فإن حلول «الربيع الأسود» (بلغة الرواية)، يستهدف مظاهر التعايش والتسامح، في محاولة لترسيخ نزوعات التفرقة والاقتتال، وبالاعتماد على التأويلات والفتاوى الفقهية الظلامية لمحاربة أي توجه مغاير للقناعات الإسلاموية. ومن ثم يتحقق الإجهاز على الحريات الفردية والقناعات الشخصية، والحقوق الإنسانية المكتسبة، حيث تطبق «مبادئ» التحريم والتحليل إلى المنع.
"..يا إخوتي. نحن إخوة. كلنا إخوة. لا فرق بين سوري وسوري"
"..مصافحة المسلم للمسيحي حرام، مثل مصافحته لليهودي للكافر".
«..وبناء على ما تقدم فإن الدولة الإسلامية في العراق والشام أصدرت قرارا بمنع بيع أقراص الغناء وآلات الموسيقا وتشغيل الأغاني في السيارات والحافلات والمحلات الأماكن..».
إن المداخل الأربعة السابقة هي في العمق:
1 مفاتيح مقترحة لقراءة وتأويل رواية " ليل العالم".
2 تمهيد هدفه الأساس ربط الرواية الأخيرة، بالمتحققات الروائية السابقة.
3 تشكيل رؤية عن ربيع عربي معاق، تأسيسا من الصورة الروائية المشكلة عن الواقع السوري.
....
كاتب مغربي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.