جامعة القناة تنظم ندوة تعريفية لطلاب مدرسة الطائف حول حيوانات البيئة المصرية    وصول رئيس جامعة الأزهر للمدينة الجامعية بطيبة الأقصر للاطمئنان على الطالبات    أسعار اللحوم اليوم السبت 26-10-2024 في الأسواق.. البتلو بكم؟    النفط يسجل مكاسب أسبوعية 4% وسط تقييم لمخاطر الشرق الأوسط    سعر الدولار اليوم السبت 26-10-2024 في البنوك.. «بقى بكام؟»    رئيس الوزراء يتفقد المدرسة المصرية اليابانية بالسويس    وزير المالية:«تحالف الديون» جزء من حل قضية التمويل بإفريقيا    أسعار الحديد والأسمنت اليوم السبت 26 أكتوبر 2024: ارتفاع في الأسعار    عاجل:- نائب الرئيس الإيراني يعلق على الهجوم الإسرائيلي: "قوة إيران تجعل أعداء الوطن أذلاء"    المستقلين الجدد: ندعم جهود القيادة السياسية لوقف الحرب على غزة ولبنان    الاحتلال يحتجز النساء فى إحدى الغرف داخل مستشفى كمال عدوان دون ماء أو طعام    5 قتلى في غارات ليلية روسية على دنيبرو وكييف في أوكرانيا    لحظة وصول موتسيبي إلى الغردقة لحضور نهائي أمم أفريقيا للكرة الشاطئية.. صور    «طالع عينه في الزمالك».. رسالة نارية من نجم الأهلي السابق بشأن شيكابالا    قبل كلاسيكو الليلة.. برشلونة أحد ضحايا مبابي المرعب    تريزيجيه في مهمة جديدة رفقة الريان أمام الأهلي في الدوري القطري    بدء أعمال الجمعية العمومية للنادي المصري    المتهم بقتل طالب المطرية أمام النيابة: لم أقصد قتله    إصابة 11 شخصا إثر حادث تصادم سيارتين وتروسيكل بدشنا فى قنا    برودة ونشاط للرياح .. الأرصاد تكشف حالة طقس خلال الأيام ال 6 المقبلة    إحباط تهريب 1800 قطعة مستلزمات شيش إلكترونية و107 هواتف وساعات ذكية بمطار برج العرب    إحالة مسؤول بحي أبو النمرس للمحاكمة التأديبية العاجلة (تفاصيل)    «السكة الحديد»: تعديلات جديدة في تركيب عدد من قطارات الوجه البحري والقبلي    يسرا تدير ندوة «إسعاد يونس» ضمن فعاليات مهرجان الجونة| اليوم    ليزا تكشف موقفها من العودة إلى التمثيل في مصر    أمين «الأعلى للآثار» يستعرض أعمال تطوير المتحف المفتوح في معبد الكرنك    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 26-10-2024 في المنيا    أبرزها الصداع.. أضرار «الموبيل» على العين    تشكيل الهلال المتوقع أمام التعاون.. ميتروفيتش يقود الهجوم    اليوم، احتفالية كبرى في ستاد العاصمة الجديدة بمناسبة ذكرى انتصارات أكتوبر المجيدة    كيف طورت القوات البحرية أسطولها لمواجهة التحديات الإقليمية؟    وكيل تعليم القليوبية الجديد : لجان للمرور الميداني على المدارس    شرف لي.. تعليق محمد ثروت على حفل ليلة عبد الوهاب فى السعودية    محمود قابيل أحدث المنضمين لأبطال مسلسل "الحلانجي"    بعد تصريحات الحكومة.. اشتراطات جديدة لطرح وحدات الإسكان الاجتماعى    هل تجب قراءة الفاتحة بعد الإمام في الصلاة الجهرية أم يجوز تركها؟    عودة الرحلات الجوية بإيران إلى طبيعتها بعد انتهاء الهجوم الإسرائيلي    طريقة عمل كفتة داوود باشا، لغداء سريع التحضير    تشكيل ريال مدريد المتوقع ضد برشلونة في الدوري الإسباني    وكالة تسنيم الإيرانية: الأنباء عن مشاركة 100 طائرة إسرائيلية في الهجوم كاذبة تماما    توجيهات رئاسية لتوطين صناعة الأدوية عالية التقنية في مصر    يقتل ابن عمه بسبب النزاع على قطعة أرض بمحافظة سوهاج    ضبط لص يسرق توك توك لمدرس بسوهاج    علاج منزلي .. ضع البصل تحت الإبط وشاهد ماذا يحدث لجسمك ؟    خبير يكشف عن أخر تفاصيل سد النهضة.. توقف جميع التوربينات    48 هجوما.. "حزب الله" ينفذ أكبر موجة هجمات ضد إسرائيل منذ بدء الحرب    اليوم.. الصحة تطلق 8 قوافل طبية بالمحافظات    اللواء هشام الحلبي: حرب أكتوبر تجسيد للاحتراف العسكري وأسقطت نظريات دفاعية عالمية    نسمة محجوب تكشف سر تعليمها في مدرسة ألمانية    تعليق ناري من نجم الأهلي بشأن احتفاله أمام الزمالك في السوبر الأفريقي    «زي النهارده».. وقوع حادث المنشية 26 أكتوبر 1954    رسميا.. سعر الجنيه أمام عملات دول البريكس اليوم السبت 26 أكتوبر 2024 بعد انضمام مصر    واعظ بالأزهر: الإخلاص أمر مهم ذو تأثير كبير على الإنسان والمجتمع    حظك اليوم برج الحوت السبت 26 أكتوبر.. اغتنم الفرص    المخرج عمرو سلامة يختار الفائزين في برنامج «كاستنج»    مجموعة السبع تعلن الاتفاق على قرض ب 50 مليار دولار لأوكرانيا مدعوم بفوائد الأصول الروسية    وزير الأوقاف والمفتي ومحافظ السويس يشهدون احتفال المحافظة بالعيد القومي    مواقيت الصلاة .. اعرف موعد صلاة الجمعة والصلوات الخمس في جميع المحافظات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ماذا يفعل الرسام فرانسيس بيكون ب «سرير» تريسي أمين؟
نشر في صوت البلد يوم 30 - 01 - 2016

في إحدى قاعات «تيت بريتان» تعرض لوحتان من فرانسيس بيكون وسرير تريسي أمين معاً. هناك عدد من التخطيطات البائسة التي نفذتها أمين كانت قد علقت على أحد الجدران. تخطيطات لا تكشف عن قوة في التعبير ولا عن مهارة في الحرفة. يبدو الأمر أشبه بمزحة ثقيلة. فبيكون (1909 - 1992) وهو رسام بريطاني من أصول إرلندية لم يكن من الرسامين الذين يستسهلون الرسم. موضوعاته الشخصية الصعبة توحي بقدر هائل من الشقاء والمعاناة والعذاب، قبل الرسم وأثناءه، بل وبعده. الكائنات التي كان بيكون يرسمها وهي كما أتوقع مستوحاة من رواية كافكا «المسخ» لا تغامر في مغادرة عالمها إلا بعد أن تتأكد من أنها قد تماهت مع شكلها الخرافي الذي ترنو إليه. نزعة بيكون إلى الفن الصعب وهبت كل سنتمتر من لوحاته معنى البحث عما هو غامض. ذلك رجل لا يضع فرشاته على سطح اللوحة إلا إذا كانت محملة بالمعنى. جمالياته ليست موجهة من أجل متعة العين السائبة والسلبية. هناك الكثير من الجهد الذي يهب الرسم حقه، كما لو أن الرسام في صدد رسم واحدة من لوحات عصر الباروك.
لقد عرض «تيت بريتان» ثلاثيات من رسم بيكون في أماكن أخرى بطريقة تليق به فنياً وتاريخياً. لذلك شعرت بأن تلك القاعة قد اُرتجلت بطريقة يُراد منها الإعلاء من شأن فنانة مشكوك في أمرها. لقد اسُتعمل بيكون بطريقة مبتذلة من أجل أن تمرر الفكرة التي تثبت كفاءة تريسي امين في أن تكون فنانة. هناك قدر عظيم من التضليل. خدعة أن تكون امين فنانة قد تمر على الكثيرين بسبب وجود عملي بيكون. سرير تريسي امين الذي يعود عرضه الأول إلى عام 1999 كان عملاً استفهامياً اعتمد على ما هو جاهز، وهو ما يبرر وجوده في تاريخ الفنون المعاصرة الذي لا يزال محل التباس. لو تركت امين وهي بريطانية من أصل قبرصي تركي من مواليد عام 1963 وحدها في قاعة لاعتبر ذلك بمثابة تصرف حكيم، غير أن إقحام بيكون هو التصرف الطائش الذي يمكن تأويله بطريقة غير بريئة. وهي الطريقة التي صارت المتاحف تمزج من خلالها الرديء بالجيد، التاريخي الأصيل بالعابر الموقت. أبهذه الطريقة صار ممولو المتاحف يفرضون نظرتهم الاستثمارية على المتاحف؟
تلك العلاقة الملفقة بين بيكون وامين إنما تقوم على شيء هو أشبه بسرير، كان بيكون قد رسمه. شيء لم يكن الرسام يقصده لذاته. أما سرير امين فقد كان الموضوع كله. حملت بيكون سريرها بعد ليلة عاصفة بحميميتها إلى قاعة العرض لتشارك به بحثاً عن الفوز بجائزة تيرنر. وهي أرقى الجوائز التشكيلية في بريطانيا. لم تنل الجائزة يومها غير أن سريرها ظل يلح على ذاكرة منسقي المعارض في المتاحف إلى أن اقتناه «تيت غاليري» بمبلغ خرافي. صار ذلك السرير لقية متحفية. المشكلة هنا ليست في السرير، بل في العلاقة بين عمل تجهيزي قرر المتحف أن يكون جزءاً من مقتنياته وبين لوحتين تنتميان إلى تاريخ الرسم في بريطانيا.
لن يكون بيكون سعيداً بوجود عمل تريسي امين قريباً من لوحتيه. شعوري بالتعاسة كان عظيماً. منظر القاعة كان مهيناً لبيكون. لقد عرضت لوحتاه كما لو أنهما وجدتا هناك لتزيين غرفة نوم تريسي امين الشخصية. المنظر يوحي بأن امين نفسها كانت قد حملت إلى المتحف غرفة نومها بكل أشيائها وبضمنها لوحتي بيكون.
بالنسبة لأجيال غُسلت أدمغتها بفتوحات الفنون المعاصرة سيكون من الصعب تلمس الطريق إلى الحقيقة. ما يقدمه المتحف هو الحقيقة. سواه لن يكون إلا وهما. وهنا بالضبط تقع الكذبة التي يُراد لها أن تكون حقيقة.
هناك جهة ما كانت قد قررت أن تضع تريسي امين على خريطة الفن، أما المتحف فهو الجهة التي وقع عليها التنفيذ. سيقال «إنها نظرية المؤامرة» ولمَ لا؟ ما يجري في كواليس المشهد الفني ومنذ عقود هو التجسيد الأمثل للمؤامرة. ما من فنان يفرض نفسه اليوم بقوة فنه. تلك فكرة تعود إلى الماضي. البحث عن رعاة وحماة صار هاجس الفنانين في زماننا. من غير منسق فني يتبناك لا يمكنك الوصول إلى القاعات أو المتاحف.
في إحدى قاعات «تيت بريتان» تعرض لوحتان من فرانسيس بيكون وسرير تريسي أمين معاً. هناك عدد من التخطيطات البائسة التي نفذتها أمين كانت قد علقت على أحد الجدران. تخطيطات لا تكشف عن قوة في التعبير ولا عن مهارة في الحرفة. يبدو الأمر أشبه بمزحة ثقيلة. فبيكون (1909 - 1992) وهو رسام بريطاني من أصول إرلندية لم يكن من الرسامين الذين يستسهلون الرسم. موضوعاته الشخصية الصعبة توحي بقدر هائل من الشقاء والمعاناة والعذاب، قبل الرسم وأثناءه، بل وبعده. الكائنات التي كان بيكون يرسمها وهي كما أتوقع مستوحاة من رواية كافكا «المسخ» لا تغامر في مغادرة عالمها إلا بعد أن تتأكد من أنها قد تماهت مع شكلها الخرافي الذي ترنو إليه. نزعة بيكون إلى الفن الصعب وهبت كل سنتمتر من لوحاته معنى البحث عما هو غامض. ذلك رجل لا يضع فرشاته على سطح اللوحة إلا إذا كانت محملة بالمعنى. جمالياته ليست موجهة من أجل متعة العين السائبة والسلبية. هناك الكثير من الجهد الذي يهب الرسم حقه، كما لو أن الرسام في صدد رسم واحدة من لوحات عصر الباروك.
لقد عرض «تيت بريتان» ثلاثيات من رسم بيكون في أماكن أخرى بطريقة تليق به فنياً وتاريخياً. لذلك شعرت بأن تلك القاعة قد اُرتجلت بطريقة يُراد منها الإعلاء من شأن فنانة مشكوك في أمرها. لقد اسُتعمل بيكون بطريقة مبتذلة من أجل أن تمرر الفكرة التي تثبت كفاءة تريسي امين في أن تكون فنانة. هناك قدر عظيم من التضليل. خدعة أن تكون امين فنانة قد تمر على الكثيرين بسبب وجود عملي بيكون. سرير تريسي امين الذي يعود عرضه الأول إلى عام 1999 كان عملاً استفهامياً اعتمد على ما هو جاهز، وهو ما يبرر وجوده في تاريخ الفنون المعاصرة الذي لا يزال محل التباس. لو تركت امين وهي بريطانية من أصل قبرصي تركي من مواليد عام 1963 وحدها في قاعة لاعتبر ذلك بمثابة تصرف حكيم، غير أن إقحام بيكون هو التصرف الطائش الذي يمكن تأويله بطريقة غير بريئة. وهي الطريقة التي صارت المتاحف تمزج من خلالها الرديء بالجيد، التاريخي الأصيل بالعابر الموقت. أبهذه الطريقة صار ممولو المتاحف يفرضون نظرتهم الاستثمارية على المتاحف؟
تلك العلاقة الملفقة بين بيكون وامين إنما تقوم على شيء هو أشبه بسرير، كان بيكون قد رسمه. شيء لم يكن الرسام يقصده لذاته. أما سرير امين فقد كان الموضوع كله. حملت بيكون سريرها بعد ليلة عاصفة بحميميتها إلى قاعة العرض لتشارك به بحثاً عن الفوز بجائزة تيرنر. وهي أرقى الجوائز التشكيلية في بريطانيا. لم تنل الجائزة يومها غير أن سريرها ظل يلح على ذاكرة منسقي المعارض في المتاحف إلى أن اقتناه «تيت غاليري» بمبلغ خرافي. صار ذلك السرير لقية متحفية. المشكلة هنا ليست في السرير، بل في العلاقة بين عمل تجهيزي قرر المتحف أن يكون جزءاً من مقتنياته وبين لوحتين تنتميان إلى تاريخ الرسم في بريطانيا.
لن يكون بيكون سعيداً بوجود عمل تريسي امين قريباً من لوحتيه. شعوري بالتعاسة كان عظيماً. منظر القاعة كان مهيناً لبيكون. لقد عرضت لوحتاه كما لو أنهما وجدتا هناك لتزيين غرفة نوم تريسي امين الشخصية. المنظر يوحي بأن امين نفسها كانت قد حملت إلى المتحف غرفة نومها بكل أشيائها وبضمنها لوحتي بيكون.
بالنسبة لأجيال غُسلت أدمغتها بفتوحات الفنون المعاصرة سيكون من الصعب تلمس الطريق إلى الحقيقة. ما يقدمه المتحف هو الحقيقة. سواه لن يكون إلا وهما. وهنا بالضبط تقع الكذبة التي يُراد لها أن تكون حقيقة.
هناك جهة ما كانت قد قررت أن تضع تريسي امين على خريطة الفن، أما المتحف فهو الجهة التي وقع عليها التنفيذ. سيقال «إنها نظرية المؤامرة» ولمَ لا؟ ما يجري في كواليس المشهد الفني ومنذ عقود هو التجسيد الأمثل للمؤامرة. ما من فنان يفرض نفسه اليوم بقوة فنه. تلك فكرة تعود إلى الماضي. البحث عن رعاة وحماة صار هاجس الفنانين في زماننا. من غير منسق فني يتبناك لا يمكنك الوصول إلى القاعات أو المتاحف.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.