اضطرت وزارة الصحة مؤخرا للاعلان عن تقدمها بمشروع قانون لرفع اسعار السجائر واشتراك طلبة المدارس لتعويض العجز بميزانية التأمين الصحي وذلك بعدما وصل العجز بها الي 170 مليون جنيه هذا العام بعدما كان 168 العام الماضي فهل من الممكن سد العجز في الموازنة من خلال هذه المقترحات؟ وهل من الممكن تحسين خدمة التأمين الصحي بهذه المقترحات التي يعتزم الجبلي تقديمها لمجلس الوزراء؟ من جانبه قال د. محسن عزام نائب رئيس هيئة التأمين الصحي ان القرار الذي اتخذه د. حاتم الجبلي وزير الصحة من اجل سد العجز في ميزانية التأمين الصحي بناء علي دراسات واضاف ان مقترحات الوزير التي ينوي تقديمها لمجلس الوزراء عن طريق رفع رسوم ضرائب السجائر الي 10% ورفع اشتراك الطلاب من 4 الي 8 جنيهات سيساعد في سد العجز الموجود في ميزانية التأمين الصحي. واكد ان هذا الكلام سابق لاوانه ويمكن الحديث فيه بعدما يتقدم به الوزير لمجلس الوزراء. وقال محمد خليل عماري وكيل لجنة الصحة لمجلس الشعب ان ما يعتزم د• حاتم الجبلي تطبيقه من اجل سد عجز موازنة التأمين الصحي سيساعد في ذلك مع زيادة اي موارد اخري وكلها في مصلحة المواطن، واضاف ان هذا المقترح لابد ان يقدم لمجلس الشعب وتتم الموافقة عليه ولكن هذا القانون ليس متوقعا ان تتم مناقشته في هذه الدورة وانما سيكون في الدورة المقبلة من مجلس الشعب. واضاف اكرم الشاعر عضو لجنة الصحة بمجلس الشعب ان اضافة 10% رسوما اضافية علي السجائر في ظل ارتفاع الاسعار سيكون هناك مبلغ كبير من الممكن ان يساعد في سد عجز ميزانية التأمين الصحي التي وصلت الي 170 مليونا هذا العام بالاضافة لدعم الدولة للمخصصات ولكن هذا الامر يحتاج لتشريع من خلال مجلس الشعب، مضيفاً ان الزيادة يجب ان تتضمن ايضا الاسمنت وبعض الصناعات التي تسبب ملوثات يتم وضع ضريبة عليها ويتم تقديمها لنفقة الدولة وتوجه بعد ذلك للصحة حتي صدور قانون التأمين الصحي، مؤكداً انه من الممكن سد هذا العجز من خلال الصناديق الخاصة فهناك اكثر من تريليون و 472 مليون جنيه وهناك ملف سيتم تقديمه للحكومة لبيان صرف هذه المخصصات علي الصحة والتعليم وكافة قطاعات الدولة، مضيفاً ان هناك العديد من الجهات التي يمكن من خلالها سد عجز موازنة التأمين الصحي. اشار د. صفوت قابل عميد تجارة المنوفية ان رفع اشتراكات الطلبة في التأمين الصحي تصرف غير سليم من الحكومة خاصة ان الطلبة مجبرون علي دفع الاشتراكات، خاصة ان الحكومة تعلم جيدا ان الطالب في مراحل التعليم انفاقه منخفض علي الصحة لما يتمتع به الطالب من صحة سليمة نظرا الي عمره اضافة الي ان الخدمة الصحية المقدمة للطالب منخفضة جدا وقد لا تعتمد عليها ففي حالة اصابة الطالب باي مرض تتجه الاسرة الي علاجه في القطاع الخاص فالحكومة اختارت خدمة لرفع اشتراكها وهي تعلم جيدا انها ستحصل علي موارد دون مقابلتها بالانفاق. واضاف قابل انه بالنسبة للسجائر فدائما ما تكون الطريق الاول امام الحكومة لرفع الرسوم المحصلة عليها ويرجع ذلك الي انها لا تقابل باي اعتراض من قبل المواطنين ويتم استخدام ردود جاهزة لمواجهة اي انتقاد. واشار الي ان المشكلة الاكبر من فرض الرسوم هي الانفاق فدائما الحكومة تفرض رسوما او ترفع اسعار خدمات وسلع ومع ذلك لا يكون لديها عائد يذكر علي الموازنة العامة للدولة ودائما عجز الموازنة في تصاعد مستمر، ويرجع ذلك الي توجيه الموارد في اوجه انفاق خاطئة مثل زيادة الاجور والمرتبات للبعض من العاملين وليس كل العاملين وغيرها من اوجه الانفاق الاخري فلابد من البحث عن انفاق الحكومة للموارد التي تحصل عليها قبل البحث عن فرض رسوم واتاوات. وقال د. مختار الشريف استاذ الاقتصاد بمعهد بحوث الصحراء انه يوجد عدد من السلع التي تلجأ اليها الحكومة دائما في حالة مواجهتها مشكلة في توفير الايرادات لبند "ما" في الموازنة العامة للدولة ومنها السجائر والمحروقات والمياه والكهرباء، وهي تتصف بانها سلع "غير مرنة" بمعني انها سلع مهما بلغ سعرها سوف يجبر المواطن علي شرائها وبالتالي فهي دائما تلجأ الي هذه السلع وهو طريق مرن وسهل ويحقق اهدافا علي المدي القصير وهذا اسلوب الحكومة في التعامل مع المشكلات التي تواجهها فلا تبحث عن حلول تتصف بالاستمرارية وتحل المشكلة من جذورها. واتفق د. صلاح جودة مدير مركز الجودة للاقتصاد مع الرأي السابق واضاف انه الاهدار الذي شهده قطاع العلاج علي نفقة الدولة خلال السنوات القليلة الماضية والذي حمل الدولة باعباء قد تتعدي 3 مليارات جنيه في السنة وذلك لخدمة اعضاء مجلس الشعب "وتبييض وجوههم امام الناخبين" علي حساب المواطنين الاخرين فكان من الصعب ان يحصل مواطن عادي علي تكليف علاج علي نفقة الدولة "دون واسطة" وبالتالي فصندوق الرعاية الصحية اصيب بالتهتك واصبح من الصعب علاجه نظرا للاسلوب الفاسد في ادارته، وهذا ما جعل وزير الصحة يبحث عن موارد اخري حتي لو كانت علي حساب المواطن العادي وتوصل إلي رفع خدمة التأمين الصحي للطلبة بنسبة 100% ورفع الرسوم علي السجائر بنسبة 10% وهو يعلم جيدا انها لن تواجه باعتراض لان الاهالي مجبرون علي ادخال ابنائهم المدارس والجامعات وبالنسبة للسجائر فهي "عادة غير محببة" عند اغلبية المصريين وبالتالي فالاغلبية سوف توافق علي رفعها املا في انخفاض عدد المستخدمين. اكد ابراهيم الامبابي رئيس شركة الشرقية للدخان ان زيادة اسعار السجائر سواء بفرض رسوم علي السجائر المباعة او فرض ضرائب غير مبرر وسيضر بالسوق المحلي من خلال اقبال التجار لزيادة اسعار جميع السلع بجميع انواعها، علاوة علي ان فرض رسوم علي السجائر امر مرفوض لعدم استفادة الموازنة او التأمين الصحي من خلال هذه الزيادة ولكن ما سيحدث هو مجرد بلبلة في السوق المحلي من خلال زيادة غير مبررة. وكشف الامبابي ان هذه الزيادة ليست بهدف التأمين الصحي كما يتردد علي لسان وزير الصحة، ولكن في الواقع ان الغرض هو دفع مرتبات الاطباء، حيث تدرس الحكومة زيادة رواتب الاطباء وتلك الزيادات ستبلغ قيمتها حوالي 50 مليار جنيه، ستتكلف الحكومة من 14 مليارا الي 30 مليارا، والجزء الباقي يتحمله المواطن عن طريق فرض ضرائب علي السجائر والتبغ والصناعات الملوثة وهذا هو الهدف الاساسي بضرورة تطوير اداء القطاع العام والهيئات الاقتصادية ووضع ضوابط صارمة لمنع الفساد فيها، واخضاعها لرقابة صارمة من العاملين وجمعيتهم العمومية ومجلس ادارتهم المنتخب ونقاباتهم، وايضا من المجالس الشعبية والاجهزة الرقابية، حتي يتحسن الاداء ويكون هناك فائض محول منها الي الموازنة العامة للدولة يمكن استخدامه في تمويل نظام الاجور الجديد بناء علي تحسن قوي في الانتاج والانتاجية.