يعد معبد "القيصريون" من أواخر العمائر الهائلة لعصر البطالمة فى الإسكندرية، الزاخرة بمختلف آثار حضارة البحر المتوسط، حيث بدأت الملكة كليوباترا بتخطيطه، وإنشاء بوابته الخارجية، ثم استكمل الملك أوغسطس بناءه في العام الثاني والعشرين قبل الميلاد، وخصه لعبادة الآلهة الأباطرة ورعاية الملاحة وحماية الملاحين فى عرض البحر. كان الطراز المعماري الذي تمتع به المعبد، يعبر عن حلقة الانتقال من التراث المعمارى البطلمى إلى التراث الرومانى، إذ كان يشبه فى خطوطه الخارجية المعبد البطلمى بمنطقة "أبو صير" البحرية. كانت الساحة التي تقع أمام واجهته، تضم مسلتين أحضرتهما الملكة كيلوباترا، واللتين ظلتا قائمتين فى مكانهما طوال عصور التاريخ القديم والوسيط، وكانت تزن المسلة الغربية مائة وسبعة وثمانين طنا، أما الشرقية فزنت مائة وثلاثة وتسعين طناً، والتي أهداها حكام أسرة محمد على للولايات المتحدةالأمريكية حيث نقلت عام 1880 لتقام فى نيويورك، وقد اقتضى نقلها إجراء حفائر أثرية أسفلها، أظهرت أحد تماثيل سرطان البحر الرابعة التى كانت توجد بين المسلة والقاعدة وهو من البرونز. وقد وجد أسفل هذا التمثال نصان باللغتين الإغريقية والللاتنية، تؤرخ إقامة المسلتين بالسنة الثامنة من عهد الإمبرطور أوغسطس. وقد أقيمت كل من هاتين المسلتين طبقاً لنقشوهما الهيروغليفية فى عهد فرعون مصر العظيم تحتمس الثالث مؤسس الإمبرطورية المصرية، وقد أضاف كل من رمسيس الثانى وسيا أمون نقوشهما للمسلتين. وكان يحيط بالمعبد سور هائل، ويحوي بداخله أروقة، ومكتبات ومنازل للسكنى، وغابات مقدسة، وبوابات، وأماكن فسيحة، وقاعات مكشوفة للسماء، كما كان يزخر بحلية من النذور مكونة من اللوحات والتماثيل ونفائس من الفضة والذهب. وفى القرن الرابع الميلادى، اشتعلت نيران الثورات الدينية، وتم هدم معبد القيصريون، وأبيدت معه مكتبته، التى كان قد أهداها المسيحيون إلى صعيد السرابيون بقيادة الأسقف "ثيوفيلوس"، الذى كان قد استصدر أمراً من الإمبراطور بتدمير المعبد، بوحي فيه معقل التفكير الوثنى، فأعملوا فيه النيران وما استطاعوا من تدمير وتخريب ونهب، ثم أمر بتحويل البناء إلى كنيسة، وأرسل ما تبقى من الكتب إلى روما والقسطنطينية.