جائزة نجيب محفوظ هي جائزة أدبية أنشأها قسم النشر بالجامعة الأمريكيةبالقاهرة عام 1996م وتبلغ قيمة هذه الجائزة ألف دولار أمريكي مع ترجمة الرواية الفائزة إلى الإنجليزية ونشرها من خلال مراكز الجامعة الأمريكية للنشر في القاهرة ونيويورك ولندن. وتمنح لإحدى الروايات الحديثة في حفل يقام كل عام في 11 ديسمبر وهو اليوم الموافق ليوم مولد الكاتب نجيب محفوظ ( 1911م – 2006م ) وقد فاز بجائزة نجيب محفوظ للراوية لعام 2013 الكاتب السوري خالد خليفة عن روايته " لاسكاكين في مطبخ هذه المدينة " وقد تم اختيارها بإجماع من أعضاء لجنة التحكيم ، وقد تم تسليم الجائزة بالقاعة الشرقية بالجامعة الأمريكيةبالقاهرة في حضور عدد كبير من الكتاب والمثقفين . وقد ترأس لجنة تحكيم الجائزة هذا العالم د.تحية عبدالناصر، حفيدة الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، الأستاذ بقسم الدراسات العربية بالجامعة الأمريكيةبالقاهرة، وضمت في عضويتها د.شيرين أبو النجا، أستاذ الأدب الإنجليزي بجامعة القاهرة، والشاعر اللبناني عبده وازن، رئيس القسم الأدبي بصحيفة الحياة اللندنية، والمترجم همفري دايفيز، ود. مني طلبة، الأستاذ بجامعة عين شمس. د.حسين حمودة أستاذ النقد بجامعة القاهرة . والروائي خالد خليفة لم يتمكن من الحضورة للقاهرة لتسلم جائزته بسبب عدم استطاعته الحصول على فيزا للسفر إلى مصر، وتسلم الجائزة بدلاً الكاتب الصحفي سيد محمود، والذي ألقى كلمة خليفة بالنيابة عنه. وفي سابقة لم تحدث من قبل خلال مراسم تسليم جائزة نجيب محفوظ في الرواية، لم يحضر أي من أفراد أسرة نجيب محفوظ مراسم حفل الجائزة، وقد أوضحت السيدة عطية الله زوجة محفوظ أنها "لم تتلق دعوة للحضور كما هو معتاد كل عام"! ومن ضمن فعاليات الجائزة هذا العام احتفلت دار نشر الجامعة الأمريكية بصدور الترجمة الإنجليزية للرواية الفائزة بجائزة نجيب محفوظ لعام 2012 " بيت الديب" لعزت القمحاوي . د.تحية عبد الناصر رئيس لجنة التحكيم قالت عن رواية" لاسكاكين في مطابخ هذه المدينة ": إنها رواية السرد المتنوع جداً ، حيث هناك راو مشارك يتكلم عن العائلة ، لكن الكاتب يتجاوز فكرة الراوي المشارك ، لكي يتحرك في مساحات أوسع وفي أماكن خارج حلب المدينة التي ركز عليها الكاتب ، الصيغة الخاصة بالراوي هي صيغة مراوغة لكن هي مراوغه فنيه لطيفة . والمكان عنصر مهم جدا في الرواية ، هي تتحرك في مساحة كبيرة جدا مكانياً ، المركز الأساسي فيها مدينة حلب التي يحدث لها تغير من فترة لفترة ، حوافها ، هوامشها، تتراجع عنها حدود القص ، والمكان كله يدخل فيه حالة من التجهم والكآبة شيئاً فشيئاً مع نمو الأحداث العنيفة .. يستخدم ضمير المتكلم لكن في مساحات أخرى من الرواية ، يتحول إلى راو غائب يرى المنظر بأكمله ، لايقف عند حدود الأشجار ، ولكن يرى الغابة بأكملها . أما د.منى طلبة أحد أعضاء لجنة التحكيم قالت عن الرواية الفائزة : إنها رواية سوريا المعاصرة ، التي تسرد الخوف والتطرف والاستبداد بوجوههم المألوفة ، وتابعوا القول : هكذا يقدم لنا خالد خليفة الفنان المثال منحوتات روائية بديعة لأشلاء أسرة عربيه أدماها العنف السياسي وفتت كرامتها إربا ... وتبدو مدينة حلب في قلب النص وهي تقاوم العسكرة بشتى الوسائل الممكنة ، مما دفع كل شخص في الأسرة إلى محاولة إيجاد منفذ للحياه ... الإدانات متعددة الأشكال لهيمنة حزب واحد ، في فترة تاريخية محددة ، وما يهدد هذه الهيمنه في فترة أخرى ...ومقابل العار الشخصي يبرز العار السياسي والعام ، المتمثل في النظام المتعسكر والاستخباراتي الفاسد الذي يلعب بالأشخاص والمصائر وفق مصالحه اللاإنسانية غالبا. قصة مدينة وقال عضو لجنة التحكيم د.حسين حمودة عن نظرته للرواية :إن الكاتب يسرد قصة مدينة حلب والشعب السوري في نصف قرن ، وتجسد الرواية سيرة عائلة في مواجهة الاستبداد ، وقصة مدينة على حافة التدهور والانهيار ، تسرد الرواية مصائر أفراد العائلة ، خاصة العزلة والعجز، ومعاناة أهل المدينة تحت وطأة الخوف والعنف والدمار ، وعلى الرغم من أن الرواية تركز على سيرة عائلة سورية ، فهي تجسد القصة الممتدة من 1970 التي تتجلى في سرد غير تقليدي لحياة أهل المدينة ونظام الحكم في التاريح السوري الحديث . ويتناول "خليفة" في روايته تجارب الخوف والموت ، وبذلك يتناول المسكوت عنه في الأدب العربي ، تكشف تجارب الشخصيات ، من الاعتقال والعار ، عن الاستبداد بكافة أنواعه وأساليبه في سوريا بعد الاستقلال . وتتميز الرواية بشخصيات عميقه ومستويات عديدة ، يعبّر فيها خالد خليفة عن التحولات في مدينة حلب ، التطرف والطائفية والخراب ، ويكشف عن الاستبداد السياسي والديني والمسكوت عنه والأحلام المبتورة . أما د. شيرين أبو النجا فقالت: علي الرغم من أن الرواية تدور في مدينة حلب إلا أنها رواية تعبر عن مأساة كل المدن العربية ، تتسائل عن معنى الكرامة الإنسانية ، ، وتطرح سؤالاً عن العلاقة بين المواطن والسلطة الغاشمة ، هذه السلطة الجاثمة علي الصدور لاتتحرك ، فالكاتب خالد خليفة استعاد لحظة من الماضي، من التاريخ ، وبنى حولها عالماً كاملاً متكاملاً بشخصياته بوجعه بألمه وقدم فيه تشريحاً كاملاً للمجتمع . تجربة القهر وقال الناقد عبده وازن عضو لجنة التحكيم عن الرواية أنها تتناول تجربة القهر المتعدد والمستويات في مدينة سورية ، وتتركز علي عائلة سورية ، فيها مغامرة مهمة في الكتابة ، وقد لاحظنا الكلمة التي قالها خالد خليفة فيها نوع الامتنان لجائزة تحمل اسم نجيب محفوظ تُسلمها الجامعه الأمريكية التي تتولى نشر أعمال نجيب محفوظ بلغات مختلفة ، القيمة الأساسية في الرواية الفائزة ، أنها تمثل إضافة لتجربة الرواية العربية على أي مستوى من المستويات ، تقدم للقارئ الذي يقرأها باللغة الإنجليزية ، أحد الجوانب المهمة ، وتقدم للقارئ الغربي فكرة ما عن مستوى الرواية العربية خصوصاً في الوقت الراهن ، وتقدم للقارئ الغربي أيضا فكرة عن الهموم التي تشغل المواطنين في سوريا ، ليس في سوريا ولكن في الوطن العربي كله . بشاعة الموقف وفي كلمته عن الرواية قال الروائي خالد خليفة : لأول مرة تخرج الكتابة وجهاً لوجه مع ذاتها لتجيب عن سؤال خطير ، ماذا تفعل حين يصبح الموت فاحشاً إلى هذه الدرجة ، لأول مرة أتساءل مصدوماً عن جدوى الكتابة ، أعترف بأن أوهامي قد انتهت حين اكتشفت أننا أشخاص وعقائد إلى درجة كبيرة ، غير قادرين على مساعدة طفل نازح في المخيمات ، وإعاده إلى دفء منزله ، أو جثة رجل قتله قناص بمروره الخاطئ من المكان الخاطئ في الوقت الخاطئ ، لكنها في الوقت نفسه أزالت عن عيني غشاوة كنت لاأجروء على الاعتراف بها . ويتابع الكاتب حديثه عن روايته فيقول :نحن نعمل بهشاشة كأننا نصنع الجمال ، نساهم بجعل حياة البشر أقل وحدة وقسوة ، لاننصر مظلوماً ، ولكننا نساعده على أن يستجمع قواه ويحارب، يحارب من أجل قضيته ، لانستطيع إقناع امرأة مهجورة بأن العزلة ليست سيئة إلى هذه الدرجة ، لكننا نستطيع أن نجعل عزلتها أقل وحشة ، نفضح طغاة وانتهازيين وقتلة ، لكننا لسنا محكمة تصدر أحكاماً، هكذا أرى الرواية ، الرواية التي غيرت حياتي ، جعلتني أقل قسوة ، وأكثر دقة في إصدار أحكام قيّمة قاطعة لاتقبل النقاش ، لأن في الرواية كل شيء قابل للنقاش والتحول والذهاب في احتمالات غريبة ، لأنها ببساطة تُجل الإنسان الذي مازال يكرر أسئلته عن السعادة عن الحب والكراهية ، ومازال يلهث وراء سؤاله الأساسي ، وأقصد هنا سؤال الموت . لقد بدأت الروايات العربية تحفر في الذات والمجتمع متخلية عن الإنشاء لصالح السرد ، والنثر الحقيقي مع معلمنا الكبير نجيب محفوظ ، نجيب محفوظ الذي علمني معنى المثابرة ، معنى قوة الكتابة وآلامها ، كما علّم أجيال من قبلي ، وسوف يكتشف من سيأتي من بعد جيلنا الكثير من أسرار يتعلمونها من نصوصه ، اليوم تقف الرواية العربية على تلك الأرضية التي ستنطلق منها لتكون شريكة في الفضاء الإنساني ، خاصة وأنه في العقد الأخير بدأت مرحلة جديدة في حفريات الفرد والبوح بالمسكوت عنه ، كما ستساهم الثورات التي مازالت في أول الطريق في جعل اليقين قابلا للشك ، وبالتالي فإن المجتمع الذي عاش كل هذه القرون في بحثه عن هُويته ، سيصل بالتأكيد إلى نتائج مغايرة تنفض الغُبار عن ثقافة عظيمة ، كانت يوما شريكا في ثقافة الإنسانية المتمكنة ، وليست مجرد صدى مستهلكة للنداء الإنساني . وختاماً .. لم أكن أتخيل أنني سأكون هنا تُطوق عُنقي ميدالية المعلم الكبير نجيب محفوظ ، كما توقت عُنق كل الروائيين العرب ، توق هو كل الروائيين العرب بإرثة الذي تركه لنا . سيرة حياة ولد خالد خليفة في مدينة حلب في سوريا عام 1964 ، تخرج في كلية الحقوق جامعة حلب عام 1988 ، كتب العديد من السيناريوهات للمسلسلات والأفلام التليفزيونية ، له أربع روايات منها حارس الخديعة 1993 و دفاتر القرباط 2000 ومديح الكراهية 2006 وهذه الرواية كانت على قائمة الروايات المرشحة للجائزة الدولية للرواية العربية.. وقد نشرت باللغة الإنجليزية عام 2012، كما تم ترجمتها إلى اللغة الأسبانية والفرنسية والإيطالية وغيرها ، وقد صدرت روايته الرابعة " لاسكاكين في مطابخ هذه المدينة " عام 2013 عن دار العين بالقاهرة، ودار الآداب ببيروت .