حتي وصل الأمر إلي إغلاق وحل بعضها مما أدي إلي نوع من فقدان الثقة المتبادل بين الجهات الحكومية والجمعيات حيث تري الأخيرة أن الحكومة تهدف إلي تكبيلها والحد من أنشطتها ونشر الوعي الحقوقي بين المواطنيين بما يثير حولها كل حين الاتهامات بالخيانة والعمالة بحجة أن بعضها يتلقي تمويلا من جهات أجنبية لها أجندة خاصة داخل مصر. وقد تقدمت الحكومة بمشروع قانون جديد للجمعيات الأهلية يري فيه الناشطون والحقوقيون ردة للخلف ومشنقة للعمل الأهلي حيث يفرض المزيد من القيود حول عمل الجمعيات. جاء ذلك في ندوة المعهد الديمقراطي المصري التي حملت عنوان "مشروع قانون الجمعيات الاهلية الجديد بين مطالب المجتمع المدني وضوابط الوزارة". في البداية اكد رامي حافظ المدير التنفيذي للمعهد الديمقراطي المصري أن القانون المطبق الآن في حاجة الي تعديل ولكن ليس بهذه الصورة وهناك بالفعل مشروعات بديلة مقدمة من قبل منظمات عديدة للقانون الحالي ولكنها تقريباً متشابهة والفروق بينها تكاد تكون معدومة ومتفقة مع التزامات مصر المتعلقة بالاتفاقيات الدولية. وقال حافظ أن القيود المفروضة علي حرية تأسيس الجمعيات وممارسة الانشطة التي تنفذها الجمعيات بالاضافة الي آلية فض المنازعات المنصوص عليها في المشروع مجحفة وقواعدها غير واضحة أو محددة بالاضافة إلي أن اسبابها ترجع الي تعنت الجهة الادارية مع الجمعيات. وانتقد حافظ مشروع القانون في مسألة المنح حيث رأي ان ثقافة التبرع غير موجودة ولها ابعاد أخري لو كان التبرع من رجال الأعمال. واضاف لو ان الحكومة لديها اعتراض علي جهة مانحة ما عليها أن تمنعها من العمل داخل مصر لا ان تتهم الجمعيات والمنظمات بالخيانة والعمالة لمجرد التعامل من هذه الجهات المصرح لها بالنشاط داخل مصر وحجة تنفيذ اجندات خارجية اصبحت مبررا مكشوفاً. ووجه حافظ حديثه الي د. عبد العزيز حجازي رئيس الاتحاد العام للجمعيات ورئيس الوزراء الأسبق قائلاً الذي يمارس العمل العام لابد ان يكون جلده سميكا وان يتقبل النقد حتي لو كان جارحا، فالمشروع المقدم من قبل الوزارة ادعي ان الاتحاد شارك فيه ومادام وافق الاتحاد علي هذه الصياغة السيئة فليتحمل تبعات قراره. وإذا اراد ان نكف عن مهاجمته فعليه ان يعلن تبرؤ الاتحاد العام من هذا المشروع ورفضه له ويفتح نقاشا جديا مع الجمعيات لتقديم مقترح حقيقي يعبر عن المجتمع المدني. علي الجانب الاخر هاجم رجب أبو زيد عضو مجلس الشعب مشروع القانون بشدة معتبراً ان مثل هذه المشروعات هي السبب في عدم التزام الناس بها وأرجع ذلك لانها لا تعبر عن إرادة المواطنين بل تعبر عن إرادة السلطة مضيفاً أن ثقافة العمل العام قائمة علي مبدأ التطوع ولخدمة المجتمع وهذه الثقافة لابد من تشجيعها وتنميتها لا أن يتعرض من يمارسها للوقوف امام محاكم الجنايات كما هو منصوص عليه في المشروع. وقال ابو زيد ان اي مشروع لابد ان يكون نقلة نوعية للامام في اي نشاط ينظمه لا أن يكون عودة للخلف وهو ما يتمثل في المشروع محل المناقشة فلابد من رفع القيود الادارية عن عمل الجمعيات حتي تقوم بدورها في خدمة المجتمع لا أن يحبس أعضاؤها. وطالب بان تكون عملية تأسيس الجمعيات بالاخطار لا بموافقة الجهة الإدارية وممارسة الانشطة التي تتدخل فيها الإدارة بدءاً من التفيكر فيها وحتي الانتهاء منها. وانتقد ابو زيد بشدة فكرة حل الجمعيات طارحاً بديلا وهو إذا ارادت الجهة الإدارية حل الجمعية عليها أن تتوجه الي المحكمة المختصة وان يصدر حكم قضائي وهو ضمانه لاستقرار العمل بالجمعيات. خاصة ان معظم اسباب حل الجميعات غير موضوعية وتصل إلي خلافات شخصية بين موظف الجهة الإدارية و أعضاء الجمعية. وهاجم بشراسة مبدأ موافقة الجهة الإدارية علي مرشحي اعضاء مجلس إدارة الجمعية كذلك عملية التدخل في اجراء الانتخابات، وكذلك النص الذي سيسمح لغير المصريين ان يكونوا اعضاء داخل الجمعيات معلناً تخوفه من هذا النص وطالب بحذفه من المشروع. كما طالب ابو زيد بخفض الاعفاءات التي تمنح للجمعيات حيث ان انشطتها لا تحقق ربحا وبالتالي لابد من دعمها وتخصيص ميزانية من قبل الوزارء لتمويل الجمعيات الأهلية بالاضافة الي وضع ضوابط لعلمية التمويل المباشر للجمعيات يسهل معرفة المعلومات دون اعاقته، وهاجم بشدة فكرة عزل مجلس الإدارة وطالب أن ينص صراحة ما لم يكن هناك مانع قانوني لا الاعتراض لمجرد الاعتراض فلابد ان يكون هناك قرار واضح يمكن الطعن عليه وتنفيذ الحكم بعد الحصول عليه الذي غالباً ما يكون في صف الجمعيات. وهاجمت بهيجة حمام المستشار القانوني للاتحاد الاقليمي للجمعيات الاهلية بالمنوفية وعضو مجلس إدارته القانون القديم وقالت انه عائق امام الجمعيات في ممارسة الدور المفترض ان تلعبه في خدمة المجتمع، وان الاتحاد اخذ فترة طويلة ليقنع موظفي الوزارة باهمية دوره وحقه المنصوص عليه في القانون حتي استجابوا ولكن بعد جهد كبير، فهناك عوائق تتعلق بخلافات شخصية لا علاقة لها بالقانون، فالاتحاد الاقليمي هو الاب الروحي للجمعيات ويعد القانون القديم هو الاعاقة الاساسية امامه ولابد من تعديله لكن إذا كانت هذه هي الصياغة فلا داعي لتعديله مادام لا يحقق مطالبنا العديدة التي لابد ان تدرج في المشروع الجديد، والميزة التي نص عليها بخصوص خفض مدة انشاء الجمعية من 60 يوميا الي 30 يوما ليست بالميزة الجوهرية، وطالبت الوزارة بأن تقدم العون للجمعيات فهي التي تكافح الفقر. وتقدم المبادرات التي ترفع من شأن المجتمع المحلي وعلي الوزارة تشجيعها لا ان تقدم مثل هذا المشروع. واوصي المشاركون في نهاية الندوة بضرورة الغاء فكرة الحبس لاعضاء الجمعيات ويطرح بدلا منها الغرامة والاعفاء النهائي من جميع الضرائب والالتزامات الحكومية وان يكون تأسيس الجمعيات بالاخطار لا بموافقة جهة الإدارة وأن يكون الحل بحكم محكمة لا بقرار من الجهة الإدارية وأي مخالفات تراها جهة الإدارة تتقدم للنيابة لتحقق فيها لا أن تصدر قرارات. ومن أهم التوصيات التي أكدها الحضور عدم اشتراط موافقة الجهة الإدارية علي الأنشطة التي تقوم بها الجمعيات وكذلك عدم أحقيتها في الاعتراض علي أسماء مرشحي مجالس إدارتها.