يبدو أن الرئيس المصري "محمد مرسي" ما زال في غفوته السياسية ولم يهتم بمطالب المصريين، فلم يكد يمر شهران على بدء المواطنين عمل توكيلات للفريق أول "عبد الفتاح السيسي" وزير الدفاع لإدارة شئون البلاد، حتى قررت حركة "كفاية" البدء في حملة "تمرد" وجمع 15 مليون توقيع لسحب الثقة من الرئيس، والعمل على سرعة إجراء انتخابات رئاسية مبكرة بعد أن وصلت البلاد إلى ذروتها في سوء الأحوال الاقتصادية وتدهور الحالة السياسية، وستنتهي الحملة بمليونية يليها اعتصام أمام قصر الاتحادية في 30 يونيو القادم، وأوضح خبراء سياسيون أن المصريين يستنجدون بالقوات المسلحة لإنقاذهم من النظام الإخواني الحاكم، خاصة بعد انحراف الرئيس وجماعة الإخوان المسلمين عن مبادئ وأهداف ثورة 25 يناير، ولم يراعوا تفعيل الحرية والعدالة الاجتماعية، واتجهوا نحو مشروع التمكين من الدولة. باسل عادل، عضو الهيئة العليا لحزب الدستور قال: إن الرئيس "مرسي" سقطت شرعيته مع سقوط أول "شهيد" في حكمه، ورغم ذلك استمر في موقعه كرئيس للبلاد من أجل إتاحة الفرصة كاملة لإصلاح البلاد والخروج من عباءته الإخوانية، وللأسف بعد تسعة أشهر من حكم الرئيس الإخواني للبلاد لم تظهر بادرة توافق سياسي بين الأطراف السياسية المتباينة مع مؤسسة الرئاسة، واعتمد الإخوان على إلصاق فشلهم على المعارضة وتجاهل مطالبهم، وهو ما كان يستدعي وجود حملة كبيرة لجمع خمسة عشر مليون توقيع لإزاحة الرئيس من منصبه وتفويض القوات المسلحة لإدارة شئون البلاد. أما تامر القاضي، المتحدث باسم اتحاد شباب الثورة، فأكد أن مؤسسة الرئاسة يعيب عليها البطء وعدم الشفافية في اتخاذ القرارات، حتى تأتي أوامر وتعليمات مكتب الإرشاد للرئيس "مرسي" لينفذها دون نقاش أو جدال، ومن العيب أن يتخفى الرئيس وراء مؤيديه وجماعته، لافتًا إلى أن توثيق المطلب الشعبي بسحب الثقة أو بعمل توكيلات للرئيس ترجع إلى رغبة المصريين نزع الشرعية التي يتشدق بها الإخوان دومًا عن الرئيس؛ لأنه رئيس حنث باليمين ولم يحترم الدستور والقانون وأهدر مبدأ استقلال القضاء، رغم أنه من المفترض أن يكون حَكمًا بين السلطات، لكنه يراعي دائمًا تحقيق مطالب جماعته للسير على طريق "التمكين" وسط تجاهل تام للقوى السياسية والثورية. وعود هوائية ووصف طارق الخولي، وكيل مؤسسي حزب 6 إبريل، الرئيس "مرسي" بأنه غير قادر على قيادة البلاد، وانخدع المصريون جميعًا في الإخوان؛ لأنهم أوهموا الشعب بقدرتهم على تحقيق تطلعات الشعب وإعادة بناء الجمهورية الثانية بمزيد من الحرية والديمقراطية، ولكنها كانت وعودًا هوائية تلاشت فور اعتلائهم كرسي الرئاسة، حيث قرروا تصفية خصومهم من رفقاء الميدان وبعض رموز القوى السياسية، وانشغلوا فقط في كيفية "أخونة" الدولة وتصعيد مؤيديهم أو من ينتمي إلى أيديولوجيتهم الفكرية والمنهجية، موضحًا أن حملة سحب الثقة سوف تتواجد في جميع محافظات الجمهورية لجمع ملايين التوقيعات للتبكير بإجراء انتخابات رئاسية، أو إعادة القوات المسلحة إلى إدارة البلاد لحين تشكيل مجلس رئاسي مدني، بعد أن تزايدت رغبة الإخوان في هدم مؤسسات الدولة وعلى رأسها القضاء. وبدوره أكد محمد أبو حامد، رئيس حزب حياة المصريين (تحت التأسيس) أن توكيلات المواطنين للقوات المسلحة بإدارة شئون البلاد كانت دافعًا قويًا لخوض حملة ضخمة تستهدف جمع ملايين التوقيعات والذهاب للمواطنين في البيوت بهدف سحب الثقة من الرئيس "محمد مرسي"، لافتًا إلى أن هذه الأمور تعد بمثابة مغزى ورسالة مهمة لجماعة الإخوان المسلمين تقول: أن الشعب يئس من حكم الإخوان ومن حالة الانقسام التي أصابت المجتمع.. مؤكدًا أن عزل الرئيس بات مطلبًا شعبيًا ولو عاد الجيش للشارع مرة أخرى سيأتي حاميًا ومنقذًا للشعب من التدهور والانفلات الأمني الذي قد يقود إلى حرب أهلية تقضي على ما تبقى من البلاد، وفور عودة القوات المسلحة سيتم تشكيل مجلس رئاسي مدني لحين الدعوة لانتخابات رئاسية مبكرة وإنهاء حقبة حكم الإخوان. واتفق معه أبو العز الحريري، وكيل مؤسسي حزب التحالف الشعبي الاشتراكي، أن مصر تعيش فوضى أمنية وسياسية واقتصادية؛ بسبب جماعة الإخوان التي تجاهلت إصلاح أحوال الشعب المتردية، ورضخوا لشروط صندوق النقد الدولي في زيادة الأسعار والضرائب على كاهل المصريين، وللأسف ساروا على نهج وممارسات الحزب الوطني المنحل ولكن بغباء سياسي، وبالتالي قرر الشعب عزل الرئيس ولو من الناحية الشكلية من خلال التوقيعات أو التوكيلات في محاولة لاستعادة ما سلبه الإخوان من مكاسب سياسية، موضحًا أنه رغم تعهد القوات المسلحة عدم الدخول مجددًا في الساحة السياسية بعد صعود أول رئيس مدني، إلا أن الوضع الحالي المعقد سياسيًا يفرض على القوات المسلحة الاستعداد للعودة إلى إدارة البلاد في حال تعقدت الأمور ووصلت إلى مستوى الإضراب الشامل أو الانزلاق في حرب أهلية، بالإضافة إلى أن الجيش سيظل الكتلة الصلبة المتماسكة التي يرتكز عليه المصريون ضد سياسات الإخوان الفاشلة في إدارة البلاد. ويرى أمين إسكندر، عضو جبهة الإنقاذ، أن المعارضة والقوى الثورية يحق لها استخدام كافة أشكال الاعتراض على بقاء النظام الحالي؛ نظرًا لأن البلاد تمر بمرحلة صراع سياسي وجمع التوقيعات أحد أشكال النضال السلمي الذي تسلكه المعارضة في مواجهة حكم الرئيس "مرسي" بعيدًا عن العنف أو الفوضى، متوقعًا إقبال المصريين على هذه الحملة؛ لأن غالبيتهم سئموا من حكم الإخوان وأصبحوا على استعداد لبذل الدماء من أجل إسقاط حكم الإخوان وإجراء انتخابات رئاسية مبكرة. بدون قيمة أو تأثير في المقابل اعتبر أحمد مولانا، المتحدث باسم حزب الشعب السلفي، أن حملة سحب الثقة من الرئيس نوع من العبث السياسي للحركات الثورية والمعارضين للحكم الإسلامي، موضحًا أن الدول لا تدار بهذه العقليات السياسية المعارضة، ولكن بالتواجد في الشارع واتخاذ خطوات أكثر عملية لتوعية وحثهم على المشاركة سياسيًا، كما أنه لا توجد سوابق عالمية في سحب الثقة من الرؤساء، فضلًا عن ذلك تعتبر التوقيعات أو التوكيلات غير معبرة عن آراء المواطنين؛ لعدم إمكانية التأكد من صحة التوقيعات المجمعة. واتفق معه د. جمال حشمت، عضو الهيئة العليا لحزب الحرية والعدالة المنبثق عن جماعة الإخوان المسلمين، أن هذه التوكيلات أو حملة سحب الثقة من الرئيس دعوة للانقلاب على الشرعية بطريق غير دستوري، وستبقى مجرد حملات بدون قيمة شعبية أو تأثير على الوضع الراهن، لافتًا إلى أن دعوات عودة العسكر إلى المشهد السياسي مرة أخرى مرفوضة بعد صعود أول رئيس مدني، ويجب عدم الحديث حول انتظار عودة الجيش للمشهد السياسي مجددًا؛ نظرًا لأن القوات المسلحة تركت السياسة نهائيًا وتحمي الشرعية الانتخابية، وستظل في مهمتها المقدسة للحفاظ على الوطن ضد المتربصين والقوى الخارجية، كما أن هذه الحملات البائسة أو التوكيلات من بعض القوى السياسية ضعاف النفوس لا يمكن قبولها من الناحية القانونية؛ لأن التوكيلات الحقيقية تتم عبر صناديق الانتخابات والقاعدة الشعبية. فيما أكد المستشار محمد حامد الجمل، رئيس مجلس الدولة الأسبق، أن عمل توكيلات أو إطلاق حملة شعبية لسحب الثقة من الرئيس من إجراء شعبي سيكون له تأثير سياسي على مؤسسة الرئاسة لتغيير رؤيتها تجاه بعض القضايا الراهنة، كما أنها تظهر غضب المصريين من طريقة إدارة البلاد، لكن هذه الاستمارات أو التوكيلات ليس له تأثير دستوري أو قانوني؛ لأن "محمد مرسي" رئيس منتخب، وخلو منصب رئيس الجمهورية يكون بتقديم استقالته، أو قيام القوات المسلحة بعمل انقلاب عسكري، أو من خلال إجراء انتخابات رئاسية مبكرة، أما عدا ذلك فلن يكون له أي تأثير على شرعية بقاء الرئيس .. موضحًا أن هذه الحملة سواء بالتوقيعات أو التوكيلات إجراء غير قانوني ولا يتفق مع الدستور؛ نظرًا لوجود فرق بين الشرعية الثورية التي انتهت بمجرد انتخاب رئيس للجمهورية، والشرعية الدستورية التي تعني احترام الدولة والمواطنين للقانون والدستور الذي أقره الشعب ووافق عليه بغض النظر عن طريقة كتابته أو نسب التصويت عليه، لافتًا إلى أن الأزمة السياسية التي تسبب فيها النظام الحالي تستدعي رضوخ مؤسسة الرئاسة لمتطلبات المصريين لإنقاذ ما يمكن إنقاذه والنهوض بالبلاد من عثرتها السياسية والاقتصادية والأمنية.