بمنع الطالبات المنتقبات من دخول قاعة الامتحانات، الأمر الذي جعل الطالبات يهددن بمقاضاة وزير التعليم، وكانت جامعة القاهرة قد اتخذت إجراءات مشددة ضد المنتقبات منذ أكتوبر الماضي، وذلك بمنعهن من السكن في المبيت الجامعي. مازالت تداعيات قرار وزير التعليم العالي بمنع ارتداء النقاب داخل الجامعات مستمرة، فعلي الرغم من صدور حكم من محكمة القضاء الإداري بمجلس الدولة بأحقية الطالبات في ارتداء النقاب داخل المدن الجامعية، فإن المواجهة بين الجامعات والطالبات بسبب النقاب لم تنته، حيث صدر حكم آخر بعدم أحقية الطالبات في ارتداء النقاب داخل لجان الامتحانات. الغريب أنه عقب صدور هذا الحكم أكدت محكمة القضاء الإداري بالمنصورة في حكم لها أحقية الطالبات المنتقبات في دخول لجان الامتحانات بالنقاب، الأمر الذي جدد الجدل مرة أخري بشأن قانونية ارتداء النقاب داخل الجامعات التي بلغ عدد الدعاوي المقامة ضدها بحسب بيان إحصائي صادر عن محكمة القضاء الإداري بالقاهرة ما يزيد علي 70 دعوي قضائية لأكثر من مائتي طالبة. وحسب البيان فإن جامعة القاهرة احتلت المرتبة الأولي بشأن الدعاوي المقامة ضدها، حيث يوجد ما يقرب من 30 دعوي قضائية لطالبات منتقبات تنظرها دائرة التعليم بمحكمة القضاء الإداري. جاءت جامعة عين شمس في المرتبة الثانية بعدد يزيد علي 25 دعوي، ثم جامعتا حلوان والأزهر. دعاوي المنتقبات ليست مقتصرة علي الطالبات فحسب، بل شملت أيضاً عضوات بهيئة التدريس بجامعة القاهرة تم منعهن من ممارسة أعمالهن لارتدائهن النقاب، ورغم تباين موضوعات تلك الدعاوي، فإنها اتفقت علي تأكيد حرية النقاب داخل الجامعات.. إحدي الطالبات المتضررات من قرار وزير التعليم العالي قالت: إذا كان تخوف ا لمسئولين بالجامعات من أن النقاب سيسهل عمليات الغش داخل لجان الامتحان أو الخوف من التدليس بدخول طالبة مكان أخري فنحن الطالبات نوافق علي خلع النقاب داخل لجان الامتحان وتفتيشنا إن استدعي الأمر ذلك بشرط عدم وجود رجال داخل هذه اللجان. وأضافت الطالبة -التي فضلت عدم ذكر اسمها خوفاً من تعنت المسئولين معها- أنه في حالة صدور حكم لصالحها -الجامعة- فإنها لا تمانع من خلع نقابها داخل المدينة الجامعية إذا كان الإشراف بالكامل داخل المدينة للسيدات وليس للرجال، للتأكد من شخصية الطالبات اللاتي يدخلن ويخرجن بدون حدوث أي مشكلة مع الطالبات والجامعات. وعلي الرغم من المبررات التي ساقتها الجامعة لمنع الطالبات من ارتداء النقاب داخل المدينة الجامعية أو لجان الامتحانات، فإن هذه المبررات تعاملت بها الجامعة في منع إحدي عضوات هيئة التدريس من ارتداء النقاب، دون النظر إلي حصانتها الجامعية، مما دفع عضوة هيئة التدريس إلي إقامة دعوي مماثلة لدعاوي الطالبات لتأكيد حقها في ارتداء النقاب. المواجهة بين الجامعات والطالبات المنتقبات لا تقف عند حد إقامة الدعاوي ضد قرارات -تصفها الطالبات بالتعسفية- وإنما المواجهة استمرت أيضاً بعد صدور هذه الأحكام، حيث تري الجامعات أنها ليست أحكاماً نهائية وبالتالي تمتنع عن التنفيذ، بينما تري الطالبات أن تعنت الجامعات وامتناعها عن تنفيذ الأحكام سيضر بمستقبلهن خاصة أنهن مقبلات علي امتحانات نهاية العام الدراسي. د. علي عبد الرحمن رئيس جامعة القاهرة السابق أكد أحقية الجامعات في اتخاذ القرارات التي من شأنها تسيير أمور الجامعة بشكل لا تخالف فيه القانون. ويقول: هناك أماكن يجب التأكد فيها من شخصية الطالبات المنتقبات، ومن بين هذه الأماكن الجامعة، خاصة داخل المدن الجامعية ولجان الامتحانات، فيجب التحقق أيضاً من شخصية الطالبة عند دخولها لتأدية الامتحان. وأشار إلي أن المدن الجامعية بها مشروعات للتأكد من شخصية الطالبة.. لافتاً إلي أن الجامعة مكان له احترامه، وليست كالشارع تخاف الطالبات فيه من التحرش بهن ومن المضايقات التي تحدث لهن، لأن هناك قواعد وقوانين تحكم الجامعة. وأضاف عبدالرحمن أن هناك احتراماً متبادلاً داخل الجامعة بين الشباب والفتيات، لأنه مكان علم ومعرفة، واصفاً ما تقوله الطالبات بأن ارتداء النقاب لإخفاء عورتها ب "التزيد غير المبرر" لأن علماء الدين قالوا رأيهم في هذا الموضوع من قبل بأن خلع النقاب لايخالف الدين. وفيما يتعلق بتعرض إحدي عضوات هيئة التدريس بجامعة القاهرة بالمنع من ممارسة عملها قال: هي تأتي لتدرس لأبنائها وبناتها في الجامعة فهي مثل والدتهم، فلماذا تخفي وجهها عنهم؟ فذلك ليس إلا محاولة من جانبها لإثبات موقف ليس أكثر.. ورداً علي رفض الجامعات تنفيذ الأحكام الصادرة لصالح الطالبات قال: إن التعامل مع الأحكام القضائية يجب أن يخضع للقانون فالجامعة تطبق القانون، وامتناعها عن التنفيذ يكون لعدم نهائية الحكم، وليس معني ذلك أنها لا تحترم القانون أو تمتنع عن تنفيذ الأحكام. بينما اعتبر المستشار معتز كامل مرسي الأمين العام لمجلس الدولة أن الدعاوي كلها لا تنم عن شيء وأن موضوع ارتداء النقاب من عدمه قد أفتي فيه علماء الدين وأولي الأمر من قبل ولابد من طاعتهم والأخذ بقولهم بدليل قوله تعالي: {وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر}. والقانون مستمد من الشريعة الإسلامية باعتبارها المصدر الرئيسي للتشريع.. وأضاف معتز: من الخطأ إصدار حكم عام علي جميع الدعاوي المقامة، فكل حكم يصدر في كل قضية علي حدة، وليس مرتبطاً بباقي القضايا.. مشيراً إلي عدم وجود أي تناقض في الأحكام لأن كل قضية لها ظروفها الخاصة بها.. وشدد علي ضرورة تنفيذ أحكام القضاء لأنها عنوان للحقيقة، سواء كان الحكم لصالح الطالبات أو الجامعة. ووصف المستشار حمدي الوكيل الجدل الدائر بشأن النقاب بين الطالبات والجامعات بأنه "عبث كبير"، وقال الوكيل: إن الهدف من النقاب هو في الحقيقة إغراق في إظهار التدين.. وشدد الوكيل علي وجوب تنفيذ أحكام القضاء، لأن قوة الدولة تستمد من احترام القانون وتنفيذ أحكام القضاء وليست من شيء آخر.