تعيش مصر مسرحية هزلية بكل المقاييس الإنسانية والأخلاقية. فحكومتنا الرشيدة والحزب الحاكم وجماعة الإخوان المسلمين وتابعوهم يسعون بكل قوة لشيطنة المعارضة المصرية وأنهما التي تتسبب في كل المشاكل والخلافات وتحرم المواطن المصري من النهضة التي يقودها الرئيس وأنها تسعى بكل قوة لإسقاط مرسي. وذهب خيالهم المريض إلى حد إتهام المعارضة بمحاولات تخريب البلاد وإحراقها وتكوين ميليشيات عسكرية لقتل المصريين وهي تهم لم يجرؤ نظام مبارك بكل قوته وجبروته وظلمه أن يبادر بإلقائها على المعارضة. ووصل الحد ببعض قيادات الحزب الحاكم باتهام المعارضة بتلقي التمويلات الأجنبية وبالسكر والإدمان. وهذه سلوكيات مرفوضة وتساهم في المزيد من شق الصف الوطني وإتساع نقاط الإختلاف بين النظام ومعارضيه وإختفاء حالة الثقة المطلوبة وإنهيار الحوار الوطني بين النظام والمعارضة من أجل العبور بمصر من كل الأزمات التي تمر بها. ولكن من الواضح أن الحزب الحاكم من خلال السلطة الحديثة عليه جعلته في برج عالٍ لا يرى الواقع ولا يشعر بوجود أحد غيره. فهم يرون أنفسهم القوة الوحيدة في الشارع وكل من يعارضهم هو مخرب وبلطجي وخائن وعميل. وهذا دليل كبير على أن الحزب الحاكم لا يقدر قيمة المسئولية التي تقع على عاتقه بل يشارك بغروره وغبائه في إدارة الأزمة إلى المزيد من التوتر في الشارع المصري. الحزب الحاكم يحاول بكل قوة أن يرجع فشل الرئيس في تحقيق طموحات الثوار والشعب المصري للمعارضة. فهل المعارضة هي التي تحكم وتقدم سياسات وتنفذها وتختار حكومات ومحافظين وتمارس عليهم الرقابة؟ وهل المعارضة هي التي تضع القوانين وتنفذ السياسات على أرض الواقع في الشارع؟ فما يحدث مجرد تصفية حسابات سياسية ومحاولة لتشويه المعارضة. فما علاقة المعارضة بتراجع الإحتياطي النقدي وتراجع السياسة وحركة الإستيراد والتصدير وفرض الضرائب وإرتفاع الأسعار؟ الحزب الحاكم بكل وضوح يحاول أن يخدع شعبه من خلال أن المعارضة هي التي تحاول إفشال كل محاولات لم شمل القوى السياسية عبر الحوارات الوطنية. وهذا كذب وإفتراء على المعارضة في مصر. فمنذ بداية الثورة وحتى وقت قريب لبت المعارضة النداء وجلست على مائدة الحوار الوطني. ولكن ماذا حدث؟ الجماعة تنفذ ما تريد ولنا في إنتخابات مجلس الشعب عبرة ودليل. فكلنا يتذكر التحالف الديمقراطي الذي ضم أربعة وأربعين حزبا ووجد الجميع أن الإخوان المسلمين يريدون الإستحواذ على جميع المقاعد وإنسحب الأخرون. وبعدها تعهدات الرئيس الشهيرة في جولة الإعادة الرئاسية المعروفة بفيرمونت والتي لم ينفذ منها شيء. ثم بعدها جلسات تشكيل الدستور وغيرها. فهل المعارضة التي لا تنفذ وعودها أم الحزب الحاكم؟ ولماذا يطالب الرئيس وحزبه المعارضة بحوار وطني بلا قواعد وأجندة عمل حقيقية؟ والأهم هو إختفاء حالة الثقة في كل جولات الحوار مع الإخوان المسلمين والدليل ما فعلوه منذ بداية الثورة حتى الآن. بعض رموز الحزب الحاكم والمؤيدين له يستغلون الإحتفالات بأعياد الثورة في محاولة إلقاء تهم التخريب وإقتحام الأقسام والسجون والمؤسسات الحكومية على جبهة الإنقاذ الوطني. فهل هم بهذا الشكل يتوهمون أن الشعب المصري سيصدقهم؟ بل العكس. فكل ما يحدث دليل على فشلهم في الحكم. ما دخل المعارضة بكل ما يحدث من تخريب؟ فهل المعارضة هي التي أشعلت الفتنة بين أهالي بورسعيد والسويس ودمياط وهل المعارضة هي التي تملك الأسلحة وهل المعارضة هي التي جعلت المواطنين في حالة غضب وعدم ثقة من أداء الرئيس وحكومته؟ وهل المعارضة هي التي تمتلك الصحف الحكومية والقنوات الدينية والتلفزيون الرسمي للدولة؟ فبكل وضوح المعارضة لا تملك سوى النزول للشارع عبر تظاهرات سلمية وتصريحات وبيانات ومناشدات للرئيس وحزبة بإنقاذ البلاد مما يحدث. وما يحدث سيضر بالجميع وسيجعل المشهد السياسي المصري في حالة توتر وعدم ثقة وإنهيار لأي حوار بين النظام والمعارضة. ما يفعله الحزب الحاكم في مصر ومؤيديه من تخويف الشارع من المعارضة هو حرب باردة لن تنتهي قريبا ولكنها ستزيد الصراع السياسي في مصر وستدخل الجميع في توتر وصدام حقيقي. فلن يتشكل حوار وطني حقيقي بين الجميع ولن ينهض الوطن في ظل حالة الصراع الحالية. وشيطنة المعارضة إنما ستزيد من إصرارها على التمسك بسلمية الثورة والعمل على التوحد من أجل السعي نحو تحقيق طموحات الشعب المصري. فالمعارضة في كل الأوطان موجودة ولها دور هام في العبور نحو المستقبل عبر عمل جماعي منظم بين الحكومة والمعارضة في إطار حوار حضاري يليق بقيمة مصر. ولكن هل يقدر من يحاول شيطنة المعارضة ماذا يفعل أم أنه غرور السلطة والرغبة في الإنتقام من الجميع أم ماذا؟