انطلاق الدراسة في 214 مدرسة ببني سويف    «رجعوا التلامذة».. 222 مدرسة فى الإسكندرية تستقبل طلابها فى أول أيام العام الدراسى الجديد (صور)    التعريف ب "علم مصر" في الحصة الأولى بمدارس كفر الشيخ - صور    بالصور- محافظ بورسعيد يوزع الأقلام على التلاميذ داخل الفصول    نتيجة تنسيق الثانوية الأزهرية 2024.. الرابط الرسمي للاستعلام (فور إعلانها)    سعر الدولار في البنوك المصرية اليوم السبت 21 سبتمبر 2024    تنمية المشروعات يقدم برامج تدريبية مجانا لشباب دمياط لدعم وتنمية مشروعاتهم    19 جنيها لكيلو البطاطس.. أسعار الخضروات والفاكهة في سوق العبور اليوم السبت    بينها 37 ألف طن طماطم.. 6.4 مليون طن صادرات زراعية منذ يناير 2024    «المشاط» تبحث تعزيز الشراكة مع الوكالة الفرنسية للتنمية لتمكين القطاع الخاص    أوكرانيا: ارتفاع حصيلة قتلى الجيش الروسي إلى 640 ألفًا و920 جنديًا    إيران: الاحتلال يشعل النار في المنطقة لإنقاذ نفسه وسيحاسب على جرائمه    تصرفات متهورة من إسرائيل.. برلماني: مصر حذرت مرارًا من عواقب التصعيد في المنطقة    تشكيل مانشستر يونايتد المتوقع أمام كريستال بالاس.. جارناتشو يقود الهجوم    التشكيل المتوقع للأهلي أمام جورماهيا    محافظ القاهرة: الدولة اتخذت كافة الإجراءات لإنجاح العملية التعليمية    آخر ساعات الصيف.. توقعات حالة الطقس اليوم والأسبوع الأول لفصل الخريف 2024    قتلت بنتها عشان علاج بالطاقة.. وصول المضيفة التونسية لمحكمة الجنايات    صور| شلل مروري بسبب كسر ماسورة مياه أسفل كوبري إمبابة    انطلاق الدورة 17 من مهرجان سماع تحت شعار رسالة سلام إلى العالم (صور)    عمر عبد العزيز: "كريم عبد العزيز بيفكرني ب رشدي أباظة" (فيديو)    من هم الخلفاء الراشدين والتابعين الذين احتفلوا بالمولد النبوي؟.. الإفتاء توضح    "الصحة" تعلن خطة التأمين الطبي للمدارس تزامنًا مع بدء العام الدراسي    «بعد حبسه».. بلاغ جديد للنائب العام ضد الشيخ صلاح التيجاني يتهمه بازدراء الدين    أستاذ علوم سياسية: توسيع الحرب مع حزب الله يعرض تل أبيب لخطر القصف    وزير العمل يعلن عن وظائف في محطة الضبعة النووية برواتب تصل ل25 ألف جنيه    زاهي حواس: حركة الأفروسنتريك تهدف إلى إثارة البلبلة لنشر معلومة زائفة وكاذبة    مسار صعب يخوضه رئيس الوزراء الفرنسي .. تحديات بانتظار الحكومة الجديدة    حكاية بطولة استثنائية تجمع بين الأهلي والعين الإماراتي في «إنتركونتيننتال»    بوتين يشكل لجنة لإمداد الجيش الروسي بالمتعاقدين    أسعار الأسماك اليوم السبت 21 سبتمبر في سوق العبور    الولاء والانتماء والمشروعات القومية.. أول حصة في العام الدراسي الجديد    انخفاض جديد في درجات الحرارة.. الأرصاد تزف بشرى سارة لمحبي الشتاء    أسعار الفاكهة في سوق العبور السبت 21 سبتمبر    اليوم.. نهائي بطولة باريس للاسكواش ومصر تسيطر على لقبي الرجال والسيدات    ترتيب الدوري الإنجليزي الممتاز قبل الجولة الخامسة    هاني فرحات وأنغام يبهران الجمهور البحريني في ليلة رومانسية رفعت شعار كامل العدد    مجلس الأمن يحذر من التصعيد ويدعو إلى ضبط النفس بلبنان    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 21-9-2024    ما حكم تلف السلعة بعد تمام البيع وتركها أمانة عند البائع؟.. الإفتاء تجيب    بدء التصويت في الانتخابات الرئاسية في سريلانكا    احتجزه في الحمام وضربه بالقلم.. القصة الكاملة لاعتداء نجل محمد رمضان على طفل    مدحت العدل يوجه رسالة لجماهير الزمالك.. ماذا قال؟    ضبط 12شخصا من بينهم 3 مصابين في مشاجرتين بالبلينا وجهينة بسوهاج    وفاة والدة اللواء محمود توفيق وزير الداخلية    هل يؤثر خفض الفائدة الأمريكية على أسعار الذهب في مصر؟    رياضة ½ الليل| مواعيد الإنتركونتينتال.. فوز الزمالك.. تصنيف القطبين.. وإيهاب جلال الغائب الحاضر    مريم متسابقة ب«كاستنج»: زوجي دعمني للسفر إلى القاهرة لتحقيق حلمي في التمثيل    بسمة وهبة تحتفل بزفاف نجلها في إيطاليا (فيديو)    عبد المنعم على دكة البدلاء| نيس يحقق فوزا كاسحًا على سانت إيتيان ب8 أهداف نظيفة    "ألا بذكر الله تطمئن القلوب".. أذكار تصفي الذهن وتحسن الحالة النفسية    «الإفتاء» توضح كيفية التخلص من الوسواس أثناء أداء الصلاة    تحرش بهما أثناء دروس دينية، أقوال ضحيتين جديدتين ل صلاح التيجاني أمام النيابة    بدائل متاحة «على أد الإيد»| «ساندوتش المدرسة».. بسعر أقل وفائدة أكثر    ضائقة مادية.. توقعات برج الحمل اليوم 21 سبتمبر 2024    مستشفى قنا العام تسجل "صفر" فى قوائم انتظار القسطرة القلبية لأول مرة    عمرو أديب يطالب الحكومة بالكشف عن أسباب المرض الغامض في أسوان    أكثر شيوعًا لدى كبار السن، أسباب وأعراض إعتام عدسة العين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لوحات سيريالية
نشر في صوت البلد يوم 18 - 10 - 2012

لو حاول أعظم السرياليين أن يرسم لوحة بها كل أفكار العبث واللامعقول فى الدنيا سيعجز عن محاكاة تلك المرسومة والمعروضة الآن على هذه البقعة المنكوبة من هذا الكوكب المنكوب ،لوحات مرسومة بكل الألوان المعبرة عن الحالة العبثية السائدة ، من القانى الفائر الساخن ، إلى القرمزى المتجلط على الأسفلت والتراب، إلى الأسود الظلامي الدامس لون رايات العنف المرفوعة الآن ، لوحات يعجز عن تفسيرها أى بشر حتى من رسموها أنفسهم ، لوحات إطارها موت وخلفيتها عدم، ومكوناتها دماء منبثقة وأطراف مقطوعة للتو ونفوس هلعة واطفال مذعورين ،وثكإلى دموعهن متحجرة ،ودخان أسود يغطى الأفق، ولا نعرف أو بالحري ندعي بأننا لانعرف من يقتل من ؟ولحساب من؟ ومن يمول من؟ومن يقود من؟ دماء غزيرة أهرقت وأرواح كثيرة أزهقت بالباطل ، أرواح من كل الأعراق ،حرمت من الحياه فى أجسادها ، بتفسيرات السياسة والدين والمصالح والزعامات، والإرث المهين لعداوات القبائل التاريخية التى لم تخمد ولم يتآكل منها شيئ رغم القرون الطويلة ؛ بل هو العكس نمت لها أطراف واستطالت كأذرع ألأخطبوط .
اللوحة الأولى بها من العبث المبتكر ما يميزها عن غيرها ، فخلفيتها متفردة وهى مقولات خبيثة يطلقها خبثاء ، يطلقونها موجهة بدقة لهدف أشد خبثا وهو ايقاف أى حراك انسانى يتجه نحو الخروج من بحر الظلمات الذى أغلق علي هؤلاء البؤساء من قرون طويلة ، الخروج إلى فضاء التحرر والعتق ، التحرر من أنظمة نشبت مخالبها وأنيابها فى رقاب شعوب مقهورة مصممة على امتصاص دمائها حتى آخر قطرة ، والعتق من نطاقات العبودية والمهانة ولا سيما تلك التى فرضت على هذه الشعوب باسم الدين، فعندما انتفضت هذه الشعوب مطالبة بحريتها صدرت الاوامر على الفور من ( القيادة المركزية ) إلى (القيادات القطرية) بضم القاف (وفى روايات أخرى قوية بفتحها أيضا) صدرت الاوامر بخروج الفرق المختصة بوأد (تلك البدع والضلالات) وبالفعل خرجت (الفرق ) مسلحة وممولة ،مسلحة بأسلحة فتاكة وممولة بتمويل مفتوح بغرض واحد لاشريك له وهو إبقاء هذه الشعوب تحت السيطرة ، ابقائها مغلولة الفكر والارادة مغلولة بسلاسل نصوص مبتسرة من سياقاتها ، نصوص فسرها مفسرون بمفردات عصور ظلامية غابرة ولم يرد فى أذهانهم أن تغييرا سيطرأ على فكر وسلوك ونوعية وثقافة البشر ،هذا التغيير الذى حولهم من رعية تساق بعصا ولاة أمور من القرن السادس إلى بشر من الألفية الثالثة ، مواطنين كاملى الأهلية يقررون ويختارون مصائرهم وسلوكهم وأنظمتهم وحكامهم بارادتهم الحرة ،ارادتهم الحرة التى جبلهم عليها خالقهم حتى يتمكن من حسابهم (يوم الدين ) ، حسابهم على ما فعلوه بارادتهم الحرة وليس على ماقرره الله عليهم سلفا وهنا ننوه بأنه لا يجب الخلط المتعمد بين سابق علم الخالق بسلوك خلقه وبين ايهام البسطاء والعوام بأن مصائرهم مكتوبة على جباههم ، وأن الثورات عمل (فوقى )لادخل لبشر فيه أى أن الله يغير حياة الناس ( قسرا ) دون أن يكون لهم رغبة و ارادة فى تغيير أنفسهم ، وأن الممارسات العقيمة من دعاية وانتخابات وطوابير وحملات كل تلك الممارسات هى اجراءات شكلية لاتقدم ولاتؤخر فاسم الرئيس مدون سلفا فى ( اللوح ) ، هذا هو السائد الان على الساحة :الثورة من السماء والرئيس مدون فى اللوح ، نعم تلك هى الثقافات الخبيثة التى تبث على مدار الساعة حتى يعود الناس إلى قواعدهم مستلقين فى المستنقع الآسن يشربون بول الابل لعلاج أكبادهم المهترئة ويلوكون سيرة زواج الجن بالانس تاركين مصائرهم لغيبيات قدرية ما أنزل الله بها من سلطان .
اللوحة الثانية لوحة لمنظر غريب لوحة بها كائنات مقلوبة على ظهورها تضرب الهواء بأطرافها وهى تنتظر نهايتها المحتومة بعضها تستغرق نهايته سويعات وبعضها ربما أيام وفى هذه الأثناء لا تملك تلك الكائنات البائسة إلا الصراخ والعويل كرد فعل هو الوحيد المتاح بعد أن أصبح مركز ثقلها مقلوبا ، بالاضافة بالطبع إلى الاستنجاد بفصائلها التى لا تملك لها شيئا، ويبدأ أعدائها فى التحلق حولها استعدادا لالتهامها بعد أن تلفظ أنفاسها وربما قبل ذلك، ذاك هو الواقع المؤلم لشعوب هذه المنطقة المنكوبة من هذا الكوكب فكلها دون استثناء مجتمعات مقلوبة على ظهورها مغلوبة على أمورها إختلت مراكز ثقلها من زمن وانقلبت نتيجة لعوامل كثيرة أغلبه تصنعه بنفسها وبعضها يصنعه لها أعداؤها بتسهيلات تقدمه هذه المجتمعات طائعة مختارة ،وعندما يختل مركز ثقل الكتلة الأم تختل معها كل مراكز الثقل المصاحبة الفكرى والثقافى والاجتماعى والسياسى ويصبح البحث عن نموذج قياسى صالح للتعامل مع بقية المجتمعات الطبيعية هو وهم كبير فقط نماذج صالحة للتعامل مع المجتمعات التى على نفس الشاكلة المقلوبة مثلها ، لذا تتكلم هذه مع تلك لغة واحدة لها نفس المفردات رغم ما قد يكون بينها من فوارق ومسافات أما الحوار مع مجتمعات أخرى طبيعية فهو حوار طرشان لا يرجى منه نتائج على الإطلاق.
لوحة أخرى عبثيتها تكمن فى بشاعتها صورة لشاه جريحة سقطت واجتمعت عليها قطعان الذئاب المتربصين لها من زمن وبدأوا فى العراك ، وكان الخلاف على من ينهش الجسد ومن يلعق الدماء ،ثم تجمعت بقية الذئاب من كل الصحارى المحيطة ثم جاءت الجوارح حائمة مترقبة فى السماء ثم خرجت الثعالب من الجحور تطلب نصيبها من الغنيمة ومخلوقات غريبة وجوهها مكفهرة جاءت بسرعة من تحت الارض وبالطبع جاء الاعداء وحتى من كانوا أصدقاء ، وبدأ الجميع فى التفاوض ثم بدأوا فى العراك ..وطال العراك ثم بدأت الروائح النتنة تتصاعد فقد تحولت الضحية إلى جيفة عندئذ انتهى العراك وبدأ الجميع فى التهام الضحية متلذذين الذئاب والكلاب والثعالب والجوارح والاعداء والاصدقاء ، تلك هى العراق وربما هى مصر وربما هى سوريا وربما هى المنطقة كلها التى تحولت إلى هذه الصورة البشعة جيفة نتنة ينهشها الجميع حتى يتأكدوا بأن قائمة لن تقوم لشعوبها بعد اليوم ويدفعوا ثمن الخروج عن الخط المرسوم ثمن المناداه بالحرية والكرامة الانسانية ثمن الخروج على مبارك والقذافى وبن على ويذرفون دموع الندم على هؤلاء الحكام المتجبرين ويترحمون على أيامهم فهم كانوا يملكون من الموهبة الخارقة التى منعت هؤلاء القوم من قتل أوطانهم وأنفسهم وأشقائهم طيلة هذه السنين؟،وفى هذا السياق يحضرنا تساؤل مشروع أليس غريبا أن يبدأ الناس فى قتل بعضهم البعض بمجرد أن يختفى (الديكتاتور)؟ فى العراق أو فى مصر وفى سوريا أو اليمن او ليبيا فى الصومال أوغيره ، واذا كان ضمن وظائف الديكتاتورية هى منع قتل الناس لأنفسهم والآخرين بهذه الوحشية البشعة ،إذن فهناك وظيفة سامية للديكتاتورية لم نكن نعرفها من قبل. وهنا تبرز مصداقية المقولة التى طالما نشكك فيها، وهى أن كل شعب يستحق حكامه فقد استبدلنا ديكتاتورية فردية مستبدة بديكتاتورية جمعية أشد وأقسى استبدادا ديكتاتورية الرعاع ولم يعد القهر لأشخاص أو مجموعات بسبب مواقفهم السياسية بل أصبح القهر ومعه الابادة لأعراق وشعوب بكاملها بسبب أديانها وثقافتها ومذاهبها .
والخاتمة المؤلمة تتجلى فى لوحة وهذه المرة هى لوحة شديدة الواقعية ولا تحتاج إلى جهد يذكر فى تفسيرها وهوإن قضايانا قد أصبحت مجالا مستباحا لكل من أراد اللعب لمصلحته. يستغلنا الاتراك للى ذراع الأوربيين وتهديدهم لقبول صفقة لم يتأهلوا لها بعد بالاضافة لأهداف فرعية ملتوية منها شراء سكوت العرب عن ضرب الاكراد ومنها خدمة اهداف حزب العدالة فى مواجهة الجيش والعلمانيين ،ويستغلنا الصينيون كسوق نهمة لمنتج ردئ تعافه كل الاسواق بالاضافة للعبة الصراع الجغرافى مع حليفها (اللدود) أمريكا، ويستغلنا الفرس بالمزايدة على القضية الفلسطينية لمساومة أمريكا والمجتمع الدولى على صفقة مشبوهة النوايا ، ويستغلنا الروس فى محاولة البحث عن المجد القديم الذى انحسر وهم يعلمون أن زمانهم قد مضى كما مضى ماركس وإنجلز ، وأعتقد جاذما أن كل سيقضى وتره من هذه الامة المنكوبة وسيدير لهاا ظهره وسنظل نحن مستلقون على ظهورنا فى مستنقع السذاجة عيوننا شاخصة فى أسقف الغيبيات ننتظر حلولا تهبط من السماء وهى لا تجئ لأن الخالق لايغير مابقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.