ولا ننسي بين طيات هذا وذاك أن هناك محصولاً آخر قد أهدرت الحكومة دمه في وقت سابق من هذا العام ( القمح). البداية تأتي كمطلع القصائد الحكومية .. حيث وقف أمام مدير بنك القرية ممسكا بحيازته الزراعية بيد وباليد الأخري ثلاثة آلاف جنيه طالبا ( تدوير المديونية ) فقال له المدير : لازم تدفع كل المبلغ ، فرد منفعلا : ياباشا أجيب منين الشامي خرب بيوتنا ، وكانت عبارة الفلاح البسيط ملخصة لكارثة المزارعين مع محصولاتهم الزراعية ) والتي يشرحها أبو العيون زهري أمين الفلاحين بلجنة محافظة أسيوط وعضو الجمعية الزراعية المركزية ، حيث قال : الفلاحون أصبحوا في مأزق حقيقي فمع انهيار أسعار القمح تعرضوا لكارثة حقيقية ، وأصبح المحصول لا يغطي ما انفقوه ومع زيادة مستلزمات الانتاج وتخلي الدولة عن تقديم دعم للفلاحين وجاء موسم الذرة الشامية ليزيد الطين بلة . وأعطت الحكومة ظهرها للفلاحين ورفضت توريد الذرة وأصبحت عمليات التسويق مستحيلة وبالتالي فالزراعة المصرية مهددة بكارثة حقيقية بسبب توالي خسائر الفلاحين ، والتي لن يستطيعوا مقاومتها، وموسم بعد آخر سيعجزون عن مواصلة الزراعة وبعدها ستصبح مصر كلها تحت رحمة الدول المصدرة للغذاء بشكل كامل. ويقول نفاذ بشري زخاري مدرس المحاصيل بمدرسة ساحل سليم الثانوية الزراعية : الخسائر ما زالت تتوالي علي رؤوس المزارعين فبعد أن تكبدوا خسائر كبيرة من محصول القمح جاء موسم الذرة الشامية ليضاعف الخسائر. ويحسب زخاري خسائر الفلاح للفدان الواحد قائلا : مصاريف فدان الذرة الشامية تدور حول : 120 جنيها لحراثة الارض و 90 جنيها تطويش ومتوسط.. 200 تقاوي ( الفدان يحتاج شيكارتين وسعر الشكارة يبدأ من 50 جنيها الي 200 جنيه) بالاضافة الي 90 جنيها أجرة شك و 480 اسمدة و 300 ري و420 عزيق و180 جمع محصول و200 تقشير و 180 جنيها أجرة تفريط و120 للدراسة و 500 اجولة وتغليف علاوة علي 2000 جنيه ايجار ثلث سنة علي اعتبار أن الايجار السنوي للفدان 6 آلاف جنيه فيكون اجمالي تكلفة انتاج فدان الذرة الشامية 4880 جنيها بينما انتاجية الفدان 15 اردباَ بسعر الاردب 140 جنيها تساوي 2100 جنيه ويواصل زخاري حسبته قائلا وبذلك ففدان الذرة يحقق خسارة قدرها 2780 جنيها . ويقول جابر منصور مزارع : أنا زرعت 3 أفدنة ولا أجد حتي مكانا لتسويقها بعد ان رفضت المطاحن استلام المحصول واصرت التعاونيات علي الرفض بينما يرفض التجار الشراء لانهم حققوا خسائر العام الماضي ويضيف خليفة متهكما : " الظاهر أننا هنبل المحصول ونشرب ميته" ! ومن ناحيتها شكلت لجنة التموين بمحلي المحافظة برئاسة يوسف الليثي لجنة خاصة لحل مشكلة توريد الذرة ودار النقاش حول أن تقوم التعاونيات بدورها وتتولي عملية الاستلام والتوريد للمطاحن ولكن مؤتمر الوطني اجل عمل اللجنة وترك المزارعين لمواجهة مصيرهم. أما سناء السعيد عضوة محلي المحافظة عن حزب التجمع فتقول : يثبت الحزب الوطني في كل مرة بأنه حزب رجال الاعمال عكس ما يدعيه من دفاعه عن الطبقات الكادحة ، مضيفةً رأينا حكومة الحزب الوطني تضخ لرجال الاعمال قرابة 12 مليار دولار في منتصف العام المالي وعللت ذلك بمواجهة الازمة المالية كما دعمت المصدرين ليتغلبوا علي هذه الأزمة تتساءل السعيد فما الذي ستقدمه هذه الحكومة للفلاحين الفقراء؟ ويطالب محمود عباس أمين حزب التجمع بالمحافظة بأن تعيد الحكومة النظر في سياستها الزراعية ، وأن تدعم المزارعين ليستطيعوا مواجهة الخسائر ولتحافظ علي قدر من الزراعة لسد الفجوة الغذائية المعرضة للاتساع بسبب السياسات الخرقاء للحكومة. ومن أسيوط إلي محافظة المنيا .. حيث قصب السكر وهو أحد المحاصيل الاستراتيجية المهمة والذي كانت تتميز بزراعته محافظة المنيا وذلك لجودة الأراضي والتي تلائم زراعة هذا المحصول ، بالإضافة إلي وجود مصنع لإنتاج السكر بالمحافظة ، لكن نتيجة للسياسات الزراعية المجحفة للفلاحين بدأت المساحة المزروعة بالقصب تتناقص بشكل واضح ، واتجه المزارعون إلي زراعات أخري ومن قام بزراعة القصب فضل بيعه لعصارات العصير الخاصة بدلا من توريده لشركة السكر بحثا عن الربح فالمساحة المزروعة بالمنيا تقارب 39 ألف فدان وما يتم توريده لا يتعدي 12 ألف فدان وذلك لتدني سعر التوريد والذي وصل إلي 190، 200 جنيه للطن ولقد أرسلت الجمعية التعاونية الزراعية العامة لمنتجي القصب مذكرة إلي وزير الاستثمار يطالبون فيها برفع سعر الطن إلي 400 جنيه كحد أدني لمواجهة الزيادة في مستلزمات الإنتاج ، وحتي لا يحجم الفلاحون عن زراعته والاتجاه إلي محاصيل أخري أقل أهمية للاستهلاك المحلي وأرسلوا بالمذكرة أرقام التكلفة الفعلية لكل فدان تفصيلا .