بعد أن كان ميدان التحرير قبلة الثوار، ومجمع قلوب المصريين ضد الظلم والفساد، فجأة تحول الي نقمة علي الجميع وصداع حقيقي في رأس الكبير والصغير تحول الي مستنقع للجريمة، بعدما اختلط به الحابل والنابل وتحول الي ثورة مضادة تقتل احلام المصريين؛ ففي جمعة العزة والكرامة التي تلت احتفالات مصر كلها بعيد الثورة انقسم الثوار، واختلفت المطالب وظهرت الاجندات وخلعت الاحزاب الاقنعة وتحول الميدان الي كرنفال من المشاكل والخلافات ميدان التحرير اكل رموزه واخذ يوما بعد الاخر يبيض رموز جديدة الكل يبحث عن مكاسب شخصية والضحية الوحيدة مصر تعيينات المشير في مجلس الشعب اثارت استفزاز الثوار الحقيقيين لانهم لم يجدوا انفسهم في تمثيل البرلمان ووجدوا اشكالا اخري في المجلس، وكذلك في المجلس الاستشاري وهو الامر الذي جعل كل واحد من الثوار في الميدان هدفه الاساسي الحصول علي مكسب، خاصة أننا الان نعيش انتخابات الشوري وبعدها لابد من تعيين ثلث الاعضاء لذلك ظهر في الميدان شباب يبحثون عن جزء من الكعكة الكبيرة ورؤساء احزاب يبحثون عن دور لهم من أجل التعيين في مجلس الشعب. الكل باع الثورة الثوار اتهموا الاخوان المسلمين بأنهم باعوا الثورة وانضموا للمجلس العسكري ويسيرون تحت جناحه، والدليل علي ذلك ما حدث في جمعة العزة والكرمة بعدما رفعوا الاحذية في وجه منصة الاخوان المسلمين وتعدوا علي شباب الاخوان وطردوا رموز الاخوان من الميدان وعلي رأسهم د. محمد البلتاجي. وفي الوقت نفسه تعدي ثوار الاسكندرية في الاحتفالات علي وكيل مجلس الشعب التابع لحزب النور، واتهموا الحزب بأنه باع الثورة بعدما تحالف مع الاخوان، وحصل علي وكالة مجلس الشعب واكدوا ان العديد من الاحزاب كان هدفهم الرئيسي فقط الانتخابات وبعدها باعوا الثورة والثوار. فالخلافات الحادثة هذه الايام أشد وطأة علي الثورة من الثورة المضادة وهو ما يؤكد اننا في طريقنا الي نفق مظلم قد يتسبب في كوارث لا حصر لها في المستقبل القريب بعدما كنا نظن اننا نسير في الاتجاه الصحيح الا ان اللهو الخفي الموجود في ميدان التحرير هذه الايام يشعل نار الفتنة ويؤكد ان مصر مقبلة علي كارثة كبري البعض يخون الكل واصبحنا بين نار الفتنة ورحي الخيانة. وإختلف الثوار على تكوين رؤية واضحة للإخوان المسلمين فالبعض اتهمهم بخيانة الثورة، والبعض أكد أنهم فعلوا الصواب الذى تحتاجه مصر الآن، وما بين الاثنين من يرى أن الإخوان لعبوا لمصلحتهم الشخصية. حتى فى عيد الثورة انقسم الميدان بين منصتى الثوار والإخوان؛ الامر لم يتوقف علي ما حدث في ميدان التحرير ولكن اللهو الخفي عاد من جديد وهاجم المعتصمين امام ماسبيرو يوم الاحد الماضي بالسنج والمطاوي وهو ما جعلنا نؤكد اننا نسير من سيء لأسؤا ولابد من التحرك السريع لانقاذ الثورة التي تاهت بين المرشد والمشير. المطالب التي يرفعها الثوار طبيعية فالكل يري ان هناك بطءًا في المحاكمات وبطءًا في اتخاذ قرارات نقل السلطة وبطءًا في كل شيء وهو الامر الذي يؤكد ان مصر مقبلة علي كارثة، خاصة ان اهم مطلب للثوار تسليم السلطة وردت جماعة الاخوان المسلمين علي لسان صبحي صالح احد اهم قاداتها وعضو مجلس الشعب عن حزب الحرية والعدالة، أن الكلام عن الإسراع في نقل السلطة إلي رئيس مجلس الشعب غير دستوري؛ لأن الإعلان الدستوري نظَّم هذه المسائل في المادة 61 منه؛ حيث أكدت أنه يستمر المجلس الأعلي للقوات المسلحة في مباشرة الاختصاصات المحددة في هذا الإعلان، لحين تولي كل من مجلس الشعب والشورى لاختصاصاتهما، وحتي انتخاب رئيس الجمهورية ومباشرته مهام منصبه كلٌ في حينه. وقال صالح إننا نتكلم عن فترة تُقدر من 3 إلى 4 أشهر، فيجب ألا نُربك الدولة أو نخرج عن الشرعية الدستورية، ولا يجوز التأسيس بمخالفات للدستور والقانون نتيجة حالة انفاعلية، متمنيًا أن يستمر المجلس الأعلي للقوات المسلحة كما كان معنا دائمًا وفيًّا بعهوده، ويؤدي استحقاقاته الدستورية في مكانها، كما أجرى الانتخابات في موعدها.. وهو ما يتوافق مع آراء المجلس العسكري. وما يزيد الشكوك حول وجود صفقة بين الاخوان والمجلس العسكري، ما قاله محمود حسين الامين العام لجماعة الاخوان المسلمين حيث أكد أن الجماعة لم تحدد المرشح الذى ستدعمه فى الانتخابات الرئاسية القادمة، مشيراً إلى أن التوجه العام للجماعة ألا يكون الرئيس القادم منتمياً لأى تيار إسلامى أو محسوباً عليه، لافتاً إلى أنه ليس من مصلحة مصر أن يكون الرئيس القادم من الإخوان المسلمين. ونفى حسين وجود أى صفقات مع المجلس العسكرى، مؤكداً أنه كلام هزلى ولا منطق له، وسبق أن اتهمت به الجماعة مرات عديدة إبان النظام السابق، رغم كل الاضطهاد والظلم الذى تعرضت له، وأن الشعب المصرى أصبح لا يصدق هذه الافتراءات، بل وتزيده اقتناعاً وإيماناً بجماعة الإخوان، وهو ما ظهر جليا فى نتائج الانتخابات البرلمانية الأخيرة. ولخص القادي الكبير في جماعة الاخوان المسلمي كمال الهلباوي ما حدث في احتفالات 25 يناير والاعتداء علي شباب الاخوان وطرد قيادات الجماعة من الميدان؛ قائلا: تابعت تصريحات قيادتكم بعد صدمتكم يوم 25 يناير 2012 , ووجدتهم للأسف يحاولون إلغاء شرعية ثورة الميدان لصالح إثبات شرعية ورقية لصالح صندوق الانتخابات, فقط أذكركم إن كنتم قد حصلتم على ملايين الأصوات فى الصناديق الانتخابية فتذكروا أن الشهداء والمصابين والثوار قد حصلوا على عشرات الملايين من أصوات وقلوب وأرواح المصريين نصيحتى لكم: كونوا فصيلًا من فصائل الشعب المصرى ولا تخطئوا كعادتكم التاريخية ويستبد بكم غرور ذكائكم, فتسقطوا فى هاوية الانتهازية السياسية. وليكن لديكم قليل من الحياء, هل يحتفل المكلوم فى ابنه الشهيد فيقيم الأفراح والليالى الملاح؟ على الأقل قفوا صامتون احتراما لشهيد جعلكم غير محظورين ولا فى الزنازين تقضوا أيامكم وتعذبون. أليس لديكم عقل وأدراك به تفقهون بهذه السطور اتضح المشهد. ناهيك عما ذكرته مجلة "إسرائيل اليوم"، من أن الإخوان متهمون ب"خيانة الثورة ومطالبها"، وإنشاء تحالف بينها والجيش الذي يرفض النشطاء وجوده في السلطة، الأمر الذي سيجعل الدستور القادم وأيضا الرئيس الذي سينتخب في الصيف إلى الخضوع لتأثير الإخوان. وقالت الصحيفة إن مصر احتفلت بمرور سنة على ثورة الخامس والعشرين من يناير، وأراد الميدان أن يرتدي ملابس عيد إلا أن الوجهين اللذين لبسهما منعاه من ذلك، فقد كان من جهة وجه شاب مبتسم ينظر إلى الأمام إلى المستقبل، ومن جهة ثانية وجه ذو لحية، ووجه منقب ينظران أماما، ولايزال يطل فوق الجميع من أعلى الجيش الذي يعلم جيدا أنه يتمتع بأيام أفضل، طالما بقى يحكم الإخوان المسلمين.. وأضافت الصحيفة أن الميدان انقسم فيما نرى الشباب الليبراليين يريدون استمرار النضال والثورة، فهم يرون أنها لم تنته في الحقيقة، لم يريدوا مبارك لكنهم لم يريدوا أيضا الجيش في الحكم، لكن المشير طنطاوي لايزال ممسكا بزمام السلطة، وتلقوا أيضا الإخوان المسلمين الذين يحكمون مجلس الشعب الآن. واشارت الصحيفة الى سيناريو كابوسي بالنسبة لشباب التحرير، فقد طمحوا إلى خلع مبارك لكنهم لم يتخيلوا أن ثورتهم ستلد تحالفا غير ممكن تقريبا بين الجيش والإخوان المسلمين، وإن أعداء الأمس أصبحوا حلفاء اليوم لا يوجد حب هناك لكن توجد مصالح كثيرة جدا. وأشارت إلى أن كلمة الديمقراطية أصبحت بفضل الثورة موضة، وإن كان الجميع يعلمون في الواقع أنه لا توجد ديمقراطية سوى شيء قليل من الحرية، صحيح أن مصر جربت انتخابات ديمقراطية لأول مرة منذ 1952، وولد عنها مجلس شعب ذى أكثرية إسلامية ساحقة. من كان يصدق أن هذه الانتخابات منحت ممثلي القوى الديمقراطية الشابة أقل من 1.5 % سبعة مقاعد، لكن الانتخابات حطمت في الأساس التعادل الذي كان يمكن أن يكون بين الجيش والإخوان المسلمين. فقد صار للإخوان الآن الصلاحية ليحكموا، فقد حصلوا على ثقة الشعب، وسيظل الجيش من جهته يطمح إلى الحصول على منصب وزير الحربية في الحكومة القادمة وعلى الميزانيات السرية التي يتمتع بها وعلى الامتيازات الاقتصادية في الأساس. واعتبرت الصحيفة أن مصر تنتظر الآن دستورا جديدا ورئيسا جديدا سينتخب في الصيف. وسيلائم الدستور والرئيس أنفسهما للواقع الإسلامي الجديد، فلا يوجد بعد ثورة التحرير إمكانات أخرى كثيرة.