لقي ستة أشخاص على الأقل حتفهم وأُصيب 94 آخرون بجروح في اشتباكات وقعت بين مسلمين ومسيحيين أقباط في حي امبابة في العاصمة القاهرة. والاشتباكات وقعت عندما قامت مجموعة من السلفيين بمحاصرة كنيسة "مارمينا" في الحي المذكور للمطالبة بإعادة فتاة مسيحية قالوا إنها كانت قد "أعلنت إسلامها". وقد سمع أصوات إطلاق رصاص في المنطقة المحيطة بالكنيسة المذكورة حيث جرت اشتباكات بين أقباط وسلفيين. إلاَّ أنه لم يتضح بعد ما إذا كان الضحايا هم من المسيحيين أم من المسلمين.وقد بدأت الاشتباكات بين الطرفين عندما طوَّق حوال 1000 شخص من السلفيين الكنيسة الواقعة في منطقة الجيزة، وهي واحدة من أكثر مناطق العاصمة المصرية فقرا واكتظاظا بالسكان. وقد تدخلت قوات الأمن والشرطة لفظ الاشتباك، إلاَّ أن إطلاق النار استؤنف بين الجانبين. وقال شهود عيان، إنهم شاهدوا مجموعة من البلطجة، يحملون الأسلحة النارية والموتولوف وقد اقتحموا الكنيسة، وقاموا بإشعال النيران فيها، ولاذوا بالفرار. وذكر شهود عيان أن العديد من الشباب المسلمين ساهموا بجهود إنقاذ المسيحيين وإخراجهم من داخل الكنيسة المستهدفة، بينما عملت فرق الإطفاء على التعامل مع الحريق الذي شب في المكان. ونقل عن مسؤولين قولهم إن مجموعة السلفيين حاولت "تحرير" كاميليا شحاته التي قالوا إنها "مُحتجزة ضد إرادتها" لأنها "أرادت اعتناق الإسلام"، وهو ما تنفيه الكنيسة المصرية بشدة. وقد وصف الأنبا ثيئودسيوس أسقف عام الجيزة، الاشتباكات التى وقعت بجوار كنيسة مارى مينا بإمبابة ب"المؤسفة"، مؤكداً أن المصريين لا يقبلون أن تتحول ثورتهم البيضاء إلى ما يحدث الآن من اعتداء على المساجد والكنائس، مشدداً على أن وجود فتاة أعلنت إسلامها هو شائعة، لم يتم التحقق منها بعد. وقال الأنبا ثيئودسيوس إن هناك أمور دفينة سيئة يكنها أعداء هذا البلد يسعون من ورائها لحرق مصر، مضيفاً: "لو نجح هؤلاء فى مخططاتهم فى الإضرار بمصر فإن الطوفان لن يترك أى مسلم أو مسيحى، وسيضرب وحدة هذا الوطن، وما كان يجب أن تحدث هذه الاشتباكات من أجل هذه الفتاة التى لم يتم التحقق من قصتها إن كانت حقيقة أو شائعة". وأكد أسقف عام الجيزة، أن الأيدى السوداء التى تعبث فى الخفاء، هى التى تقف وراء الأحداث التى اشتعلت بجوار كنيسة مارى مينا، محذراً من أن تمتد هذه الأيدى لتدمير مصر، لأن الدمار سيطول كل المصريين ولن يفرق بين أى مسلم أو مسيحى، مشدداً على أن الكنيسة ستتوجه إلى الله الذى تؤمن بقوته، لأنه لا يوجد على الأرض من يدافع عن الكنيسة. وقد أعلن الدكتور عبدالحليم البحيري مدير مديرية الشئون الصحية بمحافظة الجيزة مساء السبت ارتفاع عدد مصابي حادث كنيسة "مارمينا" بإمبابة إلى 94 شخصا، ومقتل 6 آخرين. وقال البحيري إنه تم تحويل 33 حالة إلى مستشفى إمبابة العام، و33 حالة لمستشفى الحرية العام، و7 حالات لمستشفى بولاق، و8 حالات للقصر العيني، و9 حالات للساحل، و4 حالات لمعهد ناصر. وأضاف أن الحالات التي تم تحويلها للقصر العيني تحتاج لعلاج دقيق، مشيرا إلى أن الفرق الطبية ما زالت تعمل من أجل إسعاف المصابين في المستشفيات، وأن الحالات التي يتم الاطمئنان عليها ستخرج من المستشيفات تباعا بعد عمل الإسعافات اللازمة. وأشار البحيري إلى أنه سيتم إصدار بيان تفصيلي بكل المصابين في الحادث، والحالات التي مازالت محجوزة، والأخرى التي سيتقرر خروجها. وجاءت هذه التطورات بُعيد إعلان كاميليا شحاتة على إحدى القنوات التلفزيوينة المسيحية في مصر أنها "مسيحية ولم تتحول إلى الإسلام قط". كما جاءت الأحداث أيضا بعد يوم واحد من تنظيم أقباط مظاهرة وصفها منظموها ب "المليونية" أمام كاتدرائية للأقباط الأرثوذكس بالعباسية، وذلك بهدف "حماية البابا والكاتدرئية في أعقاب تهديدات باغتيال البابا وحرق المقر البابوي في الكاتدرائية". وكان الجيش قد كثف إجراءاته الأمنية حول الكاتدرائية المذكورة خوفا من حدوث مصادمات بين السلفيين الذين نظموا يوم الجمعة الماضي مظاهرة حاشدة انطلقت من مسجد يقع على بعد أمتار من الكاتدرائية التي حاصروها وأطلقوا هتافات معادية للبابا وللأقباط. وكانت النيابة العامة قد أبلغت كاتدرائية الأقباط الأرثوذكس بحي العباسية بالقاهرة بضرورة حضور كاميليا شحاتة إلى النيابة بغرض الاستماع إلى أقوالها. وجاء هذا الاستدعاء بناء على بلاغ تقدم به عدد من الأشخاص بشأن ما تردد حول احتجازها من قبل مسؤولي الكنيسة. وقد أعادت قضية كاميليا شحاتة موضوع الاحتقان الطائفي في مصر إلى الواجهة بعدما أن كان قد تراجع كثيرا إبَّان ثورة 25 يناير الماضي التي أطاحت بنظام الرئيس حسني مبارك. وتجدد الجدل بشأن هذه القضية بعد الثورة مع تكرار احتجاجات مجموعات سلفية على احتجاز شحاتة وزوجة قس تدعى وفاء قسطنطين. كما تزامنت هذه الأحداث أيضا مع احتجاجات شهدتها القاهرة أيضا على قتل الولاياتالمتحدة لزعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن في وقت سابق الشهر الجاري، ومع انعقاد مؤتمر شارك فيه حوالي ألفين من ممثلي الجماعات التي كانت وراء الثورة وتستعد الآن لمواجهة الإسلاميين في الانتخابات المقبلة.