بعد ان وقعت حركتا "فتح" و"حماس" الاربعاء الماضى على اتفاق المصالحة بعد خلافات استمرت منذ اواسط العام 2007، عقب سيطرة "حماس" بالقوة على كامل قطاع غزة. يرى محللون فلسطينيون ان رياح التغيير التي اجتاحت بعدد من الدول العربية كانت سببا رئيسيا في توجه حركتي "فتح" و"حماس" للتوقيع على المصالحة. حيث اكد سمير عوض استاذ الدراسات الدولية في جامعة بيرزيت: ان الثورات الجماهيرية في الوطن العربي اسهمت الى حد كبير في انضاج الظروف للتوقيع على المصالحة، التي كانت متعثرة. واضاف أن تلك الاحداث اوضحت للفلسطينيين ان الشعوب العربية منشغلة باوضاعها الداخلية، كما هي الحال في مصر او سوريا وتونس. هذا يعطي انطباعا للفلسطينيين بان عليهم ان يهتموا بوضعهم الداخلي وتحقيق وحدتهم الداخلية. واعتبر المحلل السياسي هاني المصري الذي شارك في لقاءات لمستقلين فلسطينيين مع القيادة المصرية وقيادات من "فتح" و"حماس" قبل ايام، ان "التغيير في مصر وفي الوطن العربي هو سبب رئيسي للتوقيع على اتفاق المصالحة، بمعنى انه لم يعد هناك اطراف تحاول اعاقة اي مصالحة لان كل الاطراف منشغلة في اوضاعها الداخلية". واضاف المصري ان مصر قررت في الاونة الاخيرة ان تلعب دورا فاعلا في ملف المصالحة الفلسطينية، على اعتبار ان القضية الفلسطينية هي جزء من امن مصر القومي، لذلك كانت اول زيارة لرئيس المخابرات المصري الجديد "مراد موافي" الى سوريا، والعلاقة الان بين مصر وسوريا جيدة ولا يوجد اعتراض على الدور المصري الذي يسير بتوازن من دون انحياز لطرف على حساب طرف اخر. ومن جهة آخرى أكد "جورج جقمان"، الذي يدير مركزا لدراسة الديمقراطية في رام الله ان توقيع الجانبين على المصالحة جاء نتيجة استمرار الجهود لتحقيقها، خاصة على الصعيد الداخلي. واضاف يبدو ان حركة حماس اطمأنت للدور المصري، بعد التغيير الذي طرأ على القيادة المصرية هناك، وهذا ما دفعها للموافقة على التوقيع. وحتى ايام قليلة، توقع قياديون في "فتح" بان لا تبادر حركة "حماس" الى التوقيع على ورقة المصالحة المصرية، معللين ذلك بان "حماس" تنتظر الانتخابات التشريعية التي ستجري في مصر، والتي تتوقع فوز الاخوان المسلمين فيها. لكن جقمان اعتبر ان "هناك معنى سياسيا لموافقة حماس على التوقيع،يتمثل بأن حماس قررت السير في مشروع (الرئيس محمود عباس) ابو مازن في البحث عن الاعتراف بالدولة الفلسطينية في سبتمر المقبل. وقال جقمان ان التغيير الذي جرى في مصر كان عاملا مهما، لكن التغيير في سوريا عامل ضعيف، لانه مهما كان التغيير في سوريا مثلا، فان نصرة القضية الفلسطينية سيكون نفسه". واشار جقمان الى تاثير الضغط الشعبي الذي مورس اخيراً على الحركتين، مشيرا الى التحركات الشبابية التي انطلقت عقب التغييرات في تونس ومصر، مطالبة بانهاء الانقسام الفلسطيني الداخلي.