فجرت الثورة المصرية العديد من قضايا الفساد في جميع المجالات وكانت تلك الثورة كالبركان الذي انفجر منه عدد من قضايا الفساد بعد سقوط النظام والتي لحقت بالمجال الرياضي ولعلها تكون الشرارة الأولي لتطهير البلاد من الفساد وأن يعم التغيير إلي الأحسن، وقد أشارت أصابع الاتهام إلي بعض الشخصيات التي تدير المنظومة في مصر ومن المتوقع خلال الأيام القليلة المقبلة أن تكشف باقي قضايا الفساد ويتم تقديم المتسببين فيها للمحاكمة . فقد أتت القضية التي اشترك فيها سمير زاهر، رئيس اتحاد كرة القدم، بالإضافة إلي كل من أحمد سليمان، مدرب حراس مرمي المنتخب، ومنير ثابت، رئيس اللجنة الأوليمبية، وشقيق سوزان مبارك زوجة الرئيس السابق حسني مبارك لتكون أولي قضايا الفساد التي تفجرت في الوسط الرياضي، فقد كشفت نيابة أمن الدولة أن زاهر استولي علي 14 مليون جنيه من أحد رجال الأعمال الروس لتسهيل شراء أرض في الغردقة ولعب زاهر دور الوسيط من خلال منح الأموال إلي منير ثابت لكن زاهر حصل علي الأموال ولم يردها حسبما جاء في اتهامات نيابة أمن الدولة، وقد تردد اسم أحمد سليمان في القضية الأمر الذي يؤكد أن هناك قضايا فساد أخري ستفتح في الأيام المقبلة وهذا الأمر يضع زاهر في مأزق نظرا لأنها لم تكن الواقعة الأولي لفساد زاهر . وكشفت أيضا الثورة عن القضية الثانية المتهم فيها حسن صقر، رئيس المجلس القومي للرياضة، بالاستيلاء علي 7 ملايين جنيه فقد تقدم المهندس عمرو السعيد، الرئيس السابق للاتحاد المصري للجمباز، ببلاغ للنائب العام يتهم فيه المهندس حسن صقر بالاستيلاء علي 7 ملايين جنيه من ميزانية الدولة والتي كانت مقررة لإعداد أبطال مصر الذين شاركوا في أوليمبياد الشباب التي أقيمت في سنغافور خلال شهر أغسطس من العام الماضي وتضمن البلاغ أيضا اتهام "صقر" بصرف مبالغ مالية تصل إلي 100 ألف جنيه شهريا إلي أشخاص وهميين لا يعملون بالمجلس القومي، كما اتهمه بصرف حوافز لنفسه ولمدحت البلتاجي المدير التنفيذي للمجلس القومي، واتهام الأخير أيضا بالحصول علي رواتب وحوافز مالية من شركة إنبي، وصرف مبالغ من المجلس القومي علي رحلات المقربين منه بمئات الآلاف من الجنيهات . ولعل هذه القضية ستكون الأولي لصقر بعد الثورة، ومن المنتظر أن تفتح باقي الملفات في المجلس خصوصا ملف بيع أراضي مراكز الشباب بعد تسقيعها، ومن المنتظر أن تظهر قضايا فساد أخري في اتحاد الكرة، خاصة بعدما طالب أيمن يونس، عضو مجلس إدارة الاتحاد، الحكومة الجديدة بفتح ملفات الفساد، مؤكدا أن البعض داخل الجبلاية تربح من وظيفته وحصل علي أموال طائلة . ثم أتت منظومة الأهرام للفساد لتفجر قضية أخري ولكنها أكبر فمن رئيس تحرير يقبض راتبا وعمولات تقدر ب 3 ملايين جنيه شهريا وخسائر فادحة بالمليارات ومظالم ومحسوبية ووساطة ووكالة فاسدة للدعاية والإعلان يجلس علي رأسها حسن حمدي وشركاه، فقد أصدر الجهاز المركزي للمحاسبات تقريرا مفزعا عن تفصايل الفساد في إدارة الإعلانات بمؤسسة الأهرام التي يتزعمها حسن حمدي والذي لديه عدة قضايا فساد أشهرها القضية رقم "812" لسنة 2005 حصر أموال عامة المتهم فيها حسن حمدي وآخرون بتهم الفساد والتربح، وقد كشف التقرير أن المخالفات لإدارة الإعلانات تسببت في خسائر للأهرام فيما يعادل ثلاثة أمثال رأس المال، وأشار التقرير إلي أن إدارة المؤسسة في عهدي صلاح الغمري، رئيس المؤسسة السابق، لم تلتزم باللوائح التي تنظم صرف الحوافز والعمولات وقد ارتكب الغمري مخالفات أهمها أنه وافق أن يحصل علي عمولات وحوافز بقرار من أحد مرؤوسيه وهو حسن حمدي المشرف علي قطاع الإعلانات بحجة أن هذا النظام كان معمولا به في عهد الرئيس الأسبق للمؤسسة إبراهيم نافع وهو ما يعد مخالفة إذ إنه لا يصح أن يقوم أحد المرءوسين بصرف حوافز أو مكافآت لرئيسه ففي القانون والعرف لا يجوز . كما كشف الجهاز عن وضع نظام جيد مازال ساريا لصرف العمولات والحوافز إلا أنه لم يعتمد من المجلس الأعلي للصحافة أو حتي من الجمعية العمومية للأهرام فقد بلغ ما أمكن حصره من حوافز وعمولات تحت مسميات مختلفة صرفت لكبار المسئولين بالمؤسسة في عام 2005 نحو 9.11 مليون جنيه في حين ذكر التقرير أن إجمالي ما تم صرفه تحت مسمي العمولة خلال 2005 بلغ 1.2 مليون جنيه، وتم الصرف لكبار العاملين بالمؤسسة بموافقة رئيس مجلس الإدارة والمشرف العام علي الإعلانات، أما المنصرف تحت مسمي حوافز ومصاريف فبلغ حوالي 4.4 مليون جنيه . فإذا كانت كل هذه الأموال قد نهبت في عام واحد فكم ستكون حصيلة الغنائم بعد 2005 وحتي الآن؟ فلم يترك الفساد ركناً من أركان المنظومة إلا وقد مسه فنجد أندية الشركات التي تعد ملكا للدولة خير مثال علي ذلك فكم تهدر من أموال تحت بند شراء اللاعبين فتصرف الملايين من أجل بناء فريق كل هذا علي حساب الشعب، وقد كشفت لنا قضية فؤاد عبد العليم، رئيس شركة غزل المحلة ورئيس النادي والمفوض العام، ومعه السيد خير الله، المستشار الإعلامي لرئيس النادي، مدي الفساد في الأندية وإلي أي حد قد امتد هذا الفساد فقد وصل إلي حد التلاعب في عشرة عقود خاصة بلاعبي الفريق الأول لكرة القدم بالنادي والتي تبلغ قيمتها 800 ألف جنيه ومن المنتظر أن يواجها عددا من الاتهامات من بينها إهدار المال العام والتربح غير المشروع من منصبيهما . في حين أتت الوقفة الاحتجاجية لحكام كرة القدم لتكشف لنا عن فساد آخر في الجانب التحكيمي حيث أوضحت هذه الوقفة عن المحسوبية والمجاملة في تعيينات الحكام وعدم إسناد المباريات للغالبية العظمي، وكشف أيضا أن حكما تمت مجاملته في امتحانات الترقي بالرغم من أن مستواه الفني متواضع ولا يحكم إلا في القسم الثالث أو الثاني، وقد أدت هذه الوقفة إلي إقالة محمد حسام من منصبه، ومن المنتظر أن يفتح ملف الفساد التحكيمي. وقد ضرب الفساد جميع الاتحادات فليس اتحاد القدم فقط الوحيد الذي لحق به الفساد إنما انتشر الفساد في ظل النظام البائد فنجد أن معظم الاتحادات تحصل علي الملايين تحت مسمي إقامة بطولات ومعسكرات وفي النهاية تكون الحصيلة صفر غير أنه لا توجد محاسبة لهذه الاتحادات عن هذه النتائج . وستشهد الأيام المقبلة فتح ملفات الفساد في جميع أركان المنظومة الرياضية في ظل شعار ثورة مصر في 25 يناير الماضي التي نادت بتطهير البلاد من الفساد.