كان ضباط مكافحة المخدرات في مصر يعملون بنظرية معروفة للقاصي والداني؛ وهي تجنيد تاجر مخدرات كبير لحسابهم؛ يتركوه يبيع ويشتري كيفما شاء؛ شريطة ان يسلم إدارة المخدرات عددا محددا سلفا من المتهمين والقضايا كل فترة؛ وبعد تطهير المنطقة التي يديرها هذا التاجر يتم إسقاطه وتصفيته بمعرفه أصدقائه من الشرطة نفسها؛ وخير مثال علي ذلك كبير النخيلة عزت حنفي الذي جسد قصة حياته أحمد السقا في فيلم الجزيرة؛ فهل تلعب قطر هذا الدور الآن؟ واذا كانت الاجابة ب "نعم"؛ فمن الادارة العامة لاسقاط الانظمة العربية الفاسدة؟!؛ فقد نجح مبارك ومن قبله بن علي ومن بعده القذافي ثم شاويش اليمن وعالة البحرين وكل الطغاة العرب ممن علي شاكلتهم في تكميم الأفواه في اعلامهم الرسمي والخاص لفترة طويلة جدا؛ لكنهم فشلوا في السيطرة علي بعض وسائل الاعلام العربية وعلي رأسها قناة الجزيرة؛ التي أصبحت "بعبعا" لغالبية الانظمة العربية رغم تحفظي الشخصي علي بعض توجهاتها وتغطيتها لبعض الاحداث في الشرق الاوسط لذلك بات الآن كل الرؤساء الطغاة يرفعون شعار: "الزعيم يريد اسقاط الجزيرة"؛ فمن قبل هاجمت أبواق مبارك وبن علي الاعلامية القنوات العربية خاصة الجزيرة متهمة اياها ببث الفتنة والعمل علي تقويض دعائم الامن والاستقرار؛ بل واتهمتها بالكذب والافتراء وتلفيق الاخبار؛ وزعمت أن ملايين المؤيدين خرجوا عن بكرة أبيهم لتأييد ودعم النظام الذي سقط بسهولة غريبة أمام ارادة الثوار وكأنه نمر من ورق؛ وها هو القذافي وهو رجل أصابه الجنون والكبر والترهل في السلطة يتحدث من خرابة اخترقتها طلقات الرصاص من كل ناحية وقبلها بيوم واحد شاهده الجميع وهو يركب توك توك ويمسك بشمسية يحمل قناة الجزيرة مسئولية ثورة الشعب الليبي بكل طوائفه ضده وما نتج عنها من مجازر واعتداء وحشي علي مواطنيه العزل؛ كل الطغاة العرب يتبعون منهجا واحدا؛ وسيناريو واحدا يتكرر باستمرار وكأننا أمام اعادة مستمرة لفيلم من أفلام الكارتون المملة؛ نفس الوجوه؛ نفس الغباء؛ نفس النهاية؛ ثلاثة سينايوهات مستنسخة حتي الآن؛ تونس الخضراء جنة الله في أرضه التي حولها بن علي الي كباريهات ومواخير وبيوت دعارة؛ ومصر العظيمة صاحبة خير أجناد الأرض حولها فرعون وجنوده الي دولة بوليسية يتسول ابناؤها من كل الدول بحثا عن لقمة العيش؛ وليبيا الأبية والكبرياء بلد عمر المختار اعظم مناضل في التاريخ حولها هبل القذافي ونظامه العجيب الي مقاطعات تعيش في القرون الوسطي؛ لغة الخطاب واحدة؛ الأمن مستقر؛ الشعب كله خلف القائد؛ قلة مندسة؛ أجندات خارجية؛ الجزيرة السبب؛ قمع وحشي واعتداء بربري علي الثوار؛ انهيار الشرطة أمام صمود الشعب؛ نزول الجيش؛ تهدئة مؤقتة للالتفاف علي مطالب الثوار؛ دعوة للحوار الوطني؛ المعارضة ترفض؛ اشتعال الموقف؛ ثم الرحيل الذي لا مناص عنه؛ تعددت الثورات والرحيل واحد؛ تباينت وسائل القمع والخزي واحد؛ والعار واحد؛ والظلم واحد؛ والله الأكبر من كل طاغية واحد؛ أما الشيء الذي يصيب المرء بارتفاع في ضغط الدم هو أن هؤلاء الطغاة يسقطون بنفس الطريقة؛ في نفس الوقت الذي لايتعظ فيه الآخرون؛ مع ان الجزيرة تنقل ما يحدث علي الأرض فعليا؛ نعم تنقل أخطاء وفضائح وكلامًا ما كان يجب أن يقال؛ تتجاوز أحيانا في التغطية خاصة المباشرة؛ ربما لها أهداف خفية ستكشفها الأيام القادمة خاصة أننا منتظرون لتغطيتها لما سيحدث في قطر بعد الدعوات المتتالية علي الفيس بوك للثورة علي الأمير وشيخته موزة في 16 مارس القادم لقد فاقت أخطاء أصحاب الفخامة والجلالة والمعالي والسمو "زعماء الوطن العربي" كل الحدود المقبولة؛ وفضائح الأنظمة العربية الفاشية أزكمت الأنوف؛ لقد حاربت الشعوب العربية سنوات وسنوات ضد المستعمر الأجنبي لتنال حريتها؛ فاذا بها تقع تحت نير رصاص وظلم وقهر وفساد مستعمر محلي؛ ينهب ثرواتها ويورثها لأبنائه؛ انه زلزال الشعب العربي الذي يضرب معاقل الظلم والطغيان؛ انه الزلزال الذي سيخرج من أصلاب هذه الثورات جيلًا مثقفًا لايعرف الخوف أو الصمت أو المداهنة؛ جيل يوحد الشتات العربي؛ ويقيم جيشا عربيا موحدا؛ وسوقا عربية موحدة؛ وعملة نقدية موحدة؛ وأيديولوجية حياتية عربية خالصة؛ إنها الرغبة العربية التي تريد اسقاط الفساد؛ واذا كان الزعيم يريد اسقاط الجزيرة؛ فإن الشعب يريد اعلاء الفضيلة؛ وارادة الشعب ثبت بالدليل القاطع إنها أقوي وأمضي من رغبات أي زعيم ورقي أو حتي زعيم عصابة.