بسبب غياب المعلمين والنظافة.. إحالة مخالفات في مدرسة ببني سويف للتحقيق    "جبران": 6200 فرصة عمل في مشروع محطة الضبعة النووية    التعريف ب "علم مصر" في الحصة الأولى بمدارس كفر الشيخ - صور    بالصور- محافظ بورسعيد يوزع الأقلام على التلاميذ داخل الفصول    نتيجة تنسيق الثانوية الأزهرية 2024.. الرابط الرسمي للاستعلام (فور إعلانها)    استقرار نسبي في أسعار الدولار مقابل الجنيه المصري: تحليل ومقارنة في البنوك    «تنمية المشروعات»: برامج تدريبية لدعم رواد الأعمال بالمحافظات ضمن برنامج «بداية»    السبت 21 سبتمبر 2024.. نشرة أسعار الأسماك بسوق العبور للجملة    السبت 21 سبتمبر 2024.. أسعار الحديد والأسمنت في المصانع المحلية اليوم    المشاط تبحث تعزيز الشراكة الاستراتيجية مع الوكالة الفرنسية للتنمية لدعم جهود التنمية الاقتصادية وتمكين القطاع الخاص    مجلس الأمن الدولي يحذر من التصعيد في لبنان    وزير خارجية إيران: إسرائيل ستنال الرد على هجماتها في لبنان    برلماني روسي يتوقع بدء المفاوضات بين موسكو وكييف في العام المقبل    أستاذ علوم سياسية: أمريكا أفعالها متناقضة مما يجعل إسرائيل تتمادي في إعتداءتها    تصرفات متهورة من إسرائيل.. برلماني: مصر حذرت مرارًا من عواقب التصعيد في المنطقة    مواعيد مباريات اليوم السبت في الدوري الفرنسي والقنوات الناقلة    تأهل علي فرج لاعب وادى دجلة لنهائي بطولة باريس للإسكواش    تشكيل الأهلي المتوقع أمام جورماهيا الكيني في دوري الأبطال.. ظهور يوسف أيمن    بدء العام الدراسي الجديد.. تخصيص الحصة الأولى بالمدارس للحديث عن المشروعات القومية    فيديو.. الأرصاد: مزيد من الانخفاض في درجات الحرارة الأيام المقبلة    "الحقونا إحنا بنموت": القصة الكاملة للمرض الغامض في أسوان    قتلت بنتها عشان علاج بالطاقة.. وصول المضيفة التونسية لمحكمة الجنايات    نائب وزير السياحة تشهد انطلاق حفل افتتاح الدورة الثامنة لملتقى «أولادنا»    بسمة بوسيل تنشر إطلالة جريئة لها.. وتغلق التعليقات (صور)    عمر عبد العزيز: "كريم عبد العزيز بيفكرني ب رشدي أباظة" (فيديو)    من هم الخلفاء الراشدين والتابعين الذين احتفلوا بالمولد النبوي؟.. الإفتاء توضح    «الرعاية الصحية» تطلق مبادرة «مرجعية» لتوحيد البروتوكولات الإكلينيكية للتشخيص والعلاج    زاهي حواس: حركة الأفروسنتريك تهدف إلى إثارة البلبلة لنشر معلومة زائفة وكاذبة    «بعد حبسه».. بلاغ جديد للنائب العام ضد الشيخ صلاح التيجاني يتهمه بازدراء الدين    حكاية بطولة استثنائية تجمع بين الأهلي والعين الإماراتي في «إنتركونتيننتال»    أسعار الأسماك اليوم السبت 21 سبتمبر في سوق العبور    انخفاض جديد في درجات الحرارة.. الأرصاد تزف بشرى سارة لمحبي الشتاء    الولاء والانتماء والمشروعات القومية.. أول حصة في العام الدراسي الجديد    ترتيب الدوري الإنجليزي الممتاز قبل الجولة الخامسة    بدء التصويت في الانتخابات الرئاسية في سريلانكا    بوتين يشكل لجنة لإمداد الجيش الروسي بالمتعاقدين    هاني فرحات وأنغام يبهران الجمهور البحريني في ليلة رومانسية رفعت شعار كامل العدد    بإجراءات جديدة.. المدارس تستقبل الطلاب في أول أيام العام الدراسي (تفاصيل)    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 21-9-2024    ما حكم تلف السلعة بعد تمام البيع وتركها أمانة عند البائع؟.. الإفتاء تجيب    أسعار الفاكهة في سوق العبور السبت 21 سبتمبر    بسبب سرقة «موبايل».. 3 أشخاص يستدرجون شابًا للمقابر ويقتلوه | تفاصيل    احتجزه في الحمام وضربه بالقلم.. القصة الكاملة لاعتداء نجل محمد رمضان على طفل    فلسطين.. شهيد وعدة إصابات جراء قصف الاحتلال لمنزل في خان يونس    رياضة ½ الليل| مواعيد الإنتركونتينتال.. فوز الزمالك.. تصنيف القطبين.. وإيهاب جلال الغائب الحاضر    هل يؤثر خفض الفائدة الأمريكية على أسعار الذهب في مصر؟    مريم متسابقة ب«كاستنج»: زوجي دعمني للسفر إلى القاهرة لتحقيق حلمي في التمثيل    وفاة والدة اللواء محمود توفيق وزير الداخلية    عبد المنعم على دكة البدلاء| نيس يحقق فوزا كاسحًا على سانت إيتيان ب8 أهداف نظيفة    "ألا بذكر الله تطمئن القلوب".. أذكار تصفي الذهن وتحسن الحالة النفسية    «الإفتاء» توضح كيفية التخلص من الوسواس أثناء أداء الصلاة    تحرش بهما أثناء دروس دينية، أقوال ضحيتين جديدتين ل صلاح التيجاني أمام النيابة    بدائل متاحة «على أد الإيد»| «ساندوتش المدرسة».. بسعر أقل وفائدة أكثر    ضائقة مادية.. توقعات برج الحمل اليوم 21 سبتمبر 2024    مستشفى قنا العام تسجل "صفر" فى قوائم انتظار القسطرة القلبية لأول مرة    عمرو أديب يطالب الحكومة بالكشف عن أسباب المرض الغامض في أسوان    جوميز: الأداء تحسن أمام الشرطة.. وأثق في لاعبي الزمالك قبل السوبر الأفريقي    أكثر شيوعًا لدى كبار السن، أسباب وأعراض إعتام عدسة العين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عن الفعل والفاعل والمفعول به
نشر في صوت البلد يوم 02 - 03 - 2011

أخشي أن تنعكس حالتي الفكرية علي قوام هذا الطرح، لكنني ألتمس عذرا من القارئ حيث أعترف بأنني في معاناه شديدة، وأحاول لملمة أفكاري المبعثرة في محاولة لفهم ما حدث في بلادي، علما بأنني لم أكن يوما معزولا عن الشارع بل أعيش وسط الناس متصلا بهم اتصالا حيا ومباشرا ويوميا، متصلا بكل أطياف المجتمع وطبقاته دون استثناء، كما أعترف بأنه وطوال العقد المنصرم كنت أسيرا لهاجس واحد سيطر علي أفكاري، هذا الهاجس كان هو: أن انفجارا سيحدث في بلادي لكن ليس في هذا الاتجاه المختلف المفاجئ، وكان سهم البوصلة يشير بقوة إلي حرب أهلية ستنفجر بين عنصري الامة المصرية، فقد كانت موجات الاحتقان الطائفي تزداد يوما بعد يوم وكانت نتائجها المتوالية طيلة السنوات العشر الماضية وقبلها بنصف قرن شديدة الوطأة علي مكون أصيل من هذه الأمة العريقة فقد اتخذه المناوئون للنظام وسيلة سهلة للانتقام. وعلي مدي عام كامل وطروحات كثيرة علي هذه الصفحة في هذه الجريدة وغيرها داخل وخارج مصر، حملت هذا النظام كله مسئولية دماء إخوة لي في الوطن ذهبوا ضحايا لمتوالية القهر الطويلة التي عاني منها المصريون كل المصريين نعم متوالية قهر لعقود طويلة فالنظام قهر الناس واستعبدهم، والناس قهروا بعضهم،ولان القهر يستلزم آليات للتمييز والفرز فقد تفنن المصريون في ابتداعها كما في كل المجتمعات المقهورة نعم ابتدعوا وسائل كثيرة لتفريغ شحنة القهر الهائلة التي بثها النظام في عظام الناس، وأعاد الناس بثها في بعضهم بتصنيفات عديدة؛ منها: الدين، والجنس، والعرق، والزي، واللقب، وغيره وغيره، ويوجد في بلادي عشرون علامة توضع علي السيارات لتمييز أصحابها عن بقية البشر، ويوجد في بلادي كم من الالقاب الزائفة والمناصب الهلامية لا مثيل له في الدنيا بأسرها، ووسائل أخري كثيرة لتفريغ شحنة القهر التي يبثها النظام في الناس ويعيد الناس بثها، موجات احتقان وعنف وفساد وفوضي في كل مناحي الحياه، يبثها المعلم في التلاميذ ويبثها الرئيس في المرءوس والجار في جاره وحتي الزوج في زوجته وأولاده. كما أن استيعاب ما جري في بلادي يحتاج إلي رؤيا متعددة الزوايا ولكن من يستطيع أن يري وسط هذا الدخان الكثيف؟ لذا أنصح القراء بتوخي الحذر في مطالعة هذا الطرح وغيره في هذا الحدث لأن الكتابة من قلب الحدث لها مخاطر عديدة، منها الانفعال وتأثير الميديا وتعقيدات المشهد والتطور المتسارع للأحداث، اضافة لنقص المعلومة الامينة المحايدة اضافة للخلفية السياسية او الايديولوجية للراوي أو المتلقي، خصوصا حدث بهذا الحجم وهذه المفاجأة، الحدث الذي أعتقد بأنه أعاد للمصريين ريادتهم التي ضاعت منذ عقود ودفنت تحت ركام من الفساد والاستبداد والقهر، مع ضرورة التمييز الذكي بين ما نقرأه وما نشاهده وما نسمعه، وهل هي تحليلات محايدة أم هي انطباعات أو تمنيات أو تصفية حسابات أو صوره من زاوية مفردة يبثها طرف أو أطراف لا نستطيع تبرئتهم أو اتهامهم نظرا لتعقيدات المشهد من شبهة انحياز قد يوصم بها الجميع في هذه اللحظة من التشنج والاصوات المبحوحة. إضافة لعامل مهم وهو ركوب الموجة من محترفي ركوب الموجات وتحويل اتجاهها ليصب في صالح أهدافهم الخبيثة وتفريغ هذا الحدث من محتواه النقي، واللذين يقولون بأن شهداء 25 يناير كانوا باكورة الضحايا لهذه الثورة نقول لهم إن شهداء القطارات المحترقة وشهداء العبارات الغارقة وشهداء قوارب تهريب البشر وشهداء الكنائس وغيرهم وغيرهم من شهداء الفساد. كل هؤلاء كانوا ضحايا هذا النظام الفاشل وتابعية المستفيدين من غبائه السياسي والامني، وكل هؤلاء الضحايا قبل 25 يناير كانوا المحفز والمحرض والدافع الرئيس لهذه الثورة، وما هؤلاء الأعزاء الذين دفعوا دمائهم في الميدان الشهير سوي ضحايا المشهد الأخير لهذا النظام.. وعندما اقول هذا النظام لا أقصد رأسه فقط ولكنني أقصد كل الهياكل الفاسدة التي صاحبته، كل الوجوه التي كانت علي الساحة، كل الاسماك النافقة التي كانت طافية علي السطح، في الحكم او خارج الحكم في النظام او خارج النظام، معارضين وموالين، كل الوجوه الكالحة التي ساهمت في إضفاء شرعية زائفة علي ممارساتة الغبية التي كادت أن تقذف بنا إلي المجهول. لكن يظل السؤال الكبير عن الفعل؛ أي ماذا حدث؟ وأعتقد بأن هذا السؤال سيظل مطروحا لعقود طويلة، نظرا لمعطيات انقلبت انقلابا علي كل النظريات المعروفة عن الثورات ومسبباتها ووسائل تنفيذها، فالحدث صدم كل أجهزة الرصد الاستراتجي في كل الدنيا.. أما عن الفاعل أي من هؤلاء؟ فبكل المقاييس هم ليسوا قطيعا من الجياع هبوا من اجل ملء فراغ البطون، فكل الشواهد علي الارض تكشف أن هؤلاء الشباب مستخدمي هذه الوسائل التقنية الحديثة المكلفة نسبيا كانوا علي الاقل من الطبقة الوسطي أو ربما هم الشريحة الأعلي منها، ونظرة سريعة علي مظهرهم (وأنا هنا أتكلم عن الموجات الاولي لهذا التسونامي العجيب) ربما تعزز المقولة، شيء آخر أنهم لم يكونوا فوضويين أو سفهاء بل كانوا منظمين واعين (ولا أزال أتحدث عن الموجات الاولي)، وفي هذا السياق لا أجد حرجا من أن ألوم نفسي ففي مرحلة ما عندما كنت أري تجمعاتهم في أي مكان وأستطلع مظهرهم وأزياءهم وأسمع أحاديثهم كان اليأس يتسرب إلي قلبي.. وفي هذا السياق وكما تحدثنا عن متوالية القهر يجدر أن نتحدث عن متوالية الحرية؛ فالشاب الامريكي الذي بث فيه مجتمعه روح الحرية أعاد بثها فكرا مبدعا وابتكر آلية للتواصل الانساني علي اتساع الكوكب، هذه الآلية التي أشعلت ثورة فريدة في التاريخ ربما تغير وجه هذه الامة وربما تغير وجه العالم، وهذا هو الفارق بين ناتج متوالية القهر وهو التعصب والعنف والحقد والاهانة، وناتج متوالية الحرية وهو الحياه والكرامة والابداع. وهؤلاء أيضا هم من كفروا بكل من علي الساحة كفروا بأحزاب وسياسيين وتيارات لم تنتج لنا سوي اطنان من الهراء وملوثات الماء والهواء وشعارات جوفاء، وطيلة نصف قرن احتلوا الواجهة مع الانظمة وتبادلوا الادوار وضاعت أرض وضاعت قضايا وضاعت قيم أصيلة ونبيلة وبرزت علي الساحة قيم مشوهة، وأعتقد أنه آن الأوان ليبتعد (عواجيز الفرح) وكل العواجيز ليفسحوا طريقا لهؤلاء الشباب الانقياء ليصيغوا مستقبلهم،
تكلمنا عن الفعل والفاعل، أما المفعول به وهم المصريون: فقد عاشوا عشرين ليلة بلا نوم، كما لم تحدث أزمة غذاء فهم لم يأكلوا، وخيم الخوف في سماء المحروسة علي كبارها وصغارها، فقراءها وأغنياءها كل ذلك عاشه المصريون بسبب الكبرياء والعناد، عناد النسر المقاتل الذي لو تقاعد بعد عشر سنوات لتربع في قلوب المصريين، إلي أن جاءت الليلة الموعودة أخيرا، أخيرا حط النسر العنيد، حط مرهقا بعد أن حلق آلاف الساعات من الطيران بسرعة الصوت، حط مرهقا بعد أن حلق قابضا بمخالبه القوية علي أمة بأسرها طيلة ثلاثين عاما، حط بعد أن وضعها علي حافة هاوية سحيقة طيلة عشرين يوما عاشها المصريون أسري كوابيس سيناريوهات مفزعة لم يكن لها سقف، سيناريوهات هي خليط من الخوف والرعب والفوضي والثورة والوحدة والانقسام والحب والكره والتعاطف والارق والقلق، إلي آخر كلمات قاموس الانفعالات الانسانية، وسيظل الجدل قائما عن الفعل والفاعل، أما المفعول به وهو الامة المصرية؛ فلا شك تحتاج إلي جهد المخلصين من أبنائها لتتجنب الدخول في النفق المعتم الذي لو قدر لها الدخول فيه فسيكون الخروج مستحيلا.

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.