تصاعدت حدة الاضطرابات والاحتجاجات الدامية في مختلف مدن ليبيا المطالبة بإسقاط نظام الرئيس معمر القذافي.. واتسعت دائرتها لتصل إلى العاصمة طرابلس، ودخلت منعطفا جديدا. حيث تمكن المتظاهرون في مدينة بنغازي من السيطرة على شوارع المدينة بعد أربعة أيام من المواجهات الدامية إثر تدخل قوات من الصاعقة إلى جانبهم واقتحام مديرية الأمن وإحراقها. وارتكب جنود ومرتزقة أفارقة مجزرة بالمتظاهرين أمس أوقعت مئات القتلى والجرحى. وتمكنت قوات الصاعقة من اخراج العناصر الأمنية والمرتزقة من داخل مديرية الأمن "الكتيبة" وسط المدينة وسلمت المبنى للمتظاهرين الذين أحرقوه واستولوا على ما فيه من الأسلحة. وقد عانا سكان بنغازي من التعدى السافر من قبل قوات الأمن والمرتزقة داخل المديرية الذين أطلقوا الرصاص والقذائف ورصاص الرشاشات الثقيلة المضادة للطائرات على المتظاهرين المحاصرين لهم واخترق الرصاص المنازل في المنطقة موقعا قتلى وإصابات بالمواطنين داخل بيوتهم. وقد تمكن المتظاهرين من الاستيلاء على دبابة كانت تقصفهم أمام مديرية الأمن، وعمت الاحتفالات والتى اطلق عليها المتظاهرين ب "تحرير بنغازي"، حيث رفع علم الاستقلال السابق وتعالت زغاريد النسوة. وفى تشابه بما قام به المصريين قام المتظاهرين والسكان بتنظيم حركة السير على التقاطعات في المدينة بعدما انسحبت أو فرت قوات الأمن وسيطر المحتجون على بنغازي، في حين تحدثت أنباء عن أن قوات الصاعقة توجهت إلى مطار بنغازي للسيطرة عليه. وعلى غرار الطريقة المصرية نظم أهالي المدينة لجانا شعبية للمحافظة على أنفسهم وممتلكاتهم، وجمع التبرعات لتوفير المؤن للمحتجين الذين يقفون منذ بدء الاحتجاجات أمام محكمة شمال بنغازي. وجاء هذه التطور بعدما واصلت قوات الأمن والمرتزقة من الأفارقة في وقت سابق من يوم امس إطلاق الرصاص والقذائف على المتظاهرين مخلفين 50 قتيلا و100 جريح وصلوا إلى مستشفى الجلاء وحده، وفق روايات شهود عيان، وذلك بعد ارتكاب تلك القوات مجزرة بالمدينة ونقلت مصادر طبية أن هناك أكثر من 300 جثة في الثلاجات، مؤكدا استمرار المظاهرات والاعتصام بعشرات الألوف أمام مقر محكمة شمال بنغازي حتى إسقاط النظام. ومن جهة أخرى، هدد زعيم قبيلة الزوية في شرق ليبيا بوقف صادرات النفط اذا لم توقف السلطات ما وصفه بقمع المحتجين. وتعليقاً على الاحداث الملتهبة المحامي والناشط الحقوقي الليبي فتحي تربل إن عدد القتلى الذين سقطوا برصاص قوات الأمن في بنغازي قد يصل إلى 200 قتيل وإن هناك ما بين 800 و900 جريح. ومن جانبه، أكد القاضي كمال حذيفة أن سيف الإسلام نجل القذافي اتصل به هاتفيا قبل ساعات وعرض على المتظاهرين تشكيل حكومة مدنية، في حين يبقى الأمن بيد القذافي، لكنه رفض وطالبه أن يسلم القذافي وعائلته أنفسهم مقابل ضمان سلامتهم كي يحاكموا. وأكد أن سقف المطالب ارتفع الآن، حيث لم يعد المتظاهرون يطالبون برحيل القذافي وإنما اعتقاله من أجل محاكمته. ووصف القاضي ماحدث في بني غازي والبلاد بجريمة إبادة جماعية، وأكد أن النصر قريب على من أسماه الطاغية، مشيرا إلى وجود أكثر من 100 ألف معتصم أمام محكمة شمال بنغازي متمسكين بإسقاط النظام. جاء هذا في الوقت الذي أكدت فيه مصادر ليبية موثوقة انضمام قبيلة ورفلة إحدى كبرى القبائل الليبية التي يبلغ عدد أفرادها نحو مليون شخص إلى المتظاهرين المناهضين للقذافي. وفى سياق الاحداث الملتهبة أمتدت المظاهرات الى العاصمة طرابلس ، وشهدت المدينة احتجاجات كر وفر بين متظاهرين شبان وقوات أمن بلباس مدني أطلقت الرصاص عليهم في الحي الصناعي والكرامة. كما شهد شارع السيدي وسط العاصمة مظاهرة حاشدة ، رغم موجة التهديد والقمع التي يتعرض لها المتظاهرون من الأمن وعناصر اللجان الثورية، في حين حاصرت قوات الأمن وعناصر البلطجية مقر المحكمة العليا الذي اعتصم فيه محامون وقضاة. وتجولت عناصر من حركة اللجان الثورية، معقل الحرس القديم في النظام، باللباس المدني في شوارع العاصمة على متن سيارات مدنية بعضها من دون لوحات تسجيل. وقام المتظاهرين بإحراق منزل القذافي في الزاوية وصورا له، وأوضح أن المحتجين انتشروا على مداخل المدينة لحمايتها ممن أسماهم ذوي القبعات الصفراء الذين تردد أنهم قادمون لقمع المظاهرات في الزاوية. ومن جهة أخرى شهدت مدينة "مصراتة" ،وهي ثالثة كبريات المدن الليبية وتقع شرق العاصمة طرابلس على شاطئ البحر الأبيض المتوسط، مواجهات عنيفة. وامتدت المظاهرات أيضا إلى مدن درنة والبيضاء وأجدابيا والقبة وطبرق وتاجورا وشحات، وسقط خلالها عدد من القتلى، وأحرق المتظاهرون مقار حكومية وأمنية وصورا للقذافي وأخرى لرموز النظام كالكتاب الأخضر. وتمكن المتظاهرون في شحات ودرنة من اعتقال العشرات من المرتزقة الذين يطلقون النار على المحتجين.