زار مسعود البرزانى، رئيس كردستان العراق بغدادن، اليوم الأحد، للمرة الأولى منذ أكثر من عامين فى خطوة نحو حل النزاعات بين الحكومة المركزية والإقليم المتمتع بالحكم الذاتى على الأراضى والنفط. وتأتى الزيارة بعد زيارة نادرة أيضا قام بها رئيس الوزراء العراقى نورى المالكى لكردستان العراق الشهر الماضى، التقى خلالها بالبرزانى لتخفيف حدة التوتر بين الزعيمين اللذين تبادلا الاتهامات بانتهاك الدستور. ولم يتحقق انفراج آنذاك، وكذلك اليوم الأحد لكن البرزانى وصف نفسه والمالكى "بالإخوة"، وقال إنهما اتفقا على "إعادة تفعيل" اللجان التى شكلت سابقا لحل النزاعات المستمرة منذ فترة طويلة بين الجانبين. وقال البرزانى، فى مؤتمر صحفى مشترك مع المالكى، إنه بالفعل توجد مشكلات وتوجهات مختلفة، لكن هناك دستورا يحتكم إليه كمرجع للاتفاق على حلول مناسبة. والدستور نفسه مصدر خلاف بين الطرفين، لأن كلا منهما يفسره بطريقة مختلفة ويختلفان على اختصاصات الحكومة المركزية والأقاليم، حيث كان آخر مرة زار فيها البرزانى بغداد فى عام 2010، خلال مفاوضات مطولة أفضت إلى توقيع "اتفاق اربيل" الذى شكلت بموجبه حكومة للعراق تقوم على تقاسم السلطة بين الشيعة والسنة والأكراد. ولم ينفذ الاتفاق تنفيذا كاملا مثله فى ذلك مثل الاتفاقات اللاحقة وتدور الخلافات منذ ذلك الحين بين الحكومة المركزية والأكراد حول النفط وبعض المناطق الواقعة على الحدود الداخلية بين كردستان وبقية العراق. ووقع الأكراد فى السنوات الأخيرة عقودا مع شركات مثل: اكسون موبيل وتوتال وشيفرون، أثارت غضب بغداد التى تصر على أنها الوحيدة صاحبة الحق فى السيطرة على التنقيب عن النفط فى العراق كله وتصديره. ولم يتوصل البرلمان العراقى إلى تشريع خاص بالثروة النفطية فى البلاد التى تملك رابع أكبر احتياطى نفطى بالعالم رغم مرور عشر سنوات على الإطاحة بصدام حسين. لكن الأكراد أقروا خلال هذه المدة قانونهم الخاص بالنفط والغاز ويمدون الآن الجزء الأخير من خط أنابيب مستقل إلى تركيا للتصدير وهو ما قد يقلل اعتمادهم على بغداد فى المساهمة بالميزانية المحلية للإقليم. ومن الممكن أن يساعد تحسن العلاقات مع الأكراد فى حماية المالكى من أثار الحرب الأهلية الدائرة فى سوريا، التى أججت التوتر الطائفى وشجعت المسلحين السنة على تحدى الحكومة المركزية التى يقودها الشيعة. ويقول نواب شيعة ومحللون إن التقارب بين الجانبين فى مصلحة البرزانى والمالكى معا إذ يتعرضان لضعوط داخلية من المعارضة وتوابع عدم الاستقرار فى سوريا. وقال رمزى ماردينى، من معهد العراق للدراسات الإستراتيجية فى بيروت "تحتاج اربيل إلى بغداد وتحتاج بغداد إلى اربيل. إذا كان البرزانى لا يستطيع التخلص من المالكى فالخيار الوحيد هو العمل معه". وأضاف "ما دامت اربيل تعتمد ماليا على بغداد فلا سبيل آخر. ولحسن حظ البرزانى يحتاج المالكى أيضا إلى التعاون معه الآن".