فتاة تعتبر إحدى رموز الإرادة الإنسانية ، إستطاعت ان تتخطى كل مراحل الصعاب ، لم تتوقف حياتها على فقدانها للعديد من حواسها الاساسية ، ولكن حفرت لنفسها مكاناً مميزاً فأصبحت " أنثى المستحيل " ... وهى الأديبة الأمريكية " هيلين كلير . قالت فى إحدى كتبها " " كن منشرح الصدر دائماً ولا تفكر في إخفاقات اليوم ولكن اهتم بالنجاحات التي ربما تأتي في الغد القريب" وكأنها كانت تريد أن تعطى الأجيال القادمة ، درساً ليتعلموا منه انه لا توجد حياه بدون عقبات ولتحثهم على تكمله مسيرة الحياه بدون توقف .
"هيلين كلير وهى صغيرة " ولدت هذه المعجزة فى 27 يونيو 1880 م ، فى تسكمبيا بولاية ألاباما الأمريكية ، وكانت طفلة تعيش حياتها كباقى الأطفال ، إلى أن جاء يوم أصيبت فيه بحمى فى المخ ، أفقدتها حاستى السمع والبصر وبالتالى القدرة على الكلام ، فتجردت هذه الفتاة من كل حواسها الأساسية فى سن مبكر ، وبالرغم من إصابتها بهذه "الإعاقة " كما وصفها البعض ، الا ان هذه الحالة كانت سبباً رئيسياً فى إدخالها لمرحلة من النبوغ والتحدى والإبداع . وفيما يخص الجانب التعليمى ، ذكر احد الأطباء الذى اطلع على حاله هيلين ، أنه يستطيع ان ينمى ذكائها ، وكان لجرهام بل دور كبير فى حياه " هيلين كلير ، حيث اوصى بإستخدام معلمه متخصصة لها ، لتساعدها فى تحسن حالتها ، وبالفعل تم إختيار (آن سوليفان) لتكون هى معلمتها ومرشدتها فى ذلك الوقت ، وكانت " سوليفان هى أكثر الأشخاص إحساسا بما تمر به كلير لانها عاشت نفس إحساس الحرمان من الحواس ، حيث فقدت " سوليفان بصرها نتيجه لاصابتها بمرض ما ودخلت على آثره معهد بيركنز للمكفوفين ، واستطاعت "آن" ان تستعيد بصرها مره أخرى بعد العديد من العمليات الجراحية ، وبالتالى أثرت هذه الحادثة فيها بشكل كبير فوهبت حياتها لمساعده من هم بحاجه إليها . " هيلين كلير " وجرهام بيل ونجحت " آن " فى تخطى كل حدود الإعاقة مع هيلين كلير ، فقامت بتعليمها كل صغيرة وكبيرة فى حياتها ، واستطاعت آن ان تجد المدخل الرئيس لتعليم " كلير " وهو حاسه اللمس ، فكانت كلير تبدى سعادتها عندما تلمس بيديها الماء فأثار هذا الأمر إهتمام آن ، فإستطاعت تعليمها الكثير عن البيئة المحيطة بها من خلال حاستى اللمس والشم . هيلين كلير مع معلمتها آن سوليفان عندما وصلت ( هيلين ) إلى العاشرة من عمرها أصرت على تعلم الكلام والنطق فاستجابت المعلمة لطلبها وذلك بعد أن لاحظت أن ( هيلين ) يمكنها فهم الأصوات وتمييزها عن طريق لمس حنجرة المعلمة وتحسس الذبذبات الصوتية بواسطة اللمس، وتمكنت ( هيلين ) من التحدث مع الناس وهي لا تسمعهم وذلك بتحريك شفتيها فقدمت عدد من الخطب القصيرة.
في عام 1900 التحقت ( هيلين ) بكلية “رد كليف” بصحبة معلمتها (آن) وكانت حينها في العشرين من عمرها، وكانت (آن) تعمل على ترجمة المحاضرات لها بطريقة لمس بطن كفها، وبعد أربع سنوات أنهت ( هيلين ) دراستها . هيلين بعد التخرج كانت حياه " هيلين " كفاحاً متواصلا من أجل لقمة العيش ، حيث قامت بعدة رحلات إلى مختلف أنحاء العالم زارت من خلالها العديد من المعاهد والمؤسسات التى شيدت لأمثالها من الأطفال الذين حرموا نعمة السمع والبصر ، وكانت "هيلين " تحدثهم بلسان معلمتها وتحكي لهم جانباً من تجاربها الخاصة في الحياة ، وبعد ذلك تفرغت "هيلين " للتأليف فوضعت عدداً كبيراً من الكتب والمؤلفات كما ظهرت في فيلم يحكي قصة حياتها . "هيلين كلير مع الرئيس الأمريكى السابق جون كيندى ومن أشهر مؤلفاتها : ( قصة حياتي ) و ( العالم الذي أعيش فيه ) و ( أغنية الجدار الحجري ) و ( الخروج من الظلام ) و ( إيماني ) و ( تفاؤل ) و ( الحب والسلام ) واستقبلها دوايت ايزنهاور ليهنئها على اختيارها واحدة من أهم 25 شخصية من معاصريها في الولاياتالمتحدة عام 1952 . سألوها يوماً : إذا أبصرت ما هو أول شئ تريدين رؤيته ؟ فقالت : أن أرى الناس الذين ساعدوني وشجعوني برحمتهم وصداقتهم . " هيلين كلير مع شارلى شابلن " وعندما زارت مصر عام 1952 وقابلت الدكتور طه حسين وقال لها الصحفي الكبير كمال الملاخ : ماذا تتمني أن تشاهدي لو قدر لك أن تبصري ثلاثة أيام ؟ فأجابته: أني أتمنى أن أرى هؤلاء الناس الذين عطفوا علي بحنانهم وجعلوا لحياتي قيمة وأشكرهم من أعماقي. وعندما اشتعلت نيران الحرب العالمية ، قامت بزيارة الجرحى والمصابين و عندما تعجب الناس ، قالت لهم أني أستطيع أن أتنقل وأنا عمياء وصماء وأنا سعيدة لأني أستطيع أن أقرأ أعمال الله التي كتبها بحروف بارزة لي فدائما عجائبه ومحبته تشملني. لقد استطاعت هيلين كيلر إقناع الأممالمتحدة بتأليف لجنة لوضع حروف دولية بطريقة برايل يقرأها المكفوفون جميعا وترجمت كتبها إلي 50 لغة. ورحلت هيلين كلير عن عالمها التى رسمته بأيديها فى 1 يونيو 1968 م.