كشف ممتاز السعيد، وزير المالية، عن اتفاقه مع الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، على عقد اجتماع الأسبوع المقبل مع مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر الشريف، بحضور خبراء وزارة المالية لمناقشة رد الوزارة على ملاحظات المجمع بشأن مشروع قانون الصكوك الإسلامية الحكومية السيادية الذي أعدته. وقال الوزير، في بيان اليوم الخميس، إن الاجتماع يأتي في إطار حرص "المالية" على خروج القانون مكتمل الأركان ودون أية شبهة مخالفة لأحكام الشريعة الإسلامية، حيث إن ما عرض على مجمع البحوث الإسلامية من قبل كان مجرد مسودة لمشروع القانون لاستطلاع رأي الأزهر والتشاور بشأنه، ومن ثم فإن الأمر لم يكن ليحتمل أن يرفض أو يوافق مجمع البحوث وإنما كان الموضوع محلا للتشاور والرأي. وأشار إلى أنه فور انتهاء المشاورات مع الأزهر والاستقرار علي النسخة النهائية لمواد المشروع، سيتم إحالته إلي مجلس الشوري باعتباره الجهة التشريعية للدولة، مؤكدًا أن الحكومة لم تقم بعد بإحالة المشروع للمجلس، وإنما ما زال لدى اللجنة التشريعية لمجلس الوزراء. وأوضح أن ملاحظات مجمع البحوث الإسلامية حول مشروع القانون تركزت كلها حول التخوف من نقل ملكية الأصول العامة للدولة لمالكي الصكوك، وهو ما قد يؤدي لتسرب ملكية هذه الأصول للأجانب، مشيرًا إلي أن تلك الملاحظات والمخاوف من البداية راعتها وزارة المالية حيث استبعد مشروع القانون العقارات المملوكة للدولة ملكية عامة من استخدامها كأصول تصدر مقابلها الصكوك، وفي ذات الوقت كفل المشروع حماية العقارات المملوكة للدولة ملكية خاصة التي تستخدم في هذا الغرض وتتمثل هذه الحماية في عدم جواز بيع أو رهن أو حتي الحجز علي تلك العقارات، كما أنه لن يترتب عليها أي حقوق عينية لمالكي الصكوك. وقال الوزير إن مواد مشروع القانون تؤكد ذلك، فمثلاً نصت المادة (7) الخاصة بالأصول التي تصدر مقابلها الصكوك على أن الأصول الثابتة التي ستصدر مقابلها الصكوك هي الأصول (العقارات والمنقولات) المملوكة للدولة ملكية خاصة "ويكون إصدار الصكوك مقابل حق الانتفاع بهذه الأصول دون حق الرقبة، وأيضا المادة (13) والتي تنص علي "لا يجوز الحجز أو اتخاذ أي إجراءات تنفيذية على الأصول التي تصدر بشأنها الصكوك، كما لا يجوز بيع أو ترتيب أي حق عيني على هذه الأصول، ويقع باطلاً أي إجراء أو تصرف يتم بالمخالفة لأحكام هذه المادة". وقال الوزير إن وزارة المالية استهدفت عند إعداد مشروع القانون ضمان توافقه الكامل مع أحكام الشريعة وكذلك ضمان عدم الاقتراب من العقارات والأموال المملوكة للدولة ملكية عامة أو التفريط في الأموال المملوكة للدولة ملكية خاصة. وقال إنه لتحقيق هذه المبادئ، فقد حرصت الوزارة منذ البداية على عرض الأفكار والمبادئ التي يمكن اتخاذها أساسًا لإعداد المشروع المشار إليه على ممثلي الأزهر الشريف ودار الإفتاء وممثلي كل من حزبي الحرية والعدالة والنور، وعدد من الخبراء المتخصصين في مجال الصكوك الإسلامية، من المصريين وغير المصريين، وعلى رأسهم د.حسين حامد حسان، خبير التمويل الإسلامي الدولي والذي كان قاسماً مشتركاً في كل خطوات الإعداد لمشروع القانون وصولاً لصورته النهائية، وكذلك على ممثلي كبريات المؤسسات الدولية أخذًا بعين الاعتبار التجارب الدولية في إصدار الحكومات لصكوك إسلامية، ومن ذلك أندونسيا وماليزيا ودول الخليج وتركيا وأوروبا وألمانيا تحديداً؛ حيث لايزال تأسيس واستكمال الإطار التشريعي للصكوك الاسلامية أهم التحديات التي تواجه تطور ونمو التعامل بالصكوك الإسلامية. وقال الوزير إن مشروع قانون الصكوك الإسلامية الذي أعدته وزارة المالية يتيح التعامل على كل أنواع الصكوك، والتي تجيزها الشريعة الإسلامية. وأكد أن اتخاذ حق الانتفاع ببعض العقارات أو المنقولات المملوكة للدولة ملكية خاصة اتخاذها أصلا لإصدار الصكوك الاسلامية تطبقه العديد من دول العالم، حيث إنها تعرض فقط تأجير حق المنفعة بالمشروعات والأصول دون التمتع بالملكية القانونية لهذه الأصول والمشروعات. وأضاف أن هناك أيضًا صكوك التمويل، وهي أدوات مالية لا تصدر في مقابل أصول من الأساس، وأشهر أنواعها صكوك المرابحة والتي تستخدم لشراء السلع الإستراتيجية مثل القمح والسولار والمعدات والآلات، وصكوك الاستصناع لبناء الطرق والكباري والموانئ والمصانع وشراء وتصنيع السلع، وصكوك السلم كبيع صادرات سلعية وزراعية مقدماً، وتحصيل قيمتها مقدماً لتوفير سيولة. وقال إن من الأنواع الأخرى أيضًا صكوك الإجارة وإجارة الخدمات والمنافع: لبيع حق الانتفاع أو تأجيره في أصول أو خدمات موجودة بالفعل، أو سيتم إنشاؤها، وذلك خلال فترة سريان الصكوك، ثم يتم استعادة حق الانتفاع عند رد الدولة لقيمة الصكوك، كما أن هناك صكوك الاستثمار التي لا تحتاج للأصول كي يتم إصدارها بضمانها كصكوك المشاركة والمضاربة والوكالة بالاستثمار والمشاركات الزراعية، والغرض منها توفير رأس مال المشروع بالمشاركة في موجوداته أو رأسمال المضاربة فيصبح مالكو الصكوك شركاء في المشروع. وأكد الوزير حرص وزارة المالية على عدم وجود أي ثغرات قانونية بمشروع القانون قد يستغلها البعض في التفريط بالعقارات والمنقولات المملوكة للدولة أو أن يستغل القانون كباب خلفي للتصرف في أصول أساسية للدولة. وأوضح أن ما يؤكد ذلك أيضًا أن مشروع القانون لا شأن له علي الإطلاق بنقل ملكية أموال الدولة للغير مقابل إصدار الصكوك أو تسجيل هذه الملكية، كما أنه ليس لمشتري الصكوك أي حق في التصرف بتلك الأموال التي تصدر مقابلها الصكوك، وإنما يتعين عليه إعادة حق الانتفاع بها للحكومة مرة أخرى عند انتهاء فترة الصكوك مع تعهد الحكومة برد قيمة الصكوك له، وعموما فإن صكوك الإجارة وهي الأكثر رواجًا تصدر لآجال من خمس إلى عشر سنوات فقط. ولفت الوزير إلى أن ما دفع "المالية" للنظر في إعداد مشروع قانون الصكوك، هو الحاجة الملحة للاقتصاد المصري إلى تنويع أدوات التمويل وقاعدة المستثمرين وتدبير العملة الأجنبية لتوفير الاحتياجات اللازمة للقيام بالأنشطة الاجتماعية التي ترعاها الدولة من بنية تحتية وإقامة مشروعات تنموية، وإحلال وتجديد للأصول الثابتة والمنقولة واستيراد السلع الاستراتيجية وتحسين خدمات الصحة والتعليم، وبالتالي المساهمة في تخفيف العبء عن الموازنة العامة للدولة، مؤكدًا أنه سيتم استخدام حصيلة تلك الصكوك في شراء السلع الاستراتيجية واستكمال مشروعات البنية الاساسية التي يحتاجها المجتمع الأمر الذي من شانه الإسهام بصورة غير مباشرة في تخفيض عجز الموازنة العامة للدولة. وأشار الوزير إلى أن ما يهم الوزارة والحكومة في النهاية هو المصلحة العامة للدولة، مؤكدا أن وضع مشروع لقانون الصكوك الإسلامية هو مسئولية وزارة المالية دون غيرها باعتبارها القوامة على شئون الخزانة العامة للدولة، وذلك لا يمنع من الحرص التام من جانب الوزارة على إقامة حوار مجتمعي مع جميع الجهات المعنية، بغية الاستقرار على أفضل الأحكام التي يمكن إدراجها ضمن مشروع القانون المطروح، مع التزام الوزارة الكامل بأحكام الشريعة الإسلامية، وحماية الأموال المملوكة للدولة، سواء ملكية عامة أو خاصة.