اشتعل الخلاف الذى سبق استفتاء 19 مارس من العام الماضى مجددا بين القوى السياسية والثورية فى مصر فى الوقت الراهن، حول إجراء الانتخابات الرئاسية اولاً أم وضع الدستور ، خاصة بعدما أصدرت المحكمة الدستورية العليا قراراً ببطلان تشكيل اللجنة التاسيسية للدستور وتكليف البرلمان بمجلسيه الشعب والشورى بتشكيل لجنة دستورية جديدة تضمن تمثيل كل التيارات السياسية وطوائف الشعب المختلفة. تصاعد هذا الجدل على خلفية اجتماع المجلس الأعلى للقوات المسلحة مع رؤساء الأحزاب السياسية مؤخراً للتشاور حول وضع الدستور قبل اجراء الانتخابات الرئاسية ، الأمر الذى أثار غضب الكثيرين من القوى الثورية والحزبية مستنكرين تدخل العسكري في أمور ليس من اختصاصه ، وهو ما اعتبره البعض محاولة جديدة من المجلس العسكري تأجيل الانتخابات الرئاسية مجددا للسطو على السلطة . كان النائب مصطفى بكري، عض المجلس العسكري، قد صرح من قبل أن المجلس الأعلى للقوات المسلحة يعتزم تأجيل الانتخابات الرئاسية، وتشكيل مجلس رئاسي مدني يدير مصر، ليتم وضع الدستور خلال تلك الفترة ومن بعد ذلك يتم الشروع في الانتخابات الرئاسية. يأتي ذلك في الوقت الذي تم فيه اقتراح تشكيل مجلس رئاسي مدني من قبل بعض التيارات السياسية لإدارة شئون البلاد لمدة سنة منذ تشكيله ، يتم خلالها صياغة الدستور الجديد، وطرحه للاستفتاء الشعبي، ومن ثم البدء في إجراء الانتخابات الرئاسية الجديدة، وبذلك لا ترى مصر رئيسًا جديدًا سوى بعد عام من الآن. قوبل هذا الاقتراح بهجوم شديد من قبل بعض التيارات،إلا أن المؤيدون له يؤكدون أن تشكيل المجلس الرئاسي المدني يساهم في حل إشكالية صلاحيات الرئيس الجديد، خاصة أن اجراء الانتخابات قبل الدستور يجعل الرئيس الجديد غير مُحدد الصلاحيات ، خاصة أن نظام الحكم لن يكون واضحًا، كما أن صلاحيات الرئيس لن تكون قد تحددت بعد، بما يعني أن إجراء الانتخابات أولا يعد مخالفة دستورية وقانونية، لا تأتي في الصالح العام، ولذا تم تدارك ذلك بفكرة طرح مجلس مدني بدلا من المجلس العسكري يتولى نفس المهام الحالية للمجلس العسكري، ويضمن صياغة الدستور في 6 أشهر ثم طرحه للاستفتاء وبعدها اجراء الانتخابات الرئاسية. اعتبر حزب العدل المصري، وهو أحد أقوى الأحزاب الليبرالية في مصر، فكرة وجود مجلس رئاسي مدني بأنها "انقلابا على الديمقراطية"، من شانه أن يفسد المرحلة الانتقالية الحالية بصورة كبيرة، داعيًا، في بيان صحفي له، كافة القوى السياسية بتفويت الفرصة، وعدم خلق أى ذرائع للانتكاس عن التحول الديموقراطى، وضرورة انجاز الدستور فى أسرع وقت ممكن دون تعجل ولا ابطاء بعد تشكيل لجنة تأسيسية ضمن معايير وتوافق حقيقى يجسد جميع ألوان وأطياف الشعب المصرى واتجاهاته الفكرية. من جانبه، أشار عبد الغفار شكر، وكيل مؤسسى حزب التحالف الشعبى الاشتراكى، إلى أن فكرة وجود مجلس رئاسي من شأنها إطالة عمر المرحلة الانتقالية الحالية، بما يضر بصورة كبيرة بالاقتصاد المصري، ويؤدي لإحداث تأثيرات سلبية وخيمة على كافة الأصعدة، كما أن ذلك يعني بأن المجلس العسكري لم يف بوعوده الخاصة بتسليم السلطة لرئيس مدني عقب حسم الانتخابات الرئاسية يونيو المقبل.