أجرى محمد عمرو وزير الخارجية اليوم الأربعاء مباحثات مكثفة مع نظيره الصينى يانج جى تشى امتدت لقرابة الثلاث ساعات تم خلالها استعراض التعاون الثنائى بين البلدين فى المجالات الاقتصادية والتجارية، وكذلك سبل تعزيز الاستثمارات الصينية فى مصر. كما تم خلال المحادثات بين الجانبين التأكيد على علاقات التعاون الاستراتيجى والعلاقات التاريخية المستمرة والمتصاعدة منذ عقود طويلة بين البلدين الصديقين وعلى المستوى الشعبى، والسبل المتاحة حاليا والاجراءات التى ستتم لتطوير هذه العلاقات والارتقاء بها إلى مستويات جديدة فى مجالات التعاون المختلفة. وخلال اللقاء، الذى حضره كبار مسئولى الخارجية الصينية، إضافة للسفير المصري لدى الصين أحمد رزق، تبادل الوزيران الصينى والمصري، وجهات النظر حول مجمل الأوضاع الاقليمية والعالمية ذات الاهتمام المشترك، وتطورات الوضع فى منطقة الشرق الأوسط وعلى رأسها الملف السورى. وكان وزير الخارجية المصري محمد كامل عمرو قد وصل إلى العاصمة بكين مساء أمس فى مستهل زيارة رسمية للصين، هي الأولى لمسئول مصري بهذا الحجم عقب ثورة 25 يناير، وتأتي تلبية لدعوة من وزير الخارجية الصينى يانج جيه تشي، وتأتي ضمن جولة تتضمن أيضا زيارة اليابان ومنها الى كوريا الجنوبية، ليرأس وفد مصر فى القمة النووية ثم يتوجه للعراق للمشاركة فى اجتماعات وزراء خارجية الدول العربية للأعداد للقمة العربية والتى تعقد فى بغداد 29 مارس. ومن جانبه قال المتحدث الرسمى باسم وزارة الخارجية الوزير المفوض عمرو رشدى إن وزير الخارجية محمد عمرو أكد خلال المباحثات تطلع مصر لاجتذاب المزيد من الاستثمارات الصينية، حيث أشار إلى أن حجم الاستثمارات الصينية فى مصر لايناسب مع المستوى الممتاز للعلاقات السياسية بين البلدين ولازال قاصرا عن الاستفادة الكاملة مما تقدمه مصر من مزايا استثمارية وما تتمتع به الصادرات المصرية المنشأ من إعفاءات ومعاملة تفضيلية فى العديد من الأسواق العربية والأفريقية والأوروبية. وأضاف رشدي أن الوزير الصينى عقب بالتأكيد على إدراك بلاده لما تمتلكه مصر من مزايا نسبية كبيرة، وعلى تشجيعها لزيادة الاستثمارات الصينية فى مصر، معربا عن تطلعه لتعاون وزارتى خارجية البلدين فى تذليل بعض العقبات والإجراءات الإدارية التى تواجه الشركات الصينية فى مصر، بما يسهل تسجيلها وعملها على نطاق واسع، وهو ما وعد الوزير عمرو بمخاطبة الجهات المصرية المختصة للقيام به فى أسرع وقت. وتناول وزير الخارجية أيضا مشروع المنطقة الاقتصادية فى شمال غرب خليج السويس، حيث أشار إلى أن مصر كانت حريصة على منح أول ترخيص للعمل فى هذه المنطقة لشركة صينية تقديرا منها لخبرة الشركات الصينية فى هذا المجال، معربا عن تطلع مصر للتعاون مع الصين أيضا فى تنفيذ المرحلة الثانية من المشروع. ومن جانبه أكد الوزير الصينى اهتمامهم باستمرار التعاون بين البلدين فى إقامة المنطقة الاقتصادية، معربا عن ارتياح بلاده لما تم إنجازه فى المرحلة الأولى من المشروع، كما أشار إلى الزيارة التى يقوم بها وفد من شركة شإؤء الصينية إلى مصر قريبا لإبرام اتفاق إنشاء المرحلة الثانية. وقال المتحدث الرسمى باسم وزارة الخارجية الوزير المفوض عمرو رشدى إن الوزير محمد عمرو تحدث أيضا عن إمكانيات التعاون بين مصر والصين فى مجال إقامة خطوط السكك الحديدية للقطارات فائقة السرعة، وكذلك فى مجالات الطاقة المتجددة وتوليد الكهرباء من الطاقة الشمسية، مشيرا إلى أن ارتباط الشبكة الكهربائية المصرية بسبع دول، منها دول أوربية، مما يوفر فرصة كبيرة للشركات الصينية للعمل فى مجال تصدير الكهرباء انطلاقا من مصر من خلال مشروعات مشتركة بين البلدين. كما عرض محمد عمرو إمكانيات مصر فى مجال التنقيب عن المعادن فى سيناء وباقى المناطق الصحراوية فى البلاد، وكذلك التنقيب عن النفط والغاز فى البحر المتوسط، وحث الشركات الصينية على المشاركة فى المناقصات التى تطرحها مصر فى هذين المجالين، وبخاصة المشروعات التى ستطرح قريبا لاستخراج الغاز من البحر الأحمر. وذكر المتحدث باسم الخارجية أن وزير الخارجية الصينى أكد دعم بلاده للشعب المصرى فى المرحلة الانتقالية التى تمر بها البلاد، وتقديرها لما أنجزته مصر حتى الآن من إجراء الانتخابات البرلمانية وبدء عملية انتخابات الرئاسة ووضع الدستور المصرى الجديد، وأكد احترام الصين لسيادة الشعب المصرى وحقه فى اختيار النظام السياسى للبلاد، كما أكد ثقة الصين فى قدرة مصر على تجاوز ما يواجهها حاليا منصعوبات اقتصادية مؤقتة. وأشار إلى أن عام 2011، رغم ما شهده من أحداث جسام فى مصر، فإنه قد شهد أيضا ارتفاع حجم التبادل التجارى بين البلدين إلى قرابة التسعة مليارات دولار، وكذلك ارتفاع الصادرات المصرية للصين بنسبة 65\%.وقال إن الشركات الصينية لم تنسحب من السوق المصرى العام الماضى، بل شهد العام ضخ استثمارات صينية جديدة فى مصر بقيمة 80 مليون دولار، مما يؤكد دعم الصين لمصر فى كافة الظروف، مشيرا إلى اعتزام حكومته تشجيع الشركات الصينية على زيادة وارداتها من مصر، كما حث الوزير الصينى الشركات المصرية على المشاركة فى معرض جوانجزو الدولى الذى يعد من أكبر المعارض التى تشارك فيها الشركات الراغبة فى التصدير للصين.وقال المتحدث الرسمى باسم وزارة الخارجية الوزير المفوض عمرو رشدى إن الوزير الصينى قدم الشكر للوزير محمد عمرو على ما قدمته مصر من تعاون كبير لإجلاء العمال الصينيين من ليبيا عبر مصر إبان الثورة فى ليبيا العام الماضى. وعلى الصعيد السياسى، أكد محمد عمرو وزير الخارجية التزام مصر الثابت بوحدة الأراضى الصينية وعلى تأييد مصر لموقف حكومة جمهورية الصين الشعبية إزاء قضيتى تايوان والتبت. كما بحث الوزيران التنسيق بين البلدين فى إطار منتدى التعاون الصينى العربى الذى يعقد فى تونس خلال شهر مايو القادم، وكذلك فى إطار منتدى التعاون الصينى الأفريقى الخامس الذى يعقد خلال العام الجارى أيضا. وتطرقت المباحثات إلى الشأن السورى، حيث عرض الوزير عمرو ثوابت الموقف المصرى القائمة على وقف إراقة الدماء مع الحفاظ على استقلال ووحدة سوريا، وأكد أن التوجه إلى مجلس الأمن كان بهدف وحيد وهو توفير الدعم الدولى للمبادرة العربية الرامية لإبقاء حل الأزمة فى الإطار العربى ورفض التدخل الخارجى فى القضية أو عسكرتها، وأكد ضرورة توجيه كافة الأطراف رسالة واضحة للحكومة السورية باستحالة استمرار الأوضاع على ما هى عليه، وقد اتفق الوزيران على دعم جهود كوفى عنان مبعوث الأممالمتحدة والجامعة العربية لحل الأزمة. وقد تطابقت وجهات نظر البلدين إزاء موضوع توسيع مجلس الأمن، حيث أكد الوزير محمد عمرو التزام مصر بالموقف الأفريقى الموحد الذى يعد السبيل الوحيد لتحقيق الطموحات الأفريقية المشروعة وتمثيل القارة فى عضوية مجلس الأمن على قدم المساواة مع باقى المجموعات الجغرافية. وفى ختام المباحثات، وجه الوزير محمد عمرو الدعوة للوزير يانج جى تشى لزيارة مصر، وقد قبل الوزير الصينى الدعوة، حيث سيتفق الجانبان لاحقا على موعد إتمامها. ومن جانبه قال المستشار الاعلامي المصرى لدى بكين أحمد سلام إن وزير الخارجية المصري سيعقد مؤتمرا صحفيا عالميا فى وقت لاحق بمقر السفارة المصرية فى بكين بحضور ممثلى وسائل الاعلام الصينية والعالمية، يتحدث خلاله أهداف زيارته الحالية للصين ونتائج مباحثاته مع المسئولين الصينيين ووجهة النظر المصرية من مختلف القضايا الإقليمية والدولية إضافة إلى تطورات الأوضاع الحالية فى مصر والعملية السياسية التى تتم حاليا لصياغة الدستور الجديد والتحضير للانتخابات الرئاسية