منذ فترة طويلة تتشابه سوق الاسهم في الجزائر مع اقتصاد البلاد من حيث كثرة القيود التنظيمية وضعف القدرات التنافسية وتراجع الاداء بالنسبة للامكانات. لذلك فان الخطط الجزائرية للسماح بدخول الاموال الاجنبية الى السوق قد تكون خطوة باتجاه تغيير اقتصادي واسع النطاق. وقال المدير العام للبورصة الجزائرية مصطفى فرفارة لرويترز ان الجزائر ستسمح للمرة الاولى للاجانب بشراء أسهم في الشركات المدرجة الا أنهم لن يتمكنوا من ذلك الا بشراكة مع مستثمرين جزائريين. وذكر أن الحكومة أقرت قانونا جديدا للبورصة جرى اعداده بمساعدة خبراء دوليين. وقال فرفارة (35 عاما) المسؤول السابق في البنك المركزي والذي تولى منصبه الحالي منذ خمسة أعوام في مقابلة في مكتبه هذا الشهر ان هذه الاصلاحات من المنتظر أن تجمع بين كل الاطراف المهتمة بالسوق المالية الوطنية ولاسيما المستثمرين الاجانب. وأضاف أن البورصة تدرك أهمية هؤلاء المستثمرين ومستعدة لبحث كل المقترحات والتوصيات والاجراءات الملائمة للسماح لهم بالعمل بنشاط داخل سوق الاسهم المحلية مع مراعاة ألا تسبب أنشطتهم ضررا للسوق. وقال ان البورصة ستبذل قصارى جهدها لتحسين شروط مشاركة المستثمرين الاجانب. ولم يقل فرفارة متى سيدخل القانون الجديد حيز التنفيذ ولم يخض في تفاصيل القواعد التي ستغطي عمل المستثمرين الاجانب. لكن بالنسبة للاقتصاد الجزائري الذي تهيمن عليه صناعة النفط والقطاع العام الضخم الذي حال دون وجود استثمارات خاصة جديدة قد يكون فتح سوق الاسهم تغييرا مهما. ففي الاشهر القليلة الماضية أظهرت الحكومة استعدادها لدراسة الاصلاح في بعض المجالات وقال وزير الطاقة والمناجم يوسف يوسفي في ديسمبر كانون الاول ان الجزائر ستعدل قانون النفط والغاز لاجتذاب مزيد من الاستثمار الاجنبي الى قطاع التنقيب المتعثر. ونقلت وكالة الانباء الجزائرية عن يوسفي قوله ان الجزائر ستراجع قيمة الضرائب المحصلة من المستثمرين الاجانب في قطاع الطاقة وكذلك بنود عقود المشاركة في الانتاج المطروحة على الشركاء الاجانب. وتعثر نمو سوق الاسهم التي أنشئت في أواخر التسعينات بسبب تدفق أموال طائلة على القطاع تالعام. وليس في السوق الا عدد قليل من الاوراق المالية المدرجة وحجم التداول يساوي جزءا بسيطا من النشاط في بورصتي المغرب وتونس المجاورتين. وقال فرفارة ان الجزائر تريد تنشيط سوق الاسهم اذ أنها لا تلعب حاليا دورا كافيا في تمويل الاقتصاد. وأضاف أن القيمة السوقية للشركات المتداولة أسهمها في البورصة تشكل 0.2 بالمئة من الناتج المحلي الاجمالي. وتتراوح النسبة في العديد من الاسواق الناشئة بين عشرة بالمئة و50 بالمئة. وقال الخبير الاقتصادي عبد المالك سراي الذي يدير مكتبا للاستشارات في الجزائر العاصمة انه يعتقد أن المستثمرين الاجانب سيرون فرصا كبيرة في الجزائر نظرا لغناها بموارد الطاقة اذ انها أكبر مصدر للغاز الطبيعي الى أوروبا. لكنه أضاف أن الاجانب يحتاجون مناخا تنظيميا أكثر تيسيرا ليضخوا أموالهم. وقال لرويترز ان السوق الجزائرية مازالت بكرا لكن يجب أن تقدم الجزائر ضمانات ومزيدا من الحوافز للاجانب. وأضاف سراي الذي كان مستشارا للرئيس الجزائري السابق الامين زروال ان اصلاحات البورصة قد لا تجتذب المستثمرين المحليين اذا لم تترك للشركات مجالا أوسع للاستثمار واغتنام الفرص. وقال انه يعتقد أن الشركات الوطنية ليست مستعدة للمعاونة في دعم البورصة بسبب غياب حرية التصرف في القطاع العام. وأوضح أن البنوك الحكومية على سبيل المثال مازالت عاجزة عن أخذ خطوات بدون الحصول على ضوء أخضر من المسؤولين الحكوميين. وأضاف أن الجزائر ينبغي أن تسمح بالمبادرات الحرة داخل القطاع العام اذا كانت تأمل حقا في تطوير الاوضاع في البورصة. وبالاضافة الى الروتين الحكومي فان مما يصد المستثمرين الاجانب في الجزائر النظام الاستثماري الذي يحدد سقفا لحصة الاجانب في المشروعات عند 49 بالمئة بينما يمتلك الشركاء الجزائريون النسبة المتبقية. لكن فرفارة يعتقد أن سوق الاسهم قد تكون وسيلة للمستثمرين الاجانب لتفادي هذا السقف. وأوضح أن الامور مختلفة في سوق الاسهم اذ سيكون مسموحا للمستثمرين الاجانب بشراء الاسهم وسيتمكنون من انشاء شركات من خلال اكتتابات عامة وهذا يعني أن الشريك الجزائري سيتألف من العديد من المساهمين. وأضاف أن العدد الكبير من المساهمين الجزائريين قد يسمحون للطرف الاجنبي بكسب السيطرة على ادارة الشركة لانه سيكون من الصعب أن يتحدث كل المساهمين الجزائريين بصوت واحد في اجتماعات مجلس الادارة. وقال فرفارة ان تنشيط سوق الاسهم قد يدعم الاقتصاد من خلال اتاحة مصدر تمويل جديد للشركات. وتعتمد ميزانية الجزائر بشدة على ايرادات مبيعات النفط والغاز التي تشكل نحو 96 بالمئة من الصادرات وتعتمد معظم الشركات على البنوك الحكومية لتمويل المشروعات. وأضاف فرفارة أن الهدف هو تقوية رأس المال المساهم به للشركات وتعزيز ملاءتها وأهليتها للتمويل من خلال النظام المصرفي كما أن البنوك ستطور مصادر جديدة للايرادات. ويعتقد بعض المحللين أن الحكومة قد تكون مستعدة لفتح سوق الاسهم لتفادي اصلاحات اقتصادية واسعة النطاق. فالنظام المصرفي المتصلب قد يحتاج الى سنوات للموافقة على قرض بسيط لشركة وتريد الحكومة اتاحة قنوات أفضل للشركات للحصول على التمويل حتى تستطيع التحول الى رموز وطنية وتحل محل الشركات الاجنبية في قطاعات مثل البنية التحتية والانشاءات. لكن فرفارة يعتقد أن تطوير سوق الاسهم قد يكون له أثر أعمق على الاقتصاد عن طريق التشجيع على تأسيس المشروعات والمخاطرة بطريقة صحية. وقال ان البورصة تسعى لنشر ثقافة تداول الاسهم داخل المجتمع الجزائري. المصدر رويترز