مع تصاعد نجم الفصائل ذات المرجعية الدينية في مصر، ونجاحهم في الحصول على الأغلبية ببرلمان الثورة، يعيش مسيحيو مصر في قلق بشأن هذا الصعود السياسي للتيار الديني، خاصة أن تمثيلهم في البرلمان المصري ضعيف جدًا، يأتي هذا الشعور على الرغم من كون تلك الفصائل قد أعلنت غير مرة أنها تحترم حرية الآخر، ولا تعمل على التمييز بين المسلمين والمسيحين، وأنها ستطبق مبدأ المواطنة، ولا تراجع عن مدنية الدولة. يطالب أقباط مصر بوضع مميز لهم في اللجنة التأسيسية للدستور الجديد، بما يضمن تمثيلا كافيًا لهم، موازيًا لنسبة تمثيلهم في مصر، وهو الأمر الذي نادى به كثيرون من الناشطين، وأعضاء مجلس الشعب أيضًا. وضع المراقبون عدد من المقترحات لدرء أية فتنة بين الطرفين قد تؤثر على مسيرة البلد في المستقبل، كان الدستور عاملا رئيسيًا فيها، إذ نادوا بضرورة تناول الدستور موادًا خاصة بحقوق الأقلية المسيحية في مصر، وحرية التعبير الديني، فضلا عن الاهتمام بالحركات الشعبية والحوار الشعبي في (بيت العائلة المصري)، الذي يجمع بين طياته المسلمين والاقباط. قالت د. منى مكرم عبيد، أستاذة الإقتصاد و العلوم السياسية، إن النظام السابق صنع من الإخوان المسلمين فزاعة للمسيحيين حتى يرتمى المسيحيين في حضن النظام السابق. طالبت بضرورة تشريع قانون داخل الدستور الجديد يعمل على تجريم قمع حق التعبير الديني بمختلف أنواعه، بما لا يضر المجتمع العام، وهو أبرز آليات تطبيق الديمقراطية. من جانبه، أشار أمين إسكندر، عضو مجلس الشعب الجديد عن قائمة الحرية و العدالة، إلى أن حزبه مع فكرة المواطنة مع جميع الأقليات في مصر، و لابد من حل مشكلة التمييز لأنها (مشكلة معقدة)، ولن يحلها الدستور وحده، مشددًا على ضرورة وجود نوع من (الحوار الشعبي)، على الرغم أن الدستور أو خطوات حل هذه المشكلة. نوه أن من أسسوا حركة كفاية، وهي من أقوى وأبرز حركات المعارضة في مصر أثناء حكم الرئيس السابق حسني مبارك، كانوا يعبرون عن نسيج الوطن المصري، والتف عدد كبير حولهم، وكانوا لا يعبرون عن ديانات الوطن، وعلى هذا فلابد ألا نهاب صعود الإسلاميين للحكم بمصر. مرّ الأقباط بعدد من الحوادث الطائفية على مدار العام الماضي، كان أولها ليلة رأس السنة، وأثناء احتفالاتهم بأعياد الكريسماس، وهو حادث تفجير كنيسة القديسين بالاسكندرية، ثم توالت الأحداث عقب الثورة، مثل حادث اعتداء مجموعة من السلفيين عن كنيسة السيدة العذراء بإمبابة، كمحاولة لإنقاذ فتاة مسيحية قيل أنها أعلت إسلامها وتدعى "عبير"، ثم أحداث كنيسة "عين شمس" حين رفض عدد من أهالي المنطقة إفتتاح كنيسة هناك بحجة أنها غير مرخصة، ثم حادث كنيسة "الماريناب" بأسوان، والذي تلاه واحدة من أكثر الأحداث قسوة على المسيحين في مصر، بل على المسلمين أيضًا، وهي أحداث "ماسبيرو"، والتي تم الاعتداء فيها على الاقباط ودهسهم بالمدرعات أمام منطقة ماسبيرو أثناء تظاهراتهم السلمية، وأخلت القوات المسلحة آنذاك مسئوليتها عن الحادث، وقالت أن هناك متطرفون أو طر ثالث يثير الفتنة بين الطرفين، فتضامن المسلمون مع الاقباط ورواحوا يؤكدون على روح التآخي بين الطرفين. في أكتوبر الماضي أصدر رئيس الوزراء السابق د.عصام شرف قرارا بتشكيل "بيت العائلة المصرية"، وهو مجلس برئاسة د.أحمد الطيب، شيخ الأزهر، والبابا شنودة الثالث بطريرك الأقباط الأرثوذكس، ومقره الرئيسى مشيخة الأزهر بالقاهرة، يهدف للحفاظ على النسيج الاجتماعى لأبناء مصر بالتنسيق مع جميع الهيئات والوزارات المعنية فى الدولة، ويتكون من عدد من العلماء المسلمين ورجال الكنيسة القبطية.. وكمحاولة لتهدئة الأقباط في مصر، وافق بيت العائلة على اقتراح باعتماد لائحة خاصة ببناء الكنائس على غرار اللائحة الخاصة ببناء المساجد. نوه سامح فوزي، الباحث السياسي، إن ما يحدث من بعض القلة المتعصبين من مهاترات لا يقلق الأقباط في مصر، مؤكدًا على أن هناك إتجاهات فقهية غير مصرية تريد أن تدخل على الجسم المصري، ويجب التصدي لها. وصف الأسئلة العبثية الساذجة القائمة على أساس ذكورى دينى "إسلامى" مثل هل يجوز للمرأة الترشح لمجلس الشعب ؟ أو هل يجوز للمسيحى أن يكون رئيساً لمصر أم لا ؟ ب "قمة التدهور".