طالبت النيابة العامة، أمس، بالاستعانة بلجنة من الأطباء النفسيين المشهورين لفحص سائق المقاولون المتهم بقتل 6 من العاملين بالشركة وإصابة 6 آخرين بالرصاص، للتأكد من مدى سلامة قواه العقلية أثناء تنفيذ الجريمة. فيما قدم محاميه صورة من حكم بالبراءة صادر من محكمة جنايات الإسماعيلية فى واقعة مماثلة. وقال ممثل النيابة أمام المحكمة إن المتهم قتل أبرياء دون ذنب لهم، وأطلق الرصاص عليهم بشكل عشوائى دون تمييز. ظل المتهم طوال الجلسة يدير ظهره إلى الحضور فى القفص. وبكى المتهم فى الجلسة عندما وصفته النيابة بالمجرم الشيطان.. قررت المحكمة برئاسة المستشار إميل حبشى مليكة، رئيس محكمة الجنايات، تأجيل القضية للمرافعة.وفقا لصحيفة المصري اليوم طلب محمود عبود، ممثل النيابة، تشكيل لجنة خماسية تضم الأطباء: «أحمد عكاشة ويحيى الرخاوى ومحمد نجيب ومحمد مهدى وهشام السبكى» لفحص المتهم والتأكد من سلامة قواه العقلية. فسألت المحكمة دفاع المدعين بالحق المدنى عن رأيهم فى طلب النيابة، فوافقوا على الطلب. فيما قال دفاع المتهم إن اللجنة السابقة أكدت أن المرض الذى دفع المتهم لارتكاب الجريمة مرض عالمى، وطلب براءة موكله وقدم صورة من حكم صادر بالبراءة فى واقعة مماثلة بالإسماعيلية. كانت المحكمة قد تسلمت تقرير الصحة النفسية الخاص بالمتهم، الذى أثبت أن الجانى يعانى مرض «الهذيان الاضطهادى»، الذى يعرف طبياً باسم «البارانويا»، وأن أعراض هذا المرض هى سبب قتله المجنى عليه الأول وقد يكون من توابع المرض قتله باقى الضحايا. وأكد التقرير فى جزء آخر منه أن المتهم مسؤول مسؤولية جزئية عن ارتكابه الجريمة. داخل قاعة محكمة جنايات الجيزة بدار القضاء العالى، دارت أحداث الجلسة الرابعة لمحاكمة سائق المقاولون العرب «محمود طه أحمد سويلم»، صاحب ال54 عاماً، المتهم بقتل 6 وإصابة 6 آخرين من العاملين والموظفين بشركة المقاولون العرب.. عدد قليل من أسر الضحايا حضروا داخل القاعة، وتحدثوا إلى وسائل الإعلام، وطالبوا بتوقيع أقصى عقوبة على المتهم الذى حول أطفال إلى أيتام وزوجات إلى أرامل بسبب جريمته البشعة. وعلقوا على تقرير الصحة النفسية الذى تسلمته المحكمة فى الجلسة الماضية، مؤكدين أن المتهم يقف فى القفص فى كامل قواه العقلية وأنه يدّعى المرض للهروب من العقاب. دخل المتهم يجرّ قدميه، وأودعه الحرس قفص الاتهام، وبمجرد أن دخل أدار وجهه عن الحضور، وجلس على الأرض يخفى وجهه بكفيه، دموعه سقطت على ملابسه.. نظر المتهم خلسة بين الحضور فى القاعة، فلمح فقط بينهم شقيقه يجلس بعيداً، يشير إليه بيده، يشد من أزره. بدأت الجلسة بقراءة أمين سر المحكمة قرار الإحالة، وقال إنه فى يوم 6 يوليو 2010 ارتكب المتهم جريمة القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد بأن قتل 6 من موظفى شركة المقاولون العرب وأصاب 6 آخرين، حيث حاز وأعد سلاحاً آلياً وأخفاه تحت كرسى الأتوبيس وارتكب الجريمة. بعدها طلبت النيابة توقيع العقوبة المقررة طبقا للقانون، وقالت إن القضية تضمنت اعترافات المتهم، وأرفقت بها التقارير الفنية الخاصة بتشريح جثث الضحايا والكشف الطبى على المصابين وتقرير المعمل الجنائى الذى أثبت أن المقذوفات المستخرجة من أجساد الضحايا والمصابين تتطابق مع الطلقات الحية التى عثر عليها فى مسرح الجريمة، وأنها خرجت من السلاح المضبوط نفسه. كان ممثل النيابة الحاضر فى المحكمة أفاد فى الجلسة الماضية بأنه تسلم تقرير الصحة النفسية الخاص بالمتهم، الذى أعدته لجنة من الأطباء بمستشفى الأمراض العصبية والعقلية بناء على طلب من هيئة المحكمة فى الجلسة الماضية. وتسلمت المحكمة التقرير، وفتحه رئيس المحكمة، وأثبت فى محضر الجلسة أن التقرير جاء فى 7 صفحات، وتضمن التقرير أن المتهم يعانى مرض «الهذيان الاضطهادى»، وأن أعراض المرض هى سبب قتل المجنى عليه الأول، وربما يكون المرض من توابعه ارتكاب المتهم جريمة قتل باقى المتهمين. وأضاف التقرير أن المتهم كان ولايزال فى حالة من الوعى والإدراك والقدرة على التمييز قبل وأثناء وبعد تنفيذ الجريمة. وأوضح التقرير الطبى أن المتهم كان يتعمد التظاهر ببعض الأمراض داخل المستشفى من أجل التحايل على لجنة الفحص الطبى. وقررت اللجنة أن المتهم مسؤول مسؤولية جزئية عن فعل الجريمة وفقا لنص الفقرة الثانية من المادة الثانية من القانون رقم 71 لسنة 2009 بشأن رعاية المريض النفسى، التى تنص على أن «يظل مسؤولا جنائيا الشخص الذى يعانى وقت الجريمة من إضراب نفسى أو عقلى أدى إلى انتقاص من إرادته أو اختياره». وقال الدكتور شوقى عامر، أستاذ الطب النفسى، ل«المصرى اليوم»، إن هذا المرض يجعل الإنسان غير مدرك خطورة ما يفعله، وإنه لا يفكر فى نتائج الفعل إلا بعد أيام من ارتكابه. وأشار مصدر قضائى إلى أن هذا التقرير ربما يكون أحد أبرز أسباب الإعفاء أو تخفيف العقوبة عن المتهم، ويرجع الحكم الأخير إلى هيئة المحكمة. وخلال ترحيل المتهم من القاعة إلى حجز المحكمة لحين اتخاذ قرار المحكمة التقته «المصرى اليوم».. وقال: «لا أعرف ما الذى حدث.. أنا لم أرتكب أى جريمة.. أنا راجل غلبان.. ولو عاد بى الزمن لم أفكر لحظة فى ارتكاب مثل تلك الجريمة.. فمعظم الضحايا أصدقاء لى وكانوا يعاملوننى بكل احترام».