عشرة سنوات كاملة مرت على نشاط التمويل العقاري فى مصر دون تحقيق المأمول منه بسبب المعوقات الكثيرة التي واجهته خلال تلك السنوات والتي أدت الى توفير تمويلات فقط لاتتجاوز الخمس مليارات جنيه خلال تلك الفترة . مبادرة التمويل العقاري التي طرحها البنك المركزي لتمويل محدودي ومتوسطي الدخل بعائد منخفض اعتبرها البعض طوق النجاة للقطاع خلال الفترة المقبلة وسط إقبال كبير من البنوك للمشاركة في تلك المبادرة ليصل عددهم الى 11 بنكا الا إن نقص الوحدات المخصصة لتلك الفئة يعد المشكلة الأبرز التي تواجه المبادرة الفترة الحالية خاصة وأن التمويل العقاري يشترط أن تكون الوحدة جاهزة حتي يتم منح التمويل لها . الخبراء أوضحوا أن ارتفاع أسعار الوحدات السكنية المقدمة لشريحة محدودى الدخل لا تتناسب مع قيمة الدخول الثابتة لشريحة العملاء المستهدفين ، بالإضافة إلى أزمة تسجيل الوحدات السكنية بالمدن الجديدة الى جانب أن المبادرة تحدد ثمن الوحدة لمتوسط الدخل بنحو 300 الف جنيه وهو ما يخالف الواقع مما يهدد بنمو التمويل العقاري وربما اكتمال مبادرة المركزي .في حين أكدت شركات التمويل العقاري قدرتها على مواجهة تلك التحديات موضحة أن مشكلة عدم وفرة الوحدات لمحدودي الدخل ستنتهي قريبا خاصة وأن الدولة تولى اهتماما كبيرا بهذا الملف من خلال الاعلان عن بناء مليون وحدة سكنية خلال خمس سنوات بخلاف مشروع الاسكان الاجتماعي . مي عبد الحميد رئيس صندوق ضمان ودعم التمويل العقاري تؤكد أن مشاركة 11 بنك في المبادرة التي انطلقت بتواجد 4 بنوك بقيادة البنك المصرفي مطلع العام الجاري تمثل خطوة غير مسبوقة من القطاع المصرفي والذي لم يعد دوره يقتصر على تمويل القطاعات التجارية،مؤكدة قدرة الصندوق على تمويل مزيد من المواطنين مع وجود هذا العدد من البنوك خلال الفترة المقبلة. وأضافت عبد الحميد أن توحيد الإجراءات والمستندات المطلوبة للحصول على الوحدة لدى كافة البنوك المشاركة بالمبادرة يسهل على المواطنين الراغبين في تملك وحدة سكنية عَبر المبادرة . وحول أزمة نقص الوحدات السكنية الموجهة للشريحة المستهدفة من المبادرة، أوضحت أن المبادرة ستحصل على جزء من الوحدات التي تنفذها وزارة الإسكان حاليا لصالح مشروع الإسكان الإجتماعي،فضلا عن تخصيص نسب محددة في المشروعات السكنية الأخرى التي ستدشنها الدولة خلال الفترة المقبلة. وأضافت أن هناك بعض الشركات العقارية التي أعلنت عن استعدادها للتعاون مع الصندوق لدعم عملائهم من متوسطي الدخل والذين تتضمنهم المبادرة،وهو ما يبشر بزيادة عدد الوحدات السكنية التي سيتم منحها دعما من المبادرة وكذلك عدم وجود عائق يخص قلة الوحدات السكنية المعروضة للدعم. وقال اسماعيل عبدون ،العضو المنتدب لشركة الأهلي للتمويل العقاري ، أن اشتراك مزيد من البنوك بالمبادرة يعكس الدور الوطني للقطاع المصرفي في مساعدة الدولة لحل أزمة شريحة كبيرة من المواطنينن المحتاجين لمطلب أساسي هو الوحدة السكنية،موضحا أن اشتراك هذه البنوك يأتي بعد دراستها لطبيعة المشروع وتأكدها من تحقيق العديد من المزايا والتي يأتي في مقدمتها توسيع نشاط وقاعدة العملاء المتعاملين مع هذه البنوك. ويرى عبدون أن نقص الوحدات المطروحة ضمن المبادرة قد تواجه البنوك والصندوق في البداية ولكنها لن تستمر طويلا خاصة مع نشاط وزارة الإسكان في إنهاء جزء كبير من وحدات الاسكان الإجتماعي فضلا عن الوحدات التي سيقوم الصندوق ببنائها وإدخالها ضمن المبادرة،لافتا إلى أن ال10آلاف وحدة الأولى ستحدد طريق المبادرة خلال مرحلتها الثانية. وتابع : رغم أهمية قطاع التمويل العقاري في توفير وحدات سكنية لكافة الشرائح التي تحتاج لوحدة إلا أنه كان مكبلا بالمعوقات القانونية خلال المرحلة السابقة،ولكن هذه المبادرة وقيادة البنك المركزي لها يعتبر نهاية لتراجع دور التمويل العقاري في مساعدة المواطنين بمختلف شرائحهم فى الحصول على الوحدات السكنية المناسبة لهم . هالة بسيوني، رئيس الجمعية المصرية للتمويل العقاري والعضو المنتدب للشركة المصرية للتمويل العقاري، قالت أن زيادة عدد البنوك المشاركة في مبادرة البنك المركزي لتمويل محدودي ومتوسطي الدخل توفر مزيد من السيولة لتمويل ألاف الوحدات السكنية،مشيرة إلى أن اتحاد هذا العدد من البنوك بقيادة البنك المركزي لتمويل هذه الشريحة يعكس إهتمام الدولة بحل أبرز المشكلات التي تواجه المواطن وهي مشكلة السكن. وتتوقع هالة انضمام مزيد من البنوك للمبادرة خلال المرحلة المقبلة ، وهو الدور الذي يقوم به القطاع المصرفي ضمن واجبه الإجتماعي تجاه شريحة كبيرة من المجتمع المصري والتي لا تضم محدودي الدخل فقط ولكنها تضم متوسطي الدخل أيضا. ويري طارق متولي نائب العضو المنتدب ببنك بلوم-مصر، –أحد البنوك المنضمة للمبادرة –أن انضمام بنكه للمبادرة يساهم في توسيع قاعدة عملاء البنك،الى جانب كون المبادرة فرصة للبنك للقيام بدوره الإجتماعي لخدمة ومساعدة شريحة كبيرة في الحصول على وحدة سكنية مدعمة،فضلا عن الفائدة المالية التي تعود على البنوك من المبادرة. وأكد متولي أن عدم مساهمة البنوك في حل أزمة الوحدة السكنية خلال المرحلة الماضية نتيجة القيود القانونية المفروضة على نشاط التمويل العقاري بأكمله والتي كانت طاردة للعملاء للحصول على وحدة سكنية بنظام التمويل العقاري وكذلك ارتفاع نسبة الفئدة الممنوحة على التمويل،لافتا إلى أن الفائدة الجديدة والتي تصل ل7% لمحدودي الدخل و8% لمتوسطي الدخل لا تقارن بالفائدة القديمة. وأوضح أن قيادة البنك المركزي للمبادرة يبشر بانضمام مزيد من البنوك للمبادرة خلال المرحلة المقبلة خاصة وأنه الداعم الرئيسي للمبادرة وللبنوك المشاركة. مجدي الدين إبراهيم رئيس شركة تعمير للتمويل العقاري "الأولى" سابقا يرى أن ازدياد عدد البنوك يبشر بدور قوي للتمويل العقاري خلال المرحلة المقبلة وهي الفترة التي يستعد فيها السوق العقاري للنهوض واستعداد العديد من المستثمرين لضخ استثمارات جديدة وبناء مزيد من الوحدات السكنية بالسوق،خاصة الوحدات التي تنتمي لشريحة الإسكان المتوسط والتي تأتي ضمن المبادرة. وأوضح أن الشركات العقارية يمكنها الاستفادة من المبادرة بشكل غير مباشر وذلك عَبر بناء مزيد من الوحدات السكنية ضمن شريحة الاسكان المتوسط وتجربة بناء وحدات لمحدودي الدخل،وهو ما يضمن مزيد من التشغيل للشركات العقارية وسرعة تسويق وبيع منتجاتها ومحاولة سد العجز في الوحدات السكنية المعروضة بالسوق. وطالب إبراهيم بأن تمتد المبادرة لتشمل شركات الاستثمار العقاري التي تدشن وحدات سكنية لمتوسطي الدخل وذلك لإحتواء الفجوة الحالية بين العرض والطلب والتي قد تكون أبرز المعوقات التي تواجه المبادرة في الفترة المقبلة وبعد نفاذ وحدات المرحلة الأولى من المبادرة. وأكد حمدي عزام عضو مجلس الإدارة التنفيذي ببنك التنمية الصناعية والعمال أن التوقعات الخاصة بنهوض السوق العقارية خلال المرحلة المقبلة ونجاح مبادرة المركزي للتمويل العقاري دفعت البنك للإشتراك بالمبادرة خاصة وأنها تسعى لخدمة قطاع كبير من المواطنين ،مشيرا إلى أن ما يزيد من فاعلية المبادرة توحيد الإجراءات المطلوبة من البنوك والصندوق وسهولتها. وأضاف عزام أن هذه المبادرة من شأنها دفع أعمال التشييد والبناء بالقطاع العقاري وتنشيط السوق،كما أنها ستعمل على نشر ثقافة التمويل العقاري في المجتمع المصري وأهمية هذه الوسيلة في توفير وحدة سكنية للمواطن .