"المرض عدو يواجهه المصريون بمفردهم في ظل حكومة منشغلة بالسياسة وشركات إحتكارية تبحث عن مصالحها فقط " وأصبح الحصول على الأدوية في مصر، من الصعوبات التي تواجه المرضى بعد الأزمات الدوائية المتتالية الناتجة عن نقص أو اختفاء الأدوية الضرورية والأساسية من السوق، الأمر الذي يمثل انعكاسا طبيعيا لحالة انعدام الرؤية وعشوائية التخطيط في السياسات الدوائية المصرية. وازاد الخطر بعد توقعات برفع أسعار الأدوية في أكتوبر المقبل وفقا لما أكده مصدر مسئول بوزارة الصحة أن الوزارة تخطط لرفع أسعار 50 صنفا قريبا وخاصة الأدوية المهمة التي تعالج أمراض القلب والسكر والكبد. وقال الدكتور جمال بقطر عضو شعبة الصيدليات بغرفة القاهرة التجارية ان شركات التوزيع ليس لها صلة بازمة نقص الدواء من السوق المحلية ،فهي تعاني ايضا من نقص في الادوية التي تقوم بتوزيعها . واضاف ان نقص الدواء يرجع الي ثبات منظومة الأسعار منذ الثمانينيات رغم التغيرات التي حدثت بالنسبة لسعر صرف الدولار واسعار المادة الخام ومواد التعبئة والتغليف، وهو ما ادي الي تقليل المصانع من انتاجها او التوقف عن انتاج بعض الاصناف والتي لا تقارن اسعارها مع اسعار المواد الخام او تكلفة التصنيع. واوضح بقطر ان اختفاء 800 دواء من السوق مع عدم رغبة المواطن في الحصول علي الصنف البديل او المثيل يتسبب في خسائر كبيره للصيدليات والشركات ، مما دعا اصحاب الصيدليات للمطالبة بزيادة 25% زيادة علي النسب المقررة لهم من وزارة الصحة كهامش ربح خاصة مع عدم وجود كثير من الادوية علي رف الصيدلي وتأثير ذلك على دخله. واشار الي ان شركات القطاع العام المصنعة للادوية هي الاكثر تضررا من الفارق بين التسعيرة الجبرية للدواء وبين ارتفاع اسعار الدولار والمواد الخام مما تسبب في خسارتها 150 مليون جنيه هذه السنة. وطالب بقطر بضرورة اعادة هيكلة القطاع العام بالكامل وكذلك الشركة القابضة للادوية ، مع زيادة التصدير لتعويض هذا القطاع عن بعض خسائره بالاضافة الي ضمان توفير الدواء للمريض. من جهته أكد محمود فؤاد، رئيس مركز الحق المصرى للدواء، إن الشركات الأجنبية تمارس نوعا من الاحتكار والتي يهمها جنى الأرباح في المقام الاول ، منوها بأن عددا من الأدوية التي تنتجها هذه الشركات توقفت فجأة عن إنتاجها لأسباب غير معلومة وهى أدوية يستخدمها المريض المصرى بصفة أساسية. وأوضح محمود أنه برغم أن مصر وفرت كل السبل لشركات الأدوية الأجنبية لتعظيم مبدأ حق المريض في الدواء ووصلت نسبة إنتاجها من جملة السوق المصرية ب50% وقدرت أرباحها لعام 2012 ب15 مليار جنيه ، إلا أنها لم تلتزم بالميثاق الأخلاقى للممارسات التسويقية للدواء في السوق المصرية . طالب فؤاد وزارة الصحة بتحمل الخطر الذي بات يهدد سوق الدواء المصرية، موضحا أن قطاع صناعة الدواء في كل البلدان يحقق أرباحا خيالية بالمقارنة بصناعات أخرى. الدكتور محمود العشري رئيس شركة بايوتك لمستحضرات التجميل ، أشار إلى ان هناك 5 شركات كبري هي المختصة بتوزيع الادوية "المتحدة وفارما وابن سينا والمصرية لتجارة الادوية ، نافيا وجود أية مؤامرات أو شبهة احتكار في نقص الأدوية سوى ما قرررته الشركة القابضة من "لبن الاطفال والانسولين" والتي توزعهم الشركة المصرية لتجارة الادوية التي تعتبر احدي الشركات التابعه لها. واضاف ان هذه الشركات تتنافس مع بعضها لكسب السوق في صالحها وليس من شأنها ان تمنع وصول ادوية لتتسبب في أزمة الدواء الحالية، لافتا الي ان تلك الازمة المتسبب فيها في المقام الاول التسعيرة الجبرية علي عبوات الدواء والتي لم تتغير منذ فترة طويلة وتعتمد علي تكلفة التصنيع في حين ان اسعار الدولار تحث فارق كبير في تلك التكلفة حيث ترفع سعر المادة الخام فتسبب خسائر للشركات قد تضطرها الي التوقف عن الأنتاج لوقف نزيف الخسائر. في حين أكد الدكتور محمود فتوح رئيس نقابة الصيادلة الحكوميين، إن هناك العديد من الشركات الأجنبية تتحكم في سوق الدواء المصرية، لأن مصر تستورد المواد الخام للأدوية ولا توجد منافسة بين الدواء المصري والمستورد خاصة وان صناعة الدواء في مصر مكلفة جدًا للحكومة. أشار إلى أن حدوث أي خلل في استيراد المواد الخام الدوائية من الخارج يأتى بسبب نقص السيولة المالية أو مشاكل عند الموردين. واستنكر فتوح عدم وضع مسئولي وزارة الصحة وخاصة الإدارة المركزية للدواء سياسات لمواجهة مشاكل الدواء واحتكارها في السوق المصرية، خاصة أن المريض المصرى تحت رحمة الشركات الأجنبية وتضطر وزارة الصحة للموافقة على أي مطالب لتوفير الدواء في السوق. وأضاف في تصريحات صحفية ، أن الأدوية المصنعة محليا لا تغطى كل احتياجات السوق من الدواء حيث تستورد مصر نحو 10% من احتياجاتها من الأدوية (في شكلها النهائى)، بالإضافة إلى أن 90% من الأدوية المستوردة من الخارج هي من نوعية الأدوية الضرورية "مثل الأنسولين وأدوية علاج السرطان وألبان الأطفال" والتي تسبب عند نقصها أزمة كبيرة داخل المجتمع المصري.