انتشرت القوات الأمنية بشكل مكثف السبت في جوبا عاصمة الجنوب عشية الاستفتاء حول مستقبل جنوب السودان، في حين كشف زعيما الشمال والجنوب عما ينويان القيام به خلال مرحلة ما بعد الانفصال الذي بدا بالنسبة اليهما حتميا.وبعد الاحتفالات الصاخبة والمسيرات الداعية إلى التصويت مع الانفصال التي أقيمت الجمعة، توقفت كل هذه المظاهر السبت بناء على تعليمات مفوضية الاستفتاء التي منعت أي دعاية في اليوم الأخير ما قبل الاستفتاء. ولم يسجل في كامل الجنوب أي نشاط يدعو إلى الوحدة طيلة الفترة المخصصة للحملة الانتخابية. وانتشر حوالى خمسة آلاف عنصر من الجيش الشعبي لتحرير السودان ومن الشرطة الجنوبية في شوارع جوبا استعدادا للحدث الكبير الأحد، وهم كانوا تلقوا تدريبا خاصا لحفظ الأمن انتهى مطلع كانون الأول/ديسمبر الماضي. دوفي حادث أمني قد يعرقل أعمال الاستفتاء في إحدى ولايات الجنوب أعلن مسئول عسكري في الجيش الشعبي لتحرير السودان أن أربعة أشخاص على الأقل قتلوا في هجوم قام به مسلحون تابعون لفصيل جنوبي متمرد صباح السبت على قوات هذا الجيش في ولاية الوحدة. وقال فيليب اغوير المتحدث باسم الجيش الشعبي لوكالة فرانس برس "هاجم رجال مسلحون الجيش الشعبي لتحرير السودان وقد وقع أربعة قتلى". وأفادت مصادر متطابقة ان الهجوم وقع في ساعة مبكرة من السبت في إقليم مايوم في ولاية الوحدة التي توجد فيها منشآت نفطية. واتهم الجيش الشعبي عناصر تابعة لزعيم ميليشيا مناهض للجيش الشعبي يدعى غاتلواك غاي بالوقوف وراء هذا الهجوم.في الإطار نفسه صدرت مواقف مساء الجمعة من كل من الرئيس السوداني عمر حسن البشير ورئيس حكومة الجنوب السوداني سالفا كير اعتبرت بمثابة تثبيت مواقف واستشراف للمستقبل المتجه بالنسبة اليهما إلى الانفصال. سالفا كير قام مساء الجمعة بالتوقيع في جوبا على 16 قانونا لها علاقة بالوضع الدستوري للجنوب خلال مرحلة ما بعد الاستفتاء المقرر الأحد وكأنه بذلك يستبق النتائج. وتتناول هذه القوانين شؤون دمج المسرحين من الجيش الشعبي في المؤسسات المدنية، والدفاع المدني والمؤسسات المدنية ومعاملة معاقي الحرب والسجون والمواصفات والمقاييس.وبعد التوقيع قال وزير الشؤون القانونية في حكومة جنوب السودان جون لوك جوك إن هذه الخطوة "تأتي ضمن ترتيبات الحكومة لمواجهة الأوضاع في فترة ما بعد الاستفتاء".وأضاف أن الجنوب الذي ما زال يرتبط بقوانين ودستور دولة السودان الموحدة سيحتاج إلى صياغة وسن قوانين خاصة به، لأن "القوانين الحالية ستصبح قوانين دولة أجنبية في حال اختيار الجنوبيين للانفصال، وهو ما سيخلق فراغا قانونيا نحاول ان نملأه بهذه القوانين". ومقابل هذه الخطوة السيادية كان الرئيس السوداني عمر حسن البشير يعلن في حديث تلفزيوني مواقف لها علاقة بما بعد الانفصال. فالجنوب بالنسبة اليه في حديثه الى قناة الجزيرة "يعاني من مشاكل كثيرة ويفتقر الى مقومات الدولة".كما قدم الرئيس السوداني صورة عما سيكون عليه الوضع بعد الانفصال موضحا أن الجنوبيين المقيمين في الشمال سيعاملون كأجانب. وقال ان "تقرير مصير السودان حق أعطي حصريا للمواطن الجنوبي وإذا قرروا تقسيم السودان لدولتين وقيام دولة خاصة بهم ليس هناك من موجب لإقامتهم" في الشمال.وأضاف "هم يعتبرون ان المواطن الجنوبي في الشمال مهمش ومن الدرجة الثانية، فلماذا تريد اخذ جنسية دولة تهمشك؟". وتدارك البشير "اما إن أرادوا الإقامة في الشمال والتمتع بكل الحقوق فليتوحد السودان وليس هناك منطق يجعلهم يأخذون نفس الحقوق والامتيازات بالشمال"، مشددا على أن "مسألة الجنسية المزدوجة غير واردة بالنسبة لنا".كما أكد أن الجنوبيين الذين يشكلون نحو 20% من الموظفين في الإدارات العامة وفي الجيش والقوات الأمنية سيستبدلون بآخرين من الشمال.وأعلنت الأممالمتحدة أن أكثر من 120 الف جنوبي كانوا يعيشون في الشمال عادوا الى الجنوب مع اقتراب موعد الاستفتاء الا ان مئات الالاف الآخرين لا يزالون في الشمال وهم سيشاركون في استفتاء الجنوب اذا رغبوا بذلك.وكان البشير رغم المرارة التي صبغت حديثه التلفزيوني اكد مرارا انه مستعد للقبول بنتيجة الاستفتاء مهما كانت. ويستعد مراقبون دوليون وعرب للمشاركة في مراقبة هذا الاستفتاء الذي يرجح ان يشهد انقسام اكبر دولة افريقية من حيث المساحة.