يقف الرئيس المصري السابق حسني مبارك، الذي كان سقوطه بمثابة إشارة لبدء انتفاضات أخرى في العالم العربي، في قفص الاتهام الأربعاء أمام محكمة جنايات القاهرة ليواجه خصوصا تهمة "القتل العمد"وهي جريمة تصل عقوبتها إلى الإعدام. وستعقد محاكمة مبارك (83 سنة) الذي حكم مصر بيد من حديد لمدة 30 عاما، في مقر أكاديمية الشرطة بضاحية القاهرةالجديدة (شرق العاصمة المصرية) مع نجليه علاء وجمال وكذلك وزير الداخلية السابق حبيب العادلي وستة من معاونيه. ويحاكم غيابيا في القضية نفسها حسين سالم الذيب رجل الأعمال المقرب من مبارك، والذي فر بعد اندلاع الانتفاضة المصرية في الخامس والعشرين من كانون الثاني/يناير الماضي إلى أسبانيا حيث وضع منذ 17 حزيران/يونيو الماضي قيد الحبس الاحتياطي على ذمة التحقيق في اتهامات ب"غسل الأموال والاحتيال والفساد". ووجهت الى هؤلاء جميعا اتهامات بسرقة ملايين الدولارات من أموال الدولة وإصدار أوامر بقتل المتظاهرين أثناء الانتفاضة التي أسقطت الرئيس السابق. ووضع الرئيس السابق في الحبس الاحتياطي منذ نيسان/ابريل الماضي في مستشفى شرم الشيخ الدولي حيث يعالج من مشكلات في القلب. وكان نقله الى القاهرة وإيداعه السجن مطلبا رئيسيا للمتظاهرين في ميدان التحرير الذين اتهموا خلال الأسابيع الأخيرة المجلس العسكري الممسك بالسلطة بالتباطؤ في محاكمة رموز النظام السابق. ومثل كل رؤساء مصر منذ العام 1952، فان مبارك ابن المؤسسة العسكرية وهو ما يجعل محاكمته مصدر حرج للمجلس الأعلى للقوات المسلحة الممسك بزمام السلطة منذ الحادي عشر من شباط/فبراي، برأي المحللين. وقبل بضعة شهور كانت محاكمة مبارك تبدو ضربا من الخيال وما زال كثيرون لا يصدقون انه سيحاكم بالفعل. ولكن المجلس العسكري المتهم كذلك بالتباطؤ في الإصلاح وفي تطهير مؤسسات الدولة من رجال نظام مبارك، حريص على ان يؤكد التزامه بمحاكمة كل المتهمين بانتهاك حقوق المصريين. ووعد رئيس محكمة جنايات القاهرة القاضي احمد رفعت الاحد بمحاكمة سريعة. وقال ان المحاكمة ستنقل على الهواء "لطمأنة المصريين" بشأن عدالة المحاكمة. وأكد ان جلسات القضية ستعقد "يوميا الى ان يتم الانتهاء منها" في رد غير مباشر على اعتقاد سائد بأن المحاكمة ستؤجل بمجرد افتتاحها. وما زالت التساؤلات مطروحة عما إذا كانت حالة الرئيس السابق الصحية ستسمح بنقله من شرم الشيخ إلى القاهرة ام لا. والأسبوع الماضي، قال وزير الصحة عمرو حلمي للصحافيين أن حالة مبارك الصحية تسمح بنقله إلى القاهرة. إلا أن وكالة أنباء الشرق الأوسط نقلت السبت عن مصدر طبي مسئول بمستشفى شرم الشيخ الدولي أن "الحالة الصحية للرئيس السابق مستقرة نسبيا لكنه يعاني من حالة اكتئاب حاد مما أدى لإحجامه عن تناول الطعام لأوقات طويلة رافضا التعامل مع الأطباء النفسيين". وكان محاميه فريد الديب قال الشهر الماضي ان موكله يعاني من سرطان في المعدة وانه "في غيبوبة تامة". وتعتبر محاكمة الأربعاء التي ستعقد في قاعة تتسع ل 600 شخص، الاخيرة في سلسلة محاكمات لرموز النظام السابق. وصدرت بالفعل احكام بالسجن على بعض الوزراء السابقين وخصوصا حبيب العادلي وزير داخلية مبارك. وستكون محاكمة مبارك تاريخية فهو اول رئيس دولة عربي يسقطه شعبه وتتم محاكمته في بلده. وقتل قرابة 850 شخصا معظمهم من الشباب اثناء "ثورة 25 يناير" كما اصيب ما يزيد على ستة الاف اخرين. ويطالب أهالي الضحايا والمصابين بالقصاص من مبارك والعادلي الذي يتهمونه بنشر قناصة على أسطح البنايات المطلة على ميدان التحرير لقتل المتظاهرين أثناء الانتفاضة. وأعلن رئيس محكمة استئناف القاهرة عبد العزيز عمر السبت انه تم تكليف "الجهات المختصة بتجهيز مقر انعقاد المحاكمة داخل أكاديمية الشرطة على نحو يليق بعقد جلسات المحاكمة، بوضع المقاعد وقفص الاتهام ومنصة المحكمة واتخاذ التدابير الأمنية اللازمة لتأمين المحكمة لضمان حسن سير العدالة". وأكد مصدر مسؤول بمديرية امن جنوبسيناء أنه تم "اعداد خطة أمنية شاملة لتأمين مبارك فى حال نقله خارج المحافظة" لافتا الى "عدم تلقي المديرية اي توجيهات رسمية (بعد) بموعد نقله".