إعداد : مصطفى الزمر نتائج المحادثات بين إيران والقوى الست حول الموضوع النووي، لم تفاجيء أحدا. هناك اعتقاد منذ اسابيع بأنه رغم التقدم ما زالت هناك فجوات كثيرة لا تسمح بالتوقيع على اتفاق شامل في الموعد المحدد. فشل المحادثات أدى إلى تمديدها للمرة الثالثة بسبعة أشهر. جذور الخلاف موجودة في المواقف الاساسية المتناقضة بين الاطراف: إيران تصر على الاحتفاظ بقدرتها على الوصول إلى السلاح النووي خلال أشهر معدودة اذا قررت ذلك، في الوقت الذي تلتزم فيه الولاياتالمتحدة بمنع ذلك. وانطلاقا من هذا الامر يمكن تلخيص نقاط الخلاف بخمس مسائل: ٭ القيود على تخصيب اليورانيوم: وافقت الدول الست على السماح لإيران بتخصيب اليورانيوم على افتراض أنه بغير ذلك لا يمكن تحقيق الاتفاق. من الواضح بالنسبة لهذه الدول أن هذا ما يغري إيران على السعي للحصول على السلاح النووي. وتكتفي هذه الدول بتقييد التخصيب – حول عدد اجهزة الطرد المركزي ونوعيتها، مستوى التخصيب وكمية اليورانيوم المخصب التي ستُسمح لها – وانتاج البلوتونيوم، على أمل أن يؤدي ذلك إلى وقف إيران. الجدل الأساس يتعلق بخطورة القيود التي ستفرض على التخصيب. ٭ موضوع التقدم: تحديد المدة الزمنية التي تحتاجها إيران للتقدم من لحظة اتخاذ القرار وحتى القنبلة، وهذه مسألة حاسمة، لأن المدى الزمني سيحدد اذا كان بالامكان وقفها في الموعد. تستطيع إيران اليوم انتاج القنبلة في عدة أشهر، وهي تسعى للحفاظ على هذه القدرة في الوقت الذي تطلب فيه الولاياتالمتحدة زيادة الوقت لسنة على الأقل. ٭ مدة الاتفاق: تطلب إيران أن تكون مدة الاتفاق بين ثلاث – خمس سنوات، بعدها تُزال القيود عن البرنامج النووي، والولاياتالمتحدة تطلب توقيع الاتفاق لمدة عشرين سنة. ٭ الرقابة والتفتيش: تقترح إيران أن تزيد من شفافيتها حول المنشآت النووية كبديل عن القيود، لكن ليس من الواضح إلى أي مدى ستكون شفافة، والوكالة الدولية للطاقة النووية اشتكت في هذا الشهر من أن إيران لا تجيب على الاسئلة بالشكل المطلوب. ٭ الغاء العقوبات: تطلب إيران الغاء العقوبات المفروضة عليها عند التوقيع على الاتفاق، وتطلب الولاياتالمتحدة أن يتم الالغاء بالتدريج من اجل التأكد من أن إيران تفي بتعهداتها، ولأن مراحل سن القوانين لن تسمح بفعل ذلك بالسرعة المطلوبة. تم الاتفاق بين الاطراف خلال المحادثات على تقديم التنازلات. وقد وافقت الولاياتالمتحدة على أن تقوم إيران بتخصيب اليورانيوم ولكن ضمن قيود: عدم تفكيك أي منشأة نووية، وأن تكون اجهزة الطرد المركزي عدة آلاف بدلا من عدة مئات وأن لا يتم طرح مسألة الصواريخ في المحادثات. ووافقت إيران على وقف تخصيب اليورانيوم بمستوى 20 في المئة واستبدال ما لديها بيورانيوم بهذا المستوى وتغيير أهداف المفاعلين النوويين ومناقشة جوانب عسكرية ممكنة لبرنامج السلاح النووي. المشكلة في هذه التنازلات هي أن إيران مستعدة لتقييد قدراتها النووية ولكن ليس تفكيكها، وهكذا تستطيع في المستقبل اعادة السعي لانتاج القنبلة. واضح أن الاطراف تريد الاتفاق رغم أنها تخفي عمق الخلافات، والإيرانيون يحاولون استغلال الحماسة الامريكية لتحقيق هذا الاتفاق الصورة المعتدلة التي يبثها الإيرانيون تهدف إلى أخذ تنازلات اضافية، وقد يوافق الامريكيون على تنازلات من جانبهم مثل عدد اجهزة الطرد المركزي حيث أعطى الامريكيون أنفسهم هامش مناورة كبير. في المقابل فان الطرفين يتعرضان لضغوط داخلية لعدم تقديم التنازلات – من الكونغرس في الجانب الامريكي ومن الجناح الراديكالي في النظام الإيراني. الشك المتبادل والاختلاف في المواقف لا يسمحان بالتنبؤ اذا ما كان هناك اتفاق نهائي، لكن هذه الاحتمالية ما زالت قائمة. في القدس تنفسوا الصعداء عندما لم يتحقق الاتفاق، لكن هذه فترة قصيرة المدى، ولا ضمان لأن تستمر. اذا تم التوصل إلى اتفاق يعطي إيران فترة زمنية للحصول على السلاح – حتى وإن كانت سنة كما تطلب الولاياتالمتحدة – فستبقى إيران دولة على شفا السلاح النووي، وهذا الوقت لا يكفي لوقفها. لذلك تطلب اسرائيل أن تكون الفترة ثلاث – خمس سنوات. إلا أن تأثير اسرائيل محدود: هي ليست طرفا في المحادثات، والتهديد باستخدام القوة العسكرية الذي ضغط على حكومات الغرب، ليس موجودا على الطاولة في ظل استمرار المحادثات على الأقل. تستطيع اسرائيل السعي للتأثير على الادارة الامريكية سواءً من خلال اصدقائها بعدم التوقيع على اتفاق سيء. والسؤال هو: هل سيكون هذا كافيا؟. اسرائيل اليوم