تتزايد هذه الأيام الأصوات المطالبة بالتظاهر يوم الجمعة القادمة تحت شعار "جمعة الغضب الثانية .. أنا محستش بالتغيير ونازل تاني التحرير", والتي انقسمت ردود الأفعال حولها مابين مؤيد و معارض فيما التزم آخرون بعدم إبداء آرائهم لعدم وضوح الرؤية السياسية. وتأتي الدعوة لجمعة الغضب الثانية اعتراضاً على التباطؤ في تحقيق مطالب الثورة من قبل المجلس العسكري, والتي تتمثل في تشكيل مجلس رئاسي مدني وجمعية تأسيسية لوضع دستور جديد للبلاد, و إقالة وزراء النظام السابق من حكومة عصام شرف, و سرعة محاكمة الفاسدين ومسئولي النظام البائد وعلى رأسهم مبارك, واسترداد الأموال المنهوبة, وتطهير الشرطة والقضاء من القيادات الفاسدة, وحل المجالس المحلية, بالإضافة إلى الإفراج عن جميع من تم اعتقالهم من النشطاء السياسيين منذ يوم 25 يناير. وبالرغم من التوافق على أغلبية مطالب الدعوة عدا المطلب الأول الذي يراه البعض انقلابا على الجيش, يرى البعض أنها تأتي في وقت غير مناسب, خاصة في ظل التدهور الإقتصادي الحاد وما تشهده البلاد من عدم استقرار الأوضاع والظروف المعيشية, وشدد البعض على أن جمعة الغضب الثانية ما هي إلا بمثابة السم في العسل وأن الهدف الأساسي منها عدم اعطاء الحكومة الوقت الكافي لتحقيق مطالب الثورة خاصةً أنها لاتستطيع العمل تحت كل هذا الضغط الرهيب, كما أن مطلب تشكيل مجلس رئاسي يعني إزاحة الجيش عن إدارة البلاد, وإذا كنا لا نثق في الجيش فبمن نثق ؟؟, وأجمعوا أن البعض أصبح شغله الشاغل الدعوة لمليونيات في حين أنه من الأولى توجيه هذه المليونيات للعمل وبناء البلد الذي سواجه الإفلاس قريباً حسب التقارير التي أكدها البنك المركزي وبعض الجهات السيادية الأخرى. على الجانب الآخر, تفاعل الآلاف مع دعوات ثورة الغضب الثانية, كما أعلنت العديد من التيارات السياسية عن مشاركتها بها, مؤكدين على أهمية المشاركة بهذا اليوم لإكمال مشوار الثورة والحفاظ علي مكاسبها, وذلك في ظل الأحداث الأخيرة من الافراج عن بعض مسئولي النظام السابق, كما أن هناك بعض التحفظات والانتقادات على أداء الجيش في محاكمة المدنيين عسكرياً لتظاهرهم, في الوقت الذي يشهد بطء التحقيقات مع الفاسدين واتهامهم بتهم لا تتناسب مع الجرائم التي ارتكبوها في حق المجتمع, الأمر الذي يمثل استخفافاً شديداً بالثورة وبأرواح الشهداء، وأكدوا أنهم سيصدرون أحكاماً على مبارك وأعوانه من منطلق الشرعية الثورية رداً على التباطؤ الشديد في محاكمتهم, مهددين بالتصعيد والاعتصام بالميدان حتى يتم تلبية جميع مطالب الثورة. وفي ظل إرتفاع حدة الخلافات والجدل الدائر بين المؤيدين والمعارضين, يتخوف البعض من مواجهات دامية محتملة بين الجانبين, وتجنباً لهذه الإشتباكات دعا البعض لتشكيل لجان شعبية لتقف ضد كل من يعتدي على الجيش أو الشرطة, بينما يناشد بعض المصريين إعلاء صوت العقل والمنطق بعيداً عن التشدد والإصرار على مواجهات لا يحمد عقباها في ظل ظروف لا توحي بالتفاؤل, كما حذر المجلس العسكري أمس في "بيانه رقم 56" على صفحته على الفيس بوك مما أسماها بالعناصر المشبوهة التي تهدف للوقيعة بين الشعب والقوات المسلحة وذلك عن طريق استفزاز الطرفين الأمر الذي يؤدي إلى تزايد حدة الانفلات الأمني, مايعني في النهاية ضرب استقرار المؤسسة العسكرية آخر ركيزة لحماية الوطن, وهو ما لن يسمح به الجيش بأي شكل من الأشكال.