رئيس جامعة الأزهر: توحيد الحد الأدنى للقبول في الكليات العملية بين البنين والبنات وشعب القانون    منال عوض: "حياة كريمة" أكبر مبادرة تنموية تشهدها الدولة المصرية في تاريخها    السفير الروسي بالقاهرة: التصعيد العسكري الروسي يعتمد على خيارات الغرب واستمرار دعم كييف    مفاجأة.. فيفا يهدد منتخب مصر بالاستبعاد من تصفيات كأس العالم 2026    السيسي يتابع مشروعات الربط الكهربائي مع دول الجوار واستراتيجيات العمل مع القطاع الخاص    النائب ياسر الهضيبي يطالب بإصدار تشريع خاص لريادة الأعمال والشركات الناشئة    الاتحاد الأفريقي لمقاولي التشييد: صادرات ب50 مليار دولار حال وجود تيسيرات    الرئيس السيسى يتابع خطط تطوير منظومة الكهرباء الوطنية وتحديث محطات التوليد وشبكات النقل والتوزيع ومراكز التحكم ورفع مستوى الخدمة المقدمة للمواطنين بشكل عام.. ويوجه بمواصلة جهود تحسين خدمات الكهرباء بالمحافظات    كامل الوزير: تشكيل جمعية للمستثمرين بكل منطقة صناعية تتولى أعمال الصيانة والتأمين    مشاركة منتدى شباب العالم في «قمة المستقبل» تتويج لجهوده.. منصة تبادل الأفكار والرؤى حول قضايا التنمية والسلام العالمي    استشهاد 6 فلسطينيين فى قصف للاحتلال استهدف مدرسة تؤوى نازحين بغرب غزة    دورات تدريبية مجانية للتعريف بالمزايا الضريبية وتيسيرات قانون تنمية المشروعات    انجاز تاريخي لهاري كين مع بايرن ميونخ في الدوري الألماني    "عايزة الريتش يعلى".. اعترافات طالبة نشرت فيديو ادعت فيه تعرضها للسرقة    سقوط أمطار في برج العرب بالإسكندرية.. فيديو وصور    ضبط8 عصابات و161 قطعة سلاح وتنفيذ 84 ألف حكم خلال 24 ساعة    طعام ملوث.. الصحة تكشف سبب إصابة أشخاص بنزلات معوية في أسوان    إصابة شخص صدمته سيارة أثناء عبوره للطريق فى العياط    صناع مسلسل تيتا زوزو يهدون العمل لروح المنتجين حسام شوقي وتامر فتحي: ستظل ذكراكم في قلوبنا دائمًا    في ذكرى رحيل هشام سليم.. محطات فنية في حياة نجم التسعينيات    أونروا: مخيمات النازحين تعرضت اليوم لأول موجة أمطار فى خان يونس جنوب غزة    تفاصيل مسابقة الأفلام القصيرة والتصوير الفوتوغرافي ب"الكاثوليكي للسينما"    بسمة وهبة تعلق على سرقة أحمد سعد بعد حفل زفاف ابنها: ارتاحوا كل اللي نبرتوا عليه اتسرق    وجعت قلبنا كلنا يا حبيبي.. أول تعليق من زوجة إسماعيل الليثي على رحيل ابنها    الانتهاء من نقل أحد معالم مصر الأثرية.. قصة معبد أبو سمبل    الجامع الأزهر يتدبر معاني سورة الشرح بلغة الإشارة    موسم الهجوم على الإمام    اعتزل ما يؤذيك    صحة المنيا تستعد لتنفيذ قافلة طبية مجانية بدءا من غد الاثنين بقرية عزاقة ضمن مبادرة «بداية»    «الصحة»: إنارة 24 مستشفى ومركز للصحة النفسية تزامناً مع التوعية بألزهايمر    الصحة تنظم ورشة عمل لبحث تفعيل خدمات إضافية بقطاع الرعاية الأساسية    فرصة لشهر واحد فقط.. موعد حجز 1645 وحدة إسكان ب8 مدن جديدة «التفاصيل»    شقيق زوجة إمام عاشور يثير الجدل بسبب الاحتفال بدرع الدوري.. ماذا فعل؟    أدعية للأم المتوفاه.. دار الإفتاء تنصح بهذه الصيغ (فيديو)    رودريجو: أنشيلوتي غاضب.. وأشكر مودريتش وفينيسيوس    فنان شهير يعلن الاعتزال والهجرة بسبب عدم عرض أعمال عليه    جامعة حلوان تشارك في المؤتمر الأول لتفعيل القيادات الطلابية الرياضية    محافظ الشرقية يفتتح مدرسة السيدة نفيسة الثانوية المشتركة بقرية بندف بمنيا القمح    السلطات الإسرائيلية تأمر بإغلاق كل المدارس في الشمال    30 غارة جوية نفذها الاحتلال الإسرائيلي على الجنوب اللبناني الساعات الماضية    ضبط 27327 مخالفة مرورية خلال 24 ساعة    تحرير 148 محضرًا للمحال المخالفة لمواعيد الغلق الرسمية    أخبار الأهلي: قرار جديد في الأهلي بشأن علي معلول قبل مواجهة الزمالك    مفاجأة بشأن مصير «جوميز» مع الزمالك بعد السوبر الإفريقي    وزير الشباب يشهد افتتاح دورة الألعاب الأفريقية للرياضة الجامعية بنيجيريا    ارتفاع قتلى انفجار منجم فحم في إيران إلى 51    رؤساء التحرير يواجهون وزير التعليم بكل ما يشغل الرأى العام: محمد عبداللطيف: التعليم قضية وطن    أين تكمن خطورة مرض الكوليرا؟- طبيب يُجيب    الأكثر عدوى.. الصحة العالمية توضح كيفية الوقاية من متحور فيروس كورونا الجديد إكس إي سي؟‬    ضبط أكاديمية وهمية تمنح الدارسين شهادات "مضروبة" في القاهرة    لهذه الأسباب.. إحالة 10 مدرسين في بورسعيد للنيابة الإدارية -صور    مقاتلة "سو- 34" روسية تستهدف وحدات ومعدات عسكرية أوكرانية في مقاطعة "كورسك"    «قالولنا يومكم بكرة».. الحزن يكسو وجوه التلاميذ بالأقصر في أول يوم دراسة    «منافس الأهلي».. موعد مباراة العين ضد أوكلاند سيتي في كأس إنتر كونتينتتال والقنوات الناقلة    خطيب المسجد النبوي يُحذر من الشائعات والخداع على وسائل التواصل الاجتماعي    عالم أزهري: الشعب المصري متصوف بطبعه منذ 1400 سنة    حرب غزة.. الاحتلال يقتحم عنبتا شرق طولكرم ويداهم عدة منازل    وزير الخارجية يلتقى المفوض السامي لحقوق الإنسان بنيويورك (صور)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مشاكل مصر الاقتصادية وكيفية مواجهتها
نشر في الزمان المصري يوم 08 - 06 - 2014

8850 جنيهًا نصيب الفقير من إجمالي الدعم حال وصوله لمستحقيه
تقرير : الدكتور عادل عامر
من بين أهم أسباب التضخم وارتفاع الأسعار الاعتماد على التمويل بنظام الفائدة (الفائدة) وانخفاض الانتاج وزيادة النفقات الحكومية واستشراء نزعات المحاكاه فى الاستهلاك الترفى وذلك إلى جانب الأثر المتزايد للتضخم على الاقتصاد والذى أصبح يعتمد كلية على الاستيراد فى الوفاء بحاجات المجتمع لمواجهة مشكلة التضخم وارتفاع الأسعار يستلزم الأمر اتخاذ خطوات أساسية من أهمها ما يلي :
(1) العمل على زيادة الإنتاج والإنتاجية , وإحلال الاستثمار القائم على نظم المشاركة بدلاً من الفائدة الربوية باعتبارها وقود التضخم .
(2) ضبط قيمة النقود المتداولة فى المجتمع وإيقاف أسلوب تمويل عجز موازنة الدولة عن طريق الإصدار النقدى وضع الضوابط المنظمة لدور المصارف التجارية فى خلق النقود الائتمانية أى إصلاح النظام النقدي والمصرفى.
(3) ضبط وترشيد الإنفاق الحكومي عن طريق تجنب إهدار المال العام وإنفاقه على الترف والمناسبات وذلك إلى جانب ضرورة قيام الحكومة بتشجيع المبادرات والجهود الذاتية فى مجال الخدمات .
(4) الحد من الاعتماد على الاستيراد وتحويل الطاقات الإنتاجية المستخدمة فى إنتاج المحرمات والخبائث إلى إنتاج السلع النافعة ومنها الضروريات والحاجيات.
(5) تحرير النظام النقدى من التبعية التامة للدولار ويخضع له ويأتمر بأمره .
 مشكلة ضعف الإنتاجية
تعتبر مشكلة ضعف إنتاجية العامل سبباً أساسياً لكثير من المشكلات التى يعانى منها الاقتصاد المصرى من ارتفاع الأسعار وتدهور فى ميزان المدفوعات وزيادة الطلب على القروض الاجنبية بفائدة وغيرها , ومن ثم فإن علاج هذه المشكلة سوف ينعكس بأثاره الإيجابية على حل العديد من المشكلات الأخرى, ونرى أنه يمكن زيادة الإنتاجية بالوسائل الآتية :
(1) الاهتمام بالإنسان العامل , إختياراً إعداداً وتدريباً وتطويراً وضرورة بنائه إيمانياً وخلقياً وسلوكياً وفنياً .
(2) تنمية واستغلال الموارد الطبيعية المتوافرة وحمايتها من سوء الاستغلال والاستعمال.
(3) توفير الطمأنينة لرؤس الأموال لتشجيعها على القيام بالمشروعات الإنتاجية وحمايته من المصادرة والابتزاز ونحو ذلك .
(4) وضع خطط التعاون والتكامل بين البلدان الإسلامية باعتبارها مكونات لأمة واحده لقوله تعالى " إن هذه أمتكم أمته واحده" (الأنبياء الآية: 92) .
 مشكلة العمل والعمال :
يرجع وجود مشكلات العمل والعمال إلى السياسات المتخبطة التى اتبعتها الدولة والقوانين الجائزة التى سنتها بهدف التضييق على العمال والحد من حرياتهم واستمالة السلطات لنقاباتهم واحادتها عن هدفها فى تشجيع أبنائها ورعايتهم, ويمكن معالجة مشكلات العمل والعمال بالأساليب الآتية :
(1) نشر الوعى الإسلامى بين فئات العاملين وتعريفهم بحقوقهم وواجباتهم .
(2) تطهير القوانين والنظم الخاصة بالعمل والعمال والأجور من كل ما يسبب الظلم والقهر .
(3) العمل على إيجاد نقابات عمالية ممثلة تمثيلاً صحيحاً وصادقاً لفئاتهم المختلفة والأخذ بمبدأ اللشورى ليس فقط بتعيين العمال فى مجال الإدارات فحسب ولكن يجب أن يكون التشاور على جميع المستويات .
(4) الاهتمام برفع الكفاءات الفنية ومحاولة تنميتها بالأساليب المعاصرة .
(5) استنباط أساليب الحوافز التى تشجع العاملين على زيادة جهودهم والتى تراعى تحقيق العدالة بينهم .
(6) المشاركة فى أنشطة الاتحاد الإسلامي الدولى للعمل والمعاونة فى توسيع أنشطة لتشمل العالم الإسلامى بأسرة.
 مشكلة التبعية الغذائية
تعد ظاهرة اتساع الفجوة بين الاحتياجات والإنتاج المحلى من الحاجات الأصلية للإنسان من أخطر الأزمات الراهنة التى تواجه المجتمع سواء فى ابعادها الاقتصادية أو الاجتماعية أو السياسية ويزيد من خطورة هذه المشكلة عدم الدخول فى مواجهة جادة لها حتى الآن ونرى أن المواجهة الحاسمة لهذه المشكلة تقتضى ما يلي :
(1) توعية المواطنين بأبعاد المشكلة وأخطارها مما يفتح المجال لمشاركة شعبية حقيقية فى مواجهتها .
(2) المواجهة الفورية الحازمة لعوامل استنزاف الأراضى الزراعية وزيادة معدلات استصلاح واستزراع الأراضي الجديدة
(3) الاهتمام بزراعة المحاصيل الرئيسية التى هى أساس القوت وتجنب الانزلاق فى متاهات الفواكه والكماليات الغذائية
(4) ترشيد استخدام المياه العذبة وتكثيف الإنتاج الزراعى باستخدام الأساليب العملية الحديثة .
(5) وضع أولويات مجالات الإنتاج الزراعي تبدأ بالمحاصيل العذائية الأساسية مع استخدام السياسات التسعيرية والتسويقية المتوازنة مع هذا التوجه .
(6) تشجيع قيام تعاون وتكامل فى مجال الإنتاج الغذائي بين الشعوب العربية والإسلامية للحد من مخاطر التبعية للقوى العالمية المتربصة بهذه الشعوب .
 مشكلة الإسكان
تعتبر مشكلة الإسكان من أهم المشكلات التى تعانى منها مصر ويشعر بها كل مواطن مصرى , ويرى أن المشكلة نشأت بسبب عدم عدالة قوانين الإيجار والانصراف إلى إنشاء الإسكان الفاخر دون الاسكان الشعبى , وسوء التخطيط العمرانى , وارتفاع تكلفة مواد البناء , وعدم العدالة فى توزيع الوحدات السكنية , وقصور جهود الجمعيات التعاونية, ومن أهم السبل لحل المشكلة ما يلي :
(1) إعادة النظر فى قوانين الإسكان القديمة وقوانين الإيجارات القائمة على أن تقوم على أساس العدالة فى الإسلام وذلك لإيجاد الحافز المادى على الاستثمار فى قطاع الاسكان .
(2) الاهتمام بالإسكان الشعبى والذى يمثل الطلب علية أكثر من 70% من إجمالى الطلب على المساكن .
(3) استخدام نظام الإجارة المنتهية بالتمليك بدلاً من الفوائد الربوية فى القروض المقدمة لقطاع الإسكان .
(4) توزيع الوحدات السكنية باستخدام أسس عادلة دون وساطة أو محسوبية .
 مشكلة الديون
تعتبر مشكلة الديون من أخطر المشكلات التى تواجه الدول لعربية والإسلامية الفقيرة (النامية) بصفة عامة ومصر بصفة خاصة حيث أن تفاقم هذه المشكلة قد ينتج عنه تعثر عملية التنمية الاقتصاديةو واضعاف القدرة على الاستيراد وتزايد العجز فى ميزان المدفوعات وارتفاع معدل التضخم وتزايد التبعية الاقتصادية للخارج ومن ثم تزايد التبعية السياسية والخضوع لتوجهات المنظمة المالية الدولية . ومن أهم أسباب هذه المشكلة هو تدهور وضع مصر ومعظم الدول العربية والإسلامية فى التجارة الدولية وتفاقم مشكلة السيولة الدولية وضعف موقع مصر فى المنظمات الدولية وبالتالى تزايد اعتماد على التمويل الخارجى بالفوائد الربوية الباهظة, وأيضاً غياب التخطيط السليم للتقدم الاقتصادي والاجتماعى وعدم وجود سياسة سليمة للإقتراض الخارجى وتعرض مصر للاستغلال من قبل الدول الاشتراكية والرأسمالية تارة أخرى والمنظمات الدولية ونرى أن من أهم الطرق الناجحة والناجمة تتمثل فى مواجهة المشكلة من الداخل كما يلي :
(1) وضع خطة متوازنة للتنمية الاقتصادية تهتم بجميع قطاعات النشاط الاقتصادي فى إطار فقه الأولويات.
(2) التعبئة الرشيدة للمدخرات الضائعة مثل الاكتناز والناتج المفقود نتيجة الطاقة الانتاجية الضائعة , وما يضيع نتيجة الاستهلاك غير الرشيد سواء كان عاماً أو خاصاً , وما يضيع نتيجة التصرف غير الرشيد فى النقد الاجنبى ومتاخرات الضرائب وتهرب رؤوس الأموال المحلية للخارج , والبطالة المقنعة والضياع الناتج من التحصص الأمثل للمواراد الاستثمارية .
(3) محاولة زيادة حصيلة الصادرات ما أمكن لزيادة الاحتياطيات من العملات الاجنبية .
(4) ترشيد انسياب رؤس الأموال الأجنبية داخل البلاد لخفض مدفوعات خدمة عوائدها .
(5) عدم التعامل بالربا أخذاً وعطاءاً وتطبيق نظم التمويل الإسلامية التى تقوم على المشاركة والبيوع .
 مشكلة النظام النقدى والنظام المصرفي
لقد تخبطت مصر ما بين الاشتراكية تارة والرأسمالية تارة أخرى تقتبس منهما انظمتهما وبطريقة مشوهة أحياناً ومن ذلك النظام النقدى والنظام المصرفي فاجتمع من هذين النظامين فى مصر عيوب النظم الاشتراكية والرأسمالية من التضخم والركود وإلى التقلبات فى أسعار الصرف, ونرى أن من أهم الحلول لهذه المشكلة ما يلي :
(1) ابدال نظام الفائدة الربوية بنظم المشاركة لتشجيع المدخرات وتوظيفها فى التنمية .
(2) عرض النقود على أسس سليمة والحد أو الامتناع كلية عن التمويل التضخمي لميزانية الدولة .
(3) رفع كفاءة الجهاز المصرفى والارتفاع بمستوى خدماته .
(4) إنشاء مجموعة متكاملة متناسقة من المشروعات الاستثمارية فى إطار خطة التنمية الموضوعة .
(5) إنشاء سوق نشطة حرة للأوراق المالية يشترك فيها الشركات المساهمة ومصارف الاستثمار وشركات الاستثمار بصفة أساسية .
عمليات الدعم العشوائي للأسعار
ان وضع سقف للدين العام فى مصر مثلما فعلت الولايات المتحدة أمر يصعب تحقيقه، حيث تصل نسبة العجز فى مصر ضعف معدل الناتج القومى، بينما نسبة العجز فى الولايات المتحدة تساوى نسبة الناتج القومى، وبالتالى يسهل وضع سقف للدين فى الولايات المتحدة. حتى مع وتيرة النمو النشط نسبياً لمصر، فإنه معدل الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي بما يفوق ال80 في المئة وعجز الموازنة المرسوم بنسبة 6،8 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي في السنة المالية 2011/2012، لايمكن إدامتهما. فبدون سيطرة أكبر على العجز، ستبقى مصر عرضة للصدمات الداخلية والخارجية. ثم أن الحكومة قد تتعرّض لإغراء طباعة المال لتمويل نشاطاتها، الأمر الذي قد يؤدي إلى عدم استقرار في الاقتصاد الكلّي وارتفاع التضخم. إن الدين العام في مصر يُموَّل في معظمه محليا، فيما الدين الخارجي، لايُشكِّل، وفق معطيات المصرف المركزي، سوى 15-20 في المئة من إجمالي عبء الدين. ولذلك، فإن الدين له تأثير فوري على مدى توافر الأموال القابلة للإقراض طويل الأجل إلى القطاع الخاص، مايؤدي إلى استبعاد الاستثمار الخاص – وعلى وجه التحديد المؤسسات الصغيرة ومتوسطة الحجم التي قد تُواجه، على أي حال، صعوبات في الدخول إلى حقل الإئتمان. أن الاقتراض الخارجي يقدم أوجهاً إيجابية للاقتصاد المصري، والذي يحتاج هذه القيم بالوقت الحالي، ذلك فضلاً عما توضحه عمليات الاقتراض الخارجي من ثقة باقتصاديات مصر والتأكيد علي وجود القدرة لدي مصر للاقتراض من الخارج، وهو ما يؤكد قدرتها علي السداد، الأمر الذي يعد مؤشراً إيجابياً يوضح قوة مصر وجدارتها، لافتاً النظر إلي أن سلبيات عمليات الاقتراض الخارجي تظهر في حال زيادة هذه القروض عن إمكانيات الدولة علي السداد بصورة تؤدي إلي تعثر وعجز عن السداد مما قد يؤدي إلي سحب الثقة عن هذه الدولة، وهو ما لا نجده بمصر، والتي تستطيع التماسك علي الرغم من جميع الظروف السياسية والاقتصادية التي مرت بها مؤخراً.
عمليات الدعم العشوائي للأسعار، خاصة سعر الوقود، تمتص قسماً كبيراً من إجمالي إنفاق الحكومة، ومشكلة العجز لايمكن حلّها دون معالجة هذه السياسات. فالدعم وسيلة مُبذِّرة وغير فعالة لمساعدة الفقراء المصريين؛ ثم أن معظم الفوائد تعود إلى الطبقة الوسطى والميسورين. وقد وجدت دراسة للبنك الدولي أن الميسورين المصريين حصدوا ضعف نسبة الدعم التي تلقاها الفقراء المصريون.
وبالتالي، إصلاح عملية دعم الوقود أكثر إلحاحاً وأكثر قابلية للتنفيذ سياسياً من العمل على عمليات أصغر بكثير لكنها فائقة الحساسية مثل دعم المواد الغذائية. والحال أن الحكومة الانتقالية تُدرك ذلك، وهذا يتجلى في قيامها بإجراء خفوضات صغيرة على دعم الوقود في الموازنة المعدّلة التي أُقرّت في حزيران/يونيو. هذه التغييرات ستقلِّص دعم غاز البيوتان إلى المستخدمين غير المقيمين، وتمد شبكة الغاز الطبيعي إلى بعض المصانع المستهلكة للبيوتان مثل مصانع الطوب. وتقدّر التوفيرات التي ستدرّها هذه الإجراءات بنحو 580 مليون دولار (5،3 مليار جنيه مصري) خلال السنة المقبلة.
بيد أن هذه الخفوضات هي خطوة صغيرة للغاية في الاتجاه الصحيح. ففي موازنة 2011/2012 المُعدّلة، تم رصد 8، 16 مليار دولار (5،100 مليار جنيه مصري) – أي أكثر من 20 في المئة من أجمالي إنفاق الحكومة و6 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي- لدعم الوقود والكهرباء؛ هذا في حين أن 6، 9 مليار دولار (2،57 بليون جنيه مصري) ستذهب لتمويل عمليات دعم ومنح أخرى، لايُمثِّل فيها دعم المواد الغذائية، وفق المركز المصري للدراسات الاقتصادية، سوى شطر صغير. وعلى سبيل المثال، في السنة المالية 2010/2011 ، بلغت الكلفة الإجمالية لدعم المواد الغذائية 3،2 مليار دولار (5، 13 بليون جنيه مصري).
إن استبدال الدعم التنازلي بنظام مساعدة يستهدف بشكل واضح الفقراء، قادر على تصحيح هذا التشويه ويمكن أن يُثبت أنه له جاذبية سياسية. فصانعو السياسة المصريون يمكن أن يتعلموا من تجارب بلدان أخرى- بما في ذلك الأردن (1991-1999) والمكسيك (1997) والهند (1997)- وهي دول استبدلت بنجاح الدعم العشوائي ببرامج بديلة مُصمّمة لتخفيف الفقر. بالطبع، مثل هذه الخطوة ستكون متّسقة مع الرغبة بتحقيق عدالة اجتماعية أكبر، وهي مسألة هامة للثورة. ويتعيّن على الإصلاحيين أن يضعوا بعين الاعتبار أن مختلف عمليات دعم الوقود تؤثّر بشكل مختلف على الفقر. وقد وجد تقرير البنك الدولي أن إلغاء دعم الوقود والغاز الطبيعي ستكون له تأثيرات ضئيلة فقط على الفقراء، إذ هو يزيد حالات الفقر بنسبة 15،0 في المئة. وفي المقابل، فإن الإلغاء الكلي لدعم الغاز البترولي المُسيَّل قد يرفع حالات الفقر بنسبة 4،4 في المئة. واستنتجت الدراسة نفسها بأنه إذا ماتم إلغاء الدعم بالتدريج، وإذا ماترافق ذلك مع تعزيز شبكة الأمان الاجتماعية، سيكون بالمقدور استئصال الزيادة في الفقر بالكامل. يتعيّن على الحكومة المصرية أن تتحرّك نحو تحديد مجموعات الدخل المُنخفض وتوجيه الدفعات النقدية أو الدعم إليهم. ويمكن هنا استخدام وسائل عديدة لاستطلاع الموارد. والحال أن التدقيق في استهلاك الكهرباء هو أكثر التجارب أساسية، هذا في حين يمكن أن تتضمن تجارب مفصلة أخرى معلومات يتم جمعها من خلال وسيلة الإحصاء أو من خلال تطبيقات وفق الطلب. في الماضي، كان الإصلاحيون يترددون في خفض دعم الأسعار تحسّباً لحملات القوى الراسخة التي هي المستفيد الأكبر من النظام الراهن. وهؤلاء ليسوا الفقراء، بل مستهلكو الطاقة الميسورين نسبياً والشركات المنخرطة بشكل مباشر في انتاج وتوزيع سلع الوقود والمواد الغذائية المدعومة. لكن من شأن حكومة جديدة حائزة على تفويض انتخابي أن تجد نفسها في موقف أقوى من الحكومة الانتقالية لمواجهة هذه القضايا الشائكة. أن زيادات أسعار الكهرباء للمصانع سينجم عنه معدلات عالية جدًا للتضخم، لأن المصنع سيحمل نسبة الزيادة للسلعة والخدمة مما سيؤدي لارتفاع كبير للأسعار بالفترة القادمة. وفي ضوء هذه المؤشرات الايجابية وتحسبا لمخاطر استمرار زيادة العجز وتأثيره السلبي علي مناخ الاستثمار وانعكاسه علي زيادة ارقام الدين العام تنبهت الحكومة لهذه المخاطر واستهدفت في مشروع الموازنة 2011/2010 العودة الي تنفيذ برنامج لخفض عجز الموازنة عن معدلاته الحالية من متوسط مستهدف في حدود 5.8% من الناتج المحلي الاجمالي لينخفض الي أقل من 8% من هذا الناتج. وهذا البرنامج يعطي الثقة اللازمة لرءوس الأموال المحلية والأجنبية في قدرة الاقتصاد المصري علي تجاوز تحديات الأزمة المالية خاصة أن الدولة تسعي لاستكمال خططها التنموية والحفاظ علي تسجيل معدلات نمو مرتفعة لا تقل عن 6% في العام القادم علي أن تصل الي ما يتجاوز من 8% الي 8.5% خلال السنوات القادمة، وما يتطلبه ذلك في الحفاظ علي معدلات انفاق عالية وضخ استثمارات جديدة تدعم هذه التوجهات، سواء من خلال تهيئة بيئة الاعمال المحلية لتشجيع الاستثمار من القطاعين الوطني والأجنبي ورفع معدلات الادخار المحلي لتحقيق هذه الأهداف.
وفي ظل تعهدات الحكومة بعدم تحميل الاجيال القادمة أعباء مديونيات ضخمة وفي نفس الوقت تحقيق التوازن المالي في موازنة الدولة من خلال خفض نسب المديونية المحلية الي مستويات آمنة بالنسبة للناتج المحلي الإجمالي، تجتهد الحكومة من خلال مشروع موازنتها الجديدة لتطوير وتنويع برنامج الاقتراض الحكومي والحفاظ علي مستوياته عند معدلات آمنة بالنسبة للناتج المحلي الاجمالي، وتقوم هذه الخطة علي عدة محاور منها ايجاد آليات مستحدثة في اطار اعادة هيكلة الدين العام وتحسين ادارته للتخلص من القروض عالية التكلفة بقروض أقل تكلفة وعلي مدي أطول. أن الاعتماد علي هذه القروض لن يكون بصورة مستمرة، ولكنه مؤقت حتي تصل مصر إلي حالة الاستقرار الاقتصادي والسياسي، وأيضا الامني حتي تستطيع مصر تعويض العجز في الموازنة العامة للدولة، وهذا لا يتحقق الا بعد أن تسير عجلة الإنتاج إلي معدلها الطبيعي أو أكثر.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.