في مهمة بالغة الصعوبة بدأ رئيس الوزراء المصري، الدكتور عصام شرف أول جولة خليجية له منذ توليه رئاسة الوزراء في مصر، يطغى عليها الجانب الاقتصادي لإعادة تدوير عجلة الاقتصاد المصري في ظل التراجع المخيف الذي لاتكفي الجهود المحلية والداخلية في احتوائه بل لابد من إعادة الثقة للمستثمريين الخليجيين والعمل على جذب الاستثمارات في تلك المرحلة الحرجة التي تمر بها البلاد على المستويين السياسي والاقتصادي، كما تهدف الزيارة إلى تعميق التوجه العربي في السياسة الخارجية المصرية في أعقاب ثورة ال 25 من يناير . الترويج لممر التنمية كان من المقرر ان تبدأ الجولة الأحد الماضى ، إلا أن ارتباط رئيس الوزراء المصري بملفات داخلية ساخنة، أبرزها ملف الاحتجاجات على تعيين المحافظين، في الإسكندرية وقنا، حال دون ذلك . وستهل شرف جولته الأولى التي تشمل الكويت وقطر بزيارة إلى السعودية بهدف تعزيز التعاون بين الجانبيين المصري والسعودي ولطمأنة المستثمرين في المملكة ودول الخليج بحرص الحكومة المصرية على تشجيع الاستثمارات الخليجية القائمة في مصر، والعمل على إقامة مشروعات جديدة . سفير السعودية لدى القاهرة، أحمد القطان ، أكد على أهمية الزيارة التي قام بها د.عصام شرف، مشيرا إلى أن بلاده تعتبر هذه الزيارة فى توقيتها ومعناها، باعتبارها الأولى التى يقوم بها للسعودية من شأنها تعزيز العلاقات مع المملكة على كافة الأصعدة. ومن جانبه رجح الخبير الاقتصادي المصري، محسن عادل أن الدكتور عصام شرف طلب من بعض دول الخليج، ضخ المزيد من الاستثمارات في الاقتصاد المصري بدلا من المطالبة بمساعدات اقتصادية مباشرة ، متوقعا أن تتضمن الزيارة أيضا الترويج لمشروع ممر التنمية الذي يعد أضخم مشروع للتنمية في مصر باستثمارات تصل إلى 20 مليار دولار. جولة خليجية ثانية مؤجلة يأتي ذلك في الوقت الذي تم فيه تأجيل الزيارة التي كان من المقرر أن يقوم بها شرف للإمارات إلى موعد لم يتحدد بعد لوجود عدد من كبار المسئولين في دبى وأبو ظبى خارج البلاد حاليا، وتم الاتفاق على أن تكون الإمارات ضمن جولة خليجية ثانية لشرف تشمل البحرين وسلطنة عمان . وفي حوار لرئيس الوزراء المصري مع صحيفة الاتحاد الإماراتية، أكد شرف على متانة العلاقات التاريخية والإستراتيجية بين الجانبين المصري والإماراتي، وقال " سياستنا الاقتصادية كما هي والقطاع الخاص له الأولوية ونسعى لخلق مناخ صحي لضمان الاستثمار ونحن حريصون جدا على ألا يتضرر أي مستثمر إماراتي أو خليجي أو عربي، بل نريد منهم مزيداً من الاستثمارات لتكون أضعاف أضعاف ما هي عليه الآن ". إلا أن هناك بعض المصادر التي تشير إلى أن الرفض غير المتوقع لدولة الإمارات لزيارة رئيس المصري الإماراتي قبل ساعات من بدء الجولة الخليجية ، يعود إلى تحفظ إماراتي على إشارات التقارب المصري الإيراني، قد يكون على حساب المصالح الخليجية ومنها الإمارات، خاصة وان هناك خلافا إيرانيا – إماراتيا، حول جزر " طنب الكبرى، وطنب الصغرى وأبو موسى " والتي تحتلها إيران . كما أن هناك توترات شديدة في العلاقات الخليجية الإيرانية بسبب تدخل طهران في الشؤون الداخلية البحرينية بسبب الاحتجاجات التي قامت بها المعارضة الشيعية في البلاد وقامت على إثرها دول الخليج بإرسال قوات من درع الجزيرة لدعم موقف الحكومة البحرينية إزاء تلك الاحتجاجات، هذا بالإضافة إلى معارضة الحكومة المصرية لعرض إماراتي – حسبما أفاد المصدر – يتم بموجبه تقديم أية مبالغ تحددها الحكومة كتعويض بدلا من محاكمة الرئيس المصري السابق محمد حسني مبارك، وأكدت المصادر ذاتها أن الإمارات قد أبلغت ذلك الموقف رسميا إلى مصر خلال استقبال وزير الخارجية المصري الدكتور نبيل العربي الخميس الماضي، لسفير الإماراتبالقاهرة ومندوبها لدى جامعة الدول العربية، محمد بن نخيرة الظاهري. ورفضت مصادر مصرية التعليق على تأجيل الزيارة ، مشيرة إلى موعد لاحق للزيارة في إطار جولة خليجية ثانية سيقوم بها شرف تشمل كلا من البحرين وسلطنة عمان ثم الإمارات. رد أميركي مخيب للآمال يزيد من أهمية التوجه المصري نحو دول الخليج، الرد المخيب للآمال من جانب الولاياتالمتحدة على مطالب الوفد المصري الذي زار العاصمة الأمريكيةواشنطن ، برئاسة الدكتور سمير رضوان، وزير المالية وفاروق العقدة ،محافظ البنك المركزي، ووزراء التجارة والاستثمار، لمطالبة الجانب الأمريكي بإلغاء الديون المصرية للولايات المتحدة، أو منح مصر مساعدات مالية عاجلة تصل قيمتها إلى 7 مليارات دولار، إلا أن واشنطن أبلغت الجانب المصري بان الموازنة الأمريكية لا تسمح بإلغاء الديون التي تقدر ب 3.5 مليار دولار، أو تقديم مساعدات عاجلة، بسبب عجز الموازنة والأزمة الاقتصادية العالمية . الموقف الأمريكي يأتي متناقضا مع تصريحات المسؤولين الأمريكيين الذين زاروا القاهرة في الفترة التي أعقبت الثورة وكذلك إشادة الرئيس الأمريكي باراك اوباما، وإعجاب إدارته بالثورة المصرية، وربما تكون هناك ضغوط من جانب اللوبي الصهيوني في الولاياتالمتحدة في هذا الشأن بسبب ما وصفه بعض المسؤولين الإسرائيليين " بالتصريحات العدائية " ضدها من جانب وزير الخارجية المصري، نبيل العربي، والتوجه المصري نحو زيادة أسعار بيع الغاز المصري لإسرائيل .