محافظة الجيزة: قطع المياه عن عدداً من المناطق بمركز الصف لمدة 8 ساعات    نصائح لترشيد استهلاك الكهرباء... هتفرق في فاتورتك وتوفر فلوسك    الثانوية العامة.. الكنترولات تبدأ تصحيح إجابات اللغة العربية والدرجات مبشرة    طلاب الثانوية الأزهرية القسم الأدبي يؤدون امتحان الأدب والنصوص والمطالعة    فيلم «ولاد رزق 3» يقتر ب من 180 مليون جنيه إيرادات في مصر    بمناسبة ذكرى 30 يونيو.. «الأوقاف» تعقد 4 ندوات عن مفهوم الوطنية الصادقة    قرار جمهوري باستخدام السوفر كسعر فائدة مرجعي مع البنك الإسلامي للتنمية    «التضامن» تقرر توفيق أوضاع 8 جمعيات في محافظتين    مواجهات نارية.. مجموعة السعودية في تصفيات آسيا النهائية المؤهلة ل كأس العالم 2026    عاجل.. الأهلي يطلب 145 مليون لرحيل نجمه للدوري الكويتي    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس 27-6-2024    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : ماذا نقصد من قراراتنا000!؟    «السبكي» يُكرم الصيادلة والأطباء الأكثر تميزًا في تطبيق أنشطة اليقظة الدوائية خلال عام.. صور    وزير الصحة يوجه بسرعة الانتهاء من قوائم انتظار العمليات الجراحية    شوبير: أزمة بين الأهلى وبيراميدز بسبب الثلاثى الكبار بالمنتخب الأولمبى    أسعار الفضة تقترب من أدنى مستوياتها عالميا خلال 6 أسابيع    بكين تعارض إدراج الاتحاد الأوروبى شركات صينية فى قائمة عقوباته    «الصحة» توجّه بمراجعة عدد العمليات الجراحية وسرعة الانتهاء من قوائم الانتظار    بعد صراع مع المرض.. وفاة طارق الوحش أسطورة الإسماعيلي الأسبق    الدوري المصري، زد في مواجهة صعبة أمام طلائع الجيش    انخفاض سعر الدولار اليوم الخميس 27 يونيو 2024    عادل المصري يعلن أهداف مجلس إدارة غرفة المنشآت والمطاعم السياحية في الولاية الجديدة    «كان بيعمل طعمية».. مصرع شاب صعقًا بالكهرباء في المنوفية    وقعت عليهم حيطة.. مصرع طفل وإصابة اثنين آخرين في أسيوط    جامعة المنيا تحقق قفزة تنافسية على الخريطة العالمية    في ذكرى ميلاده .. محطات فنية في حياة صلاح قابيل    إسرائيل تكشف حجم المساعدات الأمريكية منذ بداية العدوان على غزة.. أغلبها في مايو    موسى أبو مرزوق: لن نقبل بقوات إسرائيلية في غزة    بولندا تهنئ مارك روته على تعيينه في منصب السكرتير العام الجديد للناتو    نشرة التوظيف.. 3162 فرصة عمل جديدة فى 45 شركة خاصة ب12 مُحافظة    لطلاب الثانوية العامة 2024، تعرف على كلية العلوم جامعة حلوان    ثورة 30 يونيو.. ذكرى إنقاذ مصر من الإرهاب والدم إلى التعمير والبناء    الصحة تحذركم: التدخين الإلكترونى يزيد من خطر الإصابة بالنوبات القلبية    تعرف على أسعار الزيت اليوم الخميس 27-6-2024 في الأسواق    قرارات عاجلة حول مصرع مريض نفسي سقط من شرفة عيادة طبيبه بالجيزة    القناة ال 12 الإسرائيلية: الجيش بدأ تحريك قوات للشمال استعدادا لحرب محتملة مع حزب الله    القسام تبث لقطات من استهدافها لميركافا إسرائيلية    غارة إسرائيلية تستهدف مبنى شمال مدينة النبطية في عمق الجنوب اللبناني    دعاء الاستيقاظ من النوم فجأة.. كنز نبوي منقول عن الرسول احرص عليه    هجوم حاد على حسن شاكوش وعمر كمال بسبب كليب الراقصة ليندا (فيديو)    تسجيل 48 إصابة بحمى النيل في دولة الاحتلال الإسرائيلي خلال 12 ساعة    طارق الشناوي: بنت الجيران صنعت شاعر الغناء l حوار    جيهان خليل تعلن عن موعد عرض مسلسل "حرب نفسية"    حظك اليوم برج القوس الخميس 27-6-2024 مهنيا وعاطفيا    17 شرطا للحصول على شقق الإسكان التعاوني الجديدة في السويس.. اعرفها    إصابة محمد شبانة بوعكة صحية حادة على الهواء    حظك اليوم| برج الأسد 27 يونيو.. «جاذبيتك تتألق بشكل مشرق»    هل يوجد شبهة ربا فى شراء شقق الإسكان الاجتماعي؟ أمين الفتوى يجيب    نجم الزمالك يكشف مفاجأة بشأن فسخ عقده ويُعلن رحيله عن الفريق الأبيض    "الوطنية للإعلام" تعلن ترشيد استهلاك الكهرباء في كافة منشآتها    شل حركة المطارات.. كوريا الشمالية تمطر جارتها الجنوبية ب«القمامة»    هيئة الدواء المصرية تستقبل وفد الشعبة العامة للأدوية باتحاد الغرف التجارية    بيان مهم بشأن حالة الطقس اليوم.. والأرصاد الجوية تكشف موعد انتهاء الموجة الحارة    «نجار» يبتز سيدة «خليجية» بصور خارجة والأمن يضبطه (تفاصيل كاملة)    مدير مكتبة الإسكندرية: استقبلنا 1500 طالب بالثانوية العامة للمذاكرة بالمجان    الموانئ ترفع درجة الاستعداد لاستقبال الحجاج    ميدو: الزمالك «بعبع» ويعرف يكسب ب«نص رجل»    الكنائس تخفف الأعباء على الأهالى وتفتح قاعاتها لطلاب الثانوية العامة للمذاكرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الدكتور عادل عامر يكتب عن : نشر الجرائم الأخلاقية وأثرها علي انتشار الجريمة
نشر في الزمان المصري يوم 03 - 06 - 2013

إن نشر مثل هذه الجرائم الأخلاقية يُوجد عند المجتمع حالةً من التطبع والاستمراء إلى درجة التبلد وعدم الإحساس بها وعدم استنكارها واستبشاعها رغم فضاعتها وشناعتها بل ربما يصل الأمر إلى تولد نظرةٍ تشاؤميةٍ تجاه هذا البلد أو ذاك أو إلى منطقة بعينها دون باقي المناطق ، وخيرُ شاهدٍ على هذا ما نراه عبر بعض صحفنا من نشر للجرائم الأخلاقية بجميع أنواعها في بعض المناطق في المملكة أكثر من غيرها مما أعطى الناس والقراء انطباعا بأن تلك المنطقة مشهورة ومعروفة بكثرة الجرائم أكثر من غيرها مع أنه قد توجد منطقة أخرى هي أكثر منها في حصول الجرائم ولكنها لم تنشر كما نشر غيرها..
هناك قسم آخر يؤيدون نشر هذه الجرائم عبر وسائل الأعلام ويقولون :
إن النشر يساعد رجال الأمن في تعقب المجرمين والقبض عليهم وتنبيه الجمهور بخطورتهم وخلق الوعي الجماهيري لدى الناس.
والجواب أن يقال: إن هذه التعليل عليل وليس دقيقا فقد يكون بعض الصحافيين ممن يقدم معلومات خاطئة ومظللة تزيد الجريمة تعقيدا لمجرد السبق الصحفي ولزيادة عدد المتابعين من القراء لتلك المسلسلات التي تنشرها ، وربما تكون مقصودة لصرف الأنظار عن المجرم الحقيقي و للتمويه على رجال الأمن لتتمكن تلك العصابات من تنفيذ ما تريد والوصول إلى مبتغاها.
بل إن المجرم المشاهد والمتابع لهذه الأخبار يستفيد منها أن الخطة التي استعملت في تلك الجريمة المنشورة أصبحت معلومة ومعروفة ومكشوفة عند الناس والأجهزة الأمنية وبالتالي فهو سيبحث ويلجأ إلى أساليب وخطط جديدة لتنفيذ جريمته .
وأما خلق الوعي الجماهيري فإنه لا يكون بنشر هذه الجرائم عبر وسائل الأعلام وإنما يكون بالطرق الصحيحة والأساليب الشرعية من النصح والتذكير والوعظ والأطروحات التوعية من محاضرات وندوات ومؤلفات لبيان خطورة العمل والجرم الفلاني بفضح الألاعيب التي يمارسها أصحابه وطرق الحذر منها أما القول بأن الإعلام مرآة المجتمع ويعكس ما يحصل فيه فيمكن الجواب عن هذا بأن هذا الأمر يفتح باباً واسعاً للتدخل في خصوصيات المجتمع وربما يصل إلى بيوتهم لنشرها على الأعلام بحجة أن الإعلام يعكس صورة المجتمع وما الفرق بين هذا وبين النمّام الذي ينقل أقول الناس وأفعالهم في المجالس ؟؟ فهل فعله هذا إلا مرآة تعكس صورة المجتمع والبيوت وما يحصل فيها .
وفي خاتمة المطاف إن كان ولا بد من نشر هذه الجرائم الأخلاقية فينبغي تقييد هذا النشر لهذه الحوادث والجرائم وقصرها على مراكز الاختصاص والأبحاث المعنية والمهتمة بهذه الأمور لا أن تكون مبثوثة لكل أحدٍ فينبغي قصرها مثلاً على الجهات الجنائية والاجتماعية والنفسية والأمنية والتى تُعنى بمثل هذه القضايا لعمل الدراسات والأبحاث التي تعود بالفائدة على المجتمع لعلاج مثل هذه الانحرافات والسلوكيات بالطرق المناسبة وإصدار التوصيات للحد من انتشارها وإيجاد الحلول المناسبة لها إن الجريمة بصفة عامة هي كل فعل غير مشروع ، صادر عن إرادة آثمة يقرر له القانون عقوبة أو تدبيرا احترازيا .
أما جرائم الإعلام فتعددت محاولة الفقهاء لتعريفها ، فذهب جانب من الفقه إلى القول بأن جرائم الإعلام هي جرائم ذهنية تتمثل في الإعلان عن فكرة أو رأي بسوء قصد ، يعاقب عليها القانون.
وذهب رأي فقهي أخر إلى القول أن جرائم الإعلام ، هي جرائم القانون العام تتمثل في الإعلان عن فكرة أو رأي تجاوز حدوده ، وتكون وسائل الإعلام بمثابة الأداة التي استعملت في ارتكابها .
وقد أثير تساؤل في فقه القانون الجنائي العام هل هي جرائم عادية أم جرائم سياسية ؟
لم يضع المشرع الجزائري تعريفا للجريمة السياسية إنما ترك هذه المهمة للفقه فيتنازع في هذا الشأن مذهبان :
- المذهب الشخصي : اعت مد أنصار المذهب الشخصي الدافع كضابط للجريمة السياسية وبالتالي تعتبر الجريمة سياسية إذا كان الدافع إلى ارتكابها سياسيا أو كان الغرض من تنفيذها سياسي .
ويؤخذ على هذا المذهب أنه يتعارض مع المبادئ السائدة في قانون العقوبات التي لا تعتد بالباعث، ولا تعتبره ركن في الجريمة .
- المذهب الموضوعي : والمعيار الذي يقوم عليه المذهب الموضوعي هو "طبيعة الحق المعتدى عليه" فإذا وقع اعتداء على النظام السياسي للدولة كالجرائم التي تمس أمن الدولة في الخارج أو التي تمس بالنظام الداخلي للحكم نكون بصدد جرائم سياسية.
يعتبر هذا المذهب هو الراجح في الفقه وإذا حاولنا تطبيقه على جرائم الإعلام نقول إن جرائم الصحافة والنشر لا يمكن اعتبارها من قبيل الجرائم السياسية فحسب ، فقد تكون جرائم سياسية وقد تكون جرائم غير سياسية ، فحينما تتعرض الصحافة لموضوع سياسي وتنحرف عن دائرة الصواب تكون قد ارتكبت جريمة صحافة في المجال السياسي ، وحينما تتعرض لموضوع اقتصادي وتنحرف عن دائرة الصواب تكون قد ارتكبت جريمة صحافة في المجال الاقتصادي ... وهلم جرى .
وما يلفت الانتباه أن المشرع الجزائري لم يحصر جميع الجرائم التي يمكن أن ترتكب بواسطة وسائل الإعلام ضمن قانون ال إعلام ، فهناك جرائم تدخل ضمن جرائم الإعلام منصوص عليها في قانون العقوبات نذكر منها المادة 144 مكرر من قانون رقم : 01 / 09 المؤرخ في 26 يونيو 2001 المتضمن تعديل أحكام قانون العقوبات التي تنص على أنه "عندما ترتكب الجريمة المنصوص عليها في المادة 144 مكرر بواسطة نشرية يومية أو أسبوعية أو شهرية أو غيرها فإن المتابعة الجزائية تتخذ ضد مرتكب الإساءة وضد المسؤولين عن النشرية وعن تحريرها وكذلك ضد النشرية ذاتها " ، وأيضا المادة 146 من نفس القانون تنص على أنه " تطبق على الإهانة أو السب أو القذف الموجه بواسطة الوسائل التي حددتها المادتان 144 مكرر و 144 مكرر 1 ضد البرلمان أو إحدى غرفتيه ، أو ضد المجالس القضائية أو المحاكم أو ضد الجيش الوطني الشعبي أو أي هيئة نظامية أو عمومية أخرى العقوبات المنصوص عليها في المادتين المذكورتين أعلاه." لكن هذه المواد تطرح تساؤلا حول نظام المسؤولية الجنائية الذي ينبغي تطبيقه على هذه الجرائم ، بمعن ى هل تخضع لنظام المسؤولية المقررة في قانون الإعلام ؟ أم أنها تخضع لنظام المسؤولية الجنائية طبقا للقواعد العامة ؟
لقد اعتمد الفقه ثلاثة نظريات في مسألة تحديد الأساس القانوني للمسؤولية الجنائية عن جرائم الإعلام سنبينها من خلال الفقرات التالية :
أولا : نظرية المسؤولية التضامنية : تقوم فكرة المسؤولية التضامنية على أساس أن يكون المدير أو الناشر هو المسئول دائما عن جريمة النشر باعتباره فاعلا لها لأن الجريمة لا ترتكب إلا بالنشر الذي يباشره كل منهما ، ومن ثم يفترض أن المدير أو الناشر مسئول كفاعل أصلي لا كشريك على أساس أن الجريمة لا يتصور تمامها أو تنفيذها إلا بالنشر الذي يباشره المدير أو الناشر.
ثانيا : نظرية المسؤولية المبنية على الإهمال : أساسها تحميل مدير التحرير أو المدير المسئول ، أو الناشر ، مسؤولية جنائية عن جريمة خاصة أساسها إهماله في القيام بواجبه الذي يفرضه عليه القانون ، لا عن الجريمة التي وقعت بطريقة النشر .
ثالثا : نظرية المسؤولية المبنية على التتابع : تقوم هذه الفكرة على حصر المسؤولين في نظر القانون وترتيبهم على نحو معين بحيث لا يسأل منهم شخص ، ما دام يوجد من قدمه القانون عليه في الترتيب التدرجي بحيث إذا كان لا يعرف رئيس التحرير أو مدير النشرية يسأل الناشر .
وإذا كان غير معروف فيسأل الشخص الذي يليه في الترتيب وهو الطابع ، وهكذا تنتقل المسؤولية على عاتق الأشخاص الذين ساهموا في إعداد المطبوع إلى عاتق الذين عملوا على بيعه أو توزيعه .
تحديد نطاق البحث : ينصب هذا البحث على دراسة تحليلية لمختلف جرائم الإعلام التي حددها المشرع في كل من قانون العقوبات و قانون الإعلام و المسؤولية الجنائية عن هاته الجرائم وأسباب انتفائها ، و اقتصرت دراستنا على القانون الجزائري دون الاتجاه إلى القانون المقارن إلا نادرا . الجرائم التي تقع بواسطة وسائل الإعلام
- تؤدي الصحافة كوسيلة من وسائل الإعلام دورا بارزا في المجتمع حيث تكشف النقص الموجود في جوانبه وتعمل على دفع الجهات المسئولة نحو الإصلاح ، وعلى هذا الأساس ينبغي أن تكون حرة لتأدية رسالتها في خدمة المجتمع وحماية المصالح والحريات ، وهو ما خوله الدستور للصحافة ، لكن توجد بعض الأفعال التي تصدر عن الصحف تتميز بخصائص من حيث أركانها المتمثلة في العلانية والقصد الجنائي أو من حيث إجراءات المتابعة .
وجرائم الإعلام في مجملها تمثل مخالفة لأحكام قانون العقوبات وهي جريمة القذف والسب والإهانة أو أنها تمثل مخالفة لقانون الإعلام الذي يعتبر قانونا مكملا لقانون العقوبات وهذا ما سنتناوله عبر المباحث التالية
المبحث الأول : مميزات الجرائم التي تقع بواسطة وسائل الإعلام .
المبحث الثاني : الجرائم المنصوص عليها في قانون العقوبات .
المبحث الثالث : الجرائم المنصوص عليها في قانون الإعلام .
المبحث الأول : مميزات الجرائم التي تقع بواسطة وسائل الإعلام
- الجريمة الإعلامية مثل غيرها من جرائم القانون العام ، تقوم على ثلاثة أركان وهي الركن الشرعي والركن المادي و الركن المعنوي ، ويميزها عن غيرها من جرائم القانون العام عنصر العلانية والقصد الجنائي وهو ما سنتطرق إليه في المطلب الأول ثم سنتطرق في مطلب ثاني إلى مميزات إجراءات المتابعة في جرائم الإعلام .
المطلب الأول : الأركان المميزة لجرائم الإعلام
إن رك ن العلانية والركن المعنوي المتمثل في القصد الجنائي ركنان مشتركان بين الجرائم التي ترتكب بواسطة وسائل الإعلام وسوف ندرسهما من خلال الفرعين التاليين :
الفرع الأول : العلانية
العلانية هي اتصال علم الجمهور بعبارات وألفاظ شائنة ، تم التعبير عنها بالقول أو الفعل أو الكتابة أو بأية وسيلة أخرى من وسائل التعبير عن الرأي أو المعنى فهي الركن المميز لجميع جرائم الإعلام وتمثل أساس العقاب عليها لأن خطورة هذه الجرائم على القيم والمصالح الاجتماعية والفردية التي يحميها القانون لا تكمن بالعبارات المشينة فحسب وإنما في إعلانها للجمهور .
طرق العلانية :
أولا : العلانية بواسطة القول وقد يكون
- بالجهرية أو ترديد القول في اجتماع عام ، أو طريق عام أو أي مكان عمومي .
- بإذاعة القول أو الصياح بطريق اللاسلكي أو بأية طريقة أخرى .
- بالجهر بالقول أو الصياح في محل خاص بحيث يستطيع سماعه في مكان عام
المكان العام : يقصد بالمكان العام المكان المعد لدخول أي شخص أو المفتوح للجمهور ويستوي أن يكون ذلك بدون قيد ولا شرط أو بشروط معينة ويقسم الفقه والقضاء المكان العام إلى ثلاث أنواع هي : المكان العام بطبيعته والمكان العام بالتخصيص والمكان العام بصور عرضية
أ - المكان العام بطبيعته : تتوفر العلانية في هذه الصورة بالجهر بالقول أو الصياح في مكان عمومي بطبيعته كالشوارع العامة والساحات العمومية ، وتتحقق العلانية ولو كان المكان خاليا من الناس إذ من المحتمل دائما السماع
ب - المكان العمومي بالتخصيص : هو على سبيل المثال قاعة الجلسة في الوقت غير المحدد لانعقاد الجلسات ولا تتوفر العلانية إذا حصل الجهر بالقول أو الصياح حال عدم اجتماع الجمهور لأن المكان لا يكتسب صفة العمومية إلى من وجود الجمهور
ج – المكان العام بصفة عرضية (المحل الخاص ): تتحقق العلانية بالجهر بالقول أو الصياح في محل خاص إذا كان يستطيع سماعه من كان في مكان عام.
ثانيا : العلانية بواسطة الكتابة الرسوم والصور
لكي تتحقق العلانية عن طريق التعريض للأنظار فإنه يشترط ما يلي : أن يقوم المتهم بوضع الكتابة أو الرسوم أو الصور أو غيرها من وسائل التعبير الأخرى بقصد إذاعتها للجمهور ، وعلى هذا فإذا كان الشخص قد وضع الرسوم أو الصور داخل غرفة مغلقة ثم سقط جدار الغرفة بدون قصد بحيث أصبحت الرسوم أو الصور أو الكتابات مرئية للجمهور في الطريق ، تتحقق في هذه الحالة العلانية وهي المكونة لركن في جريمة النشر
- يجب لكي تتحقق العلانية المقصودة هنا أي يكون في إمكان المارة في الطريق العمومي رؤية الشيء المعلن أو الموضوع لكي يتطلع إليه الناس .
- البيع والعرض للبيع : تتوفر العلانية ولو كان المبيع نسخة وحدة أو كان المشتري واحدا وأشترى عدة نسخ مادام القصد هو النشر ، أما العرض للبيع فهو طرح الكتابة أو الرسوم أو الصور يشتريها من يريد أو الإعلان بالبيع أو العرض في أي مكان .
- التوزيع : تسليم الشيء المكتوب إلى الغير فإذا اكتفى الصحافي بالإفضاء للغير لما يحتويه المقال المكتوب فلا تتوفر العلانية لأن الإفضاء لا يعادل التسليم ، ولا يشترط في التسليم أن يتم بطريقة معينة ، فقد يتم باليد ، أو عن طريق البريد ، أو بوضع الكتابة في صندوق البريد الخاص . كذلك لا يشترط في التسليم أن يقوم الجاني بتسليم نسخ عديدة من الكتابة أو الرسوم أو الصور بل يكفي أن يسلم نسخة لعدد من الناس.
والتوزيع يتم على عدد من الناس بدون تمييز ومعنى ذلك أنه لا تتوفر العلانية إذا حصل التوزيع على عدة أشخاص تربطهم بالمتهم صلة خاصة كالقرابة أو الصداقة التي تبرر إطلاعهم على الكتابة بل يكفي أن يكون المكتوب قد وصل إلى عدد من الناس ولو كان قليل
الفرع الثاني : القصد الجنائي
الركن الثاني المميز لجرائم الإعلام هو القصد الجنائي ويقسم الفقه عادة عناصر القصد الجنائي إلى عنصرين أساسيين هما : علم الجاني بالعناصر المكونة للجريمة واتجاه إرادته إلى إحداث هذه العناصر أو إلى قبولها، وينطبق ذلك على جرائم الإعلام .
أولا : عنصر العلم في القصد الجنائي : عناصر الجريمة التي يتعين أن يحيط علم الجاني بها متعددة منها ما يتعلق بالوقائع ومنها ما يتعلق بالتكييف .
أ - العلم بالوقائع : ونقصد به العلم بجميع عناصر الركن المادي للجريمة ، أي الفعل والنتيجة والعلاقة السببية التي تربط بينهما ، ففي جريمة القذف مثلا لكي يتوفر القصد الجنائي لدى الجاني يجب أن يعلم هذا الأخير بحقيقة نشاطه الإجرامي سواء تمثل في قول أو صياح أو كتابة أو ما في حكمها ، وأن يعلم أن من شأنه إسناد واقعة شائنة إلى المجني عليه ، لو ثبت صحتها لترتب عنها المساس بالمقذوف وهذا العلم مفترض ، متى كانت العبارات موضوع القذف شائنة ، غير أنه قابل لإثبات العكس بحيث يمكن للمتهم أن يثبت عدم علمه بأن العبارات التي وجهها إلى المجني عليه شائنة ، كما لو كانت لهذه العبارات في بيئته دلالة غير شائنة ومن ثم كان يجهل دلالتها الحقيقية في بيئة المجني عليه .
إذا كان الجاني يجهل توافر العلانية كأن يعطي المتهم لصديقه ورقة مكتوب فيها القذف ليطلع عليها لوحده، فيقوم هذا الأخير بتوزيعها على عدد من الأشخاص بغير تمييز فإن القصد الجنائي لا يكون متوفر .
وفي بعض الجرائم يتطلب المشرع توافر صفة معينة في المجني عليه ، فحتى يتوافر القصد الجنائي لدى المتهم يتوجب أن يحيط علم هذا الأخير بهذه الصفة ومن أمثلة الجرائم الإعلامية التي يشترط القانون لقيامها صفة معينة في المجني عليه جريمة إهانة رؤساء البعثات الدولية وأعضائها المعتمدين لدى حكومة الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية حسب أحكام المادة 97 من قانون الإعلام 90 / 07
ب - العلم بالتكييف : يفترض القصد الجنائي علم الجاني بالتكييف القانوني ، الذي يضفيه المشرع على الوقائع المكونة للجريمة ، وهذا الشرط يقتضي العلم بالقانون ، ولقد أقام المشرع قرينة مفادها افتراض العلم بالقانون بحيث لا يجوز لأحد الاعتذار بجهل القانون أو الغلط في تفسيره وعلى ذلك فإن الجهل بالقانون أو الغلط فيه لا ينفي القصد الجنائي .
ثانيا : عنصر الإرادة في القصد الجنائي
يجب لتوفر القصد الجنائي في جرائم الإعلام أن تتجه إرادة الجاني إلى ارتكاب الفعل الإجرامي وتحقيق نتيجته ، وإلى علانية هذا الفعل ، بمعنى يجب تحقق أمرين أساسيين في إرادة الجاني هما :
- اتجاه الإرادة إلى ارتكاب السلوك الإجرامي ونتيجته
- أن تكون إرادة الجاني قد اتجهت إلى إذاعة وعلانية نشاطه الإجرامي
وإلى جانب ذلك قد يتطلب القانون في بعض الجرائم أن يتوفر لدى الجاني إرادة تحقيق غاية معينة من الجريمة، فلا يكتفي بمجرد تحقق غرض الجاني ، كما في القصد الجنائي العام ، بل يذهب إلى أبعد من ذلك فيتغلغل في نوايا الجاني ويعتد بالغاية التي دفعته إلى ارتكاب الجريمة ، فيصبح القصد قصدا جنائيا خاصا.
فالغاية التي يتطلبها القانون لتكوين القصد الجنائي ليست عنصرا في تكوين الواقعة الإجرامية من حيث الأصل وإنما هي وقائع خارجة عن الجريمة ، تؤدي في حالة تطلبها إلى اكتمال الركن المعنوي
ومن أمثلة الجرائم الإعلامية التي يتطلب فيها المشرع قصدا جنائيا خاصا ، نذكر جريمة نشر أخبار خاطئة أو مغرضة بقصد المساس بأمن الدولة والوحدة الوطنية المنصوص عليها في المادة 86 من قانون الإعلام الجزائري رقم 90 / 07 وجريمة نشر وإذاعة نص أو رسم بياني يتعلق بهوية القصر قصد الإضرار بهم طبقا للمادة 91 من نفس القانون .
ولا يكفي لتوافر ركن العلانية في جريمة القذف مثلا أن تكون عبارات القذف متداولة بين الأشخاص ، بل يجب أن يكون الجاني قد قصد إذاعة ما أسنده إلى المجني عليه .
أما إذا تخلف قصد الإذاعة أو العلانية فلا يتوفر القصد الجنائي ومن ثم تنتفي المسؤولية الجنائية.
وفي الأخير نشير إلى أن هناك عناصر ينتفي من خلالها القصد الجنائي وهي القوة القاهرة، وهي صورة من صور الإكراه المادي تشل إرادة المكره وتسلبه حريته ، وهي عامل طبيعي يتميز بالعنف ويسخر جسم الإنسان إلى ارتكاب الجريمة مثال ذلك : الصحافي المصاب بالحركة النومية (2) الذي يكتب مثلا مقالا وهو نائم يبعث به إلى المطبعة فينشره ، وهناك أيضا القهر المادي ويقصد به القوة المادية التي يباشر ها شخص عمدا ضد شخصا أخر لسلبه إرادته ماديا وبصفة مطلقة فتنعدم لديه حرية الاختيار، رغم عنصر الإدراك فهي تجعل من جسم الإنسان أداة لتحقيق حدثا إجرامي معين دون أن يكون بين هذا الحدث ونفسية الشخص أي اتصال إرادي .
المطلب الثاني : إجراءات المتابعة في جرائم الإعلام
المتابعة في جرائم الإعلام فيها عدة مسائل مهمة وهي الشكوى والتقادم والاختصاص المحلي .
الفرع الأول : الشكوى
هناك بعض الجرائم التعبيرية في القانون المصري قيد المشرع فيها حرية النيابة وجعل حقها في تحريك الدعوة في هذه الجرائم متوقف على ما يلي :
-إما صدور شكوى من المجني عليه : ولشكوى كقيد على رفع الدعوى الجنائية أحكام قانونية تضمنتها المواد ، 4 ، 5 من قانون الإجراءات الجنائية المصري :
-إذا تعدد المجني عليهم يكفي أن تقدم الشكوى من أحدهم ، وإذا تعدد المتهمون وكانت الشكوى مقدمة ضد أحدهم تعتبر أنها مقدمة ضد الباقين ( المادة 04من ق إ ج مصري ) .
- إذا كان المجني عليه في الجريمة لم يبلغ 15 سنة كاملة أو مصاب بعاهة في عقله تقدم الشكوى ممن له الولاية عليه ( المادة 05 ق إ ج مصري ).
- وصدور طلب كتابي من وزير مختص أو جهة حكومية معينة : وهو ما نصت عليه المادة 184 من قانون العقوبات المصري
- إما الحصول على إذن من جهة خاصة وفي جميع الأحوال التي يشترط القانون فيها لرفع الدعوى الجنائية تقديم شكوى أو الحصول على إذن أو طلب من المجني عليه أو غيره لا يجوز اتخاذ إجراءات التحقيق في ها إلى بعد تقديم الشكوى أو الحصول على هذا الإذن أو الطلب .
لم يكن قانون العقوبات الجزائري قبل تعديله يستوجب شكوى المجني عليه للمتابعة من أجل القذف مهما كانت الجهة الموجه إليها، وذلك لعدم النص على وجوب الشكوى ، لكن إثر تعديل قانون العقوبات بموجب قانون 01 / 09 نصت المادتان 144 مكرر و 144 مكرر 2 ، نص صراحة على أن إجراءات المتابعة تباشر تلقائيا من قبل النيابة العامة بخصوص القذف الموجه إلى رئيس الجمهورية، أو إلى الرسول صلى الله عليه وسلم ، أو بقية الأنبياء أو الاستهزاء بالدين ، أو بأية شعيرة من شعائر الإسلام، في حين لم تتضمن المادة 146 المعدلة بخصوص القذف الموجه إلى الهيئات ما يفيد بأن المتابعة تكون تلقائية من النيابة، فهل يفهم من اقتران المادة 146 بالمادتين 144 مكرر و144 مكرر 2 أن المتابعة تكون تلقائية عندما يتعلق الأمر برئيس الجمهورية، أو المساس بالرسول صلى الله عليه وسلم... وتكون بناء على شكوى في الحالات الأخرى ؟!
- إذا كان القذف موجها إلى رئيس الجمهورية أو إلى الرسول (ص) أو بقية الأنبياء أو للدين أو لأية شعيرة من شعائر الإسلام يكون على النيابة مباشرة المتابعة تلقائيا ، متى توافرت أركان الجريمة دون أن يكون لها في ذلك سلطة الملائمة .
إذا كان القذف موجها للهيئات العمومية أو الأفراد تكون المتابعة إما بناءا على شكوى المجني عليه، وإما بمبادرة من النيابة، وفي الحالتين تكون للنيابة سلطة ملائمة المتابعة.
وفي حالة ما إذا تمت المتابعة بناء على شكوى المجني عليه في القذف الموجه للأفراد فإن صفح الضحية يضع حدا للمتابعة الجزائية م 298 ق ع، وكذلك الشأن بالنسبة للسب الموجه للأفراد فإن صفح الضحية يضع حدا للمتابعة الجزائية م 299 ق ع وهكذا فإن المشرع الجزائري بعدم اشتراطه شكوى المجني عليه يكون قد خرج على ما هو معمول به في القانون المقارن،كما هو الحال في القانون المصري كما سبق ذكره، وفي القانون الفرنسي.
الفرع الثاني : التقادم
لم ينص المشرع الجزائري على مهلة خاصة بتقادم الدعوى العمومية في جرائم الإعلام ، ومن ثم تتقادم هذه الجريمة وفق قواعد القانون العام ، أي بمرور ثلاث سنوات من تاريخ ارتكاب الجنحة .
بينما في القانون المقارن نجد أن الجرائم التي ترتكب بواسطة الصحف تتقادم بمرور ثلاث أشهر من تاريخ ارتكابها .
ويبدأ حساب التقادم من يوم النشر في الصحيفة ما لم يوجد خطأ مادي أو غش من قبل الصحيفة من هذا التاريخ.
والجدير بالذكر في إطار الإجراءات أنه نظرا للخصوصية التي تقوم عليها جرائم الإعلام فإن المشرع الإجرائي أضفى أيضا نوعا من الخصوصية فيما يتعلق بإجراءات المتابعة حول هذه الجرائم، وهو الأمر الذي يظهر جليا من خلال المادة 59 من قانون الإجراءات الجزائية التي تمنع صراحة اتخاذ إجراءات التلبس عند المتابعة بشأن جنح الصحافة .
الفرع الثالث : الاختصاص المحلي
لم يتضمن قانون العقوبات ولا قانون الإعلام قواعد للاختصاص المحلي خاصة بجرائم الإعلام مما يجعل هذه الجرائم تخضع للقواعد العامة للاختصاص المحلي ، كما جاء في المادة 329 من قانون إجراءات جزائية التي تنص على أن تختص محليا بالنظر في الجنحة ، محكمة محل الجريمة ، أو محل إقامة أحد المتهمين أو شركائهم ، أو محل القبض عليهم . ولقد أثارت مسألة تحديد الجريمة عندما ترتكب بواسطة الصحافة المكتوبة أو المسموعة جدلا حسمه القضاء الفرنسي بالاستقرار على أن الاختصاص يكون بالنسبة للصحافة المكتوبة لكل محكمة تقرأ فيها الصفيحة في دائرة اختصاصها ، ولكل محكمة تلتقط الإذاعة بالنسبة للصحافة المسموعة ، غير أنه لا يجوز أن تتم المتابعة من أجل نفس الواقعة أمام محكمتين في آن واحد ، وهو نفس المسلك الذي سلكته المحكمة العليا في قضية يومية الخبر حيث قضت في قرارها الصادر في 17/07/2001 بأن جنحة القذف بواسطة النشر في يومية إخبارية تعتبر بأنها ارتكبت في جميع الأماكن التي توزع فيها اليومية والتي من المحتمل أن يقرأ فيها الخبر
المبحث الثاني : ا لجرائم المنصوص عليها في قانون العقوبات
سنتناول في هذا المبحث الذي قسمناه إلى ثلاث مطالب كلا من جريمة القذف والسب والإهانة مع تبيان أركان كل جريمة سيما ركن العلانية والقصد الجنائي والذي يعد الركنان المشتركان بين هذه الجرائم .
المطلب الأول : القذف
القذف لغة "هو الرمي أو التوجيه" وقد عرف المشرع القذف في المادة 296 من قانون العقوبات "يعد قذفا كل ادعاء بواقعة من شأنها المساس بشرف واعتبار الأشخاص ، أو الهيئات المدعى عليها بها أو إسنادها إليهم ، أو إلى تلك الهيئة وتضيف نفس المادة في شطرها الثاني " يعاقب على نشر هذا الادعاء أو ذلك الإسناد مباشرة أو بطريق إعادة النشر حتى ولو تم ذلك على وجه التشكيك أو إذا قصد به شخص أو هيئة دون ذكر الاسم ولكن كان من الممكن تحديدهما من عبارات الحديث أو الصياح أو التهديد أو الكتابة أو المنشورات أو اللافتات أو الإعلانات موضوع الجريمة .
فيما نصت المادة 144 مكرر و 146 من قانون العقوبات على أن القذف الموجه إلى رئيس الجمهورية أو الهيئات العمومية قد يكون بأي آلية لبث الصوت أو الصورة أو بأي وسيلة إلكترونية أو معلوماتية أو إعلامية أخرى .
الفرع الأول : أركان الجريمة
تقوم جريمة القذف على أركان ثلاثة ، وهي الادعاء بواقعة شائنة أو إسنادها للغير ، العلانية، القصد الجنائي
الركن الأول : الادعاء بواقعة شائنة أو إسنادها للغير
أ - الادعاء أو الإسناد : الادعاء يحمل معنى الرواية عن الغير أو ذكر الخبر محتملا الصدق أو الكذب ، بينما الإسناد يفيد نسبة الأمر إلى شخص المقذوف على سبيل التأكيد سواء كانت الوقائع المدعى بها صحيحة أو كاذبة ولا يتحقق القذف بالإسناد المباشر فقط ، بل يتحقق أيضا بكل صور التعبير ولو كان بذلك بصفة تشكيكية أو استفهامية أو غامضة .
ويستوي في القذف أن يسند القاذف الأمر الشائن إلى المقذوف على أنه عالم به ، أو يسنده إليه بطريق الرواية عن الغير ، أو يردده على أنه مجرد إشاعة ، وتبعا لذلك قضي بأنه يعد قاذفا من ينشر في جريدة مقالا سبق نشره في جريدة أخرى ، وكان يتض من قذفا على أساس أن إعادة النشر يعد قذفا جديدا
ب - تعيين الواقعة : يجب أن ينصب الادعاء أو الإسناد على واقعة معينة ومحددة وبهذا الشرط يتميز القذف عن السب ويعد قاذفا من أسند إلى موظفا تلقيه الرشوة .
ج - واقعة من شأنها المساس بالشرف أو الاعتبار : يتحقق فعل الاستاد على الواقعة متى كانت ماست بالشرف أو الاعتبار، ويتحقق فعل الإسناد سواء أكانت الواقعة المنسوبة إلى المجني عليه على سبيل الجزم واليقين أو على سبيل ا لشك أو الاحتمال أي أن فعل الإسناد يتوافر بواقعة قدح
نظريات التأثير في الوسائل الإعلامية
وترى هذه النظرية أن علاقة الأفراد بمضمون الرسالة الإعلامية علاقة تأثير مباشر وتلقائي وسريع سواء كانت هذه الرسالة صادرة من صحيفة أو إذاعة أو تلفاز ، فالإنسان سيتأثر بمضمونها مباشرة ، وبناء على فلسفة هذه النظرية فإن الإنسان سيحاكي مشاهد العنف والقتل أو أي جريمة أخرى .
إلا أن هذه النظرية لم تلق قبولا واسعا من قبل المهتمين العاملين في مجالات الإتصال الجماهيري ، لأن الإنسان ليس سلبيا أو ساذجا لتلك الدرجة التي يتأثر بكل ما يقرأ أو يسمع أو يشاهد لاغيا كل الثأثيرات النفسية والاجتماعية والبيئية وما إلى ذلك من تأثيرات أخرى .ولكن يمكننا القول بأن هذه النظرية ( نظرية الرصاصة ) ، متى وجدت التأثيرات الأخرى فإنها يمكن أن تكون فاعلة .
وهذه النظرية تقول أن تأثير ما تعرضه الوسائل الإعلامية يحتاج إلى فترة طوية حتى تظهر آثاره على الأفراد من خلال تراكمات إعلامية عديدة تؤيدها معتقدات ومواقف وسلوكيات مختلفة ، وإن استمرار تعرض الإنسان من خلال وسائل الإعلام إلى أفكار جديدة وقيم مغايرة واسلوب حياتية غير التي إعتادها ، يؤدي به إلى تبني بعض تلك الأفكار أو القيم ، ويغير في أسلوب حياته متأثرا بما يعرض عليه من مختلف وسائل الإعلام ، وبدرجة تختلف من فرد إلى آخر حسب تركيبة شخصيته ، وحالته النفسية ، والبيئة الإجتماعية التي يعيش فيها ، ونوع الوسيلة الإعلامية التي يتعرض لها ، ومضمونها ، والسياسة التي تسير عليها .
وقد أثبتت بعض الدراسات أن المشاهدة المبكرة للعنف الموثق والمصور في الصحف أو المتلفز تكون سببا مباشرا للعدوان فيما بعد ،ولقد انتهت الدراسات إلى أن تصعيد درجة التهيج ، مهما كان نوع هذا التهيج من خوف أو رعب أو إثارة جنسية ، تمهد لأعمال الإعتداء خاصة اذا ما كانت إشارات البيئة مساعدة على ذلك .ومن هذا فان الإعتقاد بان " العنف على الشاشة يساعد على الجريمة " ينبغي أن يقاس بمدى متانة الفرد الخلقية يضاف إلى ذلك أن للجريمة أكثر من دافع ، وإن الدراسات الإرتباطية كثيرا ما تؤدي إلى الوقوع في الزلل العلمي إذا لم تؤخذ بحذر شديد ، فليست كثرة مشاهد العنف تؤدي دوما إلى إزدياد في الجريمة ، إن مثل هذا الإرتباط ينبغي أن يدرس في ضوء المتغيرات الأخرى وفي طليعة هذة المتغيرات إحتساب المؤشرات البيئية ورسوخ الرادع الأخلاقي.
وهذه النظرية تعني أن الجرعات الإعلامية المتواصلة وبأساليبها المختلفة بما تحمل من قيم ومفاهيم جديدة تشبه بفكرتها هذه تلك الأدوية والأمصال التي نحقن بها للحصول على مناعة ضد مرض ما . فاستمرار تدفق المعلومات من خلال الصحف أو الإذاعة أو التلفاز ، ولتكن أخبار أو صور أو مشاهد العنف والجريمة والفساد الأخلاقي، مثلا ، يولد لدينا نوع من ألامبالاة تجاه هذه الأمور وعدم الإكتراث لحصولها في المجتمع
وهذا ماهو مؤكد ومشاهد في مجتمعنا المحلي ومجتمعاتنا العربية ، لقد تبلد الإحساس في نفوسنا وقلوبنا ، فلم نعد نرى أن التمهيد لجريمة الإغتصاب أو الإختظاف أو الزنى خطأ لأن وسائل الإعلام علمتنا " السفور " ،" Boyfrind " " Girlfrind " من خلال الصحف والمجلات الشبابية والنسائية والمسلسلات التلفازية .
كاتب المقال
دكتور في الحقوق و خبيرفي القانون العام
ورئيس مركز المصريين للدراسات السياسية والقانونية والاقتصادية
عضو والخبير بالمعهد العربي الاوروبي للدراسات الاستراتيجية والسياسية بجامعة الدول العربية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.