عندما يتحول البيت الأسري من محض للكرامة ومصنع للحياة ، ومنتج للرجال إلى مصدر للإهانة ومقر للتجريح ، ومسرحا" للجرائم . لسنوات طويلة ونحن نري ونسمع بأن "الخيانة" هى الدافع الوحيد الذى قد يحرك الأزواج إلى التفكير فى قتل زوجاتهم أو إيذائهما ، وربما كان ذلك لبشاعة جريمة " الزنا " والتي قد يراها البعض مبررة إلى حد كبير ومنطقية، لأنها تمس الكرامة والنخوة والرجولة … ولكن فى السنوات الأخيرة من زماننا العجيب : أصبح ارتكاب الجرائم ضد المرأة يحدث لأسباب أقل أهمية بكثير من جريمة " الزنا والشرف " وأصبحت أسباب القتل غريبة فى الكثير من الأحيان. في أقل من شهر ، وأنا أقرأ يوميا بالجرائد الصادرة صباح كل يوم عدة جرائم قتل ،أوشروع فى قتل، أو عنف من ضرب وذل واهانة ارتكبها رجال بحق زوجاتهم لأسباب متفاوتة فى الغرابة كان آخرها الجريمة التى ارتكبها زوج ضد زوجته قبل يومين ، حيث أنهى حياتها عندما طالبته الزوجة بشراء " جهاز "ريسيفر" ، فطعنها بالسكين 43 طعنة ، حيث لقت مصرعها على الفور."" وخلال هذا الأسبوع أيضًا انتهى زواج استمر 5 سنوات فى منطقة أخري بجريمة قتل راحت ضحيتها الزوجة بسبب مشاجرة بينها وبين الزوج لأنها عايرته بعدم قدرته على الإنجاب، وتطورت المشاجرة من الضرب المبرح إلى الخنق ثم حاول إخفاء الجريمة بتحويلها لاختناق بالغاز بفتح اسطوانة الغاز . شر البلية ما يضحك … شهدت منطقة أخري جريمة يضحك لها الجميع ، وهى محاولة قتل عامل لزوجته بسبب رفضها العشاء معه حيث حاول قتلها ب 5 طعنات فى البطن بسكين. فيما شهدت منطقة أخري محاولة قتل أخرى لزوجة على يد زوجها العاطل حيث شوه وجهها بماء النار وحاول قتل أبنائه بالأعيرة النارية ضمن وصلة تعذيب معتادة من الزوج المدمن لامتناعهم عن شراء المخدرات له. ظاهرة العنف ضد المرأة —————————— ظاهرة العنف ضد المرأة ظاهرة تجاوزت كل الحدود في الأونة الأخيرة ، وأصبحنا نشاهد كل أنواع وأصناف العنف ضد المرأة بداية من العنف اللفظي المعنوي ، والعنف الجسدي الجنسي سواء كان تحرش جنسي ، أو اغتصاب ، ليتطور الأمر الي القتل والذبح . واحدة من كل ثلاث نساء متزوجات تتعرض للضرب مرة واحدة على الأقل منذ زواجها، مما يكشف لنا أن العنف لا يزال يتربص بالمرأة المصرية رغم كل ما تدعيه التشريعات والقوانين المدنية من حمايتها ومنحها لحقوقها. 46% من النساء المتزوجات الأميات أو حاصلات على تعليم ابتدائي. تعرضت للضرب خلال حياتها الزوجية، و14% من الحاصلات على درجات تعليمية أعلى بما في ذلك التعليم الجامعي وما فوق الجامعي تعرضت للضرب في حياتها الزوجية. الإسلام والعنف ضد المرأة ———————————- العنف ضد المرأة يأتي من الممارسات الخارجة على الشرع، فعندما جاء الإسلام كانت المرأة مهيضة الجناح ورفعها الاسلام إلى قمة سامية من التكريم والاحترام والحقوق المتساوية مع الرجل ، دون الميراث ، لكن إذا كانت هناك ممارسات من بعض أشباه الرجال غير العارفين بشريعة الله فهذا ما لم يقره الإسلام ، فقد اعتنى الإسلام بحقوق المرأة بصفتها شريكة للرجل وصانعة للحضارات والأجيال، فهي الأم ، والأخت ، والزوجة ، والبنت ، والمطلع على وضع المرأة في الإسلام، يجد أن الإسلام أعتنى بالمرأة منذ لحظة ولادتها وحتى وفاتها، ففي الجاهلية وقبل مجيء الإسلام كان العرب يدفنون الإناث وهن أحياء خشية العار الذي قد تأتي به البنت حينما تبلغ، فكان قتلها سنة مشروعة عند العرب قبل الإسلام، وهو ما سمي " بالوأد" ، وأستمر ذلك الأمر حتى جاء الإسلام وبين فظاعة هذه الجريمة التي ترتكب بحق الأنثى التي لا ذنب لها سوى أنها ولدت أنثى ، حيث قال تعالى: "فإذا المؤودة سُئِلت بأي ذنبٍ قُتلَت"، إذ كان ردا على جريمة هؤلاء الناس ببناتهم ، وكيف أن لا حق لهم بذلك الفعل، وهذه هي النُقطة الأولى والأهم في حماية المرأة من العنف والذي استأصل الإسلام شأفته منذ البداية ، ومن الأدلة على أهمية المرأة وتجريم العنف تجاهها هو إيلاء المرأة في الإسلام المكانة الرفيعة، حيث تطرق الإسلام من خلال النصوص الشرعية الواردة في القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة إلى الحديث عن أهمية المرأة خصوصاً الزوجة، فقد وصف الله الزوجة بأنها سبب لحصول الهدوء، والسعادة، والراحة النفسية، ومصدر للطمأنينة القلبية ، فقد قال الله تعالى: (وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ)، ونلاحظ من خلال الآية الكريمة أن الله تعالى قد بين أهمية وجود الرحمة والمودة بين الزوجين، وهي نقيض العنف والأذى وعدم الاحترام. أما إذا نظرنا إلى حياة نبينا الكريم عليه الصلاة والسلام مع نسائه وبناته ، نجد أنهُ قد ضرب أروع الأمثلة في فن التعامل الراقي مع المرأة، والذي سبق به كل دعاة ما يسمى " بالإتيكيت " وذوق التعامل مع الآخر، فقد كان عليه الصلاة والسلام يصف النساء " بالقوارير " وهي دليل الرقة والنعومة عند المرأة، وهذا يدفع الرجل للتعامل معها برقة حتى لا تكسر ولا تخدش، والمواقف النبوية الكريمة لصاحب الخلق العظيم ، والأدب الرفيع ، والرحمة المهداه مع نساءه وبناته كثيرة ومتعددة ، يصعب ذكرها في مقالي هذا ، لكن أذكر منها موقف زوجته السيدة " صفية " رضي الله عنها حين بكت ذات يوم عندما برك جملها فقام صلى الله عليه وسلم إليها، فمسح دمعها بيديه الشريفة ، وجلس معها وهو بين جيش وسفر، فلم يعيب عليها بكاءها ولم يحقرها بل اهتم بمشاعرها، وهذا قمة الرقي في تعامل الرجل مع زوجته، وبالتالي فليس للعنف سبيل إلى المرأة في ظل وجود التعاليم الإسلامية الرفيعة، التي تحفظ كرامة المرأة وتصون حوزتها وترفع من شأنها. عصر " الإتيكيت" والعنف ضد المرأة ————————————————- السؤال هنا : لماذا وصل العنف ضد المرأة في عصر "الإتيكيت" ،وانتشار التعليم الي درجة تدمي لها العيون ؟ فالمرأة تعاني في وقتنا الحالي من ظلم واضطهاد وعنف يمارس بحقها، ويكاد أن يكون بشكل يومي ومستمر وفي مناطق مختلفة، وأصبح العنف ضد المرأة ظاهرة اجتماعية منتشرة في العديد من المجتمعات ، وخاصة المجتمعات العربية، وزادت هذه الظاهرة في الآونة الأخيرة رغم التقدم التكنولوجي الحاصل في هذه المجتمعات. هل سكوت المرأة وقبولها للعنف الذي تتعرض له يعد من أهم الأسباب التي أدت إلى انتشار وتفشي هذه الظاهرة ؟ حيث أن المعتدي لم يجد أن نوع من الرفض أو المقاومة لما يقوم به من عنف ضد المرأة، مما أدى إلى تماديه واستمراره في القيام بأعمال العنف ضدها ، أو ربما يكون للأسباب الثقافية دور كبير في حدوث العنف ضد المرأة، وذلك نتيجة لوجود اختلاف وفروق في المستويات الثقافية ما بين الطرفين، والذي يؤدي إلى عدم وجود وعي كافي لكيفية التعامل مع الطرف الآخر وكيفية احترامه له، وتكثر هذه الحالة عندما يكون المستوى الثقافي والتعليمي للمرأة أعلى بكثير من الرجل، مما يؤدي إلى حدوث خلافات في جميع جوانب حياتهم، وبالتالي تعنيف المرأة من قبل الرجل ، أو ربما يكون لتربية الرجل التي ينشأ عليها منذ طفولته هي التي تعكس شخصيته وأسلوب حياته المستقبلية، فالرجل الذي يتربى على العنف في حياته، يتعامل مع الآخرين بأسلوب عنفواني وخاصة مع المرأة. عندما يرون الأطفال طريقة تعامل الآباء العنفوانية مع الأمهات، ينطبع في مخيلتهم هذه الطريقة ويقومون بتقليدها، والتعامل مع المرأة بأسلوب لا يمت للاحترام بأي صلة، والتعامل معها على أنها إنسان لا قيمة له ولا يجب احترامه وتقديره، وظهور التمييز والتفريق بين الذكر والأنثى والتي يتعامل به الكثير من الأشخاص في مناطق عديدة بحجة العادات والتقاليد السائدة والمعروفة، والتي تؤدي إلى تهميش دور المرأة وتصغيرها وعدم وجود أي نوع من الاحترام لها، وفي المقابل يتم تعظيم دور الرجل وجعله العنصر الوحيد الفعال والمهم في المجتمع ، وقد يكون للأسباب البيئية التي يعيش فيها الأفراد دور في انتشار العنف ضد المرأة، كوجود أعداد كبيرة في السكان وحدوث الازدحام الخانق، وعدم توفير الخدمات التي يحتاج لها المواطنون، وارتفاع معدل البطالة والفقر. العيش في ظروف اقتصادية صعبة، وعدم مقدرة الإنسان من الحصول على أبسط احتياجاته الأساسية، تؤدي إلى جعل هذا الإنسان ذا طبيعة ومزاج صعب ومعكر وعنيف، ويؤدي إلى تفريغ طاقاته السلبية والانفعالية على المرأة. هناك بعض الدول والحكومات التي يكون لها دور كبير في انتشار العنف ضد المرأة. أرحام النساء تلد أشباه الرجال —————————————- السؤال الأخر والذى يفرض نفسه ، ونبحث عن إجابته منذ عشرات السنين دون جدوي : هل خلت أمة الرجال من الرجال ، وأصبحت أرحام النساء لا تلد سوى أشباه الرجال ؟ فأختلت معايير الرجولة، وأصبحت الرجولة تعنى الذكورة والفحولة والقوة ، وقد تعنى أحيانا" السيطرة على المرأة وإسكاتها وتآديبها بالغاء شخصيتها وطبيعتها، وضربها ، لتنقلب المعادلة الفطرية للرجولة ، وتصبح الزوجة تنفق على زوجها ، بل ويتسلط علي أموالها، ويفقد الرجل دوره الفطري ويرمي بكل مسؤولية الإنفاق على الزوجة فتتضاعف عليها المسؤولية ، ويصبح الرجل أناني ، يريد أن يمتلك المرأة ، وتكون دائما تحت تصرفه ، ويطالبها بالقيام بالدورين معا من القيام بتوفير طلبات المنزل، مضافا إليه دور الرجل بتوفير المتطلبات الخارجية وتحمل الأعباء المادية ومتابعة الأطفال وغير ذلك من الالتزامات التي لا مجال لحصرها. ولا يعذرها اذا قصرت في بعض أعمالها ، بينما هو دائم التقصير ، ليصل الأمر في نهايته الى ضربها وقتلها . عادات وسلوكيات مجتمعية والعنف ضد المرأة ————————————————- أتذكر عندما كنت صغيرا" لا أعطى للأمور وزنها ، وكنت قاصر الفكر بحكم طفولتى البريئة ، وكنت أتطبع بفكر وسلوكيات مجتمعى البسيط الذى أعيش فيه في صعيد مصر ، فكنت أنظر للرجولة كنظرة العامة .... فالكثير من الناس لا يعرفون المعنى الحقيقى للرجولة ، لان مفهوم الرجولة مختل عندهم . فالرجولة عن الكثير من يمت عواطفه ، ويظهر الجلافة والقسوة والشدة والهيمنة ، وكلما بدأ مسيطرا" وحاسما" وأصدر الاوامر والنواهى كان أكثر رجولة ، وقد يحتاج إلى الكثير من الصفات السيئة لتكتمل عنده معايير الرجولة ( كالسب واللعن والفحش فى القول ، وأحيانا الضرب ليرهب من حوله ويؤكد نفوذه وسطوته وخاصة ضد المرأة الضعيفة الرقيقة ، لأن الرجولة عند بعضهم : من لا يبدل قوله ، ولا يغير كلمته، ولا يعدل عن رآيه مهما حدث ( حتى لو كان الرآى خاطىء ) ويرفع صوته بالشعارات الخادعة قائلا" ( الراجل كلمته واحدة ، لتنقلبت معايير الرجولة فى زمن أشباه الرجال ، وتصبح الرجولة متوقفة على عبارة ، ( مبروك طلعلك شنب) ، وبظهور الشنب يكون الرجل قادرا" على آداء مهامه و رغباته الجنسية على اكمل وجه ، حتى لو كان الرجل كسولا" فى كسب الرزق ، فاشلا" فى تخطيطه لمستقبله وإدارة أمور حياته ومستقبله ، عاجزا" عن تحمل المسئولية. الرجولة في القرآن الكريم —————-؛——————– خلاصة القول : صفات الرجولة جاءت بها الشريعة الإسلامية ، فقد ذكر الله – عز وجل لفظ الرجال في كتابه العزيز في مواضع عديدة ، ووصفهم – سبحانه بصفات كثيرة منها التقوى والصلاح ، والتحلى بمكارم الأخلاق ،والثبات علي العقيدة ،و القدرة على خوض غمار الحياة ، والنضج والرشد ورجاحة العقل ، والقدرة على تحمل المسئولية .