بقلم عبد العزيز ابو المجد بعد انقطاعى عن الكتابة لفترة تقرب من الشهر وذلك لكونى كنت متابعا جيدا لما يحدث في مصر بداية من 25 يناير ومنها الي اللجان الشعبية لحماية الممتلكات الخاصة والعامة وصولا الي ميدان التحرير في يوم 25 يناير نشرت لي مقالة بعنوان ثورة ثورة حتى النصر ثورة ازاى قبلها بشهر... وكنت اناقش فيها معنى كلمة ثورة وثوران وكيف يتم تحديد يوم لثورة متهكما علي طالبي الحشد لحدوث ثورة في ميعاد محدد وبالطبع لست رافضا للثورات التى تعيد للشعوب كرامتها وانما رافضا لاستخدام الالفاظ بطرق خاطئة وهذا ما ذكرته في المقال وترانى حذرت من الاشخاص الذين يحاولون "ركوب الموجه" علي سبيل المثال العقيد عمر عفيفي وصولا الي تغيير حال فكر السلفيين من الانشغال بالدعوة فقط الي مطالبتهم بمصر اسلامية لامدنية ولا علمانية ورغم ان المقالة اخذت من بعض السطحيين باننى رافضا للثورة وبانى هداما جبانا رغم انى لم اذكر في تلك المقالة او غيرها يوما اننى من عاشقي النظام الذي اهدمت اخر قلاعه يوم التنحى فمن يري ان يوم 25 يناير هو ثورة مصر من وجهة نظري فهو خاطىء فالذي حدث علي الارض او اكبر شاهد علي ان الثورات مفاجئة ولا يمكن تحديد مواعيدا لها فبعد بداية المظاهرات الحاشدة في يوم 25 يناير الثلاثاء وصولا الي ليلة الخميس تم الحشد بطريقة اكبر لجمعة الغضب 28 يناير وهو يوم الثورة الحقيقي حيث كانت هناك عوامل مساعدة لجعلها ثورة فعلية من معاملة الامن القاسية واستخدام الرصاص الحى و قطع شبكة الانترنت وشبكات المحمول الثلاث التى ادت بدورها الي حشد اخر متمثل في المتعاطفين والذين تخلصوا من خوفهم والباحثين عن ذويهم ولايمكنهم الوصول اليهم الا بالذهاب الي الميدان الي انسحاب الشرطة والفراغ الامنى الذى بدوره ادى الي حشد بقية الشعب امام ممتلكاته يحرسها فجعل الشعب المصري كله في يوما وليله مجتمعا لنفس السبب في كل شوارع مصر المتسعة والحواري الضيقة فيوم 25 يناير هو يوم مظاهرات الشباب اما بعد يوم 28 يناير فكانت ثورة مصر الشعبية بكافة طبقاتها فلا اشجع ابدا تسمية الثورة بثورة الشباب فهى ثورة شعبية حقيقية جمعت طوائف مصر بكبر وصغر سنهم واختلافات انتماءاتهم والوانهم ومستوياتهم.. عندما تندلع الثورات يكون دائما هناك من يريد ان يوئدها بكل الطرق من تلك الطرق ماهو غبي يساعد لاتساع الثورة الشعبية ومنها ماهو اغبي بسهولة لاتقتنع به لانه ليس منطقيا فهو موجهه تقريبا الي جهلاء هكذا كان ينظر الينا النظام السابق.. من طرق وأد الثورات اطلاق المساجين في الشوارع ودس بلطجية تابعين في وسط المحتشدين والمتظاهرين يقومون بالحرق والتخريب ليكون هذا ذريعة لاستخدام العنف من قبل قوات الامن.. واظهار الثورة علي انها عمل اجرامى تخريبي قطع المياة او اشاعات عن قطعها او بالقول ان المياة مسمومة لشغل الغالبية عن احوال الثورة فمن يريد وأد الثورات يبحث دائما عن الاشياء التى تمس الكافة ويتلاعب بها من مياه ومن ترويع بسبب انفلات امنى ومن وجود عناصر اجنبية توجه المتظاهرين ..وتوزيع وجبات الكنتاكى والباس الثورة للمتأسلمين لتخويف الغرب منها وقطع الدعم المعنوى الخارجى عن الشعب واطلاق المظاهرات المؤيدة المؤجرة لتحدث الفتنة لارهاق الثوار في معارك جانبية تبعدهم عن اهدافهم الاساسية ولكن ..يمكرون ويمكر الله ..وينقلب السحر علي الساحر فأول الخاسرين من قطع شبكات المحمول هو جهاز الشرطة فيوم جمعة الغضب انقطعت الاتصالات بين اجزاء كبيرة من هيكل الشرطة فكان بطيء اتخاذ القرار والفوضي التى اصابتهم... الشهداء الذين كانوا بمثابة ابقاء الشعلة وزيادة الوهج وكسب تعاطف الشعب والتخلص من وهمية خطاب الرئيس الذي مس الجميع وموقعة الجمل التى كانت اشبه لمعركة لعنترة من ايام الجاهلية.. نزول القوات المسلحة بشكلها المتحضر المحايد جعلت الشعب والجيش في كفة واحدة فزاد الضغط علي النظام بدلا من ان يخفف عنه كل هذا وذاك ادى الي الخطاب الاخير الذي جعل شوارع مصر جميعها تتطاير فرحا فكل الايام التى سبقت خطاب التخلي قسمت كتلة الشعب مابين راضيين باستمرار الرئيس السابق حتى فترة الانتخابات المقبلة ومنهم من يريده ان يتنحى الان ويجمع الفريقين اخيرا الخوف علي مصر ولذلك تلونت السماء بالوان علم مصر الثلاث بعد خطاب التخلي الشهير ليعلن شعب مصر انتهاء زمن الاستبداد ليخرج شعب مصر بشكل حضاري ينظف ميادينه والشوارع وينظم المرور لينقسم بعدها الشعب ثانية مابين مؤيد لرد الجميل لمبارك ومابين رافضا لتكريم الطاغية .. لو تمعنا قليلا فيما حدث سنري ان ايام الفوضي كانت في خلال اشتعال الثورة اي ان الترويع والسرقات والخريب كانت في محاولات اجبار مبارك علي التنحى وعندما تخلي عن منصبه عاد الشارع ليستقر نسبيا وتفككت اللجان الشعبية ليندمج افراد هذا الشعب مرة اخري مع ظروفه وحياته ويبتعد نسبيا عن الشارع السياسي اذن فمن السهل ان نقول ان استمرار وجود النظام السابق هو استمرارا للفوضي .. ولكن يجب علينا الا ننسي اننا ظللنا ثلاثون عاما تحت حكم واحد مستبد منا من قضي شبابه في وجوده حتى صار كهلا ومنا من ولد في عهده وشب علي وجوده اذن هناك حالة مستقرة ثلاثون عاما عندما ينتهى كل هذا في ثمان عشر يوما فلابد ان ينكشف الخائفون والمنافقون ومريدى السلطة فبعد كشف تلك الغمة لابد ان لا نحيد عن اهداف الثورة ومطالب الجماهير بان ندخل في محاكمات شخصية وننقسم مابين من مع ومن ضد كلنا مصريون ولكن اختلف الوضع والثورة البيضاء لابد وان تبقي بنبلها لابد وان يحاسب كل من ساعد في اغراق مصر وهوانها ولابد ايضا ان نترفع عن الحسابات الشخصية والقيل والقال وان نصوب اعيننا جيدا علي اهداف الثورة لنحققها بالعمل الجاد حتى النهاية فالقائمة السوداء والحمراء او اي قائمة تبث روح العنصرية هي عناصر للثورة المضادة لتفكيك الكتلة لكتل ومن ثم سهولة القضاء عليها فلا تجعلونا ضعفاء ثانية وتذكروا جميعكم اننا ظلننا ثلاثون عام لم نري الحق والحرية والكرامة اللهم الا سطورا موجزة في صفحات قليلة وكنا جميعنا صامتون واليوم وعندما اراد الله نصرتنا يعين كل منا نفسه قاضيا علي من حوله.. ارجوكم ابقوا كما انتم ففي التكتل قوة كما راينا... ولو في تكريم الرئيس تأكيدا لتكتلنا فلنكرمه واخيرا ولاننا نضجنا جميعا علي فكر المؤامرة التى كان يؤكدها فينا دائما النظام السابق وتأكيدا بان طباخ السم لازم يدوقه.. الرئيس محمد حسنى مبارك اراه لم يتنحى حتى هذه اللحظة فالخطاب الذي قالوا عنه خطاب التنحى لا يحمل هذا المعنى ابدا ولكنه قال "تخليه" و"كلف القوات المسلحة" ولا يعنى هذا امكانية رجوع مبارك للحكم لانها ستكون فضيحة دولية مدوية ولكن المؤكد ان هناك نوايا اخري قد تكشف عنها الايام الاتية وهذا ما كنت احاربه في مقالة 25 يناير "السطحية" نحن نتعامل مع عقول تؤجج المؤمرات وتلتف حول المطالبات والارادات فلابد لنا ان نكون اكثر عمقا ليكتمل النصر للنهاية..فنحن كسبنا جولات عدة ولكن رايي اننا لم يكتمل نصرنا الان كما يريد البعض ان يشعرنا اما لمشاعره المتدفقه بعض الشيء واما لاغراض تتبع ايضا نظرية المؤامرة.. فتفكروا ايها الثوار تمعن ايها الشعب بعضا من التعمق وتصويب البصر والبصيرة الي الهدف الاسمى..