بقلم أمل الشريف القاهرة .. قهرت جلادها أخيرا .. أُسدل الستار على مسرح سياسى ..أثبت فيه شعب مصر أنه أبقى من حاكمه وأقوى ، حيث خرجت " ثورة اللوتس " فى مصر من أمه خافت على مستقبلها .. ضاقت بحاضرها .. ترثى ماضيها ، شعب رأى نفسه فى ثلاثين سنه خالية .. يتراجع شأنه بين العالم . "تحيا مصر" هتافات 3 ملايين مصرى رجت ميدان التحرير بمجرد أن التقطت آذاننهم أعلان حول رحيل مبارك من السلطة .. السلطة الذى كان حريصا عليها يتنقل بين كل دورة حكم وأخرى انتقالا سلسا تضمنه انتخابات معلولة وصناديق اقتراع كاذبة ، كل ذلك كان يجرى باسم الديمقراطيه حتى استطاع مبارك ورجاله التوصل إلى صيغة سحرية لإحكام السيطرة على الحكم عبر مزاوجة نفوذه السياسى بالمال لتبدأ دورة جديدة من الخداع السياسى . لحظة فارقة في تاريخ المنطقة والعالم بل في تاريخ الإنسانية .. " الثورة الفرعونية " أسقطت مشروع استعباد الشعوب تحت الشعارات الزائفة للحرية والديمقراطية وحقوق الانسان ومكافحةالإرهاب. "الثورة البيضاء " أسقطت مشروع الوصاية الغربية على مقدرات الأمة العربية والإسلامية .. أنها " الثورة المصرية " ثورة الشعب الذى أسقط النظام وأسقط حاكمه . هى الإرادة الشعبية ..التي صنعت رموزها و قياداتها في ساحة الميدان.. و الشعب بمختلف فئاته؛ الذى اجتمع من أجل مصلحة وطنه؛ والذى توحد ليس ضد أحد بعينه .. ولكن ضد جميع أشكال الفساد و الاستبداد و القمع .. وأسقطت بها الى الأبد سياسة القوة والخداع والتضليل . الإرادة الشعبية الغير خاضعة لأية قيادة والذى مثلهما النموذجين (التونسي و المصري) نشأتا عهدا جديدا في العالم العربي لتمثلان قوة خارقة في قلب التوازنات السياسية السائدة.. في أقل وقت و بأقل كلفة . وهاهى العولمة بوسائل اتصالها الحديثة و المتطورة تحرك مجتمعا مدنيا يشكل سلطة موازية فى تحدي غير مسبوق على كل الأنظمة السياسية؛ التي لا تساير ركب الديمقراطية .. ليمثل نموذجا للدولة الحديثة فى ظل انظمة عربية ضعيفة تفتقد الشرعية السياسية الضرورية لاستمرارها ولا تمتلك حماية فعلية لشعبها فى علاقة قهر و صراع غير متكافئ . الآن حرية الرأى والفكر والمعتقد والدستور المدنى وحرية الإنسان فى اختيار من يمثله بإرادته الحرة دون ضغط او إجبار. إن الأنظمة السياسية في العالم العربي؛ لا تخرج عن أنها دائرة استبدادية مركزها يقوم على أساس ديكتاتورية الطبقة الحاكمة و الزعيم الأوحد ، مُحيطها يقوم على أساس الحزب الواحد؛ وأن التعددية الحزبية مدخل لخلق الصراعات داخل المجتمع ، قُطرها يقوم على أن الديمقراطية ماوجدت إلا لتفكيك الدول ، وتَرها يقوم على أن حرية التعبير تخلق الفوضى ، والنتيجة : فاحت رائحة الأستبداد منذرا بأنفجار الأوضاع من المحيط إلى الخليج . و الآن إنتهى الدرس .. وعلى قادة العرب أن يدركوه ، وأن يعيدوا النظر في سياساتهم العقيمة في دعم الطغيان التي وصلت الى طريق مسدود .. وأن يحترموا : إرادة وحرية وكرامة وعقيدة وهوية شعبهم .. وأن يبدأوا صفحة جديدة مع الأجيال الصاعدة . عاشت مصر حرة ، كريمة ، مستقلة ..... ولا زال الطريق طويلا وشاقا .