بقلم علاء الغندور ألم تتساءل فى بعض الأحيان كيف انك فعلت هذا التصرف الغريب و العنيف وبهذا الشكل الغير متوقع مع شخص معين تكن له تقديرا خاصا؟ أننى أتذكر سؤال أحد أقاربى ذات مره حين سألنى قائلا: ألاحظ عليك احيانا انك تتعامل بهدوء مع بعض المواقف التى تحتاج الى رد عنيف منك و أحيانا أجدك تنفجر فى موقف لا يحتاج الا الى تعامل هادئ..فما تفسيرك لتصرفاتك الغير متوقعه منك؟ فضحكت وأجبته قائلا: يا عزيزى..نحن بشر..لنا طاقة تحمل..و عندما تعاملت بهدوء مع موقف يحتاج لرد فعل عنيف..كنت فى أحسن حالاتى النفسيه والمزاجيه و لم يكن هناك ما يعكر صفوى و لذلك تعاملت بالحكمة والهدوء مع هذا الموقف و وصلت لأفضل النتائج بالهدوء والتى لم أكن أصل اليها اذا كان رد فعلى عنيف..اما فى الموقف الثانى..كان الوضع مختلفا..لأن حالتى النفسيه كانت سيئه و لقد تشبعت طاقة تحملى بالكامل وكانت مثل بالون أمتلأ عن آخره و كان ينقصه مجرد قشه صغيره لكى تفّجره..و لقد كان..و أنفجرت لسبب بسيط ولكنه كان المفجر لطاقة تحملى البشريه والتى لا أستطيع ان اتحمل ما يزيد عنها..لأننى بشر... و أذكر انى رأيت صديقة عزيزة منفعله جدا و تتشاجرمع زميلاتها فى العمل رغم انه معروف عنها هدوئها واتزانها و رجاحة علها..و انتظرت حتى هدأت و سألتها فوجدتها تبكى وتبدىحيرتها وندمها..لأنها لا تعرف ماذا جعلها تفعل ذلك..فقلت لها: انكى تحملين على كاهلك هموما كثيره وكان رد فعل زميلتك البسيط وان كان خطأ الا انه فجر بداخلك بركان الغضب عما كظمتيه بداخلك منذ فترة.. و هذا يعنى ان الأنسان عندما يكون هادئا ساكنا مستقرا فأنه يكون قادرا على رؤية الأمور برويّة وتبصر و تأنى و يستطيع أتخاذ قرارات صائبه و سديده و لكنه عندما يكون غاضبا منفعلا و متوترا فأن قراراته و تصرفاته تكون عشوائيه غاضبه و بعيده عن الحكمة و التروى والتأنى فى التفكير... و لذلك شعرت فى حالة غضبى بأنى لم أكن هذا الرجل..لم أكن نفسى التى أعرفها..لقد كان شخصا آخر لم أعرفه و لذلك اندهشت كثيرا عندما عدت الى صوابى و هدوئى و لمت نفسى وعاتبتها بعنف و سألتها: كيف فعلت هذا التصرف المندفع؟ كيف أغلقت عقلى وحكمتى و بصيرتى؟ و تركت نفسى للشيطان يحركنى كا يريد هو!! لو راقبنا الآخرين من بعيد..سوف نكتشف ان الكثيرين يعمل بدون كلل وانه لا يوجد وقت للراحه و أن الأحداث تمر سريعة متلاحقة..لا نكاد نلتقط فيها أنفاسنا و بالتالى فأننا لا نجد وقتا للأسترخاء او للتأمل او لمراجعة النفس..الكثير منا غاضب أو منفعل او ثائر او مجهد او محبط...عندما تسير فى الشارع..وتنظر الى الناس..تجد الكثير من الغضب تكسو ملامح وجوههم و الكثير من الرغبة فى الأنتقام تملأ أعينهم..فأذا حاولت أن تستفسر من أحدهم عن عنوان..فيكون الرد غاضبا منفعلا و لا علاقة له بسؤالك..ولكنه نوع من أنواع التنفيس عن الغضب الشديد داخله و غالبا ما يكون هذا الشخص محتاج لأن يتكلم و أن يسمعه أحد..و لكن و للأسف فلا أحد لديه وقت لكى يسمع الآخر..الكل يعانى و يتألم والكل يبحث عن أحد يسمعه ويفضى اليه بمكنونات نفسه ويجد لديه النصح والتوجيه والأرشاد و لذلك تجد الكثير من الناس يخطئ ويستمر فى خطئه و لا يجد من يوقفه و أن يفهمه انه يرتكب خطأ..ان النفس البشريه تحتاج الى الراحه بعد كل مجهود كبير...راحه جسديه و راحه ذهنيه و راحه نفسيه و راحة للأسترخاء والتأمل..و للأسف هذا لا يحدث للكثيرين فى المدن المزدحمة مثل القاهرة و دمشق و بغداد وغيرها من المدن الكبيرة ...الناس تتصارع من أجل لقمة العيش ولكنها لا تستطيع رغم ذلك ان تلحق بركب الأسعار المرتفعه بجنون و لذلك تجد صدامات اسريه كثيرة تحدث فى بيوتا كثيره و لا أحد يتحمل أحد..الكل غاضب ومحبط و غير قانع وغير راضى بحاله او يتطلع لمن هو أعلى منه....و لكن لو حصل كل منا على وقت كاف للراحة و الأسترخاء فهل سيحدث كل ما يحدث حاليا؟ من المؤكد ان الأجابه ستكون لا...لقد توقف العقل عن العمل وعن التفكير..لأنه لا يوجد وقت للتفكير..الزمن يسبق الناس و الحياة تجرى والناس تريد ان تلحق بها...و للأسف هذه الأمور تحدث فقط فى بعض الدول العربيه و لا تحدث نهائيا فى اوروبا و أمريكا..حيث ان كل شيئ محدد..ساعات العمل محدده و ساعات الراحه محدده وساعات الترفيه محدده و كل الأمور تسير وفقا لمنظومه رائعه..الكل يعطى للعمل حقه و يعطى للجسد حقه فى الراحه و الأسترخاء و كذلك الحصول على كل المتعه والأستجمام فى يوم الراحه..و لكننا هنا و للأسف لا نعمل جيدا و لا نستريح جيدا و لا نستمتع فى يوم الراحة جيدا..و هذا يعنى أننى لست هذا الرجل الذى أعرفه و أنت لست هذا الرجل الذى تعرفه و لا أنتى هذه المرأة التى اعرفها وتعرفينها فى ظل هذه الظروف الغير طبيعيه والغير أنسانيه التى نعيشها ..فهل يأتى من يعيد الينا أنسانيتنا و آدميتنا لكى أعود و أكون انا هذا هو الأنسان الذى تعرفونه؟ و تعود انت الى نفسك التى تعرفها وتعودى انتى الى نفسك التى تعرفينها....أشك و ان كنت أتمنى..و لكن هذه الأمنيه يمكن تحقيقها..انتظرونى فى المقال القادم ان شاء الله لكى أخبركم كيف يمكن تحقيقها؟