حين ينزف شريان الشمس دما أحمرا عند الأصيل ... تستعد العتمة رويدا رويدا للدخول في طور السبات اليومي القصير ولكنه بالنسبىة لي ولكل العراقيين طويل وطويل جدا حيث يصحو الأرق ليجامل الوقت والأحداث ويجتر كل الألم والصبر.... تبدأ شهرزاد بسرد حكايات ألف ليلة وليلة .... وسيف شهريار القرن مسلط على الرقاب يقض مضجع بنت الرشيد وعصافيرها وحمائمها البيض وفراشاتها الملونة .. ما أن يحل الظلام حتى تصبح الزوايا والجحور ملاذا آمنا لكل اهل بيوت دار السلام.. هربا من خفافيش جائعة للدماء تبحث عن ضالتها لترتوي وتشبع . دلف جميع من معي لذلك الجحر الذي كان بالأصل مخزنا لحفظ الأغراض الزائدة عن الحاجة والتي قد يحتاجها المرء يوما ولأنه صغير ودافيء ومنعزل وقع عليه الأختيار .. فرشناه وصار ملاذنا ليلا وكالعادة أغلقنا الباب بأحكام بعد ان ادخلنا الضرورى جدا مما نحتاج أسندنا ظهورنا للحائط انتظارا للمجهول القادم ..... المذياع رفيق لابد منه نستمع لنشرة واحدة من الأخبار للمحافظة عل البطارية من النفاذ فمن الصعب في مثل هذه الأيام الحصول على بطارىة للمذياع حتى باغلى الأسعار.. الثامنة موعد نشرة الأخبار انطلقت اليوم من القاعدة الأمريكية في ...... .... الطائرة العملاقة بي 52متوجهة نحو العاصمة العراقية بغداد يبلغ طول هذه الطائرةاكثر من 49 تسع وأربعون مترا ويبلغ عرضها اكثر من 56 ست وخمسون مترا وهذه الطائرة قادرة على التحليق مسافة أكثرمن12000 اثنى عشر الف كيلو مترا دون التزود بالوقود .... تحمل حوالي 4500 اربعة آلاف ونصف كيلو غرام من الذخيرة يستعمل قائديها مناظير للرؤية الليلية تمكنهم من الأقلاع والهبوط والطيران في الظلام على متنها كمية ضخمة من القنابل والصواريخ والقنابل العنقودية ............. ووووووووووووووووو ... كل هذا لبغداد.....؟ لماذا ....؟ ماذا فعلت ...؟.. وما الذنب الذي ارتكبه اهلها ....؟ اوووووووووف تبا للأوغاد ..... ظننت ان غزارة المطر قد تمنع حضورهم المخزي اذن سيكون ليلنا طويلا هذه الليلة بين هدير البي 52وانفجارات الصواريخ والقنابل بين الرعب والخوف وصرخات المستغيثين مستعدون للموت وقد ارتدينا نحن النساء البناطيل تحت ملابسنا وربطنا طرفها عند الكعب بأحكام حتى لايكشف على جثثنا اذا ما قصفنا واستشهدنا فلتأ توا يا أولاد الزنى لن نخاف طغيانكم ................ الأمر المضحك المبكي ان لنا اهلا يسمون العرب .... يغطون في سبات عميق وامريكا كل ليلة تذبحنا ... تهدم علينا دورنا تستحل حرمتنا ...وهم صامتون وكأنهم يباركون خطوتها في ابادتنا وطمس تاريخنا .... وطعن خاصرة حضارتنا .... مرعب شخير تلك الطائرة القادمة نشعر بهدهدتها للحيطان ... ونحس بارتجاف الأرض وزلزلتها وأهتزاز كل ماعليها كل ليلة نتنفس هواء ممزوجا بالدخان والبارود بطعم الدم الطازج ليست هناك بقعة آمنة حولنا كل شئ مستهدف حتى الطائر في السماء... الخطر يحيق بكل زاوية .... ولا نملك الا الدعاء والأستعانة بالله ....... كل شيء تقريبا هادئ .....وهو الهدوء الذي يسبق العاصفة الكل يترقب ........ وينتظر قدوم الأوغاد بسيمفونية الموت والدم يالطيف اللطف الطف بنا اللهم انا نجعلك في نحورهم ونعوذ بك من شرورهم يزحف الخوف على الشفاه .... أزيز البي 52يقوى اقتربوا من بعضكم وتماسكوا واذكروا الله يشق السكون المفتعل صوت صفارة الأنذار جاء الأشرار اطفئوا الشمعة ............ لاتخافوا لسنا ضمن المنطقة المستهدفة ..... نحن بعيدين عن المنطقة العسكرية .... تتلاحق أصوات الأنفجارات .......... تقترب ترد عليه الراجمات... يزداد اقتراب اصوات الأنفجارات يهتز المكان بعنف .... نتقاذف على بعضنا ......تعم الفوضى المكان .. أجسادنا ترتطم ببعضها وبالحيطان ... يعلو الصراخ .. والهلع ... والخوف ... رذاذ البارود ودخان اسود يقتحم المكان ...... وباب الجحر ينخلع من مكانه ويطير بعيدا الم في الأذنين وفقدان للسمع .....صداع في الرأس أظننا قد قُصفنا ............مرت لحظات قاتلة كأنها سنين.... تفقّدنا بعضنا ... الحمد لله كلنا بخير .. وسقف البيت لازال فوق رؤوسنا .... الكل يسأل ماذا حصل ؟ أصوات بكاء وصرخات مخنوقة .... الشارع مضاء نيران تضيء ظلمة الليل لم يجرؤ المطر على اطفائها .... دخان كثيف غبار...... انقاض حرارة شديدة رغم البرد ...... ناس تتقافز هنا وهناك .....مشهد تجلى فيه الرعب ما الخبر ؟؟ ......... لا احد يرد بيت من ؟؟؟؟؟؟؟ ............................ وبعد حين .. جاء الرد من بعيد بيت ام حسين..... ماذا ؟؟؟؟؟ ....بيت أم حسين ؟؟؟؟؟ ليس موقعا عسكريا . .....او قصرا رئاسيا ...... وأم حسين ليست شخصية سياسية ... او مطلوبة للأمريكان... امرأة فقيرة تبيع الخبز الذي تخبزه في تنور الحطب كل يوم تجلب الحطب من الغابة المجاورة وحسين يقطع لها تلك الأشجار تربي اولادها السبعة تصرف ماتحصل عليه من بيع الخبز عليهم والضريرة العجوز ام زوجها الذي استشهد في حرب سابقة أم حسين ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ لاحول ولا قوة الا بالله