لم يعد غروب الشمس لحظة تنتظر ولا انتظار بزوغ القمر شيئا من رغباتها..جسد نحيل ، ووجه كسته صفرة الآسي....جفون تهفو لنوم لا يأتي ، وقلب متحسر علي ايام لم تعد.....غرفة ضيقة..أثاث متهالك..إناء فخاري يتسرب الماء منه علي أقدامها المتهالكة....بضع أجهزة كهربائية بالية توقفت منذ شهور عن العمل....معدة فارغة وبطن يتضور جوعا..طفلة تئن....يتحول الأنين إلي صراخ.... الأم تهدهدها....تضمها بين ذراعيها ....قبلاتها ما زادت صغيرتها إلا ألما....ثدي فارغ ودموع لا تروي عطش من أصابه الظمأ....تعرف نادية الطريق إلي الطبيب ولكنها لا تملك الذهاب..وان ذهبت فلن تشتري الدواء..أنفقت أخر ما لديها في علبة الحليب التي لم تستغرق يوما ..كان ثمنها باهظا ..!!! نادية لا تعرف ماذا تفعل..قررت ان تتنازل عن كبريائها..اتصلت بطليقها ..ابى ابنتها..رد بصوت شامت : تحملي مسئولياتك..ا رجو ألا تتصلي مرة اخري لكنها: ابنتك وابنتي... .لقد تركت لك كل شئ. .الرحمة قبل..... اغلق صوت الهاتف. .هاتفته مرات ومرات..لا احد يرد وضعت يدها..حرارة تتزايد..وجه طفلة بلا ملامح..تحول الانين والصراخ الي صمت يستجدي انفاسا معدودة..همت ناديةالي دولابها..ارتدت ملابسها..نظرت الي فلذة كبدها..قبلتها ..انحدرت دموعها علي وجهها ..علمت ان نهر دموع لا يكفي لمسح ما اصابها..اغلقت الباب..خرجت وحيدة..سارت تتمايل مجهدة في شوارع المدينة..نظرات المارة تتبع خطاها..احدهم يدعوها لعشاء فاخر في مطعم قريب..اخر عرض عليها اللقاء في شقته..ثالث لوح ببطاقته البنكية..كان الدواء هاجسها والمعدة تناديها..ذهبت مع أخرهم..جلسا في مطعم فخم..أضواء خافتة..شموع متناثرة..موسيقي هادئة..وجبة لا يعكر صفوها سوي تلك الراقدة في غرفة مظلمة هناك..تمتد يده تحت الطاولة تداعب ما تصل اليه..لم تكن تملك ايقافه ولا مشاطرته فعلته..يقف مبتسما : سأغسل يدي مرت دقائق..ساعات...نظراتها حائرة...بدت لها الشموع وكانها حرائق مشتعلة ..راس يدور بلا حراك...الرجل لم يعد..يأتي عامل المطعم مبتسما: سيدتي من فضلك الحساب111