يرتدى امير ملابسه دون وعى ، دون تفكير ، دون اراده ، دون ادراك ، والاكثر انه لا يريد ان يعرف شيئاً فهو لا يستطيع ان يصدق نفسه بانه سنزل لمقابلة فتاة اخرى .. فتاة غير حبيبته !!! لا يدرى ما الذى حدث بينه وبين حبيبته بعد ان كانا معا لسنوات فى سعاده وهناء وامان ... انهما حقا فى فجوة ... لقد اصبح هناك فجوة فى كلامهم ، افكارهم ، افعالهم فليس هناك كلمه او فكر او فعل الا ويحدث مشكلة عليها لا يعرف كيف ابح داخل قلبه سورا كبيرا يمنع حبيبته من الدخول اليه بعد ان كان هناك ابحاراً واسعه ليس لها نهاية تعوم حبيبته بها لا يستطيع ان يدرك بان صوره حبيبته والتى كانت رائعة ، غايه فى الجمال بل كانت تزداد جمالاً يوما بعد يوم داخل عقله تحطمت تماما لم يعد لها جمالاً وتزداد سوءاً فاسوا لم يعد يصدق انه سيخون حبيبته التى طالما اخلص لها فى حياته .. هل عيناه تستطيع ان ترى غيرها لا يدرى اى شى ومن كثره تفكيره لم يعد عقله قادراً على التفكير يرن جرس تليفونه انها هى الفتاة التى سيقابلها هل اذنيه ستسمع صوتا غير حبيبته .. لعل اذناه تسمع فيرد ويجد صوتا غريباً وكانه كائن من كوكب اخر يرد عليه - ايوه يا حبيبى انت جهزت ولا لسه ، انا بعد الثوانى لللمقابلة دى ، ده احلى ايام عمرى النهارده يسمع كلاما كثيرا جميلاً ولا يابه بذلك وما اصعب على الانسان ان يصل الى درجه ان يكره الكلام الجميل ولا يشعر به فهو لم يعد يشعر باى شى جميل غير كلام حبيبته يجد نفسه تلقائياً قد ارتدى ملابسه ويخبرها بصوت قوى ممزوج بالانكسار والتحدى فهو يتحدى نفسه ، يتحدى حبيبته : - انا نازل دلوقتى ، ومتنسيش لازم نعدى على الميدان ... ثم يسكت ويسرح قليلاً ويواصل كلامه نبره حزن : - ميدان الشهيد عبد المنعم رياض " هذا هو الميدان ميدان عبد المنعم رياض والذى قابل حبيبته هناك لاول مره بل كلما قابل حبيبته كلما مر من هذا الميدان ، يجلسان معاً ، يتحاكان ، وبذكرياتهم دائما يتذكران بل وكلما اختلفا اتفقا ، كلما تفرقا اجتمعا ، كلما حزنا فرحا ، كلما ياسوا ازدادوا املا بمجرد جلوسهم ورويتهم للميدان - ميدان عبد المنعم رياض - وكانهم قد اتخذوه رمزاً لحبهم وكانا حلمهما عندما جلسا فيه معا يفكران ان يقوما بعمل تمثال امير اميره بجانب تمثال الشهيد عبد المنعم رياض فكان حبهم يستحق تسجيله على جدران هذا التمثال فى هذا الميدان تنظر اميره الى وجهها بالمرايه وهى تضع المكياج تنظر بدقه وتفكر وتسرح طويلاً وتتذكر امير عندما كان يخبرها بانها اجمل كثيراً دون مكياج ، فتصاب بحالة من الهيستريا ودون اراده منها وتكثر فى وضع المكياج على وجهها وهى تبكى .. تبكى بشدة والدموع تنزل حمراء وسوداء من اثر المكياج تهدا قليلاً ويقل بكائها فتسال كل دمعة تنزل من عيناها : تسال دمعتها الاولى : هل انا ساخون امير .. هل حقا ساقابل غيره .. انا لا استطيع تصديق نفسى لا تجد اجابه فتنزل دمعتها الثانية وتسالها : مالذى حدث بيننا ... وليه مش نرجع تانى ... انا ليه مش قادره اكمله لا تجد اجابه فتنزل دمعتها الثالثة وتسالها : احنا الاثنين غلطنا فى حق بعض وعملنا الفجوة دى ومينفعش نرجع لعض ابدا ابدا ابدا لا تجد اجابه فتبكى بغزاره شديده وتصرخ ولم يعد شخص يستطيع ان يمسح كل هذه الدموع غير امير فكان حنانه كالمحيط يستطيع ان يتسع لكل دموعها دون ان يمتلى بل لا يياس لا يشبع وهو يمسح دموعها يقطاعها جرس التليفون انه الشخص الذى يعشقها حقا انه يعشقها الى حد الجنون ، يكتب لها الكثير من الاشعار لكن رغم كلامه الا انها لا تشعر به ولكنها ستتحمل كانها تسمع وترد على الهاتف لتسمعه وهو يغازلها : - حبيبتى انا ياما عشانك استنيت ... وفى العالم قابلت ولفيت ... وفى جمالك عمرى ما لقيت .. ويلا انزلى بسرعه انا جيت ... هتلاقى قلبى مستنيكى تحت البيت ... خديه ، امسكيه ، حسيه ولو حتى عايزه تاكليه مع الزيت ... ده اانا غيرك عمرى ما اتمنيت ورغم قوه كلامه الممزوج بالعاطفه الجياشه الصادقه مع الكوميديه ولكنها لا تشعر لا تضحك ، بل مع كل كلمه تسمع صدى صوتا لصوت امير الذى كان رنينا دائما فى ازنيها وترد عليه وهى تحاول ان تخفى حزنها الشديد : - انا نازله خلاص ..... ثم تسكت وتتذكر شيئا تشعر انها ستبكى بكثره ولكنها تتماسك وتخبره : بس لازم نروح الميدان ... وفجاه شعرت انها لا تستطيع ان تتمالك نفسها ودموعها واغلقت الخط وهى تقول " ميدان عبد النعم رياض " ثم تبدا ودموعها الغزيره فى النزول من عينيها كالامطار مع صرخاتها وكانها ريح تثور مع الامطار ثم تهدا وتسال نفسها بنغمه حزينة وكان الكلام يخرج بصعوبة : - هل سابتسم عند الميدان مثلما كنت ابتسم هناك دائما - هل سامل واحيا من جديد ام ساعلن وفاتى واحفر قبرى بيدى - هل ساتخيل تمثالنا امير اميره مازالت اتخيله فى مكانه الذى تخيلناه سويا ورسمناه بقلبى وقلبى ، بعقلى وعقله ، بروحى وروحه ... ماذا ساجده الان .... ماذا ساجده الان ؟؟ ودون ان تدرى تجد نفسها تنزل ... تنزل ولاول مره تقابل رجلا غير حبيبها وكان صعبا بالنسبة لها فما اصعب ان يقودك شى يداخلك لا تعرفه يهزم عقلك وقلبك وكل ما بداخلك من قوه ليدفعك الى الخيانة ينزل امير يمشى فى الشارع لا يشعر بوجود احد رغم ازدحام الناس من حوله ، حتى ظله لم يعد يرى ظله فحبيبته كانت كظله تلازمه دائما لذلك لم يعد يشعر بظله يقبل فتاته ، تكلمه دائما يحاول ان ينتبه لها حتى لا يشعرها انها وحدها ولكن تفكيره كان دائما فى اميره فهى الاميره الوحيده التى فى حياته لكنه يحاول ان تكون اذنه .. اذنه فقط مع فتاته التى يمشى معها وبدا يمشى ويمشى حتى بدا يقترب من الميدان وكلما بدا يقترب منه زاد خوفه ، زاد قلقه ، زاد حزنه تنزل اميره مع الذى يعشقها وهى تشعر ان شيئا كبيراً ينقصها تشعر انها ترى الدنيا بعين واحده تسمع باذن واحده تمشى برجل واحده لها يد واحده فنصفها الاخر قد ضاع منها .. ضاع للابد يلقى عليها حبيبها كل ما اتى على باله من قصائد ولكنها لا تابه كل ما تفكر به انها ستقترب من الميدان فكلما تقدمت خطوه نحوه زاد قلقها ، زاد خوفها ، زاد حزنها وبينما هو يمشى مع عشيقته ، هى تمشى مع عشيقها يتصادما عند الميدان عند المكان الذى تخيلا تمثالهما يتصادم كتفه فى كتفها وكان الميدان جمعهما معاً مره اخرى تنظر اليه بتعجب شديد تريد ان تتحدث كلاما كثيراً ولكن لا يريد لسانها ان يتكلم يمنعها لسانها واشياء كثيره تمنعها وهو ايضا ينظر اليها وكان الحياه عادت اليه مره اخرى بمجرد ان راى عيناها ولكن عيناه لا تريد ان تركز فى عيناها فيجدها تتحرك بسرعه وتنظر الى اعين عشيقته كل منهما يخون الاخر .. كل منهما يكتشف انه خائن امام الاخر ... لا يتسطيع احد ان يلوم غيره ... لا يستطيع احد التكلم تبدا عشيقه امير ان تشده من يده وكانها تسحبه فيستجيب لها وهو يحاول ان يلفت رقبته لينظر الى اميره لكنه لا يتسطيع فيمشى وكذلك اميره والتى يدفعها الشاعر بيده ومع كل خطوه تتقدمها للامام تريد رجلها الاخرى وهى النصف الاخر لها ان ترجع خطوه لوراء لكنها لا تستطيع فقد مات نصفها الاخر ويبدا كل طرف منهم فى الانسحاب الانسحاب من الميدان ومع كل خطوه يخطوها كل منهم الى الامام بعيدا عن الميدان فى طريق عكس الاخر تبدا المسافات تبعد ، يبدا التمثال الذى رسموه معا بخيالهم ، يبدا فى صورتهم وكانه ينهار امامهم ولكن الاكثر من ذلك انهم هم الذيم يكسروه .. يكسروه بايديهم ويتحدون نفسهم وحبهم وهما الاثنين خاسرين كل شخص منهم لا يريد ان يكسب فى هذه المعركه كل شخص يمضى فى طريقه ويتراجع للخلف ويعطى للاخر ظهره ويبعد ويبعد ويبعد وكلما بعد طرفا كلما ازداد ضعفا ازداد حزنا و ساهم فى كسر التمثال التمثال الذى بنوه معاً تمثال امير اميره