اخيرا انتهت وزارة العدل المصرية من إعداد تقرير تقصي الحقائق حول التمويل الذي دخل للجمعيات الأهلية في مصر في الفترة التي أعقبت الثورة وتبين أن التمويل العربي خاصة الخليجي أكبر وأخطر علينا من التمويل الغربي عكس ما كان يدعيه البعض لأن التمويل الاوروبي والأمريكي كان نهارا جهارا وتحت سمع الحكومة المصرية واجهزة الامن ووزارة الشئون الاجتماعية وقلنا عندما انفردنا في الوفد الاسبوعي بتفجير هذة القضية وادعت بعض الصحف انها صاحبة الانفراد كالعادة التي تعودناها من الصحافة في نسب اي قضية تفجرها صحيفة اخري انها صاحبة الانفراد وهو امر محير ويخالف مواثيق الشرف المهنية ان التمويل الخليجي يهدف الي القضاء علي الثورة ووقف محاكمة مبارك واعوانه. ولكن التقرير الذي اعلن المستشار محمد عبدالعزيز الجندي وزير العدل بعض ملامحه ركز علي الجمعيات الأهلية وكشف أن جمعيات أهلية دينية حصلت علي ملايين الجنيهات واشار الي دول معينة مثل الامارات وقطر في تمويل هذه الجمعيات وهو ما قلناه وقلنا ان حجم الاموال التي ستعلنها الحكومة هي للجمعيات المشهرة في وزارة الشئون الاجتماعية والشركات المدنية التي لا تهدف للربح وهي أموال تخضع بطبيعتها للرقابة المالية سواء من وزارة التضامن الاجتماعي والثانية من مصلحة الضرائب. ولكن التقرير تجاهل الاموال التي دخلت حسابات شخصية بأرقام كبيرة هذه الشخصيات اما دينية وأما سياسية أو رجال أعمال وكانت مخصصة لإجهاض الثورة وطلبنا من وحدة مكافحة غسيل الأموال التابعة للبنك المركزي ان تصدر بيانا حول حجم هذه الاموال التي دخلت من دول الخليج لقيادات التيار السلفي والاخواني ومرشحي الرئاسة المحتملين ووقيادات الاحزاب الجديدة التي أشهرت في الفترة الاخيرة خاصة احزاب فلول الحزب الوطني وهي قائمة معروفة لدي الاجهزة المعنية ولم يشر التقرير الي سر الحقائب التي تخرج من سفارات بعض بلدان الخليج وتذهب لدعم حملات المرشحين لانتخابات الرئاسة والاحزاب الجديدة وتذهب الي شخصيات محددة لها علاقات وطيدة مع هذه الدول. واذا كانت الحكومة تريد معرفة مصدر تمويل الصحف والفضائيات الجديدة فلابد ان تعلن عن رغبتها في معرفة مصادر تمويل حملات المرشحين لانتخابات الرئاسة والمرشحين للانتخابات البرلمانية بل يجب ان تتضمن اوراق الترشيح بأن يقدم كل مرشح اقرارا للذمة المالية له ولأسرته ومصادر تمويل حملته الانتخابية ونفس الامر للأحزاب السياسية بأن تعلن للعامة عن ميزانيتها والمبالغ المخصصة لدعم مرشحيها ومصادر هذه الاموال فنحن نريد من النواب القادمين والرئيس القادم ان يكونوا منزهين عن اي شبهة مالية او جنائية. وكما طالبنا قيادات الجمعيات الاهلية بأن تعلن اقرارات الذمة المالية لها فبنفس القدر نطالب السياسيين بأن يعلنوا اقرارات الذمة المالية خاصة أن السرية التي يفرضها قانون الكسب غير المشروع علي هذه الاقرارات ألغيت بتصديق مصر علي اتفاقية الاممالمتحدة لمكافحة الفساد في 2007 وهي خطوة تحسب لهم لا عليهم اذا كانوا جادين في ترشحهم. واذا كنا مقبلين علي انتخابات برلمانية فيجب ان تكون الشفافية والنزاهة المالية هي الاساس فيجب وضع قانون خاص ينظم ويراقب الانفاق الانتخابي وليست مادة في قانون مباشرة الحقوق السياسية تحدد السقف المالي للدعاية الانتخابية وهو مبلغ لا يتناسب بأي حال من الاحوال مع الواقع الفعلي للانفاق الانتخابي فالمرشحون في هذه الانتخابات بدأوا بالفعل حملاتهم منذ شهرين تقريبا ولافتات التهاني بشهر رمضان والعيد وبداية العام الدراسي تملأ الشوارع والميادين والاجتماعات والمؤتمرات تعقد لدعم هذا المرشح او ذاك وكان لابد للحكومة والمجلس العسكري ان يتحرك لضمان انتخابات نزيهة وشفافة ويكون مبدأ تكافؤ الفرص أساسها فهذا القانون سوف يحكم الرقابة علي عمليات الانفاق طوال فترات الانتخابات. وقضية التمويل للجمعيات المدنية اوشكت علي الانتهاء باعلان التقرير الخاص بوزارة العدل واتخاذ الاجراءات القانونية ضد المخالفين لقواعد تلقي التمويل التي نص عليها قانون الجمعيات ومن تسبب في تعطيل حصول اي جمعية اتخذت الاجراءات القانونية من الحصول علي التمويل فاضطرت الي مخالفة القانون حتي تنفذ مشروعها الامر الثاني والمهم هو اعادة النظر في قانون الجمعيات الاهلية ووضع شروط ميسرة للحصول علي التمويل الخارجي خاصة أنه تمويل مشروع وفق مبدأ التضامن الدولي الوارد في ميثاق الاممالمتحدة وفي ظل عجز المجتمع المحلي عن القيام بدوره في دعم هذا القطاع الحيوي والمهم خاصة في المرحلة القادمة ويجب ان يكون التقرير محل نقاش عام بين المجتمع المدني والحكومة لعلاج الثغرات التي نفذت منها هذه الملايين الي خزائن الجمعيات وايجاد صيغة قانونية تضمن النزاهة والشفافية وصرف الاموال في محلها وهو الأهم لأن اغلب هذه الاموال لم تصرف في المشاريع التي خصصت لها بل ذهبت الي قطاعات اخري تحت شعار ديني بحت فلم تعن محتاجا ولم تنصر دينا. واليوم لابد من فتح ملف التمويل السياسي فعندما قيل: ان دولا عربية تورطت في احداث السفارة الاسرائلية فهذا كلام خطير لا يجوز ان يعلن علي الرأي العام بهذا الغموض ولابد أن تعلن التفاصيل والأدلة لأن هذا الكلام قد يثير حالة من الانتقام ضد هذه الدول وكان علي رئيس الوزراء ان يعلن تفاصيل المؤامرة ان كانت هناك فعلا مؤامرة والمتورطون فيها وكيفية محاسبتهم خاصة وان الحكومة المصرية عجزت عن محاسبة شركة الخطوط الجوية السعودية علي جريمتها ضد المعتمرين ولم تقم حتي الآن بتوقيع غرامة عليها كما فعلت السلطات السعودية نفسها فكيف ستحاسب الدول المتورطة في أحداث السفارة؟ والتمويل السياسي هو الخطر القادم علي مستقبل مصر خاصة أنه موجه الي جماعات بعينها وقلنا: إن الحكومة السعودية والاماراتية والكويتية والقطرية متورطون في هذا التمويل والهدف منة ضرب الثورة المصرية ومنع محاكمة الرئيس السابق مبارك واولاده كما كشفنا ان اموال الرئيس السابق وابناءه ورجاله موجودة في البنوك الاماراتية وبأسماء حكام هذه الدولة كما تقوم حكومات هذه الدول من خلال بعض الجمعيات الاهلية والامراء والشيوخ بتمويل الجماعات الدينية التي كانت تعمل سابقا في خدمة نظام مبارك وامن الدولة ومازالت مفاتيح وخيوط اللعبة في يد الأمن حتي الآن تحركها كما تشاء وفي اي وقت تريده. وهذا التمويل التي بلغت المبالغ التي دخلت مصر من اجله اضعاف المبالغ التي اعلن عنها في تقرير وزارة العدل الاخير وهي مبالغ سوف تستخدم في تمويل الانتخابات القادمة وشراء البلطجية والسلاح خاصة أن الانتخابات ستتم وفق تصريحات المسئولين علي 3 مراحل فيمكن نقل هؤلاء من مكان الي آخر وبسهولة ويسر وحشدهم في الشوارع كما حدث في انتخابات 2005. والشيء اللافت للنظر ان جميع المرشحين المحتملين لانتخابات الرئاسة ليسوا من الاغنياء ولم يعرف عنهم الثراء ولكنهم من ميسوري الحال حتي احزابهم جديدة اي انها لم تقم بأي نشاط يجلب عليها المال اسوة بالاحزاب القديمة وبدأوا حملاتهم مبكرا وجولاتهم الانتخابية في كل مكان في مصر وهو نشاط مكلف ماليا بل مرهق لدرجة كبيرة ورغم هذا لم يعلن اي منهم الانسحاب لذات ضيق اليد فمن أين أتوا بهذه القدرات المالية الضخمة والتي سوف تستمر معهم حتي شهر مايو القادم فمن اجل هذا نطالبهم بان يعلنوا عن حجم تمويل حملاتهم والمخصصات المالية لها ومصادرها خاصة أن التطوع في مصر بجزء من الوقت وليس بالمال وهو ما جعلني اشك في حملات دعم الصومال التي كانت منتشرة في الشوارع في ايام رمضان الاخيرة كنت تجد مجموعات من الشباب تقف وتحمل كراتين وبوسترات عليها صور الجوعي في الصومال وتقف لجمع المال من المارة وسائقي السيارات في هذه الكراتين وكانت اما حملات مجهولة او تابعة لجماعة معينة ولا نعرف مصير هذه الاموال ومقدارها واين ذهبت؟ فالتمويل السياسي الموجود من شهور في مصر والقادم في الايام القادمة هو الخطر ولابد من تحرك جاد لتنظيمه ومعرفته والإعلان عنه وعن اهدافه فمن يريد الديمقراطية ومكافحة الفساد والشفافية والنزاهة ان يعلن عن حجم تمويله لحملاته الانتخابية سواء برلمانية او رئاسية ويعلن تأييده لقانون لتنظيم الانفاق الانتخابي.