7 قرارات جديدة للحكومة.. تعرف عليها    وزير الشئون النيابية يبحث مع "الشوربجى" تعزيز الشراكة مع وسائل الإعلام    محافظ الأقصر يستقبل وفد الأمم المتحدة للتنمية الصناعية    رئيس اقتصادية قناة السويس: لابد من التكاتف بين الجميع لتحقيق قفزات بالوقود الأخضر    وزير الخارجية: أكثر من 70% من المخاطر المناخية مرتبطة بالمياه    البرلمان الإيراني يمنع تولي "سني" منصب نائب الرئيس    لقطات من رحلة بعثة الأهلي إلي السعودية لمواجهة الزمالك في السوبر الإفريقي    إصابة 4 أشخاص في حادث تصادم بالسويس    انتهاء تصوير 50% من مشاهد روج أسود    قدميها لأبنائك طوال الدراسة، أطعمة تقوي الذاكرة والتركيز    محافظ الجيزة يتفقد مستشفي أطفيح المركزي (صور)    مسؤول لبناني: شركات الطيران العربية والأجنبية أوقفت رحلاتها لمطار بيروت باستثناء واحدة    الإمارات تُعلن استشهاد 4 من قواتها المسلحة إثر تعرضهم لحادث    جامعة مطروح تنهي استعداداتها لاستقبال العام الدراسي الجديد    وفد التحالف الوطنى للعمل الأهلى يزور مقر مؤسسة صناع الحياة لبحث مجالات التعاون    محافظ أسوان ونائب وزير الإسكان يتفقدان خزان أبو الريش العلوي بسعة 4 آلاف مكعب من محطة جبل شيشة    مدبولي: اختيار 5 مناطق على ساحل البحر الأحمر للطرح ضمن الخطط التنموية    شغل ومكافآت وفلوس كتير.. 4 أبراج فلكية محظوظة في بداية أكتوبر    الفنان والمنتج شادي مقار عن مسلسل برغم القانون: اكتسبت وزن من أجل المصداقية    سكرتير عام مطروح المساعد للأهالي: التصالح هو ميراثك للأجيال القادمة    رئيس الوزراء: نحن على المسار الصحيح في التعليم الأساسي والجامعي    رئيس جامعة القاهرة يبحث مع وفد مجلس الشيوخ الفرنسي سبل التعاون    مدرب السد القطري: مباراة الغرافة ستكون صعبة للغاية    ميكالي يستقر على إقامة معسكر لمنتخب 2005 في التوقف الدولي المقبل (خاص)    وزير الدفاع: التحديات الإقليمية تفرض علينا أن نكون على أهبة الاستعداد    تنظيف وتعقيم مسجد وضريح السيد البدوي استعدادًا للمولد (صور)    بيان مهم من الأرصاد بشأن حالة الطقس ودرجات الحرارة غدا الخميس 26 سبتمبر 2024    أول تعليق من أسرة الطفلة «علياء» بعد مقابلة رئيس الوزراء.. ماذا قالت له؟    رئيس هيئة الدواء: سحب كافة الأدوية منتهية الصلاحية وليس نسبة منها    عاجل - رئيس الوزراء: الحكومة تواصل تحسين التعليم    ماكرون يدعو إيران للعب دور إيجابي في تهدئة شاملة بالشرق الأوسط    أيتن عامر عن أزمتها مع طليقها : «الصمت أبلغ رد» (فيديو)    13 مليون جنيه إجمالي إيرادات فيلم عاشق بدور العرض السينمائي    بمشاركة أكثر من 40 دار نشر.. افتتاح النسخة الأولى من معرض نقابة الصحفيين للكتاب    تفاصيل الحلقة ال 8 من «برغم القانون».. إيمان العاصي تعرف حقيقة زوجها    الصحة اللبنانية: 15 شهيدًا في غارات إسرائيلية على الجنوب    النائب محمد الرشيدي: جرائم الاحتلال الإسرائيلي في لبنان تشعل فتيل الصراع بالمنطقة    إجراء 267 ألف تدخل طبي في مستشفيات التأمين الصحي الشامل    بالصور- تطعيم 63.6% من تلاميذ مدارس الوادي الجديد ضد السحائي    «صحة المنوفية»: إدارة المتوطنة قدمت خدماتها ل20 ألفا و417 مواطنًا في مجالات الفحص والمكافحة    بينها تجاوز السرعة واستخدام الهاتف.. تحرير 31 ألف مخالفة مرورية متنوعة خلال 24 ساعة    تتخطى مليار دولار.. شركة تابعة للسويدي إليكتريك تشارك في إنشاء محطة توليد كهرباء بالسعودية    "بعد السوبر".. مصدر ليلا كورة: الزمالك يتفق مع الغيني جيفرسون كوستا    وزارة التموين تحصر أرصدة السكر المتبقية من البقالين    عملت وشم فشلت في إزالته هل صلاتي باطلة؟.. رد حاسم من داعية (فيديو)    إمام عاشور يكشف مفاتيح الفوز على الزمالك ودور اللاعبين الكبار في تألقه    حارس ليفربول: 5 أمور تحسنت في مستوى محمد صلاح تحت قيادة آرني سلوت    مواقيت الصلاة اليوم الأربعاء 25-9-2024 في محافظة البحيرة    القبض على عنصرين إحراميين يديران ورشة لتصنيع الأسلحة النارية بالقليوبية    خالد جلال يناقش خطة عروض البيت الفني للمسرح ل3 شهور مقبلة    ضبط 200 ألف علبة سجائر بقصد حجبها عن التداول بالغربية    عقب تداول «فيديو».. سقوط لصوص أغطية بالوعات الصرف بالمنصورة    تكريم الإنسانية    ما أهمية نهر الليطاني في الحرب بين إسرائيل وحزب الله؟    تشكيل ليفربول المتوقع.. 7 تغييرات.. وموقف صلاح أمام وست هام    هل هناك نسخ بالقرآن الكريم؟ أزهري يحسم الأمر    ما حكم قراءة سورة "يس" بنيَّة قضاء الحاجات وتيسير الأمور    تشيلسي يكتسح بارو بخماسية نظيفة ويتأهل لثمن نهائي كأس الرابطة الإنجليزية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



د. محمد حسن الشرقاوى: الشعب المصرى لا يصنع الفراعين
أستاذ علم إدارة المعرفة
نشر في الوفد يوم 29 - 10 - 2015

مفاتيح الشخصية المصرية شغلت الباحثين في حركات التاريخ والشعوب وعلم الاجتماع السياسي في محاولة منهم لحل ألغاز الشعب المصرى المتجذرة في طباعه وسلوكه ورؤيته، ومع هذا تفشل معه كل التوقعات والنتائج والاستدلالات مهما تكون بنيت علي معطيات جادة ومعلومات صادقة..
الدكتور «محمد حسن الشرقاوى» أستاذ علم إدارة المعرفة وعضو جمعية المعرفة الدولية أكد في حواره ل«الوفد» أن طبيعة الشعب المصري ثابتة منذ قدم التاريخ وأقرها النبي صلي الله عليه وسلم عندما قال «هم وأهلهم في رباط إلى يوم الدين»، مؤكداً أن هذا الرباط يمنع التشتت والانقسام عن المصريين وإلا انتفى الحديث النبوى الشريف.. مشيراً إلى أن عند إضعاف الدولة يتحرك التيار الديني بكل مسمياته في شكل كهنوت أو أصولية مسيحية أو أصولية إسلامية للسيطرة والحكم، مشيراً إلى أن الرباط المصرى جعل «سينوت حنا» يفتدى «النحاس» باشا من ضربة «السنكى». و«ويصا واصف» رئيساً لمجلس الأمة، و«مكرم عبيد» من زعماء الحركة الوطنية، والمسيحيين يضحون بكنائسهم حتي لا تشتعل الحرب الأهلية في البلاد بعد 30 يونية التي وصفها بأنها حمت الوطن من التلاعب به، وهدم أركانه كما حدث في الدول المجاورة.
ما هي نظرية الخلايا الجذعية المعرفية التي اكتشفتها ويدور محور أبحاثك حولها؟
- أساس نظرية الخلايا الجذعية تقوم علي حركة المجموع النشط الفاعل اليقظ لإيقاظ الخلايا المعرفية ولإيقاظ العقل الإنسانى ولإعادة لحمة هذا العقل ولإعادة صيانته ونحن جميعاً في حاجة إلى حركة مبدعة باستمرار وليست حركة روتينية أو بطيئة، فهذا سيضيف إليه ويحفظ بناءه ويجدد خلاياه التي تضمر أو تموت من أجل هذا جاءت نظرية الخلايا الجذعية المعرفية.
وهل حدثت أمثلة في التاريخ المصرى تؤكد هذه النظرية؟
- بالتأكيد وعلي جميع المراحل التاريخية الرائعة التي حدثت مع هذا الشعب الرائع الذي هو مخرجات الحضارة المصرية الرائعة خرج هذا المجموع الواعي عندما تجمعت كل الأطياف في بيت الأمة 1919 حول مجموع مخلص وطنى نشط دقيق ليحافظ على وحدة الأراضى المصرية والوطنية، بجميع التيارات المختلفة في حضن حزب الوفد، وهذا المجموع المخلص خرج منه الوطنيون والقادة مثل «سعد زغلول» و«مصطفى النحاس» فانصهرا ظهيراً واحداً ويداً واحدة تجمع حولها الأمة المصرية لتبايع «سعد» للتحدث باسم الأمة في حركة المجموع النشط اليقظ لتعطي القوة للوطنية المصرية التي لم تحدث بهذه الطريقة وفي هذه الحقبة المهمة في تاريخ مصر.
وهل تكرر هذا في ثورتى 25 يناير و30 يونية؟
- هذا التكرار والتجمع اليقظ النشط الذي قرأ المقدمات الآتية من بعيد (الخارج) أو من قريب (الداخل) أو القادمة من الشرق أو الغرب، فتحرك ليحمي بلده ويحمي حركته فكانت 25 يناير و30 يونية لحماية هذا الوطن حتي لا يتم التلاعب بها أو أن تهدم أركانها، لأن مصر وسط هذه التيارات التي تلاعبت بمراكب الدول المجاورة مثل ليبيا وسوريا واليمن، فالقراءة كانت واضحة، لكن يقظة شعبها واصطفاف الأيدي حول بعضها لحماية الأمة وتراثها وحضارتها.
وما الذي يميز المصريين البسطاء عن أقرانهم في الشعوب الأخرى؟
- في إشارتك إلي الإنسان المصرى البسيط العامل أو المزارع أو حتى غيرهم من باقى فئات المجتمع كل هؤلاء لديهم هذا الحس الذي يدل على العمق والفهم الشديد لأنهم جميعاً خرجوا من هذا النسيج الرائع الممتد إلي جذور التاريخ، ولهذا الشعب المصري له خاصية لن تتجمع لشعوب كثيرة، ورغم وجود الحديث الشريف الذي قال «خير جنود الأرض لأنهم في رباط إلي يوم القيامة» حاول البعض التشكيك فيه، ولكن دار الإفتاء المصرية أثبتت هذا الحدث وما يهمني الجزء الأخير منه الذي يقول «في رباط إلي يوم القيامة» لأن هذا الرباط هو اليقظة والتدافع والتفاعل المخلص الذي يحمي الثغور وتأمين الحدود الذي يؤدى إلي الاستقرار فينبعث الإشعاع الثقافي والحضارى والعمل والتدريب الذي يعمل داخله جميع طبقات المجتمع.
العبق التاريخى
وماذا عن طبيعة المرأة المصرية البسيطة التي لديها تحفيز للنهضة وتربية نشء من العلماء والأبطال والفنانين؟
- «يحيي حقى» الكاتب الكبير قال: إن أمه كانت لا تعرف جيداً ولكنها كانت تقرأ دواوين الشعر القديم، ومقامات الحريري والبخارى، وهؤلاء الأمهات يحملن هذا العبق الحضارى والأصول المصرية التي حملت أروع حضارات العالم ولهذا وجدناهن يقدمن إلينا «طه حسين» و«العقاد» و«زويل» وكل العظماء والعباقرة علي مر الحقب المصرية.
لكن توجد ظواهر مصرية لا تتفق مع المنطق مثل «العقاد» الذي يبعد عن مركز القطر المصرى و«طه حسين» الكفيف ولكنهما تحديا ظروفهما لأنهما من بيئة شديدة الانغلاق.
- هذه البيئة في ظاهرها شديدة الانغلاق، لكنها في الحقيقة منفتحة علي عمق خطير له امتداد تاريخي أصيل وعمق هذه الحضارة، وهذه الأجواء من الطبيعي أن يخرج منها «العقاد» الذي توقف تعليمه عند الابتدائية ولكنه لم يترك شيئاً إلا قرأ فيه، حتي أصبح عملاقاً لأنه خرج من هذه الحضارة، فأصبح أحد مكوناتها، وكذلك د. طه حسين الذي ظهر بهذه الروعة وهذا البناء الحديث رغم التباين بين مخرجات العقاد وبين مخرجات طه حسين لأنه وصل إلي أبعد حدود المدنية الحديثة الذي تأثر بها ونادى بها ولكنه حفظ أصالة الحضارة المصرية التي حملت بذور هذه النبتات الرائعة، فكان «طه حسين» وكان «العقاد» في شكل غريب ولكنه ليس غريباً علي أرض صنعت الحضارات.
لكن الشعب المصرى به سلبيات ينفرد بها أيضاً؟
- لعل البعض يشير إلى الموقع الجغرافى للبيئة المصرية وأثرها على هذا الشعب وعلي طبيعة الحكم، ويشيرون إلي النيل والتفاف الناس حوله وعملهم بالزراعة وأثرها على هذه العقلية سواء كان حاكماً أو شعباً، وهذه النظرة بعيدة التطرف في رؤية أسلوب حكم في بلاد منبسطة وأراضيها سهلة ومفتوحة، وطبيعة الحكم الذي يمارس في هذه البيئات الجغرافية هو طبيعة قوية وأقرب إلى الانفراد والتحكم في كل شيء.
شعب معطاء
هذا ما جعله شعباً صبوراً ومعطاء؟
- نعم.. مع أن البعض يري أن هذه الصفات هي البطء وعدم التفاعل مع ما يثيره بسهولة ولديه صبر شديد بسبب عمله في الزراعة، وهذا تطرف في الحكم وإن كان المكان والطبيعة لهما أثر ولكن هناك حركات أخرى تضاف إلى الطبيعة الجغرافية، وهي طيبة هذا الشعب لأنه شعب معطاء يحتضن كل الناس، فمصر وشعبها حضنت كل ثقافة وموهبة وإبداع في المنطقة إلا ولابد أن يمر على الحضن المصرى والأصالة المصرية حتي يشتهر، ولعل هذا الأمر يحير العلماء أو يظن ظناً خاطئاً أنه شعب بطىء في ثورته علي الظلم.
هل هذا الشعب يجيد صناعة الفراعين؟
- لا.. وسأضرب مثلاً بالزعيم «مصطفى النحاس» وحب الشعب له، وهذا كان رجلاً وطنياً ومحبوباً وزعيم الأمة بعد «سعد زغلول» فلماذا لم يتحول إلى فرعون مع حب الشعب الشديد له.. والذي جعله يتحرك بعد 13 عاماً ترك خلالها «النحاس» الوزارة والأضواء والسياسة، والحياة العامة، بل تم منع نشر أى أخبار عنه أو نشر أي صورة له، وظن البعض أن الشعب نسى زعيمه الرائع ولكن عندما توفى هذا الشعب فاجأ الجميع حين قام عن بكرة أبيه لوداع هذا الزعيم لأنه شعب أصيل نحو زعمائه ووفى ويهب ويقوم وينهض وقت أن يحين الموعد دون أن ينتظر المقابل، لأن «النحاس» هنا كان ترك السلطة والحكم بل لقد توفى ولن ينفع أحداً أو يضره ولكنه الوفاء كامل اليقين لديه فيقرأ الحدث صحيحاً دون تحريف أو تجميل.
وتفسيرك لتعلق المصريين بشخص «السيسي»؟
- هذا التعلق من الظواهر التي نتحدث عنها يوم أن وقف «السيسى» يقول نحن نحتاج أن نحفر قناة السويس الجديدة، وهذا الشعب الفقير يصدقه ويجمع فوق ال60 مليار جنيه خلال أسبوع. وهذا أعتبره ذكاء من الشعب المصرى في التقاط موجات الإخلاص لدي الزعيم وأيضاً ذكاؤه في التقاط موجات الحرص عليه وقدرته علي فهم طبيعته من يتقدم المسيرة والقيادة، هذا كان ذكاء وطبيعة المصريين في استقرار وفهم الأحداث وطبيعة القادة وبالتالى يلتف الشعب حول المخلصين ومن يشعر أنه يحنو عليه ويحقق الأمان والطموحات، وهم يعلمون أن الوضع خطير وأشد تشتتاً وأكثر تأثيراً للتشدد والتطرف ولكنهم تأكدوا أن «السيسى» صاحب قرار قوي وقد خاطر بنفسه وهذا ما لمسه الشعب، فوقف خلفه وأيده، وطالبه بالترشح وقيادة الوطن.
وبالطبع لم تختلف هذه الأمور مع الرئيس عبدالناصر؟
- لا.. بالطبع الظروف في عصر عبدالناصر كانت تخدمه سواء علي المستوي الوطنى أو السياسى أو العسكرى أو الاجتماعى، فقد كان هناك الملك والاستعمار وشعب يعاني وأيضاً الوطنيون المخلصون ومعادنهم النقية ولم يكن يوجد إعلام مثل إعلام اليوم ولا فضائيات أو فيس بوك أو سوشيال ميديا.
أصول القيادة
هذه الظروف كانت تشبه الظروف التي التف الشعب فيها حول «سعد زغلول».
- الالتفاف حول «سعد زغلول» كان نتيجة طبيعية ووطنية من الدرجة الأولى وكانت معبرة وقارئة لأصول القيادة بالدرجة الأولى لأن شخصية «سعد» كانت تجمع بين الكاريزما وبكل ما تحمله القيادة بمعناها الشامل وانتبه الشعب إلى هذا، والتف حول «سعد» دون أن يسعي هو إلى ذلك.
هل هذه الأمور تشكل عوامل جذب لشخصية القائد؟
- نعم.. تماماً مثل البويضة التي تختار الحيوان المنوى الوحيد الذي يقوم بتخصيبها من بين ملايين الحيوانات المنوية التي تتحرك نحو البويضة، ولم يفسر لنا العلماء سبب هذا الانجذاب والاختيار، وهذا بالضبط من عوامل الجذب ما بين القيادة وبين الشعب، فكما تعرفت البويضة علي الحيوان المنوى الوحيد، هناك عوامل جذب كثيرة تقبع داخل هذا الشعب في عمق ذراته يستطيعون بها أن يتعرفوا علي زعمائهم فتعرفوا علي «سعد زغلول» و«النحاس باشا» و«السيسى» طالما أن هذه القيادات تعرف مكانها وتعرف حدودها، وما يجب عليها أن تفعله، وهنا تحدث المعادلة ويتم الاختيار.
ولكن هذا الالتفاف والاختيار لا يكون إلا مع الشخصيات بعيداً عن الكيانات الجماعية؟
- لا.. حدث هذا مع حزب الوفد في 1919 عندما اختاره الشعب حضناً وبيتاً، يوم أن التفت الأمة لتحافظ علي تراث هذا الوطن وتحيي الروح الوطنية بإخلاص يوم أن تشابكت الأيادي المصرية علي اختلاف قياداتها وتوجهاتها ووضعت اليد في اليد والقلب علي القلب والعقل فى العقل ورفعت راية الوطن، ولم تكن حركة عاطفية ولكنها حركة قانون كونى الكون كله لا يتحرك إلا بحركة المجموع وهذه هي أساس النظرية.
وما الذي منع الحروب الأهلية في مصر عبر العصور؟
- لأمر مهم جداً وهو وجود سر في جينات هذا الشعب وهذا الجين يقظ للغاية نشط، قد يكسل أحياناً لكنه سرعان ما يعود وينشط ويستيقظ ويكون كالنار التي تحرق اليد التي تمتد بالشر إليه، وكل المراحل التي حدث فيها صراعات أو بعض لحظات الهرج والمرج التي مرت علي الأمة كانت اليقظة وصلت إليها ضعف الجين من استقبال الإشارات، ولكن السبب الحقيقي لليقظة هي الحركة الدائمة النشطة في الشعب وهي حركة «في رباط إلي يوم القيامة» التي تجعل الكل في حركة نشطة ويقظة.
ما الذي يميز الوحدة الوطنية في مصر؟
- هذه الوحدة الوطنية في مصر فسرها الحديث النبوى الشريف الذي أشرنا إليه من قبل، وهي حركة الرباط أى أن المجموع في حركة فاعلة دائمة نشطة ولو قسم هذا المجموع أو تشرذم لانتفى الإعجاز في هذا الحديث الذي قال «في رباط إلي يوم القيامة».
وللتوضيح سنذكر ما قاله وزير الدفاع الأمريكي: إن الجيش العراقي لا يريد أن يحارب لأنه منقسم إلى كردى وشيعي وسني، والكل يريد أن يدافع عن أهله وعشيرته فقط ولم يعد هناك جيش يدافع عن العراق، ولكن الشعب المصرى غير قابل للتجزئة أو التشتت، وهذا الحديث له إعجاز وله مدلول سياسي ومدلول في نظرية الخلايا الجذعية، ومدلول علمي أيضاً لأنه لا يصح للحركة اليقظة الأمنية المخلصة أن يحدث معها تشتت إلي يوم القيامة، وهذا ما جعل «سينوت بك حنا» يفتدي «مصطفي النحاس» ويتلقى بدلاً منه ضربة «السنكى» عندما حاول أحد العساكر أن يغتاله، وهذا ما جعل «مكرم عبيد» باشا المسيحي أحد زعماء الحركة الوطنية الكبار في مصر، و«ويصا واصف» رئيساً للبرلمان المصرى، وبعد 30 يونية المسيحيون يضحون بكنائسهم حتي لا تحدث حرب أهلية في مصر، والمسلمون يقفون بأجسادهم في سلاسل بشرية يحمون كنائس إخوانهم المسيحيين.. فهذا شعب قد يضعف أو يتكاسل أو يتباطأ لفترات قصيرة من الزمان ولكنه فور هذا الركود البسيط يعود في سرعة ويقظة وفي ذود ودفاع أشد مما كان عليه بمدلول حديث الرسول صلي الله عليه وسلم وقراءة التاريخ تثبت هذا أن هناك سراً في هذا الشعب وهذا ما ورد تفسيره في النظرية.
الكهنة والكهنوت
وما طبيعة ارتباط الشعب المصرى بقواته المسلحة، علي مر التاريخ، إذا قويت نهضة الدولة وانتعشت؟
- مصر في جميع مراحلها التاريخية تتحرك بين محورين، يد قوية مخلصة يقظة تحكم كل الأطراف والزوايا والأعمدة وهناك محور آخر وللأسف كان ودائماً يمثله منذ أيام الأسر الفرعونية «الكهنة» والكهنوت الذي كان يطغي عليها المظاهر، والتثبيت وإرساء الحكم والقوة بجزء روحانى، ومسألة الروح الدينية لدي هذا الشعب متأصلة فيه منذ قدم التاريخ، ولهذا نجد في المراحل التي تضعف فيها هذه اليد القوية المخلصة تضعف الدولة، فيتحرك هذا التيار الكهنوتى بجميع مسمياته بداية من العصر القديم وعلي مر العصور، سواء كان في شكل كهنوتى، أو أصولى مسيحي، أو أصولى إسلامى متطرف ويعلنون أنهم لهم الحق والقوة في السيطرة والحكم أو الوصاية وكثيراً ما أعلنت كهنة «آمون» أنهم المتحدثون باسم «الإله» بل هم أبناؤه الحقيقيون هذا في حالات ضعف الدولة، ثم بعد ذلك بآلاف السنين نجد غيرهم يتحدثون باسم الله ويطالبون بالحكم رغماً عن إرادة الشعب ولهذا علي هذه الأيدى التي تحمل الأمن والأمان لمصر ولشعبها والإخلاص لهذا الوطن أن تنتبه إلي عوامل قوتها الدائمة سواء على مستوى حدود الأرض والزمان أو على مستوي البناء المعرفى.
بمعنى؟
- البناء العرفى لا يكفي تأمين حدود الوطن، فهناك حدود عقلية لابد أن تنتبه لها حتي لا تستباح، وطالما أنها يقظة في حماية حدود الأرض عليها اليقظة في حماية حدود العقل المصري برجاله وشبابه ونسائه وفتياته لأن هذا عامل خطير للغاية.
شعب متدين ومع هذا يرفض حكم أو وصاية المتسربلين بعباءة الدين؟
- هنا يوجد عاملان غير متوافرين في أي أمة من الأهم أولهما عامل اليقظة، طالما يوجد مكون القراءة السريعة لهذا الشعب والتي تجلت في استقرائه لقيادته الوطنية المخلصة واكتشافه لها بمنتهي السرعة، الأمر الثاني أن طبيعة هذا الشعب تميل إلي الدين وهذا يجعله يهتز بسرعة ويطرب لمن يركب هذه الموجة ولا ينتبه الشعب لفترة من الفترات إلي خلفيات هذا النداء أو الإشارة ويظنها نداءه الفطرى فيتحرك له وينجذب إليه، ثم بعد ذلك يكتشف أنه يعاكسه ويتحرك لديه الجين اليقظ فيقرأ القراءة السريعة، فيتأكد أن هذا النداء لم يكن يخاطب داخله الفطري فيهب عليه وينتفض ضده كما حدث في 30 يونية 2013.
البناء والتحديث
تفسيرك قبول هذا الشعب لديكتاتوريات مرت علي حكمه عبر التاريخ؟
- ربما سأجيبك عن هذا السؤال من جانب آخر، مثلا عندما نقيم التجربة الصينية الآن من وجهة نظر الغرب خاصة النظرة الأمريكية، فهم يرونها تجربة ديكتاتورية أو تجربة الحاكم الفرد والحزب الواحد، والقبضة الحديدية وأناهنا لا يعنيني المسميات بل ما يؤدي الي البناء الصحيح، الذي يصلح الشعب والوطن أنا معه مهما كان شكله أو مسماه، وهذه التجربة التي لا تعجب أمريكا جعلت «أوباما» يقف منزعجا أمام الكونجرس قائلاً: الصين تفوقت علينا في مخرجاتها التعليمية فانتبهوا لأن الدولة التي يكون تعليمها الأفضل تقود العالم، ولهذا فالأسلوب الذي يحافظ علي التراب الوطني وعلي النهضة في أعلي مقوماتها ويحافظ علي البناء والتحديث والتكنولوجيا وحقوق الإنسان فى أعلي مقوماته فلتسمه كل أحد كما يشاء.
إلي أي مدي تنطبق نظرية «داروين» علي شعب مصر التي تقول العالم به 0٫5٪ و2٪ منتهي الذكاء و30٪ إداريون والباقي عمالة؟
- لا يوجد اختلاف علي أن الشعب المصري أخرج الكثير من العبقريات والكثير من القادة المخلصين والذين كانوا في كثير من الأوقات قادة للثورات والحركات الوطنية في كافة أنحاء العالم، لكن مسألة التقسيم في هذه النظرية أقول للكون قانون ولو طبقته علي البشر في أي مكان في العالم لن يختلف لأن كل شيء في الكون له وظيفته ومداره وطبقته فإذا فتحت «النواة» ستجد في المنتصف النواة ثم اليورتيون والنوترينات ثم الالكترونيات، كل له وظيفته ودوره ولهذا لن أستطيع أن أفرق بين هذا وذاك إلا أن يكسل في حركة من حركاته في أن تلعب دورها أو مهمتها فأنا في حاجة الي العامل والفلاح والعبقري.
من الممكن أن يكون عاملاً أو مزارعاً عبقرياً؟
- هذا صحيح لكن العبقرية لها مشهد ولها دليل بوجودها بكثرة في هذا الشعب لكن لا نستطيع أن نجزم بوجود شعب عبقري 100٪، لأنك ستجد الأرض الصلبة القاسية التي حافظت لنا علي المعابد والآثار وأيضا الأرض الطينية السهلة التي تخرج لنا الزرع والثمار.
في إشارتك الي مخرجات التعليم توجد نظرية تؤكد أن الطفل المصري هو الأذكي والأول حتي سن التعليم فيتقهقر الي رقم 59 علي مستوي أطفال العالم؟
- وسيظل يتقهقر وليس الطفل المصري فقط، بل يتقهقر معه البناء التعليمي والبناء الإعلامي وأشياء كثيرة الي أن نعود الي الإشارة في الحوار وهو عندما تضعف اليد المخلصة اليقظة الأمينة علي أن تؤدي دورها المتكامل الذي ينهض بهذا البناء خاصة الإنسان المصري حينها سيتوقف هذا التقهقر.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.