الأمن أساس الحياة .. بدونه لا عمل ، ولا انتاج ، ولا استثمار ، ولا نمو اقتصادى . وما يحدث فى مصر من اضطرابات سياسية وانفلات أمنى كفيل ب" تطفيش " كل أسراب المال والاستثمار والمشروعات الجديدة . ففى كل مدينة من المدن الصناعية خوف وقلق وشعور دائم بعدم الاستقرار بسبب تعدد السرقات وتكرر الاتاوات وتوالى التهديدات . فى مدينة 6 اكتوبر أغلق بعض اصحاب المصانع مصانعهم وخضع آخرون لاتاوات مجموعة من العربان طلبا للحماية والامن وطالبت جمعية المستثمرين بانشاء قسم شرطة ثانى وثالث لتحقيق الأمن لاستثمارات تزيد على 100 مليار جنيه . وفى مدينة العاشر من رمضان الصناعية تكررت حالات السرقة وظهرت عصابات مسلحة متخصصة فى سرقة النحاس من مخازن الشركات الكبرى والمنشآت التجارية ، وقدمت جمعية مستثمرى العاشر أكثر من مذكرة استغاثة الى جهات الامن لتعزيز التواجد الامنى مواجهة اللصوص . وفى مدينة برج العرب الصناعية تحولت معظم المصانع الى خرائب بسبب غياب الامن تماما وعدم وجود قسم شرطة واحد . وفى العبور اضطر المستثمرون أن ينشئوا صندوقا للأمن وجمعوا تبرعات قدرها 10 ملايين جنيه للاستعانة بشركات أمن متخصصة . ولاشك أن هذه الاخبار ، وما يصحبها من اخبار عن الاضطرابات السياسية عوامل طرد مباشرة للاستثمار المحلى والاجنبى ، ومقدمات لحالة من الشلل فى النشاط الاقتصادى . الوضع منفلت والاقتصاد المصرى يخسر كثيرا باضطرابات السياسة ، وهو ما يدفع جلال الذوربا رئيس اتحاد الصناعات الى المطالبة بتسهيل اجراءات ترخيص الاسلحة لاصحاب المصانع حتى يمكنهم حماية منشآتهم وعمالهم . ويقول الرجل ل " الوفد " أن هناك اتاوات مفروضة على اصحاب المصانع فى المدن الجديدة من جماعات البدو لحمايتهم من أي اعتداءات محتملة. ويعتبر ان ذلك المناخ مناخ طارد للاستثمار بشكل عام ، مؤكدا ان مجرد الحديث عن الاستعانة بشركات أمن خاصة لحماية المصانع والمنشآت التجارية يؤثر بالسلب على سمعة الاستثمار المصرى . ويضيف أن هناك حالة صاخبة من الانفلات الامنى تهدد بشلل النشاط الصناعى والتجارى على حد سواء . أما المهندس صفوان ثابت رئيس مستثمرى 6 اكتوبر فيرى أن ما يحدث من اضطرابات سياسية متكررة يشوه ثورة مصر ويشوه صورتها الحضارية فى العالم . ويؤكد أن بعض التصرفات السطحية مثل انزال علم السفارة الاسرائيلية يضعنا فى مواقف محرجة دوليا ويساهم فى ضرب السياحة والاستثمار بشكل خطير ومباشر . ويقول إننا اعطينا الفرصة لاسرائيل لتمارس نوعا من الدعاية السوداء ضد الشعب المصرى ، وهو ما يعنى أن اى مستثمر اجنبى لن يأتى الى دولة يتم فيها الاعتداء على منشآت الاجانب بغض النظر عن موقفنا من التطبيع . ويرى أيضا ان الخطر القائم لا يهدد الاستثمار الاجنبى فقط وانما يمتد الى تهديد الاستثمار المحلى الذى لا يجد امنا ولا استقرارا . ويشير يحيى زلط رئيس غرفة صناعة الجلود الى ان تكاليف العمل فى المنشآت الصناعية ارتفعت بشكل كبير نتيجة استعانة معظم المنشآت بحراس أمن لتامين نقل البضائع والخامات والاموال . ويؤكد أن كثيرا من المصانع فى المدن الصناعية الجديدة تعرضت لعمليات سرقة منظمة خلال الشهور القليلة الماضية بسبب الغياب الواضح للشرطة والأمن . ويطالب بزيادة عدد الكمائن الامنية فى المدن الجديدة وعلى الطرق الرئيسية المؤدية اليها وعلى الطريق الدائرى للحد من تحركات العصابات المسلحة بحرية . وفى رأى محمد المهندس نائب رئيس غرفة الصناعات الهندسية فإن هناك دورا لازما لوزارة الداخلية لتأمين النشاط الصناعى باعتباره أكثر الانشطة الاستثمارية توفيرا لفرص العمل ،ومساهمة فى حصيلة الضرائب . كما أنه ينبغى على منظمات الاعمال تبنى مبادرات مجتمعية للمشاركة فى تأمين المناطق العمرانية الجديدة خاصة فى ظل ظروف استثنائية تواجهها مصر حاليا .