يسأل القاريء( أ . س ) ،مهندس مدني، عن حكم إفشاء أسرار العلاقة الزوجية قائلا: مع اقتراب موعد زفافي ألح أصدقائي المقربين ،المقبلين على الزواج، في إخبارهم تفاصيل ليلة الزفاف، ورغم تأكدي أنهم يرغبون في ذلك لنقل الخبرة إلا أنني بعد الزواج وجدت حرجا شديدا في ذلك وشعرت أنه انتهاكا لحرمة هذه العلاقة المقدسة، فهل موقفي صحيح ؟ وهل إذا أجبتهم لطلبهم أكون آثما؟! يجيب د. يوسف القرضاوي ،رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، على القاريء: بعض الناس يذيع أسرار الحياة الزوجية وهذا من خيانة الأمانة، فلا يجوز للرجل أن ينشر سر زوجته خصوصاً في علاقات العشرة بينهما، ولا للمرأة أن تذيع أسرار العلاقة بينها وبين زوجها لأنه من الأمانات الأدبية التي يجب رعايتها. وقد أثني القرآن الكريم علي الزوجات الصالحات بأنهن (قانتات حافظات للغيب بما حفظ الله) (النساء34) ، ومن جملة الغيب الذى ينبغي أن يحفظ ما كان بين الزوجة وزوجها من علاقة خاصة، فلا يصح أن تكون حديثا في المجالس أو سمرا في الندوات مع الأصدقاء أو الصديقات. وفي الحديث الشريف: "إن من شر الناس منزلة عند الله يوم القيامة الرجل الذى يفضى إلى المرأة وتفضي إليه ثم ينشر سرها ." (رواه مسلم وأبوداود) ومن الجدير بالذكر أن هذا التحريم إنما هو في نشر أمور الاستمتاع ووصف التفاصيل الراجعة إلى الجماع من قول أو فعل . لكن مجرد ذكر نفس الجماع لا بأس في ذلك ، فقد روي عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال :" إني لأفعله أنا وهذه". وقال لأبي طلحة :" أعرستم الليلة"، ونحو ذلك كثير. فإن لم يكن فيه فائدة ولا إليه حاجة؛ فمكروه؛ لأنه خلاف المروءة ومن التكلم بما لا يعني. ومن حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه. وقد ثبت في الصحيح عنه صلى الله عليه وسلم :" من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت. وعن أبي هريرة (رضى الله عنه) قال: صلى بنا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فلما سلم أقبل علينا بوجهه فقال: مجالسكم مجالسكم هل منكم الرجل إذا أتى أهله أغلق بابه وأرخى ستره ثم يخرج فيحدث فيقول: فعلت بأهلى كذا وفعلت بأهلي كذا فسكتوا، فأقبل على النساء فقال: هل منكن من تحدث ؟ فجثت فتاة كعاب علي إحدى ركبتيها وتطاولت ليراها رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ويسمع كلامها فقالت: أى والله إنهم يتحدثون وإنهن ليتحدثن فقال (عليه الصلاة والسلام): هل تدرون ما مثل من فعل ذلك ؟.. إن مثل من فعل ذلك مثل شيطان وشيطانة لقي أحدهما صاحبته بالسكه فقضي حاجته منها والناس ينظرون إليه. (رواه أحمد,وابو داود,والبزار) ومن الضروري أن نعلم أن للتحريم استثناء، فقد ذهب الفقهاء ، ومنهم الشوكاني إلى أن التصريح بأمور اللقاء الحميم إن كان إليه حاجة أو ترتبت عليه فائدة فلا كراهة في ذكره، وذلك نحو أن تنكر المرأة نكاح الزوج لها وتدعي عليه العجز عن الجماع أو نحو ذلك، كما روى أن الرجل الذي ادعت عليه امرأته العنة قال: "يا رسول الله إني لأنفضها نفض الأديم" ، ولم ينكر النبي قوله هذا. وعلى هذا فلا يجوز إفشاء أي حديث يدور في هذه المجالس إلا إذا كان سيترتب على نشره مصلحة شرعية ومنفعة لصاحبها أو للناس. والخلاصة أنه يحرم على كل من الزوجين أن ينشر الأسرار المتعلقة بعلاقتهما الخاصة وما يجري بينهما من أمور المعاشرة الزوجية لأي مخلوق كان إلا في حالات الضرورة القصوى. لأن هذا يفضي لأخطار عظيمة من شأنها تقويض بنيان الأسرة. فشأن من يحكي هذه الأسرار للناس كمن يجامع زوجته في عرض الطريق و الناس ينظرون إلى كل ما يجري بينهما، وفي هذا تنفير لهذه الصورة و تبشيع لها.