مع كل يوم يمر تتكشف المزيد من الحقائق بشأن خطة الوطن البديل التي كانت تجرى المساعي لإقامته في سيناء، مما يؤكد أن الخطة ليست شائعة تتردد، بل هى دراسات أجريت، وسيناريوهات أعدت جيداً، وكانت تنتظر اللحظة للتطبيق على أرض الواقع، خاصة أن مقولة أرض بلا شعب لشعب بلا أرض راحت تتردد كثيراً على ألسنة المسئولين الإسرائيليين، وكان الشعب المقصود هنا هو الشعب الفلسطينى، والأرض المستهدفة هى الأرض المصرية فى سيناء. وفي سياق كشف هذه المخططات يأتي كتاب «سيناء، ومشروع الوطن الفلسطيني البديل» تأليف: د. هيثم محمد قاسم وأحدث إصدارات دار الثقافة الجديدة يرصد جريمة أخرى فى ملف جرائم جماعات الإسلام السياسى, الكتاب يحكى بالتفصيل والأدلة كيف اتفقت أهداف الكيان الإسرائيلى المحتل لفلسطين مع أهداف جماعات الإسلام السياسى فى المنطقة, هدف وحيد يرى فى سيناء وفى إقامة وطن بديل للفلسطينيين بها الحل الأمثل لمشاكل كل طرف. الكيان الصهيونى يتخلص من عبء التواجد الفلسطينى على الأرض التى اغتصبها, وجماعات الإسلام السياسى بكل طوائفها تقيم حلمها فى الخلافة على ارض سيناء. ويوضح الكتاب «إن جماعة الإخوان، بمختلف فروعها في مصر أو في فلسطين أو في أي مكان بالعالم، لا تؤمن بالوطن أو بخصوصية التجربة الإنسانية لمجتمع من المجتمعات في أرض يعيش عليها، وترى أن الالتصاق بالوطن وجعله محدداً للهوية لا تزيد عن كونها ادعاء زائفاً! بل إن هذا الادعاء يسهم في تقطيع أوصال الأمة الإسلامية ويعرقل تحرير فلسطين، ويضرب مشروع الخلافة الإسلامية في الصميم. ولقد حددت تلك الأفكار الإخوانية حول رؤية الذات والعالم خطوات عمل حماس بسيناء مستغلة الضغط الإسرائيلي والفراغ الأمني الذي ترتب على معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية لتبرير انتهاك الحدود المصرية ومد نفوذها بسيناء وإزاء هذه الثروات الضخمة التي بات يشكلها التهريب عبر الأنفاق، أسست حركة حماس دخلها على ضرائب الأنفاق، فتذكر إحدى الدراسات الفلسطينية أنه: «مع بداية شهر سبتمبر 2008 عملت بلدية رفح على جباية رسوم من أصحاب الأنفاق تحت مسمى نشاط تجاري عبر الحدود، أو حسب تسمية البعض: وزارة المعابر الأرضية. ويدفع صاحب كل نفق مبلغ عشرة آلاف شيكل أي ما يعادل 2600 دولار رسوم ترخيص، ومن لم يدفع يمنع من استكمال حفر نفقه، أو يغلق إن كان يعمل. وتقوم شركة الكهرباء بفرض رسوم اشتراك كهرباء لكل نفق، لأن كل نفق بحاجة إلى خط كهرباء، ورسوم اشتراك الكهرباء تبدأ من 1000 شيكل ويصل إلى 3000 شيكل أحيانًا أي حوالي 800 دولار. ولا مغالاة إذا قلنا إن غالبية الأنفاق تحولت من عمل سري إلى علني، وأصبحت الأنفاق صناعة، حيث يوجد متخصصون بعمل الأنفاق: من يقوم بالحفر، ومن يحدد وجهة النفق, والعامل، والمشرف على إخراج البضاعة، ومن يقوم بعمل صيانة للأنفاق بشكل مستمر، وتحصل عشرات المشاكل بين أصحاب الأنفاق لدخول الخطوط على بعضها ويجرى حلها عبر أشخاص متخصصون بحل مشاكل الأنفاق الشيء الأكثر إثارة للدهشة هو أن استمرار الحصار على غزة كان هدفاً مشتركاً لكل من إسرائيل وحماس والضحية هي سيناء، فيقول أحد مالكي الإنفاق: «لو رفع الحصار اليوم عن غزة لانتهى بي الأمر في المستشفى»! فلقد أدى ازدهار تجارة الأنفاق إلى خلق طبقة طفيلية تدعى «أمراء الأنفاق» منتمية لحركة حماس، يزيد عددها على 2000 شخص، أصبحت ثرواتهم بالملايين وأصبحوا مالكين للأراضي والفليلات والسيارات الحديثة، وتلك الطبقة الطفيلية تعيش على دماء المواطن العادي بقطاع غزة.»